قوله تعالى: ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ﴾ قال مجاهد: كفك في جيبك [[أخرجه ابن جرير 138/ 19.]].
قال المفسرون: كانت عليه مِدْرَعةٌ إلى بعض يده [["تفسير مقاتل" 57 أ.]]، ولو كان لها كُمٌّ أمره أن يُدخل يده في كُمِّه [[أخرجه ابن جرير 19/ 138، عن مجاهد. وكذا ابن أبي حاتم 9/ 2850، وأخرج نحوه عن ابن عباس. قال الزجاج 4/ 110: وجاء أيضًا أنه كانت عليه مدرعة صوف بغير كُمين. وذكره الثعلبي 8/ 121 ب.]]. والجَيْب: حيث جِيبَ من القميص: أي قُطع [["تهذيب اللغة" 11/ 218 (جاب)، وفيه: يقال: جِبتُ القميص وجُبته. وذكره الواحدي في: الوسيط 3/ 370. وكذا ابن الجوزي 6/ 158. أخرج ابن أبي حاتم 9/ 2850، عن السدي: الجيب جيب القميص. قال ابن عطية 11/ 178: الجيب: الفتح في الثوب لرأس الإنسان.]].
قوله تعالى: ﴿تَخْرُجْ بَيْضَاءَ﴾ قال أبو إسحاق: المعنى وأخرجها تخرج بيضاء.
قال مقاتل: لها شعاع مثل شعاع الشمس ﴿مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ من غير برص [["تفسير مقاتل" 57 أ. وذكره الهواري 3/ 248. وابن جرير 19/ 139، والثعلبي 8/ 121 ب. وأخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2851، عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والضحاك، والسدي، وعطاء الخراساني، والربيع بن أنس. وذكر ابن الأنباري أن السوء يطلق ويراد به: الآفة والعلة، قال تعالى: ﴿فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ﴾ [الأعراف 73] أي: بآفة وعقر، "الزاهر في معاني كلمات الناس" 1/ 365، وأما أبو عبيدة 2/ 18، فقد قيد السوء بالمرض والبرص، فقال: السوء: كل داء معضل من جذام أو برص، أو غير ذلك.]].
وهذا مما فسرناه في سورة طه [22] [[قال الواحدي في تفسير هذه الآية: ﴿مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ من غير برص في قول جميع المفسرين. قال الليث: ويكنى بالسوء عن اسم البرص. وقال أبو عمرو: ﴿سُوءٍ﴾ أي: برص. وقال المبرد: السوء إذا أطلق فهو البرص، وإذا وصلوه بشيء فهو كل ما يسوء، والأغلب عند العرب من الأدواء: البرص.]].
قوله: ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ﴾ قال أبو إسحاق: (في) من صلة قوله: ﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ﴾ ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ﴾ والتأويل: وأظهر هاتين الآيتين ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ﴾ والمعنى من تسع آيات. كما تقول: خذ لي عشرة من الإبل فيها فحلان؛ والمعنى: منها فحلان [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 110. وذكره السمرقندي 2/ 490، ولم ينسبه. و"تفسير الوجيز" 2/ 800. وهو قول ابن كثير 6/ 180.
قال الهواري 3/ 248: ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ﴾ أي: مع تسع آيات. وذكر ذلك ابن قتيبة، في "تأويل مشكل القرآن" 217، و"غريب القرآن" 323، ولم ينسبه. وهو قول الثعلبي 8/ 122 أ. وأما ابن جرير، فقد جعل: في، على ظاهرها فقال 19/ 139: فهي آية في تسع آيات مرسل أنت بهن إلى فرعون. ولم يذكر غير هذا القول. واستحسنه النحاس، "إعراب القرآن" 3/ 201.]].
وفسر الآيات التسع في سورة بني إسرائيل [[ليس في سورة بني إسرائيل تفصيل الآيات التسع، وإنما فيها ذكر العدد جملة، في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ [101] قال الواحدي في تفسير هذه الآية: اختلفوا في الآيات التسع مع اتفاقهم أن منها: الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، فهذه خمس، وأما الأربعة الباقية، فروى قتادة عن ابن عباس قال: هي يده البيضاء عن غير سوء، وعصاه إذا ألقاها، وما ذكر في قوله: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [الاعراف 130] قال: ﴿السِّنِينَ﴾ لأهل البوادي حتى هلكت مواشيهم ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ لأهل القرى، وهاتان آيتان، ونحو هذا روى أبو صالح وعكرمة، وهذا قول مجاهد، وقال محمد بن كعب القرظي بدل السنين ونقص من الثمرات فلق البحر والطمس ==وهي أن الله تعالى مسخ أموالهم حجارة من النخل والدقيق والأطعمة والدراهم والدنانير، وهذا الذي ذكرنا أجود ما قيل في تفسير الآيات. "البسيط" 3/ 165 ب، النسخة الأزهرية. ويعني بالطمس قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس: 88]. ومن جعل الآية التاسعة: الطمس، أو: نقص الثمرات، فلا تعارض بينهما، لما في ذلك من التلازم، والله أعلم.]].
وقوله: ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ﴾ قال الفراء: (إِلَى) من صلة الإرسال والبعث، المعنى: مرسلًا إلى فرعون أو مبعوثًا، فترك ذكر الإرسال والبعث؛ لأن شأن موسى في أنه كان مبعوثًا إلى فرعون معروف [["معاني القرآن" للفراء 2/ 288، بمعناه. وكذا ابن قتيبة، في "تأويل مشكل القرآن" 217. وذكره أبو علي، "الإيضاح العضدي" 1/ 265. وكذا الثعلبي 8/ 122 أ.]].
{"ayah":"وَأَدۡخِلۡ یَدَكَ فِی جَیۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَیۡضَاۤءَ مِنۡ غَیۡرِ سُوۤءࣲۖ فِی تِسۡعِ ءَایَـٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦۤۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَوۡمࣰا فَـٰسِقِینَ"}