قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ﴾ قال ابن عباس، والكلبي، ومقاتل، والسدي: جبابرتهم وأغنياءهم ورؤوسهم [["تفسر مقاتل" 2/ 31 ب. وذكر الماوردي 4/ 6 عن الكلبي أنه قال: الموسع عليهم بالمال والولد. وذكر الثعلبي 3/ 62 عن بعضه من غير نسبة الأحد.]].
قال المبرّد: المترف: المتقلب في لين العيش [[(العيش): ساقطة من (ظ)، (ع).]]. ومنه قوله -عز وجل- ﴿وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [المؤمنون: 33] [[انظر: "ترف" في "تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 271، "لسان العرب" 9/ 17.]].
وقوله: ﴿بِآلْعَذَابِ﴾ يعني بالسيوف يوم بدر. وهو قول ابن عباس [[ذكره عنه الثعلبي 3/ 62 ب.]]، ومجاهد [[رواه الطبري 18/ 37، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 107 وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.]]، وقتادة [[رواه عبد الرزاق 2/ 47، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 107 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 2/ 31 ب.]]، والسدي.
وقال الكلبي [[ذكره عنه ابن الجوزي 5/ 482.]]، والضحاك [[ذكره عنه الثعلبي 3/ 62 ب. وذكره ابن الجوزي 5/ 482. مع القائلين بالقول الأول.]]: يعني بالجوع سبع سنين، حين دعا عليهم رسول الله -ﷺ- [[روى البخاري في الدعوات -باب الدعاء على المشركين 11/ 194 - 195، ومسلم في المساجد- باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة 1/ 466 - 467 من حديث أبي هريرة أن النبي -ﷺ- كان إذا قال سمع الله لمن حمده في الركعة الآخرة من صلاة العشاء قنت: "اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم كسني يوسف".]].
والقول هو الأول. وهو اختيار أبي إسحاق قال: العذاب الذي أخذوا به السيف [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 18. والأولى عدم تقييده بعذاب معين. قال ابن كثير 3/ 249: أي إذا جاء مترفيهم وهم المنعمون في الدنيا، عذاب الله وبأسه ونقمته بهم.]].
قوله تعالى: ﴿إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ قال ابن عباس: يتضرعون [[أخرج الطبري 18/ 37 وابن أبي حاتم وابن المنذر كما في "الدر المنثور" 6/ 108 عن ابن عباس قال: يستغيثون.]].
وقال السدي ومقاتل: يصيحون إلى الله [[ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" 11/ 177 "جأر" عن السدّي. وانظر: "تفسير مقاتل" 312 ب وفيه: يضجون.]].
وقال الزجاج: يضجون [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 18.]]. قال المبرد: هو الضجيج الشديد.
وأنشد أبو عبيدة [[في (أ): (أبو عبيد)، وهو خطأ.]]:
إنَّنِي والله [[في (ظ)، (ع): (واه).]] فاقْبَلْ حَلِفي [[في (ع): (خلفي) ومهملة في (ظ).]] ... بأبِيلٍ [[في جميع النسخ: (بابيل) مهملة. والمثبت من مجاز القرآن وغيره.]] كلَّما صَلَّى جَأرْ [[البيت أنشده أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 2/ 60 عند هذه الآية من سورة "المؤمنون" ونسبه لعدي بن زيد، وروايته "فاسمع" مكان "فأقبل".
وأنشد قبل ذلك 1/ 361 عند قوله ﴿فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ [النحل: 53] منسوبًا لعدي وروايته هناك: (فاقبل).
وهو في "ديوان عدي بن زيد العبادي" ص 61، "المعاني الكبير" لابن قتيبة 2/ 837، "الأغاني" للأصفهاني 2/ 113، "مقاييس اللغة" 1/ 42 والصاحبي في "فقه اللغة" (ص 107) كلاهما لابن فارس، "الصحاح" للجوهري 4/ 1619 "أبل"، "لسان العرب" 11/ 7: (أبل)، "خزانة الأدب" 1/ 65.
ورواية "الديوان" و"الأغاني": (لأبيل) مكان (بأبيل).
ورواية "الديوان" و"الصاحبي": "حلفتي" مكان (حلفي).
وهذا البيت من قصيدة ذكر "صاحب الأغاني" 2/ 113 أنه قالها عندما سجنه == النعمان بن المنذر ومطلعها:
أبلغ النعمان مني مَألكا
قال ابن منظور 11/ 7: الأبيل -بوزنه الأمير- الراهب. سُمّي به لتأبّله عن النساء وترك غشيانهن ... ، وقيل: هو راهب النَّصارى.
والباء في قوله (بأبيل) تحتمل وجهين:
الأول: أن تكون بمعنى الكاف، وهذا ما ذكره ابن فارس في الصاحبي، وقال: قالوا: معناه: كأبابيل، وهو ...
الثاني: أن تكون باء القسم، فهو يريد استحلاف النعمان بالله أن يقبل حلفه بالأبيل.
وهذا ما أشار إليه ابن منظور 11/ 7 بعد إنشاده للبيت، حيث قال: وكانوا يعظمون الأبيل فيحلفون به كما يحلفون بالله.]]
{"ayah":"حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَخَذۡنَا مُتۡرَفِیهِم بِٱلۡعَذَابِ إِذَا هُمۡ یَجۡـَٔرُونَ"}