الباحث القرآني

ثم أعلم الله أنه قد أخذ قومًا بعد الإملاء والتأخير فقال: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا﴾ الآية وهي مفسرة فيما سبق قبيل. وما بعدها ظاهر التفسير إلى قوله ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا﴾ أي: عملوا في إبطالها ﴿مُعَاجِزِينَ﴾ قال ابن عباس: مشاقين معاندين مغالبين [[ذكره عنه الثعلبي 3/ 54 ب دون قوله معاندين. ورواه الطبري 17/ 185 بلفظ: مشاقين.]]. وقال الأخفش: مسابقين [[ذكره عنه الثعلبي 543 ب.]]. ومعنى المعاجزة في اللغة: محاولة عجز المغالب [[انظر: "عجز" في: "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 340، "لسان العرب" 5/ 369 - 370.]]. قال أبو أسحاق وأبو علي: ﴿مُعَاجِزِينَ﴾ ظانين ومُقدرين أن يعجزوننا [[في (أ): (يعجزونا).]]، لأنهم ظنوا أن لا بعث ولا نشور، وأنه لا جنة ولا نار [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 433، "الحجة" للفارسي 5/ 284.]] وهذا معنى قول قتادة: ظنوا أنهم يعجزون الله فلا يقدر عليه، ولن يعجزوه [[ذكره بهذا اللفظ الثعلبي 3/ 54 ب. وقد رواه عبد الرزاق 2/ 40، والطبري 17/ 185 دون قوله: فلا يقدر عليهم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 64 وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. وهذا [في المعنى] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ع).]] كقوله: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا﴾ [العنكبوت: 4]. ومن قرأ "مُعجِّزين" [[قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: "معجِّزين" بتشديد الجيم من غير ألف. وقرأ الباقون: "معاجزين" بألف بعد العين وتخفيف الجيم. "السبعة" ص 439، "التبصرة" ص 267، "التيسير" ص 158.]] فالمعنى أنهم كانوا يُعجزون من اتبع النبي -ﷺ-، أي: ينسبونهم إلى العجز، كقولهم: جهلته وفسقته. وهذه قراءة مجاهد، وزعم [[في "الحجة": وزعموا أن مجاهدًا فسَّر.]] في تفسير معجزين: مثبطين، أي: يئبطون الناس عن الإيمان بالنبي -ﷺ- [[تفسير مجاهد رواه الطبري 17/ 1786: مبطئين، يبطئون الناس عن اتباع النبي -ﷺ-. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 64 مثل لفظ الطبري وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.]] [[من قوله: وهذا في المعنى .. إلى هنا. هذا كلام أبي علي في "الحجة" 5/ 284 مع تصرّف. وانظر أيضًا في توجيه القراءة: "علل القراءات" للأزهري 2/ 428 - 429، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 481، "الكشف" لمكي بن أبي طالب 2/ 123.]]. وعلى هذا ليس المراد بالتعجيز النسبة إلى العجز، والمراد به طلب عجزهم [[أي: عجزهم الناس.]] وجعلهم عاجزين بالتثبيط وأسبابه؛ كي يعجزوا فلا يؤمنوا. ثم أخبر عن هؤلاء أنّهم أصحاب النار بقوله: ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب