الباحث القرآني

﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ﴾ أي اطلب الاعتصام بك ﴿مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ الهمزات جمع همزة كقوله: تمرات [[في (أ): (ثمرات وثمرة)، ومهملة في (ظ).]] وتمرة. ومعنى الهمز في اللغة: الدفع [[انظر: "لسان العرب" 5/ 426 (همز)، "القاموس المحيط" 2/ 196.]]. روى أبو عبيد عن الكسائي: همزته ولمزته ولهزته [[(ولهزته): ساقطة من (أ).]] ونهرته إذا دفعته [["تهذيب اللغة" للأزهري 6/ 164 (همز) من رواية أبي عبيد عن الكسائي.]]. وكان رسول الله -ﷺ- يقول: "اللهمَّ إني أعوذ بك من هَمزْ الشيطان ونَفثه ونفخه" فقيل: كما رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال: "أما همزه فالموتة، وأما نفثه فالشِّعْرُ، وأما نفخه فالكبر" [[ذكره بهذا اللفظ أبو عبيد في "غريب الحديث" 3/ 77 ولم يذكر له إسنادًا، وكذا ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" 6/ 165. وقد رواه الإمام أحمد في "مسنده" 1/ 403، وابن ماجه في "سننه" (أبواب إقامة الصلاة- باب الاستعاذة في الصلاة 1/ 145، وابن خزيمة في "صحيحه" 1/ 240، وأبو يعلى الموصلي في مسنده 9/ 258، والحاكم في "مستدركه" 1/ 207، من حديث عبد الله بن مسعود، عن النبي -ﷺ- أنه كان يتعوذ من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه، قال: وهمزه: المُوتة، ونفثه: الشعر، ونفخه: الكبر. وهذا الحديث ضعف إسناده البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 285. وحسَّن إسناده الحلامة أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" 5/ 318. وله شاهدان مرسلان يتقوى بهما: أولهما: ما رواه أحمد في "مسنده" 5/ 156 من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن== قال: كان رسول الله -ﷺ- إذا قام من الليل يقول: اللهم إنّي أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزة ونفثه ونفخه. قال: وكان رسول الله -ﷺ- يقول: تعوذوا من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، قالوا: كما رسول الله وما همزه ..... الحديث. والثاني: ما رواه عبد الرزاق في مصنفه 2/ 84 عن الحسن: أن النبي -ﷺ- كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه، فقالوا: ما أكثر ما نستعيذ من هذا! لمن هذا؟ قال: أمّا همزه فهو المجنون، وأما نفخه فالكبر، وأما نفثه فالشعر. وبمرسل أبي سلمة صحّحه الألباني في "صحيح ابن ماجه" 1/ 135. وانظر: "إرواء الغليل" للألباني 2/ 53 - 57. والموتة: بضم الميم وفتح التاء بدون همز.]]. قال أبو عبيد [[في جميع النسخ: (أبو عبيدة)، وهو خطأ، والمثبت هو الصواب.]]: والموتة: المجنون. وإنَّما سمّاه همزًا؛ لأنَّه جعله من النخس والغمز، وكل شيء دفعته [[في (ظ): (رفعته)، وهو خطأ.]] فقد همزته [["تهذيب اللغة" للأزهري 6/ 165 (همز) نقلاً عن أبي عبيد. وكلام أبي عبيد في كتابه "غريب الحديث" 3/ 78.]]. وعلى هذا معنى [[(معنى): ساقطة من (ع).]] ﴿هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ دفعهم بالإغواء إلى المعاصي. وهو معنى قول ابن عباس والحسن: نزغات الشياطين ووساوسهم [[ذكره عنهما الثَّعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 64 أ.]]. وذلك أنّه إنما يدفع الناس إلى [[(إلى): ساقطة من (ظ).]] المعاصي بما يوسوس إليهم من التسويل والتَّمنية [[كما قال تعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [النساء: 120].]]. وقد يكون الهمز في اللغة بمعنى: العيب [[هذا قول ابن الأعرابي كما في "تهذيب اللغة" للأزهري 6/ 164 (همز). وانظر: "الصحاح" للجوهري 3/ 902 (همز)، "لسان العرب" 5/ 426 (همز).]]. ومنه قوله -عز وجل-: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ﴾ [الهمزة: 1] وهو الذي يهمز أخاه في قفاه من خلفه [[في (1): (خلف)، وفي (ع): (خلقه).]] أي [[في (أ): (إلي).]]: يغتابه ويعيبه [[قوله: (الذي يهمز .. خلفه). في "تهذيب اللغة" للأزهري 6/ 164 - 165 (همز) منسوبًا إلى الليث.]]. قال المبرد: والهمز في كلام العرب: إنما هو أن [[في (ع): (لمن).]] يهمز الرجل بقول قبح من حيث لا يسمع، وسميت مكايدة [[في (ظ): (مكايد).]] الشيطان همزًا؛ لأن مكايدته خفيّة بالنزغة والوسوسة [[لم أجده.]]. ومن هذا قول مجاهد في تفسير الهمزات: نفخهم ونفثهم [[ذكره عنه الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 64 أ. قال الإمام ابن القيم في "إغاثة اللهفان" 1/ 155: وظاهر الحديث -يعني استعاذة النبي -ﷺ- من همز الشيطان ونفخه ونفثه- أن الهمز نوع غير النفخ والنفث، وقد يقال -وهو الأظهر- إن همزات الشياطين إذا أفردت دخل فيها جميع إصاباتهم لابن آدم وإذا قرنت بالنفخ والنفث كانت نوعًا خاصا، كنظائر ذلك.]]. وذلك أن الشطان ينفخ في الإنسان عند الغضب وغيره، وينفث فيه من حيث لا يشعر به. وقد يكون الهمز في اللغة بمعنى: العصر. يقال: همزت رأسه، وهمزت الجوز بكفي. ومنه: ومن همزنا رأسه تهشَّما [[من قوله: (الهمز .. إلى هنا). في "تهذيب اللغة" للأزهري 6/ 1645 (همز) منسوبًا إلى الليث. وهو في العين 4/ 17 (همز) وفيه: الجوزة. وليس فيه الإنشاد. وهذا الشطر من الرجز لم ينسبه الأزهري. وهو لرؤبة في "ديوانه" (1843)، "التنبيه والإيضاح" لا بن بزي 2/ 253، "اللسان" 5/ 425 (همز)، "تاج العروس" للزبيدي 15/ 388 (همز).]] وهذا معنى قول ابن زيد في هذه الآية ﴿مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ قال: خنقهم الناس [[ذكره عنه الثعلبي 3/ 63 أ. ورواه الطبري 18/ 51.]]. ومعنى قول [[في (ع): (تفسير).]] أبي إسحاق في تفسير الهمزات أنها مس الشيطان [["معاني القرآن" للزجَّاج 4/ 21.]]. وذكرنا معنى مسّ الشيطان عند قوله: ﴿الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ [البقرة: 275].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب