الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ قال عطاء، والكلبي، والمفسرون: قالوا: ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، يعني: مسيلمة [["تفسير مقاتل" ص 46 ب، في قصة طويلة ليس لها إسناد. و"تنوير المقباس" ص 305، دون ذكر القصة. وذكره ابن جرير 19/ 29 فقال: وذكر بعضهم أن مسيلمة كان يُدعى: رحمن اليمامة. والثعلبي 8/ 101 أ، ولم ينسبه. وأخرجه بسنده، ابن أبي حاتم 8/ 2715، عن عطاء. وذكره ابن عطية 11/ 60، واقتصر عليه. مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي، المتنبئ المشهور بالكذاب، وفي المثل: أكذب من مسيلمة. لدعواه النبوة، وقتل مسيلمة سنة: 12، في خلافة أبي بكر -رضي الله عنه-، في حروب الردة التي قادها خالد بن الوليد -رضي الله عنه-. "سيرة ابن هشام" 4/ 247، و"الكامل" لابن الأثير 2/ 246.]]. قال أبو إسحاق: الرحمن: اسم من أسماء الله -عز وجل-، مذكور في الكتب الأُوَل، ولم يكونوا يعرفونه من أسماء الله [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 73. وجزم الواحدي -رحمه الله- في "الوسيط" 3/ 344، و"الوجيز" 2/ 782، بأن المشركين ما كانوا يعرفون الرحمن في أهاء الله تعالى. وكذا البغوي، في تفسيره 6/ 92. وابن كثير 6/ 120. قال ابن عاشور 1/ 172: وقد ذكر جمهور الأئمة: أن وصف الرحمن لم يطلق في كلام العرب قبل الإسلام، وأن القرآن هو الذي جاء به صفة لله تعالى، فلذلك اختص به تعالى، حتى قيل: إنه اسم له وليس بصفة.]]. فلما سمعوه أنكروا، فقالوا ﴿وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ [[قولهم: ﴿وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ يجوز أن يكون سؤالًا عن المسمى به؛ لأنهم ما كانوا يعرفونه بهذا الاسم، والسؤال عن المجهول بما، ويجوز أن يكون سؤالًا عن معناه؛ لأنه لم يكن مستعملًا في كلامهم، كما استعمل: الرحيم، والرحوم، والراحم، أو لأنهم أنكروا إطلاقه على الله تعالى. "الكشاف" 3/ 282. والألوسي 7/ 39.]]. وقد ذكرنا هذا عند قوله: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ [الإسراء: 110] [[قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قال ابن عباس: إن رسول الله -ﷺ- قال وهو ساجد ذات ليلة: (يا رحمن) فسمعه أبو جهل وهم لا يعرفون الرحمن، فقال: إن محمدًا ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعوا إلهًا آخر مع الله يقال له: الرحمن، فأنزل الله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ﴾ أي: قل يا محمد ادعوا الله يا معشر المؤمنين ﴿أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ أي إن شئتم قولوا: يا الله لان شئتم قولوا: يا رحمن ﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ قال أبو إسحاق: أعلمهم الله أن دعاءهم الله أو دعاءهم الرحمن يرجعان إلى واحدٍ، فقال: ﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا﴾ المعنى أي أسماء الله تدعوا ﴿فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾. والظاهر أن قولهم ﴿وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ قول قوم كانوا يجحدون التوحيد، ويدل عليه ازديادهم نفورًا لما أمروا أن يسجدوا للرحمن؛ لأن العرب كانوا يعرفون الرحمن في أسماء الله تعالى، وأنه اسم مسمى من الرحمة. "تفسير الماوردي" 4/ 153. وفي "تفسير الرازي" 24/ 105 والأقرب أن المراد إنكارهم لله لا للاسم؛ لأن == هذه اللفظة عربية، وهم كانوا يعلمون أنها تفيد المبالغة في الإنعام. واستظهر هذا المعنى، ونصره أبو حيان 6/ 466.]]. قوله تعالى: ﴿لِمَا تَأْمُرُنَا﴾ خطاب للنبي -ﷺ- وكأنهم تلقوا أمره بالرد والإنكار عليه [["تفسير الهواري" 3/ 216. و"الحجة للقراء السبعة" 5/ 346.]]. ومن قرأ: بالياء [[قرأ بالياء: حمزة، والكسائي. "السبعة في القراءات" ص 466، و"الحجة للقراء السبعة" 5/ 346، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 334.]]؛ فقال أبو عبيد: تراه أراد لما يأمرنا الرحمن. وليس بالوجه؛ لأنهم لو أقروا أن الرحمن تبارك وتعالى هو الآمر، ما كانوا كفارًا، إنما كانت مقالتهم تلك للنبي -ﷺ- فيما يقول أهل التفسير؛ وذلك أنهم قالوا: يعنون أنسجد لما يأمرنا رحمن اليمامة [[ذكر قول أبي عبيد، النحاس، في "إعراب القرآن" 3/ 165، و"القطع والائتناف" 2/ 487، مع شيء من الاختلاف. وما ذَكر عن أهل التفسير؛ في "تفسير مقاتل" ص 46 ب. و"تفسير ابن جرير" 19/ 29.]]. تكبرًا منهم واستهزاء. ونحو هذا ذكر الفراء، في قراءة من قرأ: بالياء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 270. ويمكن توجيه قراءة الياء على معنى: أنسجد لما يأمرنا الله تعالى حسب زعمك وقولك.]]. وقال أبو علي: من قرأ بالياء فالمعنى: أنسجد لما يأمرنا محمد -ﷺ- بالسجود له، على وجه الإنكار منهم لذلك. ولا يكون على: أنسجد لما يأمرنا الرحمن بالسجود له؛ لأنهم أنكروا الرحمن بقولهم: ﴿وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 346. ذكره الهواري 3/ 215؛ فقال: ومن قرأها بالياء، فيقول: يقوله بعضهم لبعض: أنسجد لما يأمرنا محمد. قال ابن جرير 19/ 28: إنهما قراءتان مستفيضتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحد منهما علماء من القراء، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.]]. وقوله: ﴿وَزَادَهُمْ نُفُورًا﴾ قال مقاتل: يقول [[(يقول) في (ج)، وهي غير موجودة في "تفسير مقاتل".]]: زادهم ذكر الرحمن تباعدًا من الإيمان [["تفسير مقاتل"ص 46 ب. و"تنوير المقباس" ص 305. وذكر قولاً آخر: القرآن.]]. وقال غيره: زادهم أمر النبي -ﷺ- إياهم بالسجود نفورًا عما أمروا به من ذلك [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 346، بنصه. وذكر نحوه الهوَّاري 3/ 216. وابن جرير 19/ 29.]]. روى مِسْعَر، عن عبد الأعلى [[عبد الأعلي بن مسهر بن عبد الأعلي بن مسهر، الغساني الدمشقي، الفقيه، شيخ الشام، ت: 218 هـ. من العاشرة. ثقة فاضل. "سير أعلام النبلاء" 10/ 288، و"تقريب التهذيب" ص 562.]]، أنه كان يقول في سجوده: زادنا لك خشوعًا ما زاد أعداءك عنك نفورًا [[ذكره الثعلبي 8/ 101 أ، عن سفيان الثوري، دون آخره، وكذلك القرطبي 13/ 64. والبرسوي 6/ 235.]]، فلا تُكبَّ وجوهنا في النار بعد سجودها لك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب