الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾ العبث في اللغة: اللعب. يقال: عبث يعبث عبثا فهو عابث لاعبٌ بما لا يعنيه وليس من باله [["تهذيب اللغة" للأزهري 2/ 332 بنصِّه. وهو في "العين" 2/ 111 مع اختلاف يسير جدًّا. وانظر: "الصحاح" للجوهري 1/ 286 (عبث).]]. واختلفوا في انتصابه: فمذهب سيبويه وقطرب أنه في موضع الحال [[ذكره عنهما الثعلبي 3/ 65 ب، والحاكم الجشمي في "التهذيب" 6/ 210 أ، والقرطبي 12/ 156، ولم أقف عليه في الكتاب.]]. أي: عابثين. والمعنى أفحسبتم أنّما خلقناكم باطلاً لغير شيء، وهذا استفهام يتضمن الإنكار، أي ما خلقناكم عابثين بل خلقناكم لنثيب المحسن ونعاقب المسيء. وقال أبو عبيدة: هو نصبٌ على المصدر [[ذكره عنه الثعلبي 653 ب، والفرطبي 12/ 156، والحاكم الجشمي في "التهذيب" 6/ 210 أ، وليس في مجاز القرآن.]]. ويكون التقدير: عبثنا [[في (أ): (عبثًا).]] بخلقكم عبثًا. ويكون المعنى كما ذكرنا في الحال. وعلى هذا المعنى بل كلام مقاتل [[انظر: "تفسير مقاتل" 2/ 33 ب وفيه: لعبًا وباطلاً لغير شيء.]]. وقال آخرون: هو مفعولٌ له. أي للعبث [[ذكره الثعلبي 3/ 65 ب ونسبه لبعض نحاة البصرة. وانظر: "الكشاف" 3/ 45، "الإملاء" للعكبري 2/ 152، "البحر المحيط" 6/ 424، "الدر المصون" 8/ 374.]]. وهو اختيار الأزهري [["تهذيب اللغة" للأزهري 2/ 332 (عبث).]]. وعليه دلّ كلام ابن عباس لأنه قال: يريد كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عذاب عليها، مثل قوله: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: 36] أي يهمل كما تهمل البهائم [[ذكر هذا القول البغوي 5/ 432، والقرطبي 12/ 156 ولم ينسباه لأحد.]]. والمعنى على هذا القول: أفحسبتم أنكم خلقتم للعبث فتعبثوا ولا تعملوا بطاعة الله [[لفظ الجلالة ليس في (أ).]]. وهذا المعنى أراد علي -رضي الله عنه- في قوله: يا أيها الناس اتقوا الله [[في (ظ): (ربَّكم).]]، فما خلق امرؤ عبثًا فيلهو، ولا أهمل سدى فيلغو [[ذكره عنه الثعلبي 3/ 65 ب.]]. وهذا الوجه هو الاختيار لقوله: ﴿وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ [[في (أ): (أنَّكم).]] أي: وحسبتم أنكم إلينا لا ترجعون في الآخرة للجزاء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب