الباحث القرآني
﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي﴾ قال الكلبي: يقول أبرأ منهم [["تنوير المقباس" 307، وفيه: تبرأ منهم.]]. وقال مقاتل: أنا بريء منهم [["تفسير مقاتل" 51 ب.]]. ومعنى عداوة الأصنام له هو ما ذكره الفراء، أي: لو عبدتهم كانوا إلى يوم القيامة ضدًا وعدوًا [["معاني القرآن" للفراء 2/ 281.]]. وكأنه ذهب إلى معنى قوله: ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ﴾ الآية [["تفسير الثعلبي" 8/ 111 ب. والشاهد من الآية في آخرها، وهو قوله تعالى: ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾.]]، [مريم: 82] وذكر ابن قتيبة هذه الآية في باب المقلوب؛ وقال: المعنى: فإني عدو لهم، فقلب؛ لأن كل من عاديته عاداك [["تأويل مشكل القرآن" 193.]]. ونحو هذا حكى بعض المتأخرين عن الفراء، ولم أر له ذلك [[ذكره عن الفراء الثعلبي 111 ب، وتبعه البغوي 6/ 117، وأحال محقق "تفسير البغوي" في الحاشية إلى "معاني القرآن" للفراء 2/ 281، وليس فيه هذا القول، كما قال الواحدي.]].
والعدو: اسم يجوز إطلاقه على الجماعة، كما قال: ﴿وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ﴾ [الكهف 50] [[ذكر هذا القول الأخفش، في "معاني القرآن" 2/ 643.]] وقوله: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ﴾ [النساء 92] وقد مرَّ [[تفسير هذه الآية من سورة النساء من القسم المفقود من كتاب البسيط.]]. وذلك أنه وضع موضع المصدر فلا يُثنى، ولا يُجمع، كما يوضع المصدر موضع الصفة؛ في نحو: رجل عدل، وتجوز تثنيته وجمعه؛ لأنه اسم [["تفسير ابن جرير" 19/ 84، بمعناه.]].
وقوله: ﴿إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ قال أبو إسحاق: قال النحويون: إنه استثناء ليس من الأول. أي: لكن رب العالمين أعبده، ولا أتبرؤ منه. قال: ويجوز أن يكونوا عبدوا مع الله الأصنام، فقال: إن جميع من عبدتم عدو لي إلا رب العالمين؛ لأنهم سَووَّا آلهتهم بالله -عز وجل- فأعلمهم أنه قد تبرأ مما يعبدون إلا الله [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 93.]]. وهذا الذي ذكره هو مذهب مقاتل في هذه الآية؛ قال: إنهم كانوا يعلمون أن الله ربهم، وهو الذي خلقهم فإقرارهم بالله أنه خلقهم وهو ربهم عبادة منهم له [["تفسير مقاتل" 51 ب.]].
وقال الكلبي: ﴿إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ يقول: إلا أن يكون فيكم أحدٌ يعبد الله [["تنوير المقباس" 307.]]. واختار الحسين بن الفضل هذا القول، وقال: يعني إلا من عبد رب العالمين [["تفسير الثعبي" 8/ 111ب.]]. وهذا يتوجه على حذف المضاف، كأنه قال: إلا عابد رب العالمين، ويكون الاستثناء أيضًا لا من الأول.
واختار صاحب النظم في قوله: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي﴾ القلب؛ وقال: لأن الأصنام لا تعادي أحدًا، والمعنى: فإني عدو لهم. ومعنى العداوة: البغض والبراءة، وترك الموافقة. وأصله: من عَدَوْتُ الشيء: إذا جاوزتُه وخلَّفته. وقال في قوله: ﴿إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ إنه على التقديم والتأخي؛ على تقدير: أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وءابآؤكم الأقدمون إلا رب العالمين فإنهم عدو لي وتكون (إلا) بمعنى: (دون) و (سوى). أي: ما كنتم تعبدون من دون الله، وسوى الله، فيكون: (دون) و (سوى)، نعتًا للاسم الأول [[ذكره عنه السمين الحلبي، "الدر المصون" 8/ 530.]].
وهذا الذي ذكره فيه تعدٍّ واستكراه، ثم استبعد قول الذين قالوا: إنه استثناء ليس من الأول؛ بأن قال: يحتمل ذلك على بعدٍ فيه؛ لأنه يكون ادعى خبرًا على الله من غير علم، وهو تمدح وتفريط للنفس، وهما مكروهان، يعني: أن إبراهيم إذا قال: الأصنام أعدائي، لكن الله وليي يكون قد أخبر عن الله بأنه وليه، ومدح نفسه بولاية الله؛ لأنه إذا كان الله [هو أيضًا] [[ما بين المعقوفين، ساقط من نسخة (ج).]] وليه، كان هو أيضًا ولي الله. وهذا لا يقدح في قول النحويين؛ لأنه لم يُخبر بذلك عن غير علم؛ فإن النبي يعلم منزلته من الله. والنبوة فوق الولاية، فإذا عَلِم أنه نبي، عَلِم أنه ولي، وأن الله وليه.
وقوله: إنه تمدح، هذا إنما لا يحسن بعد الأنبياء، أما الأنبياء فلهم أن يتمدحوا بمنزلتهم، ومكانهم من الله تعالى، كما أن لهم التحدي بالمعجزة، وقد قال نبينا -ﷺ-: "أنا سيد ولد آدم" [[جزء من حديث أخرجه مسلم 4/ 1782، كتاب الفضائل، رقم: 2278، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، بلفظ: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مُشَّفع". وأخرجه باللفظ نفسه أبو داود 5/ 54، كتاب السنة، رقم: 4673.]].
وقال: "آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة" [[أخرجه أبو داود الطيالسي 353، من حديث ابن عباس، بلفظ: "وبيدي لواء الحمد تحته آدم ومن دونه ولا فخر". وأخرجه من الطريق نفسه أبو يعلى الموصلي 4/ 214، وضعفه محقق مسند أبي يعلى؛ لضعف علي بن زيد بن جُدعان، وأخرجه ابن حبان، من طريق آخر عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه-، "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" 14/ 389، وقال محققه: حديث صحيح لغيره. وأخرجه الترمذي 5/ 548، كتاب المناقب، رقم: 3615، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "صحيح سنن الترمذي" 3/ 195، رقم: 2859.]].
وقال: "لو كان موسى حيًا لما وسعه إلا اتباعي" [[خرجه الإمام أحمد 23/ 349، رقم: 15156، وأخرجه أبو يعلى الموصلي 4/ 102، وأخرج ابن أبي عاصم، كتاب السنة 27، رقم: 50. وضعف الحديث محققو المسند، وكذا محقق "مسند أبي يعلى"؛ لضعف مُجالد بن سعيد، وحسن إسناده الألباني، "إراوء الغليل" 6/ 34، رقم: 1589؛ لورود الحديث من طرق أخرى ساقها هناك]]، في أشباهٍ لهذا كثيرة لا تُحمل على مذهب التمدح المكروه.
قال مقاتل: ثم ذكر إبراهيم نعم رب العالمين؛ فقال [["تفسير مقاتل" 51 ب.]]:
{"ayah":"فَإِنَّهُمۡ عَدُوࣱّ لِّیۤ إِلَّا رَبَّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق