الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال ابن عباس: يريد المشركين.
﴿فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ﴾ المِرية والمُرية -بالكسر والضم- لغتان [[(لغتان): ساقطة من (ظ).]] [[انظر: "الصحاح" للجوهري 9/ 2491 (مرا)، "لسان العرب" 15/ 277 (مرا).]] معناها: الشك. ومنه الامتراء والتماري [[قوله: "الشك ومنه الامتراء والتَّماري" في "تهذيب اللغة" 15/ 285 (مري) منسوبًا إلى الليث.]].
وقوله ﴿مِنْهُ﴾ أي: مما ألقى الشيطان على لسان رسول الله -ﷺ-. يقولون: ما باله ذكرها بخير ثم ارتد عنها؟ قاله السدي عن أصحابه [[ذكره البغوي 5/ 397، والقرطبي 12/ 87 من غير نسبة.]].
وقال ابن جريج: من القرآن [[ذكره الثعلبي 3/ 55 ب. ورواه الطبري 17/ 192. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 69 - 70 وعزاه لابن المنذر.
واختار هذا القول الطبري 17/ 192 - 193 وقال: وذلك أن ذلك من ذكر قوله: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ أقرب منه من ذكر قوله: ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾ والهاء من قوله (أنّه) أي من ذكر القرآن وإلحاق الهاء في قوله: ﴿فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ﴾ بالهاء من قوله: ﴿إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ أولى من إلحاقها بما التي في قوله: ﴿مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾ مع بعد ما بينهما.]].
﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ﴾ يعني: القيامة ﴿بَغْتَةً﴾ فجأة. وهذا وعيد لهم بالقيامة، وهم لم يدركوها [[في (ظ): (يذكروها).]] في حياتهم، ولكن الله تعالى أوعدهم وذكر أنَّهم يترددون في حيرتهم [[في (أ): (حياتهم).]] وشكّهم إلى أن تفجأهم الساعة أو يقتّلوا، وهو قوله ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾.
قال أبو إسحاق: أصل [العقم] [[زيادة من "معاني القرآن" للزجاج.]]. العقم في الولادة. قال: هذه امرأة عقيم، كما قال الله -عز وجل-: ﴿عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ [الذاريات: 29] وكذلك: رجل عقيم، إذا كان لا يولد له [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 434.]].
الأصمعي: يقال: عَقَامٌ وعَقيم [[كسحاب وأمير. قاله الفيروزآبادي 4/ 152.]] مثل بَجَال وبَجيل [["تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 288 (عقم) من رواية أبي عبيد، عن الأصمعي.
قال ابن منظور: رجل بجال وبجيل: يبجله الناس. وقيل: هو الشيخ الكبير العظيم السيد مع جمال ونبل. "لسان العرب" 11/ 44 (بجل).]].
وجمعها: عقمٌ، ويقال: عقمت المرأة فهي معقومة وقد عقم الله رحمها وأعقمها [[من قوله: (وجمعها ...) إلى هنا، هذا كلام أبي الهيثم كما في "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 288 (عق)، دون قوله: وأعقمها.]].
وروى عمرو [[هو: عمرو بن إسحاق بن مرار، الشيباني، اللغوي.]]، عن أبيه: عَقِمَت المرأة تَعْقَمُ عَقْمًا، وعَقَمَت تَعْقُم عُقْمًا، وعَقُمَت تَعْقُم عَقَمًا [[كفرح ونصر وكرم. قاله الفيروزابادي 4/ 152.]]، وهي عقيم إذا كانت لا تحمل [["تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 289 (عقم) من رواية عمرو عن أبيه.]].
وقال أبو العباس: عقمت المرأة إذا لم تحمل، وهي عقيم [[لم أجد من ذكر هذا القول عن أبي العباس ثعلب، ولا عن أبي العباس المبرّد.]].
وأنشد أبو إسحاق [[البيت أنشده أبو إسحاق الزجاج في "معاني القرآن" 3/ 434 ولم ينسبه لأحد. ووقع في المطبوع: عقيم)، وهو خطأ.
والبيت ذكره أبو عمرو الشيباني في روايته لديوان أبي دهْبل الجمحي ص 66، قال: حدثني موسى بن يعقوب قال: أنشدني أبو دهبل قوله في مدح رسول الله -ﷺ-: ثم ساق أبياتًا ومنها هذا البيت.
ونسب البيت أيضًا لأبي دهبل في: "عيون الأخبار" لابن قتيبة 1/ 279، و"نسب قريش" لأبي عبد الله المصعب الزبيري ص 331، لكن عنده قالها في مدح عبد الله الأزرق بن عبد الرحمن بن الوليد بن عبد شمس، و"الحماسة" لأبي تمام ص 257، و"شرح ديوان الحماسة" للتبريزي 4/ 75، وقال: قالوا يمدح رسول الله -ﷺ-.
والبيت نسبه ابن منظور في "لسان العرب" 12/ 412 (عقم) لأبي دهبل -وروايته فيه "نسبه" في موضع (ما) - ثم قال: وقيل: هو للحزين الليثي.]]:
عقم النساء فما يلدن ... شبيهه إن النساء بمثله عُقْم
وأصل هذا من العقم، وهو القطع. ومنه يقال: المُلْك عقيم؛ لأنه تقطّع فيه الأرحام بالقتل والعقوق. هذا قول أبي عمرو [[قول أبي عمرو الشيباني في "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 289 "عقم". وانظر: "لسان العرب" 12/ 413 (عقم).]].
وعلى هذا العقيم: التي قطعت ولادتها.
وقال أبو عبيد: العقم: الشَّد [[في (أ). (السدَّ).]]. يقال للمرأة: معقومة الرحم كأنَّها مشدودتها، ومنه الحديث: "وتعقم أصلاب المنافقين فلا يقدرون على السجود" [[هذا قطعة من حديث رواه أبو عبيد في كتابه "غريب الحديث" 4/ 71 عن عبد الله == ابن مسعود موقوفًا. قال أبو عبيد: حدثنيه عبد الرحمن مهدي، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن عبد الله بن مسعود.
ورواه الطبري في "تفسيره" 29/ 39 من حديث عبد الرحمن، به موقوفاً بلفظ: ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد كانَّما فيها السَّفافيد.
ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 15/ 191 - 195، والحاكم في "مستدركه" 4/ 598 - 600 والطبراني في الكبير 9/ 413 - 416 من حديث سفيان به، مطولاً جدًا، موقوفا، بمثل لفظ الطبري.
وقال الحاكم بعد إخراجه 4/ 600: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه.
وقال الذهبي -متعقبًا قول الحاكم-: قلت: ما احتجا بأبي الزعراء. أهـ.
وهذا الخبر عن المنافقين رواه من وجه آخر عن ابن مسعود مرفوعا إسحاقُ بن راهوية في مسنده (كما في المطالب العالية لابن حجر 4/ 365 - 367)، والطبراني في الكبير 9/ 416 - 421، والحاكم في "مستدركه" 4/ 590 ولفظ إسحاق: "وتدمج أصلاب المنافقين، فتكون عظمًا واحدا، كأنها صياصي البقر، ويخرّون على أقفيتهم".
قال ابن حجر في "المطالب" 4/ 367 بعد ذكره لرواية إسحاق: هذا إسناد صحيح متصل، ورجاله ثقات.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 343: رواه كله الطبراني في طرق، ورجال أحدهما رجال الصحيح غير أبي خالد الدالاني وهو ثقة.
وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك" 4/ 592 - 593 ما أنكره حديثًا على جودة إسناده، وأبو خالد -يعني الدالاني- شيعي منحرف. اهـ.
وذكر هذا الحديث السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 257 وعزاه لإسحاق بن راهويه وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا والطبرابي والآجري في "الشريعة" والدارقطني في "الرؤية" والحاكم وابن مردويه والبيهقي في "البعث".]] أي: تشد وتيبس مفاصلهم.
هذا هو الكلام في أصل العقيم في اللغة. ثم يقال: "يوم عقيم" للذي لا يأتي فيه خير. ويوم القيامة عقيم على الكفّار؛ لأنّه لا يأتي لهم بخير كما يأتي للمؤمنين. والريح العقيم: التي لا تأتي بمطر ولا سحاب ولا تلقح [[في (أ): (الذي، يلقح).]] شجرًا [[انظر: (عقم) في "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 288، "الصحاح" للجوهري 5/ 198، "لسان العرب" 12/ 413.]].
وأما التفسير: فقال ابن عباس: يريد يوم بدر [[ذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 70 وعزاه لابن مردويه والضياء في المختارة.]].
وهو قول قتادة [[رواه عنه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 41، والطبري 17/ 193.]]، ومجاهد [[رواه الطبري 17/ 193.]]، والسدي [[ذكره عنه ابن الجوزي 5/ 444.]]، وأبيّ بن كعب [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 41 عن قتادة قال: بلغني أن أبيّ بن كعب كان يقول: أربع آيات أنزلت في بدر. هذه إحداهن "يوم عقيم" يوم بدر.
وهو منقطع. ورواه الطبري 17/ 193 من هذا الوجه مختصرًا.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 70 وعزاه لابن مردويه.]].
واختلفوا: لم سُمِّي يوم بدر عقيمًا.
فقال ابن عباس: لأنّه ليس ليوم بدر نظير من الأيام لا قبله ولا بعده، لم تقاتل الملائكة مع نبيّ قط إلاّ مع محمد -ﷺ-، ولم تقاتل مع محمد إلا يوم بدر.
وعلى هذا سمي عقيمًا، لأنه لا نظير له في عِظَمِه بقتال الملائكة فيه، فكأنَّ الدهر عقيم عن مثل ذلك اليوم.
وقال الكلبي: يوم عقيم لا فرج [[في (أ)، (ظ)، (د): (لا فرح)، والمثبت من (ع).]] فيه وهو يوم بدر.
وهذا اختيار الزَّجَّاج، قال: اليوم العقيم هو الذي لا يأتي فيه خير كالريح العقيم [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 434.]].
وقال ابن جريج: لأنهم لم ينظروا فيه إلى الليل، بل قتلوا قبل المساء [[ذكره الثعلبي 3/ 55 ب بهذا اللفظ، ورواه الطبري 17/ 193.]]. وعلى هذا القول سُمّي عقيمًا لانقطاع أعمارهم وفناء آجالهم، فلم يروا بعد ذلك اليوم ليلاً ولا نهارًا، فكأنَّ ذلك اليوم عليهم يومًا لا ليل لهم بعده.
وروي عن عكرمة والضحاك في قوله ﴿عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾: إنه القيامة [[ذكره عنهما الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 55 ب. ورواه عنهما الطبري 17/ 193. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 70 عن الضحاك، وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.]].
والوجه القول الأول [[وهو اختيار الإمام الطبري 17/ 193 قال: وذلك أنَّ الساعة هي يوم القيامة، فإن كان اليوم العقيم أيضًا هو يوم القيامة فإنما معناه ما قلنا من تكرير ذكر الساعة مرتين باختلاف الألفاظ، وذلك لا معنى له.]]؛ لأن ذكر القيامة قد تقدّم في قوله ﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً﴾.
{"ayah":"وَلَا یَزَالُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فِی مِرۡیَةࣲ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِیَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ یَأۡتِیَهُمۡ عَذَابُ یَوۡمٍ عَقِیمٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق