الباحث القرآني

قوله: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ﴾ مفسّر في الآية التي قبلها إلى قوله: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾، قال المقاتلان [[يعني مقاتل بن حيان ومقاتل بن سليمان.]]: حدّث جابر بن عبد الله: أن أسماء بنت مرشدة [[في (ظ): (مرشد)، وهي: أسماء بنت مرشدة بن جبر بن مالك بن حويرثه بن حارثة. أسلمت أسماء وبايعت رسول الله -ﷺ-. "طبقات ابن سعد" 8/ 335.]] كانت في نخل [[في (أ): (شغل).]] لها في بني حارثة، فجعلت النساء يدخلن عليها غير متأزِّرات [[غير متأزِّرات: أي غير سابغات الأزُر، والإزار كل ما واراك وسترك، وقيل هو ما يستر أسفل البدن. انظر: "لسان العرب" 4/ 16 (أزر)، "تاج العروس" للزبيدي 10/ 43 - 44 (أزر).]]، فيبدو ما في أرجلهن من الخلاخل [[في (ع): (الخلاخيل)، والخلاخل: جمع خَلْخَال، وهو الحلي الذي تلبسه المرأة في ساقها. "لسان العرب" 11/ 221 (خلل).]]، وتبدو صدورهن وذَوَائِبهُن [[ذوائبهن: جمع ذُؤَابة، وهي الشعر المضفور من شعر الرأس، أو الناصية أو منبتها من الرأس. "لسان العرب" 1/ 379 (ذأب)، "القاموس المحيط" 1/ 67.]] فقالت أسماء: ما أقبح هذا. فأنزل الله تعالى هذه الآية [[قول مقاتل بن حيان رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 35 أ، وذكره عنه السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 179 وعزاه لابن أبي حاتم. وأَمَّا قول مقاتل بن سليمان == فهو في "تفسيره" 2/ 37 ب. وهذه الرواية غير معتمدة في سبب نزول هذه الآية، لأن مقاتل بن حيَّان لم يلق جابر بن عبد الله، فروايته منقطعة، ومقاتل بن سليمان متهم بالكذب.]]. واختلفوا في الزينة الظاهرة التي استثنى الله بقوله ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾: فروي عن ابن مسعود بطرق مختلفة أنَّه قال: هو الثياب: الجلباب والرداء لا يبدين قُرطًا ولا سوارًا ولا خلخالًا ولا قلادة [[من هذه الطرق: أولاً: طريق أبي الأحوص -عوف بن مالك بن نضلة الجشمي- عن ابن مسعود -رضي الله عنه-. وقد رواه عن أبي الأحوص أبو إسحاق السبيعي، وله عن أبي إسحاق طرق: 1 - طريق معمر بن راشد. رواه من هذا الطريق عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 56، والطبري 18/ 117 عن أبي إسحاق، به، بلفظ: "إلا ما ظهر منها": الثياب. 2 - طريق سفيان الثوري. وقد رواه عن سفيان جماعة منهم: - وكيع بن الجراح، رواه عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 283، عن سفيان، عن أبي إسحاق، بمثل لفظ معمر. - عبد الرحمن بن مهدي، رواه الطبري 18/ 117 قال: حدثنا ابن بشَّار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق. به بمثل لفظ وكيع وإسناده صحيح. - عبد الله بن وهب. رواه الطبري 18/ 117 قال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني الثَّوري، عن أبي إسحاق، فذكره بمثل رواية ابن مهدي. - أبو نعيم: رواه من طريقه ابن أبي حاتم 7/ 36 أ، والطبراني 9/ 260 عن سفيان، عن أبي إسحاق به، بمثل اللفظ المتقدّم. 3 - طريق شعبة بن الحجاج. وقد رواه من طريقه الطبري 18/ 117 بمثل اللفظ المتقدم. 4 - طريق إسرائيل: وقد رواه من طريقه ابن أبي حاتم 7/ 35 ب، والطبراني في "الكبير" 9/ 260 عن أبي إسحاق، به، بلفظ: (ولا يبدين زينتهن) قال: الزينة: القرط، والدملج -وعند الطبراني: الدملوج-، والخلخال والقلادة. 5 - طريق شريك: رواه من طريقه الحاكم في "مستدركه" 2/ 397 عن أبي إسحاق، به، بلفظ: "ولا يبدين زينتهن" قال: لا خلخال ولا شنف،- ولا قرط == ولا قلادة، "إلا ما ظهر منها" الثياب. 6 - طريق خدُيج بن معاوية: رواه من طريقه سعيد بن منصور في "تفسيره" 159 أ، والطبراني في "الكبير" 9/ 260 عن أبي إسحاق، به بلفظ: "ولا يبدين زينتهن" قال: الزينة: السوار والدملج والخلخال ولا أدب والقرط والقلادة، وما ظهر منها: الثياب والجلباب. 7 - طريق حجاج: رواه من طريقه ابن أبي شيبة في "مصنّفه" 4/ 284، والطبري 18/ 117، وابن أبي حاتم 7/ 35 ب عن أبي إسحاق، به، بلفظ: الزينة زينتان، زينة ظاهرة وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج -وقوله: لا يراها إلى الزوج ليست عند الطبري- فأما الزينة الظاهرة فالثياب" وأما الزينة الباطنة - وعند الطبري: وما خفي- فالكحل والسَّوار والخاتم، وعند الطبري: الخلخالان والقرطان والسواران، وعند ابن أبي حاتم: الخاتم والسوار. وهذه الطرق المروية عن أبي إسحاق. ثانيًا: طريق عبد الرحمن بن يزيد -وتصحَّف في المطبوع من الطبري إلى زيد- بن قيس النَّخعي -تابعي ثقة سمع ابن مسعود- عن ابن مسعود -رضي الله عنه-. رواه عن عبد الرحمن بن يزيد مالكُ بن الحارث، ورواه عن مالك بن الحارث الأعمش، وله عن الأعمش طريقان: 1 - طريق سفيان الثوري. رواه الطبري 18/ 117 من طريقه، عن الأعمش، به بلفظ: الثياب. 2 - طريق محمد بن فضيل -وتصحَّف في المطبوع من الطبري إلى الفضل. رواه من طريقه الطبري 18/ 118، وابن أبي حاتم 7/ 36 أ، عن الأعمش، به بلفظ: الرّداء. والقُرْط -بضم القاف-: نوع من الحلي يعلق في شحمة الأذن. انظر: "لسان العرب" 7/ 374 "قرط". وهذا القول هو الحق الذي يعضده الكتاب والسنة الصحيحة، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾. روى البخاري في "صحيحه" كتاب: التفسير، سورة النور باب: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ 8/ 489 عن عائشة رضي الله عنها قالت: "يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ شققن مروطهن فاختمرن بها". قال ابن حجر في "الفتح" 8/ 490 في شرح هذا الحديث: قوله: "فاختمرن، أي: غطين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهو التقّنع.]]. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وهو قول الحسن [[رواه الطبري 18/ 118 عن الحسن. وقال ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 36 أبعد ذكره للأثر المتقدم عن ابن مسعود-: وروي عن الحسن، .. ، وأبي صالح ماهان في إحدى الروايات .. نحو ذلك. وروى سعيد بن منصور في "تفسيره" (ل 159 أ)، وابن أبي شيبة في "مصنّفه" 4/ 284 عنه قال: الوجه والثياب.]]، وماهان الحنفي [[هو: ماهان الحنفي، أبو صالح -ويقال: أبو سالم- الكوفي. روى عن ابن عباس وأم سلمة وعدة. وكان ثقة، عابدًا. قتله الحجَّاج سنة 83 هـ "الكاشف" للذهبي 3/ 117، "تهذيب التهذيب" 10/ 25، "تقريب التهذيب" 2/ 227. وقوله رواه عنه ابن أبي شيبة 4/ 284. وتقدَّم في الهامش السابق أن ابن أبي حاتم ذكره عنه.]]، ورواية الحكم [[الحكم هو: ابن عتيبة. تقدمت ترجمته.]] عن أبي وائل عن ابن عباس [[لم أجد هذه الرواية عن ابن عباس.]]. وقال [[يعني: ابن عباس.]] في رواية سعيد بن جبير: ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ كفّها ووجهها [[رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 284، وابن المنذر في "الأوسط" 5/ 70، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 225 من طريق حفص بن غياث، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به. قال الذهبي في "المهذب في اختصار السنن الكبير" للبيهقي 2/ 180، قلت: عبد الله ضعيف. أهـ يعني ابن مسلم بن هرمز. لكن الطبري رواه 18/ 118 من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ قال: والزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكفّ، والخاتم. فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها. وقد ذكر العلماء أجوبة عن قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية، نقتصر منها على أجودها: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: والسلف تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين: فقال ابن مسعود: هي الثياب، وقال ابن عباس ومن وافقه: هي ما في الوجه واليدين مثل الكحل والخاتم. وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة، وجوَّز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوي المحارم، وأما الباطنة فلا تبديها إلا للزوج وذوي المحارم". ثم ذكر أنه قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن يرى الرجالُ وجوههن وأيديهن، وكان إذْ ذاك يجوز لهن أن يظهرن الوجه والكفين، ثم لما أنزل الله -عز وجل- آية الحجاب حجب النساء عن الرجال، كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت النساء ألا يظهرنها للأجانب. قال رحمه الله: "فما بقي يحل للأجانب النَّظر إلا إلى الثياب == الظاهرة. فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين"، "مجموع الفتاوى" 22/ 110. وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى: وأما ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه فسَّر ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ بالوجه والكفين، فهو محمول على حالة النساء قبل نزول آية الحجاب، وأما بعد ذلك فقد أوجب الله عليهن ستر الجميع، كما سبق في الآيات الكريمات من سورة الأحزاب وغيرها، ويدل على أن ابن عباس أراد ذلك ما رواه علي بن أبي طلحة عنه أنه قال: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينًا واحدة". وقد نبَّه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم والتحقيق، وهو الحق الذي لا ريب فيه، ومعلوم ما يترتب على ظهور الوجه والكفين من الفساد والفتنة، وقد تقدم قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ ولم يستثن شيئًا وهي آية محكمة، فوجب الأخذ بها والتعويل عليها وحمل ما سواها عليها، والحكم ما سواها عليها، والحكم فيها عام في نساء النبي -ﷺ- وغيرهن من نساء المؤمنين، وقد تقدم من سورة النساء ما يرشد إلى ذلك. اهـ من كتابه "رسالة في الحجاب والسفور" ص 19. وانظر للتوسع والزيادة: "أَضواء البيان" للشنقيطي 6/ 192 - 200، "رسالة الحجاب" للشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 6 - 9، "الحجاب في الكتاب والسنة" للسندي ص 21 - 26، "عودة الحجاب" لمحمد بن إسماعيل المقدم 3/ 262 - 284.]]. وهو قول ابن مسعود في رواية سعيد بن جبير. وقول الضحاك في رواية جويبر [[في جميع النسخ: (جبير)، وهو خطأ. والمثبت هو الصواب.]]. وبه قال مقاتل بن سليمان [[انظر: "تفسير مقاتل" 2/ 37 ب.]]، وإبراهيم [[روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 283 عن إبراهيم خلاف هذا القول، وهو قوله في تفسير الزينة الظاهرة بأنَّها الثياب.]]، ومكحول، والأوزاعي. ونحو هذا روى جابر [بن زيد] [[ساقط من (ظ).]] عن ابن عباس قال: هو رقعة الوجه وباطن الكفّ [[رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 283، وابن أبي حاتم 7/ 35 ب من رواية جابر بن زيد، عن ابن عباس.]]. وقال في رواية عطاء: ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ يريد الكحل لأنه لا تقدر أن تغطي عينها. وزاد سعيد بن جبير عنه في رواية مسلم الملائي [[هو: مسلم بن كيسان الضبي، الملائي البرَّاد الأعور، أبو عبد الله الكوفي. روى عن أنس ومجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما. قال الذهبي: واهٍ. وقال ابن حجر: ضعيف. "الكاشف" 3/ 142، "تهذيب التهذيب" 10/ 135، "تقريب التهذيب" 2/ 246.]] عن سعيد: الخاتم [[روى سعيد بن منصور في "تفسيره" 158 ب، والطبري 18/ 118، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 85 من طريق مسلم الملائي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكحل والخاتم.]]. ونحو هذا روى مجاهد عن ابن عباس: أنه الكحل والخاتم [[روى عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 56 من طريق مجاهد، عن ابن عباس في قوله ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ قال: هو الكف والخضاب والخاتم.]]. وهو قول أنس بن مالك [[روى ابن المنذر في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" للسيوطي 6/ 179. وقال البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 86 بعد ذكره لقول ابن عباس أنه الكحل والخاتم: وروى ذلك أيضًا عن أنس ابن مالك.]]، وأبي صالح، وعكرمة [[روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 83 عن عكرمة وأبي صالح ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ قالا: ما فوق الدرع إلا ما ظهر منها. وأخرج 4/ 285 عن عكرمة قال: (ما ظهر منها): الوجه وثغرة النحر.]]؛ وزاد مجاهد: الخضاب [[روى ابن أبي شيبة في "المصنف" 4/ 284 عن مجاهد، قال: الخضاب والكحل.]]. وروي عن عائشة أنها قالت وسئلت عن الزينة الظاهرة؟: هي القُلب والفتخة [[القُلْب: -بالضم-: سوار المرأة. "القاموس المحيط" 1/ 119. والفَتْخة: بفتح وسكون ويحرّك:- خاتم كبير يكون في اليد والرجل، وقيل: حلقة من فضة تلبس في الإصبع كالخاتم. "تاج العروس" للزبيدي 7/ 307 (فتخ).]] ووضعت كفها على كوعها [[رواه البيهقي في "الكبرى" 7/ 89 بلفظ "القُلْب والفتخة، وضَمّت طرف كُمّها". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 180 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 283 مختصرًا.]]. وهو قول السدي: الخاتم والقُلب [[لم أجده.]]. وقول قتادة: المسكتَان [[في (أ): (المسكفان)، والمسكتان: واحدهما مسكة، وهي سوار من عاج أو نحوه. انظر: "لسان العرب" 10/ 486 - 487 (مسك).]] والخاتم والكحل [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 56، والطبري في "تفسيره" 18/ 118.]]. وقوله ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ الخُمُر: جمع الخِمَار، وهو ما تغطي به المرأة رأسها، وقد تخمَّرت المرأة واختمرت، وهي حسنةُ الخِمْرَة والخُمْرة [[من قوله: (وهي ما تغطي .. إلى هنا) في "تهذيب اللغة" للأزهري 7/ 379 (خمر) منسوبًا إلى الليث، دون قوله: واختمرت، والخمرة. وهو بأخصر منه في "العين" 4/ 263 خمر). وانظر: "الصحاح" للجوهري 2/ 469 "خمر"، "لسان العرب" 4/ 227 (خمر).]]. والجيوب: جمع الجَيْب، وهو موضع القطع من الدرع والقميص [[انظر: "لسان العرب" 1/ 288 (جيب)، "تاج العروس" للزبيدي 2/ 201 (جيب).]]، والجَوْب: القطع كما يجاب الجيب [[من قوله: (والجو .. إلى هنا)، هذا كلام الليث كما في "تهذيب اللغة" للأزهري 11/ 218 "جاب". وهو في "العين" 6/ 192 (جوب).]]، ومنه قول طَرَفَة: رَحِيب [[في (أ): (رحيب)، ومثلها في (ع) مهملة. وفي (ظ): (وحبت).]] قِطَابُ [[في (ع): (فطاب).]] الجيب [[في (أ): الجيب، وفي (ع) مهملة. وفي (ظ): (الحب).]] منها رفيقة [[في (أ)، (ع): (رقيقة)، وفي (ظ): (رميقه).]] ... بجس [[في (أ): (بحسن)، وفي (ع): (بحسن)، ومثلها في (ظ) مهملة.]] النَّدامى بضَّة [[في (ع): (بضة)، وفي (ظ) مهملة.]] المتجرَّد [[في (أ): (المنجرد).]] [[البيت من معلقته، وهو في "ديوانه" ص 30، و"المعاني الكبير" لابن قتيبة 470، "المحتسب" لابن جني 1/ 183، "أساس البلاغة" للزمخشري 2/ 261، "خزانة الأدب" 2/ 203. قال الشنتمري "شرح ديوان طرفة" ص 30: قطَابُ الجيب: مجتمعه حيث قُطب، أي: جمع. الرحيب: الواسع.]] وقال: أجببت القميص إذا أخرجت رأسك من جيبه هذا هو الأصل، ثم صار الاجتباب اسمًا للبس، يقال: اجتاب الشيء، إذا لبسه وإن اشتمل به [[انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري 11/ 218، 20 (جاب)، "الصحاح" للجوهري 1/ 104 (جوب)، "لسان العرب" 1/ 286 (جوب)، "تاج العروس" للزبيدي 2/ 208 (جوب).]]. قال المقاتلان في تفسير (جُيُوبِهِنَّ): صدورهن [[قول مقاتل بن حيّان ذكره عنه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 36 ب. وقول مقاتل بن سليمان في "تفسيره" 2/ 37 ب.]]. وعلى هذا المعنى: على مواضع جيوبهن؛ لأنَّ مواضع الجيوب الصدور. والمعنى: وليُلقين [[في (أ): (وليعلبن)، وفي (ع): (وليقلبن)، والمثبت من (ظ) و"الوسيط" للواحدي.]] مقانعهن [[مقانعهن: جمع مقْنع ومقنعة -بكسر الميم-: وهو ما تتقنع به المرأة من ثوب تغطي رأسها ومحاسنها. "الصحاح" للجوهري 3/ 1273 (قنع)، "لسان العرب" 8/ 300 (قنع).]] على جيوبهن؛ ليسترن بذلك شعورهن وقرطهن [[كقردة. انظر: "القاموس المحيط" 2/ 378.]] وأعناقهن، كما قال ابن عباس: تُغطي شعرها وصدرها وترائبها [[في (أ): (وترابيها). والترائب: موضع القلادة من الصدر. "لسان العرب" 1/ 230 (ترب).]] وسوالفها [[سَوالفها: جمع سالفة، وهي أعلى العنق، أو ناحية مقدّم العنق من لدن مُعلَّق القُرط إلى نقرة الترقوة. "لسان العرب" 9/ 159 "سلف".]] وكل ما زيّن وجهها مما لا يصلح أن يراه إلا زوجها وكل ذي محرم منها [[لم أجده.]]. وقال الكلبي: يقول: ليُرخين خمرهن [[في (ظ)، (ع): (خمورهن، الصدور).]] على الصدر [[في (ظ)، (ع): (خمورهن، الصدور).]] والنحر، وكنّ النساء قبل هذه الآية إنَّما يسدلن [[يسدلن: يعني يرخين وُيرسلن. انظر: "لسان العرب" 11/ 333 (سدل).]] خمرهن [[في (أ): (خمرها).]] سدلا من ورائهن كما يصنع [[في (ظ): (تصنع).]] القبط [[هكذا في جميع النسخ، وعند القرطبي 12/ 230 نقلاً عن النقّاش: النَّبط. والقِبط -بالكسر-: قوم من النصارد بمصر. وأمَّا النَّبط فهم الذين يسكنون == -السَّواد، ومنه سواد العراق، والسواد قرى المدينة وأريافها. انظر: "اللسان" 7/ 373 (قبط)، 7/ 411 (نبط)،"تاج العروس" 8/ 228 (سود).]] فلما نزلت هذه الآية شددن الخمر على النَّحر والصدر [[ذكر نحو هذا الرازي 23/ 206 وعزاه للمفسرين. وذكر نحوه القرطبي 12/ 230 وذكره النيسابوري في "غرائب القرآن" 9318 وعزاه للمفسرين.]]. وقوله ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ يعني الزينة الباطنة وهي التي سوى ما ظهر منها. قال ابن عباس [[ذكره عنه البغوي 6/ 34، وابن الجوزي 6/ 32. وروى ابن أبي حاتم 7/ 36 ب عن سعيد بن جبير، مثله.]]، ومقاتل [[انظر: "تفسير مقاتل" 2/ 37 ب.]]: يعني ولا يضعن الجلباب وهو القناع فوق الخمار إلا لأزواجهن أو من ذكر بعدهم. قال عكرمة: في هذه الآية [[الآية: ساقطة من (أ).]] لم يذكر العم والخال لأنهما ينعتان لأبنائهما، قال: ولا تضع خمارها عند العم والخال [[رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 338. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 182 وزاد نسبته لابن المنذر. وجمهور العلماء على أنَّ العم والخال كسائر المحارم في جواز النظر لهما إلى ما يجوز لهم. انظر القرطبي 12/ 233.]]. قال المفسرون [[الطبرى 18/ 120، الثعلبي 3/ 77 ب.]] في الزينة الثانية: إنَّها الخفيَّة [[(الخفيّة): ساقطة من (أ).]] التي لا يجوز لهن كشفها في الصلاة. وجملة القول في هذه الآية: أن الرجل يحرم عليه النظر إلى الحرّة الأجنبية، ويحرم عليها أن تنظر إليه، وأن تبدي له شيئًا من زينتها سوى الزينة الظاهرة على [[في (أ): (لا على)، بزيادة (لا): وهو خطأ.]] الاختلاف المذكور، وإن أراد أن يتزوجها وأمن [[في (ظ): (أو أمِن).]] على نفسه الفتنة فله أن ينظر إليها غير متأمل على الاستقصاء، وينبغي أن ينظر إليها وهي لا تعلم لما روى أبو حميد الساعدي، عن رسول الله -ﷺ- أنه قال: "إذا خطب أحدكم المرأة فلا بأس أن ينظر إليها وهي لا تعلم" [[رواه الإمام أحمد في "مسنده" 5/ 424، والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" للهيثمي 2/ 159. والطبراني في "الأوسط" 1/ 498. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 276: ورجال أحمد رجال الصحيح.]]. وكذلك [[في (أ): (كذلك).]] الشاهد العفيف ينظر لتحمّل الشهادة، والطبيب العفيف ينظر للمعالجة عند الضرورة [[انظر: "الحاوي" 9/ 35 - 36، "المغني" 9/ 498، "روضة الطالبين" 7/ 29.]]. وقد جمع الله في هذه الآية بين البعولة والمحارم وبينهما [[وبينهما: ساقطة من (ع).]] في هذا الحكم فرق [[في (أ): (وفرق).]]، وهو أنَّ البعل له أن ينظر إلى جميع بدن امرأته غير الفرج لنهي رسول الله -ﷺ- عن ذلك ولقوله: "إنَّ ذلك يورث العمى" [[رواه وابن عدي في "الكامل" 2/ 507، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 94 - 95 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -ﷺ-: "إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها؛ فإنَّ ذلك يورث العمى". وقد حكم جماعة من الحفاظ علي هذا الحديث بأنه موضوع. منهم أبو حاتم الرازي وابن حبان وابن الجوزي. ذكر ذلك الثموكاني في "الفوائد المجموعة للأحاديث الموضوعة" ص 127. وذكر الألباني في "الضعيفة" 1/ 229 هذا الحديث وحكم عليه بالوضع ونقل أقوال أهل العلم في ذلك. قال ابن حجر في "الفتح" 1/ 364: وهو نصُّ في المسألة. اهـ.]]. وأمَّا المحارم المذكورون [[في (ظ): (المذكورة)، وفي (ع): (المذكور).]] في الآية فليس لهم أن ينظروا إلى ما بين سرتها وركبتها ولهم أن ينظروا إلى ما سوى ذلك [[هذا قول بعض أهل العلم. وقال آخرون: يجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالبًا، كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك، وليس له النظر إلى ما يُستر غالبًا كالصَّدر والظهر ونحو ذلك. ومنع الحسن والشعبي والضحَّاك النظر إلى شعر ذوات المحارم. وكرهه آخرون. قال ابن قدامة: والصحيح أنه يباح النظر إلى ما يظهر غالبًا، لقول الله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ [النور: 31] الآية، وقالت سهلة بنت سهيل: يا رسول الله، إنَّا كنا نرى سَالِمَا ولدًا، وكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد، ويراني فضلاً، وقد أنزل الله فيهم ما علمت، فكيف ترى فيه؟ فقال لها النبي -ﷺ-: "أرْضِعيه". فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها. رواه أبو داود وغيره. وهذا دليل على أنه كان ينظر منها إلى ما يظهر غالبًا، فإنها قالت: يراني فُضلاً، ومعناه: في ثياب البِذْلة التي لا تستر أطرافها .. وما لا يظهر غالبًا لا يباح، لأنَّ الحاجة لا تدعو إلى نظره، ولا تؤمن معه الشهوة ومواقعة المحظور، فحرّم النظر إليه كما تحت السَّرة. انتهى كلامه. انظر: "أحكام القرآن" للجصَّاص 3/ 317، "الحاوي" 2/ 171 - 172، "المغني" 9/ 491 - 493، "روضة الطالبين" 1/ 283.]]. وأمَّا الأمة فما بين سرتها وركبتها من عورتها وليس شعرها ولا رقبتها من عورتها [[هذا قول أصحاب الشافعي وغيرهم. وقال آخرون: الأمة يباح النظر منها للأجانب إلى ما يظهر غالبًا كالوجه والرأس واليدين والساقين، لأن عمر رأى أمة متقعنة، فضربها بالدِّرّة، وقال يا لكاع تتشبهين بالحرائر. وروى أنس أن النبي -ﷺ- لما أخذ صفية قال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين، أو مما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه. فلما ارتحل وطَّأ لها خلفه ومدَّ الحجاب بينهما وبين الناس. رواه البخاري في "صحيحه" كتاب: النكاح- باب: اتخاذ السراري، ومن أعتق جارية ثم تزوجها 9/ 126. قال ابن قدامة: وهذا دليل على أن عدم حجب الإماء كان مستفيضًا بينهم مشهورًا، وأنَّ الحجب لغيرهن كان معلومًا. وسوَّى بعض الحنابلة بين الحرَّة والأمة لقوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ ولأن العلّة في تحريم النظر الخوف من الفتنة، والفتنة المخوفة تستوي فيها الحرة والأمة. انظر: "أحكام القرآن" للجصَّاص 3/ 317، "الحاوي" 2/ 172، "المغني" 9/ 501، "روضة الطالبين" 1/ 283.]]. وقوله ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ قال المفسرون [[الثعلبي 3/ 77 بنصِّه.]]: يعني النساء المؤمنات كلهن، فلا يحل لامرأة مؤمنة أن تتجرّد بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون أمة لها. قال ابن عباس: لا يحل لهن أن يراهن يهوديات ولا نصرانيات لئلا يصفنهن لأزواجهن [[ذكره عنه الزمخشري 3/ 62، والرازي 23/ 207، والقرطبي 12/ 233، وأبو حيان 6/ 448. وفي "الدر المنثور" 6/ 183: وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس (أو نسائهن) قال: لا تبديه ليهودية ولا لنصرانية. وقد حكى الرازي 23/ 207 هذا القول عن أكثر السَّلف.؟ ثم حكى قولًا ثانيًا أن المراد بـ (نسائهن) جميع النساء ثم قال: وهذا هو المذهب، وقول السلف محمول= على الاستحباب والأولى.]]. وقوله ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ يعني المماليك والعبيد، للمرأة أن ظهر لمملوكها إذا كان عفيفًا ما تظهر لمحارمها، وكذلك مكاتبها ما لم يعتق بالأداء أو بالإبراء. قال رسول الله -ﷺ-: "إذا وجد مكاتب إحداكن وفاء فلتحتجب عنه" [[رواه الإمام أحمد 6/ 289، وأبو داود في العتق- باب: في المكاتب 10/ 435 - 436، والترمذي في البيوع- باب: ما جاء في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي 4/ 474. عن أم سلمة مرفوعًا بلفظ "إذا كان لإحداكن مكاتب وكان له ما يؤدي فلتحتجب منه". وقد نقل البيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 327 - بعد روايته لهذا الحديث- عن الشافعي قوله: ولم أر من رضيت من أهل العلم يثبت هذا الحديث. وقال عنه الألباني في "إرواء الغليل" 6/ 182: ضعيف.]]. وقوله ﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾ أكثر القراء على خفض (غَيْرِ) [[قرأ عاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر: (غيرَ أولي الإربة) نصبًا. وقرأ الباقون، وحفص عن عاصم: (غير أولي الإربة) خفضًا. "السبعة" لابن مجاهد ص 455، و"التيسير" للداني ص 614، و"الغاية" لابن مهران النيسابوري ص 219، و"النشر" لابن الجزري 2/ 332.]] بالصفة للتابعين، وجاز وصف التابعين بـ (غير)؛ لأنَّهم غير مقصودين بأعيانهم فأجري ذلك مجرى النكرة. وقد قيل: إنّما جاز أن يوصفوا بـ (غير) في هذا النحو لقصر الوصف على شيء بعينه، فإذا قصر على شيء بعينه زال الشياع عنه فاختص. والتابعون ضربان: ذو إربة، وغير [[في (ظ): (أو غير).]] ذي إربة، وليس ثالث. فإذا كان كذلك جاز لاختصاصه أن يجرى وصفًا على المعرفة [[من قوله: بالصفة للتابعين ... إلى هنا. نقلًا عن "الحجة" لأبي علي الفارسي == 5/ 318 - 319 مع تصرف يسير. وانظر أيضًا: "معاني القرآن" للفراء 2/ 250، "معاني القرآن" للزجَّاج 4/ 42، "علل القراءات" للأزهري 2/ 450، "إعراب القراءات السبع وعللها" لابن خالويه 2/ 106 "الكشف" لمكي 2/ 136.]]. وقد أحكمنا هذه المسألة عند قوله ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: 7]. ومن نصب (غير) احتمل أمرين: أحدهما: أن يكون استثناء التقدير: يبدين [[من "الحجّة": لا يبدين زينتهن للتابعين إلا ذا الإربة منهم. وهو خطأ، والصواب ما هنا.]] زينتهن للتابعين إلاَّ ذا الإربة منهم، فإنَّهن لا يبدين زينتهن لمن كان منهم ذا إربة. والآخر: أن يكون حالاً. المعنى: والذين يتبعوهن عاجزين عنهن، وذو الحال ما في التابعين من الذكر [[من قوله: (ومن نصب (غير) .. إلى هنا)، نقلاً عن "الحجة" للفارسي 5/ 319.]]. والإربة معناها في اللغة: الحاجة [[انظر: (أرب) في "تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 527، "الصحاح" للجوهري 1/ 87، "لسان العرب" 1/ 208.]]. قال أبو عبيد: الإربة والإرب: الحاجة [[قول أبي عبيد في "تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 257 (أرب) بنصِّه. وهو بنحوه في "غريب الحديث" لأبي عبيد 4/ 336.]]. ومنه قول عائشة رضي الله عنها: كان النبي -ﷺ- أملككم لإربه [[رواه البخاري في "صحيحه" كتاب: الصيام- باب: المباشرة للصائم 4/ 149، ومسلم في "صحيحه" كتاب: الصيام 2/ 777 عن عائشة رضي الله عنها.]]. وقد أرِبَ الرّجل إذا احتاج إلى الشيء وطلبه، يأربُ أربًا [[من قوله: (وقد أرب .. إلى هنا) في "تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 257 من رواية شمر عن ابن الأعرابي.]]. وقال الفراء [[قول الفراء ليس موجودًا في كتابه "معاني القرآن" ولا في "تهذيب اللغة". والذي في المطبوع من "معاني القرآن" 2/ 250: يقال: إرب وأرَب. والنصُّ الذي ذكره الواحدي هنا عن الفراء موجود في تفسير الطبري 18/ 123 من غير نسبة لأحد. ومعلوم أن الطبري ينقل عن الفراء من غير نسبة في كثير من الأحيان. فيحتمل أنَّ النَّص سقط من المطبوع. والله أعلم.]]: الإربة مثل الجلسة والمشية، وهو من الحاجة. يقال: أربت [[في (ع): (أرب).]] لكذا فأنا آربٌ له أربا بفتح الهمزة والراء. والمآرب: الحوائج. ومنه قوله -عز وجل-: ﴿وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾ [طه: 18] [[انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 257 (أرب).]]. وقد مرَّ. وأما التفسير: فقال مجاهد: هو الأحمق الذي لا حاجة له في النساء [[رواه عنه الطبري 18/ 122، وابن أبي حاتم 7/ 37 ب بلفظ: الذي لا أرب له بالنّساء. دون قوله: الأحمق. وقد روى الطبري 18/ 123 عن الزهري وطاووس هذا القول. وقال ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 38 أ: وروي عن طاووس وعكرمة والحسن والزهري وقتادة أنَّهم قالوا: هو الأحمق الذي لا حاجة له في النساء.]]. [وهو قول عكرمة وعلقمة والشعبي [[قال ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 38 أ: وروي عن علقمة والشعبي وعكرمة -في إحدى الروايات- ومقاتل بن حيان قالوا: الذي لا أرب له في النساء. وعن الشعبي رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 319، والطبري 18/ 1236 والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 96. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 185 == وعزاه لابن أبي شيبة والطبري.]]، قالوا: هو الذي لا حاجة له في النساء] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ظ)، (ع).]] ولا يحمله أربه على أن يراود النساء. وقال ابن عباس: هو الذي لا يستحي منه النساء [[رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 319، والطبري في "تفسيره" 18/ 122 من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن رجل -وعند الطبري: عمن حدثه- عن ابن عباس، به. وفي سنده جهالة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 184 وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد.]]. وقال في رواية عطاء: هو الرجل المسن الصالح الذي إذا قعدت وعنده امرأة غض بصره عنها [[ذكره الزمخشري 3/ 62، والرازي 23/ 208، ولم ينسباه لأحد.]]. وقال عطاء: الذي لا يهمّه إلا بطنه [[ذكره عنه النحاس في "معاني القرآن" 4/ 525. وذكره الجصاص في "أحكام القرآن" 3/ 318، وابن العربي في "أحكام القرآن" 3/ 1374 عنه أنه قال: هو الأبله.]]. وهو قول مجاهد في رواية ابن أبي نجيح [[رواه الطبري في "تفسيره" 18/ 122، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 37 ب، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 96 من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، به.]]. وقال بُسر بن سعيد [[في (أ): (بشر)، وهو خطأ. وفي (ظ): (بن أبي سعيد)، وهو خطأ. وهو بُسر بن سعيد المدني، مولى بني الحضرمي. كان من العبّاد والزهّاد، ثقة، جليلا، كثير الحديث. توفي سنة 100 هـ. "طبقات ابن سعد" 5/ 281، "السير" للذهبي 4/ 594، "تهذيب التهذيب" 1/ 437.]]: هو الكبير الذي لا يطيق النساء [[روه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 37 ب من طريق سالم أبي النَّضر، عن بسر بن == سعيد، فذكره.]]. وقال قتادة: هو الذي يتبعك يصيب من طعامك، ولا همَّ له في النساء [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 57، والطبري 18/ 122، وابن أبي حاتم 7/ 37 ب.]]. وقال مقاتل [[في (ظ): قول مقاتل متقدّم على قول قتادة.]]: يعني الشيخ الهرم، والعِنِّين [[العنِّين: هو الذي لا يأتي النساء عجزًا، أو لا يريدهن."القاموس المحيط" 4/ 249.]]، والخصي، والمجنون، ونحوه [["تفسير مقاتل" 2/ 37 ب.]]. وقال الحسن: هم قوم طُبِعُوا على التخنيث، فكان [[في (ع): (وكان).]] الرجل منهم يتبع الرجل يخدمه بطعامه وينفق عليه، ولا [[في (ظ)، (ع): (لا).]] يستطيعون غشيان النساء، ولا يشتهونه [[ذكره عنه ابن الجوزي 6/ 33. وذكره عنه الماوردي 4/ 95 باختصار. وذكر البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 96 عنه قال: هو الذي لا عقل له، ولا يشتهي النساء، ولا تشتهيه النساء. وذكر الثعلبي 3/ 78 أعنه قال: هو الذي لا ينتشر. وبمثله ذكره البغوي 6/ 35 وزاد: ولا يستطيع غثيان النساء ولا يشتهيهن.]]. وهذا قول الحكم [[قد يكون الحكم هنا هو الحكم بن عتيبة، وقد تقدم، ولم أجد من نسب إليه هذا القول. وقد يكونه الحكم بن أبان، فقد روى الطبري 18/ 123، وابن أبي حاتم 7/ 38 أمن طريق الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي == الْإِرْبَةِ} قال: هو المخنَّث الذي لا يقوم زبُّه. وهو: الحكم بن أبان العدني، أبو عيسى، صدوق عابد، صاحب سنة، له أوهام. توفي سنة 154 هـ. "تهذيب التهذيب" 2/ 423 - 424، "تقريب التهذيب" 1/ 190.]]، قال: هو المخنَّث الذي لا يقوم زُبُّه. وقال ابن زيد: هو الذي يتبع القوم حتى كأنّه منهم، ونشأ فيهم، وليس له في نسائهم [[في (ع): (نسائه)، وهو خطأ.]] إربة، وإنما يتبعهم لإرفاقهم [[الإرفاق: إيصال الرِّفق وهو اللطف ولين الجانب. انظر: "لسان العرب" 10/ 118 (رفق).]] إيّاه [[رواه الطبري 18/ 123.]]. وروى ليث، عن مجاهد: أنه الأبله الذي لا يعرف أمر النساء [[رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 318، والطبري 18/ 122 من طريق ليث، عن مجاهد، به.]] وقال سعيد بن جبير: هو المعتُوه [[في (أ): (المعتق).]] [[رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 318، والطبري 18/ 123. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 185 وعزاه لهما. قال النحاس في "معاني القرآن" 4/ 526 بعد حكايته للأقوال في معنى التابعين: وهذه الأقوال متقاربة. وقال القرطبي 12/ 234: وهذا الاختلاف كله متقارب المعنى، ويجتمع فيمن لا فهم له ولا همّة ينتبه بها إلى أمر النِّساء.]]. وقوله ﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾ قال المبرد: الطفل في هذا الموضع يعني به الجماعة من الأطفال، ومجازه مجاز المصدر، وكذلك ﴿نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا﴾ [الحج: 5]. والمصدر يقع على الفعل [[في (ظ)، (ع): (مغل).]] نحو العلم والحلم [[انظر: "الدر المصون" 8/ 233.]]. وقوله ﴿لَمْ يَظْهَرُوا﴾ قال الفراء: يقول: لم يبلغوا أن يطيقوا النساء، وهو كما تقول: صارع فلان فلانًا فظهر عليه، أي: أطاقه [[في (أ): (طاقة).]] وغلبه [["معاني القرآن" للفراء 2/ 250.]]. وقال أبو علي الفارسي: ﴿لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾ أي: لم يقووا عليها ومنه قوله ﴿فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: 14] [["الحجة" لأبي علي الفارسي 5/ 318.]]. والعورة: سوءة الإنسان. وكل أمر يستحى منه فهو عورة [["تهذيب اللغة" للأزهري 3/ 173 "عار" نقلاً عن الليث. وانظر: "الصحاح" للجوهري 2/ 759 "عور"، "لسان العرب" 4/ 617 (عور).]]. قال مجاهد: لم يدروا ما هن من الصغر قبل الحلم [[رواه الطبري 18/ 124، وابن أبي حاتم 7/ 38 أوالبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 96 وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 185 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر.]]. قال ابن عباس: لم يبلغ الحنث [[في (ظ): (الحلم). والحنث: البلوغ والإدراك والحُلُم. "لسان العرب" 2/ 138.]] ولم يشتق إلى النساء. وقال بُسر [[في (أ)، (ع): (بشر)، وهو خطأ.]] بن سعيد [[في (أ): (مسعود)، وهو خطأ.]]: هو الغلام الذي لم يبلغ الحلم [[رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 38 أمن طريق أبي النّضر، عن بُسر بن سعيد، به.]]. وهذا قول جماعة المفسرين [[انظر: "الطبري" 18/ 124، ابن أبي حاتم 7/ 38 أ، ب، الثعلبي 3/ 78 أ، "النكت" للماوردي 4/ 96، "الدر المنثور" للسيوطي 6/ 185.]]. قالوا: ولا يجوز [[في (ظ): (لا يجوز).]] للمرأة أن تضع الجلباب إلا عند هؤلاء الذين سماهم الله تعالى. وقوله ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ قال ثابت [[(ثابت): ساقط من (أ).]] البناني [[هو: ثابت بن أسلم البناني مولاهم، البصري، أبو محمد. تابعي جليل، كان رأسًا في العلم والعمل. وكان أعبد أهل زمان. وكان ثقة مأمونًا. قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: إن لكل شيء مفتاحًا، وإن ثابتًا من مفاتيح الخير. توفي سنة 127 هـ، وعاش ست وثمانين سنة. "طبقات ابن سعد" 7/ 232، "سير أعلام النبلاء" 5/ 220، "تهذيب التهذيب" 2/ 2، "تقريب التهذيب" 1/ 115.]]: كانت المرأة تتخذ الودع [[الودَع -بإسكان الدال وفتحها-: خرز بيض تُخرجُ من البحر بيضاء شقُّها كشق النواة. "القاموس المحيط" 3/ 92.]] في رجليها فإذا مرّت بالقوم ضربت إحدى رجليها بالأخرى، فأنزل الله تعالى في كتابه: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ [[لم أجد من ذكره عنه.]]. وروى السدي، عن أبي مالك قال: كان في أرجلهن خرَزَ [[الخَرَزُ: فصوص من جيّد الجوهر ورديئه من الحجارة ونحوه، تنظم في سلك. انظر: "لسان العرب" 5/ 344 (خرز)، "القاموس المحيط" 2/ 175.]] فكنّ إذا مررن بالمجلس حرّكن أرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن [[رواه سفيان الثوري في "تفسيره" ص 225، والطبري 18/ 124، وابن أبي حاتم 7/ 38 ب كلهم من طريق السدي، عن أبي مالك.= وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 186 ونسبه أيضًا لعبد بن حميد وابن المنذر.]]. وقال ابن عباس: يريد: ولا تضرب المرأة برجليها [[في (ع): (برجلها).]] إذا مشت ليسمع صوت خلخالها أو يتبيّن لها خلخال [[بيَّن الواحدي في "الوسيط" 3/ 317 أن هذه الرواية عن ابن عباس من طريق عطاء. وقد روى الطبري 18/ 124، وابن أبي حاتم 7/ 38 ب من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، نحو هذا.]]. وهذا قول عامة المفسرين [[انظر: "الطبري" 18/ 124، ابن أبي حاتم 7/ 38 ب، "الدر المنثور" 6/ 186.]]. وقال أبو إسحاق: كانت المرأة ربّما اجتازت وفي رجلها الخلخال، وربما كان فيها الخلاخل، فإذا ضربت برجلها عُلم [[في (أ): (أعلم).]] أنها ذات خلخال وزينة، وهذا يحرّك من الشهوة فنهي عنه، كما أُمرن [[في (أ): (أُمرِت).]] أن لا يبدين زينتهن؛ لأن إسماع [[في (ظ): (استماع).]] صوته بمنزلة إبدائه [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 40.]]. وقوله ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا﴾ قال ابن عباس: عما كنتم تعلمون في الجاهلية [[ذكره عنه الرازي 23/ 210، والنيسابوري في "غرائب القرآن" 18/ 96، وأبو حيان 6/ 450.]]. وقال مقاتل: من الذنوب التي أصابوها مما نهي عنه من أول هذه السورة إلى هذه الآية [["تفسير مقاتل" 2/ 38 أ.]]. والمعنى: راجعوا طاعته فيما أمركم به ونهاكم عنه [[هذا "تفسير الثعلبي" 3/ 78 أ.]]. قوله تعالى ﴿أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ قرأ ابن عامر (أيّه) بضم الهاء [[انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص 455، و"التيسير" للداني ص 161 - 162 و"الغاية" لابن مهران النيسابوري ص 219، و"النشر" لابن الجزري 2/ 332.]]، ومثله ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ﴾ [الزخرف: 49] ﴿أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ [الرحمن: 37]. قال أبو علي: وهذا لا يتجه لأن آخر الاسم هو الياء الثانية من (أيّ)، فينبغي وأن يكون المضموم آخر الاسم، ولو جاز أن يضم هذا من حيث كان مقترنًا بالكلمة لجاز أن يضم الميم في [[في "الحجة": من.]] (اللهم)؛ لأنَّه آخر الكلمة. ووجه الإشكال في ذلك والشبهة [[في (أ): (والشبه).]] أنَّ وجد هذا الحرف قد صار في بعض المواضع التي يدخل فيها بمنزلة ما هو من نفس الكلمة، نحو: مررت بهذا الرجل. وليست (يا) وغيرها من الحروف التي يُنبهُ بها كذلك، فلما وجدها في أوائل المبهمة كذلك وفي الفعل في قول أهل الحجاز: هَلم، جعله في الآخر أيضًا بمنزلة شيء من نفس الكلمة، كما كان في الأول كذلك، واستجاز حذف الألف اللاحق للحرف لما رآه قد حذف في قولهم: هلم، فأجرى عليه الإعراب لما كان كالشيء الذي من نفس الكلمة. فإن قلت: فإنّه قد حرك الياء التي قبلها بالضمّ في (يا أيه)، فإنّه يجوز أن يقول [[في (ع): (تقول).]]: إنَّ ذلك في هذا الوضع كحركات الأتباع نحو: امرؤ وامرئ ونحو ذلك. فهذا لعلَّه [[في (أ)، (ع): العلة. والمثبت من (ظ)، والحجة.]] وجه شبهته [[في (أ): (شبهه).]]، وينبغى أن لا يقرأ بذلك [[(بذلك): ساقطة من (ع).]]، ولا يؤخذ به. هذا كلامه [["الحجة" لأبي علي الفارسي 5/ 320 - 321 مع تصرّف. وقول أبي علي: وينبغي أن لا يقرأ بذلك ولا يؤخذ به. قول مردود. قال القرطبي 12/ 238 بعد ذكره لتضعيف أبي علي لقراءة ابن عامر-: والصحيح أنَّه إذا ثبت عن النبي -ﷺ- قراءة فليس إلا اعتقاد الصحة في اللغة؛ فإن القرآن هو الحجَّة. اهـ. وقد بيَّن العلماء رحمهم الله وجه هذه القراءة. فقال أبو زرعة عبد الرحمن بن زنجلة في كتابه "حجة القراءات" ص 498: وهذه لغة، وحجته أنَّا المصاحف جاءت في هذه الثلاثة بغير ألف. قال ثعلب: كأنَّ من يرفع الهاء يجعل الهاء مع "أيّ"، اسمًا واحداً على أنه اسم مفرد. اهـ. ونقل الأزهري في "علل القراءات" 2/ 452 عن أبي بكر بن الأنباري قوله: إنَّا لغة، قال الأزهري: وأجاز قراءة ابن عامر على تلك اللغة. وقال ابن هشام في "مغني اللبيب" 2/ 403: يجوز في "أيّها" في لغة بني أسد أن تحذف ألفها وأن تضم هاؤها إتباعًا، وعليه قراءة ابن عامر. وقال أبو حيّان في "البحر المحيط" 6/ 450: ووجهه أنَّها كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف، فلما سقطت الألف بالتقاء الساكنين اتبعت حركتها حركة ما قبلها، وضم "ها" التي للتنبيه بعد "أيّ" لغة لبني مالك رهط شقيق بن سلمة. وقال الشنقيطي في "تفسيره سورة النور" ص 108 عن قراءة ابن عامر-: والأظهر أن الهاء للتنبيه مثل الأولى -يعني القراءة الأولى قراءة الجمهور- ضمَّت إتباعًا لما قبلها، كما قالت العرب: هو منتن بضم تاء منتن، وفي قراءة سبعية ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ [النحل: 36] بضم نُون "أن" إتباعًا لما بعدها، ومن أنكر ذلك فسبب إنكاره جهله بلغة العرب، فإنَّه قد ثبت في القرآن الكريم، وفي الشعر العربي الفصيح، كما قال الشاعر: يا أيها القلب اللّجوج النفس وروي "أيّهُ" بضم الهاء. انتهى كلامه رحمه الله.= وانظر أيضًا: "الدر المصون" 8/ 399، "روح المعاني" للألوسي 18/ 147.]]. وقال [[في (أ): (قال).]] ابن مجاهد: كلهم يقف بالهاء على قوله ﴿أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ و ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ﴾ و ﴿أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ إلا أبا عمرو والكسائي فإنَّهما يقفان بالألف. قال: ولا ينبغي أن يتعمد الوقف على الهاء؛ لأن الألف سقطت في الوصل لسكونها وسكون اللام [[قول ابن مجاهد -بهذا النصَّ في "الحجة" للفارسي 5/ 319. وهو في كتاب "السبعة" لابن مجاهد ص 455 مع اختلاف يسير. وانظر: "التبصرة" لمكي ص 273، "التيسير" للداني ص 162.]]. قال أبو علي: الوقف على (أيها) بالألف لأنَّها إنما كانت سقطت لسكونها وسكون لام المعرفة كما قال أحمد [[يعني: أبا بكر بن مجاهد.]]، فإذا وقف عليها زال التقاء الساكنين؛ فظهرت الألف كما أنك لو وقفت على (مُحلّي) من قوله: ﴿غَيْرَ [[غير: ليست في (ع).]] مُحِلِّي الصَّيْدِ﴾ [المائدة: 1] لرجعت الياء المحذوفة لسكونها وسكون اللام. وإذا [[في (ع): (فإذا).]] كان حذف الألف من (ها) التي للتنبيه حذف [[في "الحجة": التي للتنبيه من (يا أيها) تُحذف لهذا.]] لهذا، فلا وجه لحذفها للوقف [[في (ع): (في الوقف).]]، ومما يضعف الحذف أنَّ الألف في الحرف [[في "الحجة":حرف.]]، والحروف لا يحذف منها إلا أن تكون مضاعفة [["الحجة" للفارسي 5/ 320 مع تصرف يسير.= ولا وجه لتضعيف حذف الألف عند الوقف فعليه جمهور القراء، والقراءة سنة متبعة، وقد رُسمت في المصحف بغير ألف. قال السمين الحلبي 8/ 399: فوقف أبو عمرو والكسائي بألف، والباقون بدونها، إتباعًا للرسم، ولموافقة الخط للفظ، .. وبالجملة فالرسم سنّة متبعة. وانظر: "الكشف" لمكي 2/ 137، "البحر المحيط" 6/ 450.]]. قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد: لكي تسعدوا في الدنيا وتبقوا في الجنة [[ذكره عنه الرازي 23/ 10، والنيسابوري في "غرائب القرآن" 18/ 96، وأبو حيان 6/ 450 وعندهم: وتبقوا في الآخرة.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب