الباحث القرآني

﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ قال ابن عباس- فيما روى عنه سعيد بن جبير-: هي النفخة الأولى، نفخ [[هكذا في جميع النسخ. وعند الثعلبي: "ونفخ".]] في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله [[رواه الثعلبي 3/ 64 ب بإسناده من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به، إلا أن فيه "ونفخ" كالآية. ورواه البخاري في "صحيحه" (كتاب التفسير- سورة حم السجدة 8/ 555 - 556) عن سعيد قال: قال رجلٌ لابن عباس: إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي قال: "فلا أنساب بينهم" ... الحديث مطولاً، وفيه قال ابن عباس: في النفخة الأولى، ثم ينفخ في الصور ... ورواه الطبري 18/ 54 عن سعيد عن ابن عباس بنحوه.]]. قوله: ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ أي لا يتناسبون [[في (ظ): (لا يتساءلون).]] في ذلك الوقت ليعرف [[في (أ): (لنعرض).]] بعضهم بعضًا لاشتغال كل أحد بنفسه عن غيره، ولا يسأل بعضهم بعضًا عن حاله أو لا يتعاطفون بالإنساب [[ذكر الطوسي في "التبيان" 7/ 349 هذا المعنى وصدَّره بقوله: وقيل وذكر عن الحسن أنه قال: معناه: لا أنساب بينهم يتعاطفون بها.]]. وقال -في رواية عطاء-: هي [[في (أ): (في).]] النفخة الثانية ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ﴾ قال: يريد لا تفاخر بينهم كما كانوا يتفاخرون في الدنيا ﴿وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ كما تسأل العرب في الدنيا من أي قبيلة أنت؟ [[ذكره عنه البغوي 5/ 429 من رواية عطاء. وذكر ابن الجوزي 5/ 490 عنه أوله من رواية عطاء. وذكر الثعلبي 3/ 64 ب عنه قوله: يريد فلا تفاخر بينهم كما كانوا يتفاخرون في الدنيا. ولم يذكر من رواه عنه.]]. وهذا قول ابن مسعود ومقاتل: أن المراد بقوله: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ النفخة الثانية [[ذكره الثعلبي 3/ 64 ب عن ابن مسعود. وقول مقاتل في "تفسيره" 2/ 33 أ.]]. قال ابن مسعود: الخلق يومئذ أشد تعلقًا بعضهم ببعض منهم في الدنيا، الأب بابنه والابن بأبيه والأخ بأخته والأخت بأخيها والزوج بامرأته والمرأة بزوجها. وتلا هذه الآية [[لم أجده بهذا اللفظ. وقد رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 362 - 365 (شاكر) مطولاً، 18/ 54 مختصرًا)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (كما في تفسير ابن كثير 2/ 497)، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 64 ب - 65 أ، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 202، كلهم من طريق زاذان عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، ولفظه: فتفرح المرأة أن يكون لها الحق على أبيها أو ابنها أو على أخيها أو على زوجها، ثم قرأ ابن مسعود: "فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون". وقد صحح العلامة أحمد شاكر إسناد ابن أبي حاتم كما في "تعليقه على الطبري" 8/ 364.]]. ولابد من تقدير محذوف في الآية على تأويل: فلا أنساب يومئذٍ يتفاخرون بها ويتعاطفون بها؛ لأن الأنساب لا تنقطع يومئذ إنما يرتفع التواصل والتعاطف والتفاخر بها والتَّساؤل. وهذه الآية لا تنافي قوله: ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ [الصافات: 27] لأن للقيامة أحوالًا، ومواطن، منها ما يشغلهم عظم الأمر الذي ورد عليهم عن المسألة، ومنها حال يفيقون فيها فيتساءلون. وهذا معنى قول ابن عباس -في رواية المنهال بن عمرو- لما سئُل عن الآيتين فقال: هذه تارات [[تارات: جمع تارة، وهي الحين والمرّة. والمراد أحوال يوم القيامة مرة بعد مرة وحينًا بعد حين. انظر: "القاموس المحيط" 1/ 381.]] يوم القيامة [[لم أجده بهذا اللفظ، وقد روى البخاري في "صحيحه" (كتاب التفسير- سورة حم، السجدة 8/ 555 - 556)، والطبري في الكبير 10/ 301 - 302 من طريق المنهال بن عمرو عن سعيد قال: قال رجل لابن عباس: إني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ، قال: ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ﴾، ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ ... فقال ابن عباس: ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ﴾ في النفخة الأولى، ثم ينفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون، ثم في النفخة الآخرة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وروى سعيد بن منصور في "تفسيره" (ل 157 أ) من طريق أبي إسحاق الأشجعي عن ابن عباس أنه سُئل عن الآيتين فقال: إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. ورواه الطبري 18/ 54 من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: بمعناه.]]. وأجاب في رواية سعيد بن جبير يحمل آية التساؤل على أن ذلك في الجنة فقال: إنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون [[رواه الطبري 18/ 54، والحاكم في "مستدركه" 2/ 395 من رواية المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.]]. قال أبو علي: لا يجوز أن يكون "إذا" نصبا بـ"نُفِخَ" ولا بقوله: ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ﴾ لأن ما بعد "لا" لا يعمل فيما قبلها، فإذا لم يجز نصبه على هذين انتصب بفعل مضمر يُفسره ويدل عليه قوله: ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ﴾، على تقدير: تنقطع الأنساب إذا نفخ في الصور، أو لا تنفع الأنساب وما أشبه ذلك. وشرح هذه المسألة أن يذكر عند قوله: ﴿إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ [سبأ: 7] الآية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب