﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ القول في محل (الذين) من الإعراب كالقول في محل (الزانية والزاني) في قوله ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ الآية [[فصل "الذين" رفع بالابتداء، وخبره إما محذوف، أو جملة ﴿فَاجْلِدُوهُمْ﴾
انظر: "معاني القرآن" للزجاج 3/ 30، "الإملاء" للعكبري 2/ 153، "الدر المصون" 8/ 381.]].
قال الكلبي: ﴿يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ يقذفون بالفرية الحراير المسلمات العفايف عن الفواحش [[ذكر البغوي 9/ 10 هذا المعنى، ولم ينسبه لأحد.]]. وهذا قول المفسرين [[انظر: "الطبري" 18/ 75 - 76، والثعلبي 3/ 68 ب.]].
قال أبو إسحاق: ومعنى ﴿يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ أي: بالزنا، ولكنه لم يقل: بالزنا؛ لأن فيما تقدم من [[(من) ساقطة من (أ).]] ذكر الزانية والزاني دليلًا على أن المعنى ذلك [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 30.]].
قال ابن الأعرابي: يقال: رمى فلان فلانًا بأمر قبيح، أي: قذفه، ومنه قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ [النور: 6]، معناه القذف [[قول ابن الأعرابي في "تهذيب اللغة" للأزهري 5/ 277 (رمى) دون ذكر الآية الثانية ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾.]].
واعلم أن الإحصان المشروط في المقذوف [[في (أ): (والمقذوفة).]] أو المقذوفة حتى يجب الحد على القاذف خمسة أوصاف: البلوغ، والعقل، والإسلام، والحرية، والعفة عن الزنا [[انظر: "أحكام القرآن" للجصَّاص 3/ 267، "أحكام القرآن" للكيا الهراسي 3/ 298، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 12/ 173.]].
فإن فقد وصف من هذه الأوصاف لم يجب حد القذف على [[في (أ): (وعلى).]] القاذف، وعليه التعزيز، وما كان تعزيرًا فلا يكون فرضًا.
ويشترط في القاذف لوجوب حد القذف شرطين: البلوغ والعقل. فإذا انضم إليهما الحرية كمل الحد ثمانين جلدة، وإذا كان مملوكًا فعليه أربعون جلدة [[انظر: "أحكام القرآن" للجصَّاص 3/ 268، "أحكام القرآن" للكيا الهراسي 3/ 298، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 12/ 173، 174.]].
قال مقاتل: يجلد بين الضربين على ثيابه [["تفسير مقاتل" 2/ 34 ب.]].
وقال قتادة: يخفف في حد الشراب والفرية [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 50.]].
وقال حمّاد: يحد القاذف والشارب وعليهما ثيابهما [[رواه الطبري 18/ 68. ورواه أبو بكر بن أبي شيبة 9/ 525 دون قوله والشارب.]].
قوله تعالى ﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا﴾ على ما رموهن به ﴿بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾.
قال المفسرون: عدول يشهدون عليهن أنهن رأوهن يفعلن [[في (ع): (يفعلون)، وهو خطأ.]] ذلك [[هذا كلام الطبري 18/ 75 والثعلبي 3/ 68 ب بنصِّه.]].
﴿فَاجْلِدُوهُمْ﴾ يعني الذين يرمون بالزنا ﴿ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾.
﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا﴾ المحدود في القذف لا تقبل شهادته.
﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ قال ابن عباس: الكاذبون [[روى الطبري 18/ 76 هذا التفسير عن عبد الرحمن بن زيد. ولم أجد من ذكره عن ابن عباس.]].
وقال مقاتل: العاصون في مقالتهم [["تفسير مقاتل" 2/ 34 ب.]].
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ یَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمۡ یَأۡتُوا۟ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَاۤءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَـٰنِینَ جَلۡدَةࣰ وَلَا تَقۡبَلُوا۟ لَهُمۡ شَهَـٰدَةً أَبَدࣰاۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ"}