الباحث القرآني

ثم حث على الاعتبار بحال من مضى من الأمم المكذبة فقال: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ قال ابن عباس: يريد: أفلم يسر قومك في أرض الشام وأرض اليمن ﴿فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ أي يعلمون بها مدلول ما يرون من العبر. (والمعنى: أفلم يسيروا فيعقلوا بقلوبهم ما نزل بمن كذب قبلهم. والتأويل: فتكون لهم قلوبٌ عاقلة [عالمة؛ لأن قوله) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]] ﴿يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ صفة للنكرة، وقبل أن يسيروا لهم قلوب ولكن غير عاقلة، فإذا ساروا واعتبروا كانت لهم قلوب عاقلة] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ظ).]] وعلى هذا النحو قوله ﴿أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾. قال ابن عباس: يريد من يسمع فلم يجب فلم يسمع. يعني أنهم غير سامعين إذا صمُّوا عن دعائك، أفلا يسيرون فيسمعوا [[في (أ): (فيسمعون)، وهو خطأ.]] أخبار الأمم المكذبة فيعتبروا. قال ابن قتيبة -في هذه الآية والتي قبلها-: وهل شيء أبلغ في العظة والعبرة من هذه الآية؟ لأن الله تعالى أراد [[(أراد): موضعه بياض في (ظ).]]: أفلم يسيروا في الأرض، فينظروا إلى آثار قوم أهلكهم الله بالعتو، وأبادهم بالمعصية، فيروا من تلك الآثار بيوتًا خاوية قد سقطت على عروشها، وبئرًا لشُرب أهلها قد عُطّلت [[في (أ): (غلطت)، وهو خطأ.]] [[العبارة عند ابن قتيبة: وبئرًا كانت لشُرب أهلها قد عطل رشاؤها وغار معينها، وقصرًا.]]، وقصرًا بناه ملكها [[عند ابن قتيبة: ملكه.]] بالشيد قد خلا من السكن وتداعى بالخراب؛ فيتعظوا بذلك، ويخافوا من عقوبة الله وبأسه، مثل الذي [[(الذي): ساقطة من (أ).]] نزل بهم. ونحو هذا قوله ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾ [الأحقاف: 25]. انتهى كلامه [["مشكل القرآن" لابن قتيبة ص 10.]]. ثم ذكر الله تعالى أنَّ [[(أن): ساقطة من (أ).]] أبصارهم الظاهرة لم تعم عن النظر، وإنما عميت أبصار [[(أبصار): ساقطة من (أ).]] قلوبهم فقال: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ﴾. قال الفراء: الهاء هاء عماد يوفى [[عند الفراء. تُوَفّى.]] بها "إنَّ" ويجوز مكانها "إنَّه"، وكذلك هي في قراءة عبد الله [["معاني القرآن" للفراء 2/ 228.]]. وقال غيره: هي إضمار على شريطة التفسير. والمعنى: فإنَّ الأبْصار لا تعمى. ويجوز أن تكون الهاء لإضمار القصة. وذكرنا هذه الأقوال مشروحة في تفسير قوله ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنبياء: 97]. وقوله: ﴿الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ ذكر الفراء وأبو إسحاق [["معاني القرآن" للفراء 2/ 228، و"معاني القرآن" للزجاج 3/ 432.]]: أن هذا من التوكيد الذي تزيده العرب في الكلام، كقوله ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: 196]. وقوله: ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ [آل عمران: 167]، وقوله ﴿يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ [الأنعام: 38]. والتوكيد جار في الكلام مبالغ في الإفهام. وقال غيرهما: هذا التوكيد فائدته أنه يمنع من ذهاب الوهم إلى غير معنى القلب المعروف، لأنَّه قد يذهب إلى أنَّ فيه اشتراكًا كقلب النَّخلة، فإذا [[في (أ): (وإذا).]] أكد كان أنس للبس بتجويز الاشتراك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب