الباحث القرآني
ثم قال: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ يعني: أذنب [["تفسير مقاتل" 57 أ، وذكر لذلك أمثلة فقال: فكان منهم آدم، ويونس، وسليمان، وإخوة يوسف، وموسى بقتله النفس، عليهم السلام. قال ابن عطية 11/ 176: أجمع العلماء أن الأنبياء عليهم السلام معصومون من الكبائر، ومن الصغائر التي هي رذائل، واختلف فيما عدا هذا.]] ﴿ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا﴾ أي: توبة وندمًا ﴿بَعْدَ سُوءٍ﴾ عمله فإنه يخاف ويرجو ﴿فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وعلى هذا الاستثناء صحيح من المرسلين؛ ويكون المعنى: إلا من ظلم نفسه [فيما فعل من صغيرة، فالاستثناء متصل. وفيه إشارة إلى أن موسى وإن ظلم نفسه] [[ما بين المعقوفين غير موجود في نسخة (ج).]] بقتل القبطي، وخاف من ذلك فإن الله يغفر له؛ لأنه ندم على ذلك وتاب منه [["الوسيط" 3/ 370. ويشهد له قوله تعالى: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (16) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [القصص:16 - 17].]]؛ وهذا أحد قولي الفراء، واختيار ابن قتيبة [["تأويل مشكل القرآن" 219. واختاره ورجحه ابن جرير 19/ 137.]].
القول الثاني: قال: هذا الاستثناء ليس من المرسلين، ولكنه من متروكٍ في الكلام على تقدير: ﴿إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ إنما الخوف على غيرهم، ثم استثنى فقال: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ أي: أشرك، فهو يخاف عذابي [[اختار هذا القول ابن جزي 503. ورد هذا القول النحاس، فقال: استثاء من محذوف محال؛ لأنه استثناء من شيء لم يذكر، ولو جاز هذا لجاز: إني أضرب القوم إلا زيدًا، بمعنى: لا أضرب القوم إنما أضرب غيرهم إلا زيدًا، وهذا ضد البيان، والمجيء بما لا يعرف معناه. "إعراب القرآن" 3/ 200.]] ﴿ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ﴾ يعني توحيدًا بعد شرك. أي: فتاب وعمل حسنًا فذلك مغفور له ليس بخائف [["معاني القرآن" للفراء 2/ 287. وذكره السمرقندي 2/ 490، عن الكلبي.]].
قال ابن قتيبة: وهذا يبعد؛ لأن العرب إنما تحذف من الكلام ما يدل عليه ما يظهر، وليس في ظاهر الكلام دليل على هذا التأويل [["تأويل مشكل القرآن" 219.]]. والقول الأول قول مقاتل [["تفسير مقاتل" 57 أ.]]، والثاني قول الكلبي [["تنوير المقباس" 316.]].
قال ابن الأنباري: الذي استقبحه ابن قتيبة من قول الفراء عندي جيد غير قبيح؛ لأنه لما قال: ﴿لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ كان معناه: يأمن المرسلون عندي ويخاف غيرهم، فاكتفى بالشيء من ضده، كما قال: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرّ﴾ [النحل: 81] [[ذكر هذا الخطيب الإسكافي، درة التنزيل 336، ولم ينسبه، وفيه: فحذف البرد لعلم المخاطبين به.]]. وذهب قوم إلى أن هذا من الاستثاء المنقطع؛ المعنى: لكن من ظلم من العباد ثم تاب {فَإِنِّي غَفُور رَحِيمٌ} أي: فإني أغفر له، والمعنى: لا يخاف الأنبياء والتائبون. وهذا اختيار أبي إسحاق [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 110. وبه قال أبو حيان 7/ 55. والبيضاوي 2/ 172. وابن الأنباري، في البيان 2/ 218. والمراغي 19/ 124. والبرسوي 6/ 323، لكنه جعل المعنى راجعًا إلى الأنبياء، فقال: استثناء منقطع، أي: لكن من ظلم نفسه من المرسلين بذنب صدر منه كآدم ويونس وداود وموسى، وتعبير الظلم لقول آدم: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ [الأعراف 23] وموسى: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ [القصص: 16].]].
وذهب آخرون إلى أن معنى (إِلا) هاهنا: ولا؛ كأنه قال: لا يخاف لدي المرسلون، ولا من ظلم ثم بدل حسنًا بعد سوء، فيكون المعنى في هذا الوجه كالمعنى في الاستثناء المنقطع، ولم يُجز الفراء هذا الوجه [["معاني القرآن" للفراء 2/ 287، قال الفراء: لم أجد العربية تحتمل ما قالوا، لأني لا أجيز: قام الناس إلا عبد الله، وهو قائم، إنما الاستثناء أن يخرج الاسم الذي بعد إلا من معنى الأسماء قبل إلا. واعترض على هذا القول أيضًا النحاس، فقال: معنى: إلا، خلاف معنى: الواو، لأنك إذا قلت: جاءني إخوتك إلا زيدًا، أخرجت زيدًا مما دخل في الأخوة، وإذا قلت: جاءني إخوتك وزيدٌ، أدخلت زيدًا فيما دخل فيه الأخوة، فلا شبه بينهما ولا تقارب. "إعراب القرآن" 3/ 200. واعترض عليه أيضًا ابن الأنباري، في "البيان" 2/ 219. وذكر هذا القول ابن قتيبة، ولم يعترض عليه. "تأويل مشكل القرآن" 220.]]. وذكرنا جواز كون (إِلا) بمعنى: ولا، عند قوله: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [البقرة: 150] [[ذكر الواحدي في تفسيره لهذه الآية الخلاف في الاستثناء، واستطرد بذكر أقوال أهل اللغة، ثم قال: وقال معمر بن المثنى: إلا هاهنا معناها: الواو فهو عطف عُطف به: الذين، على: الناس، والمعنى: لئلا يكون للناس والذين ظلموا عليكم حجة، واحتج على هذا المذهب بأبيات منها: == وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
قال: أراد: والفرقدان أيضًا يفترقان .. ثم ذكر تخطئة الفراء لهذا الوجه، ثم قال: ومن الناس من صوب أبا عبيدة في مذهبه، وصحح قوله بما احتج من الشعر.]].
{"ayah":"إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسۡنَۢا بَعۡدَ سُوۤءࣲ فَإِنِّی غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق