الباحث القرآني

فقال: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ﴾ [[ذكر أبو حيان 6/ 474، أن هذه الآية نزلت في العشرة المبشرين بالجنة. ولم يذكر دليلاً عليه.]] الغُرْفَة معناها في اللغة: العلِّيَّة، وكلُ بناء عالٍ مرتفع فهو: غُرْفة. ويقال للسماء السابعة غرفة، وهو في شعر لبيد [[يعني به قول لبيد: سوَّى فأغلق دون غُرفة عرشهُ ... سبعاً شداداً فوق فرع المَنقلِ وهو في "ديوانه" ص 126، بلفظ: دون غرة عرشه، وفي الحاشية: ويروى: دون غرفة عرشه. والمنقل: ظهر الجبل. وأنشده الأزهري، "تهذيب اللغة" 8/ 104 (غرف)، بلفظ: دون غرفة عرشه.]]. ويحتمل أن يكون أصلها من الغَرْف، بمعنى: القطع والفصل، يقال غَرَفْتُ ناصيتَه، أي: قطعتها. قال الأصمعي: ومنه قول قيس بن الخطيم: .......... تكاد تنغرف [["ديوان قيس بن الخطيم" ص 106، والبيت بتمامه: تنام عن كبر شأنها فإذا قا ... مت رويدا تكاد تنغرف يصف امرأة نشأت في رفاهية ونعمة، فهي تنام عن أكثر شأنها لكونها مخدومة، فإذا قامت من نومها قامت في سكون وضعف تكاد تنقصف أو تسقط. "حاشية الديوان" ص 107. وأنشد الأزهري البيت عن الأصمعي 8/ 104 (غرف)، وأنشده قبل ذلك 8/ 103، كاملاً عن ابن الأعرابي.]] أي: تنقطع [["تهذيب اللغة" 8/ 104 (غرف).]]. فُسمي البيت العالي: غُرْفة، بمعنى: المغروف، أي: المقطوع من غيره بعلوه وارتفاعه. قال مقاتل: يعني: غرف الجنة، نظيرها في: الزمر [[يعني قوله تعالى: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ﴾ [20]، "تفسير مقاتل" ص 47 ب. وكذا قوله تعالى: ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ [سبأ: 37]. "تفسير الهواري" 3/ 219. وحكى الماوردي 4/ 161، عن ابن شجرة، أن الغرفة أعلى منازل الجنة، وأفضلها. والله أعلم. وقد اقتصر على هذا القول الطوسي 7/ 512، ولم ينسبه.]]. وقال ابن عباس: يريد غرف الزبرجد، والدر، والياقوت [[ذكره البغوي 6/ 100، عن عطاء.]]. وقال السدي والضحاك: ﴿الْغُرْفَةَ﴾ الجنة [[أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2743، عن الضحاك، وسعيد بن جبير، وأبي جعفر محمد بن علي، والسدي. وذكره ابن الجوزي 6/ 112، عن ابن عباس.]]. قوله: ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ قال ابن عباس: على دينهم، وعلى أذى المشركين [["الوسيط" 3/ 349، غير منسوب.]]. وقال مقاتل: على أمر الله [["تفسير مقاتل" ص 47 ب. وأخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2744، عن سعيد بن جبير، وأخرج عن أبي جعفر: ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ على الفقر في الدنيا. قال الهواري 3/ 220: على طاعة الله، وعن معصية الله. والآية ظاهرة في إرادة العموم فيدخل فيها ما ذكر، وغيره أيضًا. والله أعلم. وقد نص على هذا الزمخشري 3/ 288، والرازي 24/ 116.]]. وقوله: ﴿وَيُلَقَّوْنَ﴾ قرئ بالتشديد، والتخفيف [[قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم في رواية حفص، بالتشديد. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وعاصم في رواية أبي بكر، بالتخفيف. "السبعة في القراءات" 468، و"الحجة للقراء السبعة" 5/ 354، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 335. قال الأزهري: المعنى في ﴿يُلَقَّوْنَ﴾ أن الله يلقي أهل الجنة إذا دخلوها ملائكته بالتحية والسلام، ومن قرأ: (يلقَون) فالفعل لأهل الجنة، إنهم يلقون فيها التحية والسلام من الله عز وجل "معاني القراءات" 2/ 221.]]. فمن شدد فحجته قوله: ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ [الإنسان: 11]، ومن خفف فحجته قوله: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 354.]] [مريم: 59]. وقال الفراء: التخفيف أعجب إلي؛ لأن القراءة لو كانت على التشديد، كانت بالباء؛ لأنك تقول: فلان يُتَلقَّى بالسلام والخير [["معاني القرآن" للفراء 2/ 275. وهو اختار ابن جرير 19/ 54، وأورد كلام الفراء، ولم ينسبه. قال أبو علي: لقي: فعل متعد إلى مفعول واحد، فإذا نقل بتضعيف "العين" تعدى إلى مفعولين، فقوله: ﴿تَحِيَّةً﴾ المفعول الثاني، من قولك: لقَّيت زيداً تحية، فلما بنيت الفعل للمفعول قام أحد المفعولين مقام الفاعل، فبقي الفعل متعديًا إلى مفعول واحد. "الحجة للقراء السبعة" 5/ 354. واختار ابن خالويه، قراءة التشديد؛ لما فيها من التكثير، "إعراب القراءات السبع وعللَّها" 2/ 128.]]. وهذا الذي قاله ينتقض بقوله: ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾؛ لأنه بغير الباء على أن قال: وكل صواب: يُلَقَّونه، ويُلَقَّون به [["معاني القرآن" للفراء 2/ 275. وقد ذكر رأيه ورد عليه بأوسع مما ذكر الواحدي، النحاس، في "إعراب القرآن" 3/ 169.]]. وقوله: ﴿فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا﴾ قال ابن عباس: التحية والسلام، من عند الرحمن [[أخرج ابن أبي حاتم 8/ 2744، عن سعيد بن جبير: تتلقاهم الملائكة بالتحية، والسلام. وقال به أيضًا مجاهد، أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2744.]]. وقال الكلبي: يحيي بعضهم بعضًا بالسلام، ويرسل إليهم الرب بالسلام [["تنوير المقباس" ص 306، بمعناه. وهو في "الوسيط" 3/ 349، غير منسوب.]]. وقال مقاتل: ﴿تَحِيَّةً﴾ يعني: السلام ﴿وَسَلَامًا﴾ يقول: سلم الله لهم أمرهم وتجاوز عنهم [["تفسير مقاتل" ص 47 ب. وحكى الماوردي 4/ 162، عن الكلبي: يحيي بعضهم بعضاً بالسلام.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب