الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ﴾ قال ابن عباس: كانوا يقولون للنبي -ﷺ-: ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين، فأنزل الله هذه الآية [[في "تنوير المقباس" ص 209: (استعجله النضر بن الحارث قبل أجله. وذكر الثعلبي 3/ 54 ب، والبغوي 5/ 391، والقرطبي 12/ 88 أنها نزلت في النضر بن الحارث. ذكروا ذلك من غير سند ولا نسبة لأحد. قال القرطبي: وقيل نزلت في أبي جهل بن هشام. وجميع ما ذكر لا يثبت بمثله سبب في نزول الآية، والله أعلم.]]. والمعنى: يسألونك أن تأتي بعذابهم عاجلًا غير مؤخّر. وقوله: ﴿وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾ أي: في أن ينزل بهم العذاب [[في (د)، (ع): (في نزول العذاب بهم).]] في الدنيا. قاله الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 229.]]. وقال ابن عبَّاس: يريد بهذا يوم بدر [[ذكر هذا القول الثعلبي 543 ب ولم ينسبه لأحد.]]. قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ قال مجاهد وعكرمة وابن زيد: هو من أيَّام الآخرة [[ذكره الثعلبي 3/ 54 ب عن مجاهد وعكرمة، ورواه عنهما الطبري في "تفسيره" 17/ 183. وذكره البغوي 5/ 392 عن ابن زيد.]]. ويدل على هذا ما روي في الحديث: "أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم: خمس مائة عام" [[رواه الإمام أحمد في "مسنده" 2/ 343، والترمذي في "جامعه" (أبواب الزهد - باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم 7/ 21 - 23) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال المنذري: ورواته محتج بهم في الصحيح. وقال ابن القيم في "حادي الأرواح" ص 110: (ورجال إسناده احتج بهم مسلم في "صحيحه".]]. وعلى هذا معنى الآية أنَّهم يستعجلون بالعذاب [[في جميع النسخ: يستعلجون العذاب إنّ. والتصويب من "الوسيط" للواحدي 3/ 275.]] وإنّ يومًا من أيّام عذابهم في الآخرة ألف سنة. قال الفراء: ففي هذه الآية وعبد لهم بالعذاب في الدنيا والآخرة [["معاني القرآن" للفراء 2/ 229 بمعناه.]] وقال [[في (أ): (قال).]] أبو إسحاق: الذي تدل عليه الآية [[في (ظ): (الآخرة)، وهو خطأ.]] أنهم استعجلوا العذاب، فأعلم الله أنه لا يفوته شيء، وأن يومًا عنده وألف سنة في قدرته واحد، ولا فرق بين وقوع ما يستعلجون به [[به: ساقطة من (أ).]] من العذاب وتأخره في القدرة، إلا أنَّ الله تفضَّل بالإمهال، فالفرق بين التأخير والتقديم تفضل الله بالنَّظرة [[في (أ): (بالنظر).]] [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 433 مع اختلاف يسير.]]. وهذا الذي ذكره معنى قول ابن عباس في رواية عطاء [[ذكر البغوي 5/ 392 أن هذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء.]]. والمعنى: إنَّ يومًا عنده في الإمهال وألف سنة سواء؛ لأنَّه قادرٌ عليهم متى شاء [[في (أ): (متى ما شاء).]] أخذهم. وقد كشف أبو إسحاق عن هذا بأبلغ بيان [[(بيان): ساقطة من (ظ).]]. وذُكر وجه ثالث [[هكذا في (ظ)، (د)، (ع). وفي (أ): (وذكر وجهًا ثالثًا)، فيعود على أبي إسحاق. والصواب ما أثبتنا؛ لأنه أبا إسحاق لم يذكر هذا الوجه، ولقول الواحدي بعد ذلك: وهذا الوجه لأصحاب المعاني ..]] في تفسير هذه الآية وهو: أنَّ المعنى: وإنَّ يومًا عند ربك من أيَّام عذابهم في الآخرة كألف سنة في الثِّقل والاستطالة، فكيف يستعجلون بالعذاب لولا جهالتهم. وهذا الوجه لأصحاب المعاني، ذكره الأخفش وغيره [[انظر: "معاني القرآن" للأخفش 2/ 638. وقد ذكر هذا الوجه الثعلبي 3/ 54 ب وعزاه لأهل المعاني.]]. قال أبو علي: وقد جاء في كلامهم وصف اليوم ذي الشدائد والجهد بالطول، وجاء وصف [[في (ظ): (وجه)، وهو خطأ.]] خلافه بالقصر. أنشد أبو زيد [[البيت ذكره أبو علي في "الحجة" 5/ 283 من إنشاد أبي زيد ومن غير نسبة لأحد، ولم أهتد لقائله.]]: تطاولت أيام معن بنا ... فيومٌ كشهرين إذ يُسْتَهل [[في (أ): (يسهل).]] وقال آخر: يطول اليوم لا ألْقاك فيه ... وحَوْلٌ [[في "الحجة": ويوم.]] نلتقي فيه [[في (ظ)، (د). (ع)، (حول).]] قصير [[البيت في "الحجة" 5/ 283 من غير نسبة لأحد.]] وقال جرير: ويومٌ كإبْهام الحُبارى لَهَوتُه [[هذا الشطر من البيت لم أجده في "ديوانه"، وهو في "الحجة" 5/ 283 من غير نسبة. وإبهام الحُبارى يضرب به المثل، فقال: أقصر من إبهام الحبارى. انظر مجمع الأمثال للميداني 2/ 536.]] [[قول أبي علي، والأبيات في "الحجة" 5/ 283.]] وهذا كما يقال: أيّام الهُموم طوال، وأيام السرور قصار [[قوله: وهذا كما يقال ... هذا كلام الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 54 ب.]]. فهذه أوجه ثلاثة [[في (ظ): (ثلاث)، وهو خطأ.]] في تأويل هذه الآية. وروي عن ابن عباس أنه قال -في قوله ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ﴾ الآية: هو من الأيَّام التي خلق الله فيها السَّموات والأرض [[رواه الطبري 17/ 173، وابن أبي حاتم (كما في تفسير ابن كثير 3/ 228). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 62 وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. وهذا لا يتوجّه في معنى الآية؛ لأن تلك الأيام قد مضت، إلا أن يُحمل على أن [[أن: ساقطة من (ظ).]] المراد أنّ أيّام الآخرة بمقدار هذه المدة فيعود المعنى إلى القول الأول. روى [[في (ظ): (وروى).]] ابن أبي مليكة: أنّ ابن عباس سئل عن هذا وعن قوله [[في (ظ): (وعن قوله يوم كان ...)، وفي (د)، (ع): (وعن قوله كان مقداره ...).]] ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: 4] فقال: يومان ذكرهما الله تعالى في كتابه أكره أنْ أقول في كتاب الله ما لا [[في (ظ): (مما لا أعلم)، وفي (د)، (ع): (بما لا أعلم).]] أعلم [[رواه عبد الرزاق 2/ 108، والطبري 29/ 72. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 537 وعزاه لعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف والحاكم.]]. وقرئ "مما يعدّون" و"تعدّون" [[قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي: "مما يعدون" بالياء. وقرأ الباقون بالتاء. "السبعة" ص 439، "التبصرة" ص 267، "التيسير" ص 158.]]. فمن قرأ بالياء فوجهه قوله ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ﴾ فيكون الكلام من وجه واحد، ومن قرأ بالتاء فوجهه أنه أعمّ، ألا ترى أنه يجوز أن يُعنى به المستعجلون وغيرهم من المسلمين [["الحجة" لأبي علي الفارسي 5/ 283 مع اختلاف يسير. وانظرة "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 480، "الكشف" لمكي بن أبي طالب 2/ 122.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب