الباحث القرآني
قال الله -عز وجل-: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ﴾ أي: فيقال للكفار حينئذ [["تفسير مجاهد" 2/ 448. و"تفسير مقاتل" ص 43 و"تفسير الطبري" 18/ 192.]] ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ﴾ أي: كذبكم المعبودون بقولكم: إنهم آلهة، وإنهم شركاء [[تفسير هود الهوّاري 3/ 204. و"معاني القرآن" للزجاج 4/ 60. و"تفسير الماوردي" 4/ 137، ونسبه لمجاهد.]].
ومن قرأ ﴿بِمَا تَقُولُونَ﴾ بالياء [[قال أبو بكر بن مجاهد: قال لي قنبل عن أبي بزة عن ابن كثير ﴿يَقُولُونَ﴾ ﴿يَسْتَطِيعُونَ﴾ بالياء جميعاً. السبعة في القراءات 463، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 334.]]، فالمعنى ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ﴾ بقولهم: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ الآية [[قال مقاتل 43 ب: بقولهم إنهم لم يأمروكم أن تعبدوها.]].
وقوله: ﴿فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا﴾ أي: ما يستطيع الشركاء والمعبودون صرف العذاب عنكم [["تنوير المقباس" ص 302. و"تفسير مقاتل" ص 43 ب. و"معاني القرآن" للأخفش 2/ 642. و"تفسير هود الهوّاري" 3/ 204. وذكر الماوردي 4/ 137، أربعة أوجه، هذا أحدها.]]. هذه قراءة العامَّة بالياء [[قرأ عاصم في رواية حفص: ﴿بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ﴾ بالتاء جميعاً. وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم: ﴿بِمَا تَقُولُونَ﴾ بالتاء ﴿فما يستطيعون﴾ بالياء، == وعن ابن كثير أنه قرأ بالياء في الموضعين. "السبعة" ص 463، و"المبسوط في القراءات العشر" ص 271، و"التبصرة" ص 613، و"النشر" 2/ 334.]]. ولا يحسن أن يجعل ﴿يَسْتَطِيعُونَ﴾ بالياء للمتخذين الشركاء على الانصراف من الخطاب إلى الغيبة؛ لأن قبله خطابًا، وبعده خطابًا، وهو قوله: ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ﴾ [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 340، بنصه.]] وهذا مذهب مجاهد؛ لأنه قال: المشركون لا يستطيعونه [[أخرجه ابن جرير 18/ 192، وابن أبي حاتم 8/ 2674. وتفسير مجاهد 2/ 449.]]. ونحو ذلك روى عطاء عن ابن عباس قال: لا يصرفون عن أنفسهم سوء العذاب. يعني المشركين. ولكن ﴿يَسْتَطِيعُونَ﴾ خبر عن الشركاء على ما ذكرنا، وهو مذهب مقاتل [["تفسير مقاتل" ص 43 ب.]]. ومن قرأ بالتاء فالمعنى: ﴿يَسْتَطِيعُونَ﴾ أيها المتخذون الشركاء صرفًا ولا نصرًا [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 340.]].
قال أبو عبيد: والاختيار الياء، وتصديقها حرف ابن مسعود: ﴿فَمَا يسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلاَ نَصْرًا﴾ [[أخرج هذه القراءة بإسناده ابن جرير 18/ 319، نصها: (مَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً) ولعل هذا تصحيف من: لكم، إلى: لك. ثُمَّ قال: فإن تكن هذه الرواية عنه صحيحة، صح التأويل .... وذكره ابن عطية 11/ 20، نقلاً عن ابن أبي حاتم، لكنِّي لم أجده عنده.]] فلما جاءت المخاطبة بقوله: ﴿لَكُمُ﴾ تبين أنه أخبر بالاستطاعة عن قوم.
وتفسير الصرف هاهنا: صرف العذاب، في قول ابن عباس ومقاتل، وأكثر المفسرين، وأهل المعاني [["تفسير مقاتل" ص 44 أ. وذكره السمرقندي 2/ 456. والثعلبي 94 أ. ونسبه الماوردي 4/ 137، لزيد بن أسلم. و"معاني القرآن" للزجاج 4/ 61.]]. وروي عن يونس أنه قال: الصرف: الحيلة. ومنه قيل: فلان يتصرف أي: يحتال [["غريب القرآن" لابن قتيبة ص 311. حيث نسبه ليونس. وكذا الثعلبي 94 أ. وعن ابن قتيبة، ذكره الماوردي 4/ 137. وابن الجوزي 6/ 79.]]. ويقال للمحتال: صيرف، وصيرفي [[في (ج): (صرف، وصرفي).]].
وقوله: ﴿وَلَا نَصْرًا﴾ معناه على قراءة العامَّة: ولا أن ينصروكم من عذاب الله بدفعه عنكم. وعلى قراءة من قرأ: ﴿تَسْتَطِيعُونَ﴾ بالتاء معناه: ولا نصرًا من العذاب لأنفسكم. يعني: ولا أن تنصروا أنفسكم بمنعها من العذاب [["تنوير المقباس" ص 302.]]. وقال المبرد: ولا أن ينصر بعضكم بعضًا كقوله: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ﴾ [الصافات: 25] أي: لا ينصر المشركون بعضهم بعضًا. وهذا على تفسير مجاهد وعطاء لقوله: ﴿فما يَسْتَطِيعونَ صرْفًا﴾ بالياء [[قول مجاهد، وعطاء، في الصفحة السابقة.]].
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ قال ابن عباس، والحسن ومقاتل: ومن يشرك منكم [[أخرج ابن أبي حاتم 8/ 2674، عن ابن عباس من طريق بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك، كل شيء نسبه إلى غير الإسلام، من اسم مثل: مسرف، وظالم، ومجرم، وفاسق، وخاسر، فإنما يعني به: الكفر. وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما يعني به: الذنب، قال: ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ يقول: من يكفر منكم. وذكر القرطبي 13/ 12، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أنه الشرك. وأخرجه عن الحسن عبد الرزاق 2/ 67. وعنه ابن جرير 18/ 193. و"تفسير مقاتل" ص44 أ. قال ابن عطية 11/ 20، بعد ذكره هذا لقول: وقد يحتمل أن يعم غيره من المعاصي. إلا أن سياق الآية لا يشهد له. والله أعلم.]]. قال مقاتل: ومن يشرك بالله منكم في الدنيا فيموت عليها [[عليها. هكذا عند الواحدي، ومقاتل. أي: على هذه المعصية، وإن كان الأظهر: عليه، والله أعلم.]] نذقه في الآخرة ﴿عَذَابًا كَبِيرًا﴾ يعني: شديدًا، [فلا عذاب أشد وأعظم من النار كقوله: ﴿طُغْيَانًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: 60] يعني: شديدًا.]، [[ما بين المعقوفين، في (أ)، (ب).]] وكقوله: ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: 4] يعني: شديدًا [["تفسير مقاتل" ص 44 أ. سوى ما بين المعقوفين فهو غير موجود.]].
قال ابن عباس: ثم رجع -عز وجل- إلى ذكر النبي -ﷺ- يعزيه، فقال [[هكذا في "الوسيط" 3/ 337، غير منسوب لأحد. لكن ذكر الواحدي -رحمه الله-. في "أسباب النزول" 332، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن المشركين لما عيّروا رسول الله -ﷺ- بالفاقة، وقالوا: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ حزن رسول الله -ﷺ- فنزل جبريل، - عليه السلام -، من عند ربه معزِّياً له، فقال: السلام عليك يا رسول الله، رب العزة يقرئك السلام، ويقول لك: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾. وهذا غير ثابت عن ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ لأنه من طريق: جويبر عن الضحاك. وجويبر ضعيف جدًا، والضحاك لم يلق ابن عباس. وقد سبق ذلك عند تفسير الآية العاشرة، من هذه السورة. وذكره القرطبي 13/ 12، بدون إسناد.]]:
{"ayah":"فَقَدۡ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسۡتَطِیعُونَ صَرۡفࣰا وَلَا نَصۡرࣰاۚ وَمَن یَظۡلِم مِّنكُمۡ نُذِقۡهُ عَذَابࣰا كَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











