الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ أي: للصلاة وإلى الصلاة. قاله ابن عباس والكلبي [[أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2827، عن ابن عباس. و"تنوير المقباس" 315. واقتصر في الوجيز 2/ 798، على قول: "إلى صلاتك".]]. وقال مقاتل: حين تقوم وحدك إلى الصلاة [["تفسير مقاتل" 55 ب. وأخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2828، عن الحسن.]]. وقال مجاهد: الذي يراك أينما كنت، يعني: يراك حين تقوم أينما كنت [[أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2828، وأخرج نحوه عن: الضحاك، وعكرمة، وقتادة.]].
فعلى قول مجاهد: ﴿تَقُومُ﴾ عام في كل شيء قام إليه، وهو الظاهر؛ لأنه بمرأى من الله إلى أي شيء قام [[وهذا المعنى أخرجه ابن جرير 19/ 124، عن ابن عباس، من طريق عطاء الخراساني: "يراك وأنت مع الساجدين تقلب وتقوم وتقعد معهم".]]. وعلى قول الآخرين: هذا القيام يختص بالقيام إلى الصلاة، وفائدته: التنبيه على تعظيم الصلاة، كما يقول القائل لغيره: راقب مَنْ يراك إذا صليت، والله تعالى يراه إذا لم يكن مصليًا.
قوله: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ قال مقاتل: يعني: ويرى ركوعك وسجودك وقيامك. وهو التقلب في الساجدين يعني: مع المصلين في الجماعة [["تفسير مقاتل" 55 ب و"تنوير المقباس" 314. قال مجاهد: "في المصلين". "تفسير مجاهد" 2/ 466.]]. والمعنى: يراك إذا صليت وحدك ويراك إذا صليت في الجماعة راكعًا وساجدًا وقائمًا. وهو قول عكرمة، والكلبي، وقتادة، وابن زيد، ورواية عن عطية وعطاء الخراساني، عن ابن عباس [[أخرجه عبد الرزاق 2/ 77، عن قتادة، وعكرمة وأخرجه ابن حرير 19/ 123، عن ابن عباس، وعكرمة. وذكره الثعلبي 8/ 118 أ، عن عكرمة، وعطية، وعطاء عن ابن عباس، وقتادة، وابن زيد، ومقاتل والكلبي.]]؛كل هؤلاء فسروا التقلب في الساجدين بالتصرف مع المصلين قائمًا وراكعًا وساجدًا، وهو اختيار الفراء؛ قال: تقلبه: قيامه وركوعه وسجوده وقعوده [["معاني القرآن" للفراء 2/ 285. واقتصر عليه في الوجيز 2/ 798.]].
وقال ابن عباس في رواية جويبر، عن الضحاك عنه: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ في أصلاب الآباء؛ آدم ونوح وإبراهيم. ونحو هذا روى عطاء وعكرمة عنه: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ يريد: في أصلاب الموحدين من نبي إلى نبي حتى أخرجك. في هذه الآية قال عطاء عنه: ما زال رسول الله -ﷺ- يتقلب في أصلاب الأنبياء حتى ولدته أمه [["تنوير المقباس" 314. وأخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2828، من طريق عكرمة، وعطاء. وذكره كذلك الثعلبي 8/ 119ب. قال الطوسي: "وقال قوم من أصحابنا: إنه أراد تقلبه من آدم إلى أبيه عبد الله في ظهور الموحدين، لم يكن فيهم من يسجد لغير الله". التبيان للطوسي 8/ 68. ولم يعترض ابن كثير على ذلك. وهذا يعارضه كون أبوي النبي -ﷺ- كافرين، بدليل: حديث أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ الله أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: (في النَّارِ فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ: إِنَّ أبِي وَأَبَاكَ في النَّارِ) أخرجه مسلم 1/ 191، كتاب الإيمان، رقم: 203. وأبو داود 5/ 90، كتاب السنة، رقم: 4718. وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -ﷺ-: (اسْتَاذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي) أخرجه مسلم 2/ 671، كتاب الجنائز، رقم: 976. وأبو داود 3/ 557، كتاب الجنائز، رقم: 3234.
وقد رد هذا القول الشنقيطي من وجه آخر فقال: "في الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول، وهي قوله تعالى قبله مقترناً به: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ فإنه لم يقصد به أنه يقوم في أصلاب الآباء إجماعاً، وأول الآية مرتبط بآخرها، أي: الذي يراك حين تقوم إلى صلاتك، وحين تقوم من فراشك ومجلسك، ويرى تقلبك في الساجدين، أي: المصلين، على أظهر الأقوال. أضواء البيان 6/ 388.]].
وقال الحسن: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ يعني: ذهابك ومجيئك في أصحابك المؤمنين [[أخرجه ابن جرير 19/ 124، بلفظ: " ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ قال: في الناس".]]. وقال مجاهد في هذه الآية: كان النبي-ﷺ- إذا قام في الصلاة أبصر مَنْ خلفه من الصفوف كما يرى مَنْ بين يديه [["تفسير مجاهد" 2/ 466. وأخرجه ابن جرير 19/ 124. وابن أبي حاتم 9/ 2829. وذكره الهواري 3/ 243، ولم ينسبه.]]. وعلى هذا معنى: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ إبصارك منهم [[منهم. في نسخة (ج).]] مَنْ هو خلفك كما تبصر مَن هو أمامك. يدل على هذا ما روى قتادة عن أنس أن رسول الله -ﷺ- قال: "أتموا الركوع والسجود، فوالله إني لأراكم من بعد ظهري إذا ركعتم وسجدتم" [[أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، رقم: 419، "الفتح" 1/ 514. ومسلم 1/ 319، كتاب الصلاة، رقم: 425. وهذا الحديث يدل على صحة المعنى الذي ذكره مجاهد، لكنه لا يدل على أن المراد من الآية هو هذا التفسير، والنَه أعلم. قال ابن عطية 11/ 159، عن هذا القول:"وهذا معنى أجنبي هنا". ولم يرجح الواحدي شيئاً من هذه الأقوال، ولعل الأقرب ما رجحه ابن جرير 19/ 125، من أن المراد: يرى تقلبك مع الساجدين في صلاتك معهم. والله أعلم.]].
{"ayahs_start":218,"ayahs":["ٱلَّذِی یَرَىٰكَ حِینَ تَقُومُ","وَتَقَلُّبَكَ فِی ٱلسَّـٰجِدِینَ"],"ayah":"ٱلَّذِی یَرَىٰكَ حِینَ تَقُومُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق