الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ﴾ قال الزجاج: البدن بتسكين الدال وضمها، بَدَنَةٌ وبُدْنٌ وبُدُنٌ، مثل قولك: ثَمَرَةٌ وثُمْر وثُمُرٌ قال: وإنما سميت بدنة لأنها تبدن أي: تسمن [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 428.]].
وقال الليث وغيره: البدنة بالهاء تقع على الناقة والبقرة والبعير مما يجوز في الهدي والأضاحي، ولا تقع على الشاة، وسميت بدنة لعظمها [["تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 144 نقلاً عن الليث وغيره.]].
قال ابن السكيت: يقال: بدن [[(بدن): ساقطة من (ظ)، (د)، (ع). وبدن كبصر وكرم. قاله الفيروزآبادي في "القاموس المحيط" 4/ 200.]] الرجل يبدن بَدْنًا وبدانة فهو بادن إذا ضخم، وهو رجل بَدَنٌ إذا كان كبيرًا، وأنشد [[البيت أنشده ابن السكيت في "إصلاح المنطق" ص 330، للأسود بن يعفر، وأوله:
هل لشباب فَاتَ من مَطلْبِ
هو في "ديوان الأسود" ص 21 وروايته فيه: "البائس" في موضع "البدن"، و"أدب الكاتب" لابن قتيبة ص 265، و"تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 144 (بدن)، وفيه: "بقاء" في موضع "بكاء"، و"لسان العرب" 13/ 48 (بدن).
قال البطليوسي في "الاقتضاب" 3/ 209: يقول: هل يمكن طلب الشباب الغائب واسترجاعه، بل كيف يبكي الرجل الأشيب شوقًا إلى أحبته؟. وذلك لا يليق به.]]:
أمْ [[في (أ)، (ظ): (أمّا).]] ما بكاءُ البدن الأشيب [[قول ابن السكيت وإنشاده في "تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 144، وهو في "إصلاح المنطق" ص 330.]]
وقال ابن الأنباري: يجوز أن يكون سميت بدنة لعظمها وضخامتها.
ويجوز أن يكون سميت لسنّها، رجل بدن إذا كان كبير السنن، وبدنت أي أسنت، وبدنت أي: سمنت وضخمت [[لم أجد من ذكره عنه. وانظر: "بدن" في "تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 144، "الصحاح" للجوهري 5/ 2077، "لسان العرب" 13/ 48 - 49.]].
والمفسرون يقولون في تفسير البدنة: إنّها الإبل والبقر. وهو قول عطاء والسدي [[ذكره عنه الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 52 ب.
ورواه الطبري 17/ 163 عن عطاء بلفظ: البقرة والبعير.
وللمفسرين في البدن قول آخر وهو أنها الإبل خاصّة، ذكره الماوردي 4/ 26 وعزاه للجمهور. وحكاه القرطبي 12/ 61 عن ابن مسعود وعطاء والشافعي. وحكى القول الأول عن مالك وأبي حنيفة.
ثم قال القرطبي: والصحيح ما ذهب إليه الشافعي وعطاء، لقوله عليه السلام في الحديث الصحيح في يوم الجمعة: "من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة" الحديث. فتفريقه -عليه السلام- بين البقرة والبدنة يدل على أن البقرة لا يقال لها بدنة. والله أعلم. وأيضًا قوله تعالى: "فإذا وجبت جنوبها" يدل على ذلك، فإن الوصف خاصٌ بالإبل، والبقر يضجع ويذبح كالغنم. انتهى من القرطبي 12/ 61.
والحديث الذي أشار إليه القرطبي رواه البخاري في صحيحه (كتاب الجمعة -باب فضل الجمعة 2/ 366، ومسلم في صحيحه (كتاب الجمعة -باب الطيب والسواك يوم الجمعة 2/ 582 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وصحح ابن كثير 3/ 221 أنَّ البقرة يطلق عليها بدنة شرعًا.
ونقل ابن الجوزي 5/ 432 عن القاضي أبي يعلى أنه قال: البدنة اسمٌ يختص الإبل في اللغة، والبقرة تقوم مقامها في الحكم؛ لأن النبي -ﷺ- جعل البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة. اهـ.
والذي يظهر أن البدن في الآية هي الإبل للتعليل الذي ذكره القرطبي، والبقرة تدخل في مسمى البدن من حيث اتحاد الحكم بينهما.]].
وقوله تعالى: ﴿جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ أي: من أعلام دينه. والمعنى: جعلنا لكم فيها عبادة لله -عز وجل-، من سوقها إلى البيت، وتقليدها، وإشعارها، ونحرها، والإطعام منها. ومضى الكلام في تفسير الشعائر [[في (ظ): (الشعيرة).]].
وقوله: ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ قال ابن عباس: يريد في الدنيا والآخرة [[ذكره عنه الزمخشري في "الكشاف" 3/ 14، وأبو حيان في "البحر" 6/ 369. وذكره القرطبي 12/ 61 من غير نسبة، وصوبه.]].
قال المفسرون: يعني النفع في الدنيا والأجر في العقبى [["الكشف والبيان" للثعلبي 3/ 52 ب، 53 أ.]].
وذكرنا هذا [[(هذا): ساقطة من (أ).]] المعنى [[في (ع): (الكلام).]] مستقصىً عند قوله ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ إلا أن المراد بتلك المنافع الدنيا لقوله ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ والمراد بالخير هاهنا خير الدنيا والآخرة، كما ذكر ابن عباس.
قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ أي: على نحرها، لأنَّ السنة أن يذكر الله عند نحرها.
قال ابن عباس: هو أن يقول: بسم الله، والله أكبر لا إله إلا الله، اللهم منك ولك [[هذا مجموع روايات رواها الطبري 17/ 164 من طريق أبي ظَبيان، عن ابن عباس.]].
وقوله ﴿صَوَافَّ﴾ جمع صافّة، وهي فاعلة من الصَفّ، وهو جعل الأجسام يلي أحدها الآخر على منهاج واحد [[انظر: "لسان العرب" 9/ 194 (صفف)، "القاموس المحيط" 3/ 162 - 163.]].
قال ابن عباس في رواية ابن أبي مليكة: قيامًا [[رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 4/ 83 عنه من رواية ابن أبي مليكة.]].
وقال ابن عمر: قيامًا مقيدة، سنة محمد -ﷺ- [[رواه البخاري في صحيحه كتاب الحج -باب نحر الإبل مقيَّدة 3/ 553، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الحج- باب نحر البدن قيامًا، مقيّدة 2/ 956).]].
وقال مجاهد: الصَّواف: إذا عُقلت [[في (أ): (علّقت).]] إحدى يديها وقامت على ثلاث [[في (أ): (ثلاثة).]]، وتنحر كذلك [[ذكره عنه الثعلبي في الكشف والبيان 3/ 53 أ.
وفيه: إذا عقلت رجلها اليسرى وقامت ... كذلك. وبنحوه مختصرًا رواه الطبري 17/ 164.]].
وعلى هذا هي صواف، لأنها قد صفت أيديها وأرجلها إذا وقفن على منهاج واحد، كما روى ليث، عن مجاهد قال [[قال: ساقطة من (ط).]]: يسوى بين أوظافها [[في (ظ)، (د)، (ع): (أوطانها. والصواب ما في (أ). وأوظافها: جمع وَظيف، قال الجوهري في الصحاح 4/ 1439 "وظف": الوظيف: مستدق الذراع والساق من الخيل والإبل ونحوها.]] [[رواه الطبري 17/ 164 من رواية ليث، عن مجاهد.]].
يعني لئلا يتقدم بعضها على بعض فلا تكون صواف.
وفي هذا دليل على أنها تُنْحر قائمة واقفة مصفوفة، لأنها إن كانت باركة أو ماشية لا تكون صافة، ولا يتصور الصف في البدنة الواحدة إلا أن يقال إنها إذا وقفت صفت يديها أو رجليها [[في (ظ)، (د)، (ع): (رجليها أو يديها).]] إذا لم يعقل إحداهما، ولكن يتصور في البدن إذا وقفن فصففن أيديهن معقولة وغير معقولة، والدليل على أنها تعقل إحدى يديها قراءة عبد الله: "صوافن" [[انظر الطبري 17/ 165، "إعراب القرآن" للنحاس 3/ 99، "الشواذ" لابن خالوية ص 95، "المحتسب" لابن جني 2/ 81.]] وهي القائمة على ثلاث قوائم، ونذكر تفسيرها عند قوله ﴿الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ﴾ [ص: 31].
وقال أبو إسحاق -في قوله: ﴿صَوَافَّ﴾ -: أي قد صفت قوائمها [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 428.]].
وقال أبو عبيدة: تصفّ بين أيديها [["مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 50.]].
وقال ابن قتيبة: أي: قد صُفَّت أيديها [["غريب القرآن" لابن قتيبة ص 293.]].
وقال ابن عباس في رواية أبي ظبيان في قوله ﴿صَوَافَّ﴾ قال: معقولة [[رواه الطبري 17/ 164، والبيهقي في "السنن" 5/ 237 من طريق أبي ظبيان.]].
ونحوه قال عطاء، والفرَّاء [[انظر: "معاني القرآن" للفراء 2/ 226.]]. وهو معنى وليس بتفسير، وذلك أنها إذا عقلت إحدى يديها وقفت فصفت يدها مع يد التي إلى جنبها.
وكثير من الصحابة قرؤوا "صوافي" [[رويت هذه القراءة عن أبي بن كعب وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما. ونسبت إلى الحسن ومجاهد وزيد بن أسلم وسليمان التيمي وجماعة.
انظر: الطبري 17/ 163، "الشواذ" لابن خالويه ص 95، "المحتسب" لابن جني 2/ 81، "الكشف والبيان" للثعلبي 3/ 53 أ، "البحر المحيط" 6/ 369.]] على معنى: خالصة لله، جمع صافية، أي: لا يشركوا في التسمية على [[في (ظ)، (د)، (ع): (إلي).]] نحرها أحدًا. وإلى هذا ذهب كثير من المفسرين [[وهو ومروي عن الحسن وطاووس والزهري وابن زيد. انظر الطبري 17/ 165، وابن كثير 3/ 222.]]. ويدل من الآية على أنها تُنْحر قيامًا.
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا﴾ قال أبو عبيدة [["مجاز القرآن " لأبي عبيدة 2/ 51.]]، والزَّجَّاج [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 428.]]، وجميع أهل اللغة [[انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري 11/ 222 (وجب)، "لسان العرب" 1/ 794 (وجب).]]: سقطت إلى الأرض.
يقال: وجب الحائط يجب وَجْبَةَ إذا سقط، وسمعت له وجْبَةً، أي. وقعة، ووجبت الشمس إذا وقعت للغروب في المغيب، ووجب الشيء إذا (وقع لازمًا، ووجب القلب وجيبًا إذا] [[ما بين المعقوفين ساقط من (د)، (ع).]] وقع وتحرك باضطراب [[انظر "معاني القرآن" للزجاج 3/ 428، "تهذيب اللغة" للأزهري 11/ 222 - 223 مادة "وجب"، "لسان العرب" 1/ 794 "وجب".]]، وأنشدوا لأوس بن حجر يرثي [[يرثي: ساقطة من (أ).]]:
ألم تكسف الشمس والبدر ... والكواكب للجبل الواجب [[البيت في "ديوانه" ص 10، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 51، والطبري 17/ 166، و"التعازي والمراثي" للمبرد ص 33، و"السمط اللآلي" ص 466. وهو من أبيات يرثي بها فضالة بن كلدة، وبعده:
لفقد فضالة لا تستوي الـ ... فُقُود ولا خُلّة الذَّاهب]]
وقال الكميت:
ألم ترني لقيت ضباء [[في (أ): (طلبا)، وهو خطأ.]] أنس ... بخيف مني ولم تجب الجنوب [[في (و)، (ع): (الجبوب)، وهو خطأ.]] [[هذا البيت والذي بعده أثبتها المعلق على "مجاز القرآن" 2/ 51 في الهامش، == وذكر أنهما كتبا في حاشية نسخة "س" منسوبين للكُميت.
واعتمد جامع ديوان الكميت على هذه الحاشية فأورد الأول في "ديوانه" 1/ 81، والثاني في 1/ 125 وأحال على حاشية المجاز.]] وقال آخر:
حلفت برب مكة والهدايا ... غداة النحر واجبة الجنوب [[في (د)، (ع): (الجبوب)، وهو خطأ.]]
قال ابن عباس ومجاهد، والضحاك: خرت لجنوبها [[ذكره عن ابن عباس السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 53 بلفظ: سقطت على جنبها. وعزاه لابن أبي حاتم. ورواه الطبري 17/ 166 عن مجاهد بلفظ سقطت على الأرض.]].
وذلك عند نزف دمها وخروج الروح منها، ولذلك قال ابن زيد في تفسيرها: فإذا ماتت [[رواه الطبري 17/ 166.]]. لأنها تقف ما دامت الروح تبقى فيها، فإذا سقطت إلى الأرض فذلك حين تهدأ [[في (أ): (يهدى)، وهو خطأ.]] وتسكن حركتها، وهو وقت الأكل منها، ولذلك عقَّب الله تعالى هذه الحالة بالأمر بالأكل منها فقال: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ وهذا يدل على أنّه لا ينبغي للمرء أن يعجل فيقطع منها ليأكل قبل أن يتم نحرها، ولكن يصبر حتى تسكن حركتها وكذلك السلخ يُبْتدأ بعد السكون، وهذا معنى قول عمر -رضي الله عنه-: لا تعجلوا الأنفس أن تزهق [[في (ظ): (قبل أن تزهق).]] [[رواه الثوري في جامعه (كما في "تفسير ابن كثير" 3/ 22، ومسند عمر بن الخطاب له أيضًا 1/ 335، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 278 عن عمر رضي الله عنه، به). ورواه عنه عبد الرزاق "المصنف" 4/ 495، وابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 292 - 293 عنه بلفظ: وذر، وعند ابن أبي شيبة: وأقرّوا الأنفس حتى تزهق.]].
ولهذا ايضا نُهي عن النَّخْع [[روى البخاري في صحيحه (كتاب الذبائح والصيد- باب النحر والذبح 9/ 640) تعليقا عن نافع أن ابن عمر نهى عن النَّخع.
وانظر: "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 167 ففيه: وفي الحديث: "ألا لا تنخعوا الذبيحة حتى تجب".
ومثله في "الفائق في غريب الحديث" للزمخشري 3/ 414، و"غريب الحديث" لابن الجوزي 2/ 389. ولم أجد هذا الحديث.]]، وهو أن يقطع الحلقوم والمريء بعد الذبح وفري الأوداج [[الأوداج: جمع ودج، والودج: عرق في العنق، وهما ودجان. الصحاح للجوهري 1/ 347 (ودج).]]، وذلك غير جائز؛ لأنه زيادة جراحة بعد تمام الذبح. ومعنى النخع: قطع النخاع، وهو العرق الذي في الفقار [[انظر: (نخع) في "تهذيب اللغة" 1/ 67، "الصحاح" للجوهري 3/ 1288، "القاموس المحيط" 3/ 87.
والفقار: جمع فقرة -بالكسر- وفقرة وفقارة -بفتحهما- وهو: ما انتضد من عظام الصلب من لدن الكاهل إلى العجب. "لسان العرب" 5/ 61 (فقر)، "القاموس المحيط" 2/ 111.]].
وذكرنا وجه هذا الأمر فيما تقدم من هذه السورة.
قوله تعالى: ﴿وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ القانع في الآية بمعنيين:
أحدهما: أنه من القُنُوع بمعنى المسألة. يقال: قنع [[كمنع. قاله الفيروزآبادي في "القاموس" 3/ 76.]] يقنع قنوعًا، إذا سأل.
والقانع: السائل. ومنه الحديث في ذكر من لا تجوز شهادته: "ولا شهادة القانع مع أهل البيت" [[هذا طرف حديث رواه أبو عبيد في "غريب الحديث" 2/ 156، والترمذي في "جامعه" كتاب الشهادات 6/ 580 - 581، والدراقطني في "سننه" 4/ 244، == والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 202 من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا. قال الترمذي بعد روايته للحديث: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد ابن زياد الشَّامي، ويزيد يضعّف في الحديث.
وضَعّف هذا الحديث بيزيد: الدارقطني والبيهقيُ.]].
قال أبو عبيد [[في (ظ)، (د)، (ع): (أبو عبيدة)، وهو خطأ.]]: هو الرجل يكون مع القوم يطلب فضلهم ويسأل معروفَهُم، وأنشد [[البيت أنشده أبو عبيد في "غريب الحديث" 2/ 156 للشمَّاخ.
وهو في "ديوانه" ص 56، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 51، و"المعاني الكبير" لابن قتيبة 1/ 489 - 499، "معاني القرآن" للزجاج 3/ 428، والطبري 17/ 68، "الأضداد" لابن الأنباري ص 66 - 67.]]:
لمالُ المرء يُصلِحُه فيغني ... مَفَاقِرَةُ أعفُّ من القُنُوع
أي: من المسألة [[قول أبي عبيد وإنشاده في "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 59 "قنع" كتاب "غريب الحديث" لأبي عبيد 2/ 156 لكن فيه: هو الرجل يكون مع الرجل يطلب فضله ويسأل معروفه.
وهو في كتاب "غريب الحديث" لأبي عبيد 2/ 156، والكلام مفسر فيه مثل ما نقله الأزهري عنه.]].
ومن هذا قول لبيد:
وإعطائي المَوْلَى على حين فقره ... إذا قال أبْصِرْ خَلَّتي وقُنُوعي [[البيت في "ديوانه" ص 71، وفيه "خشوعي" في موضع "قنوعي".
وفي "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 52، والطبري 17/ 170 بمثل الرواية هنا. قال الطوسي في شرحه لديوان لبيد ص 71: (المولى: ابن العم، الخلّة. الحاجة، خلَّتي وقنوعي: الاستكانه وسوء الحالة.]]
المعنى الثاني: أن القانع الذي لا يسأل وهو من القناعة. يقال: قَنِعَ يقنع قناعة وَقَنعًا [[قنعًا: ساقطة من (أ).]] وقُنعَانًا [[في (ظ): (وقناعًا)، وفي (د)، (ع): (وقناعًا).]]، إذا رضي بما قُسم له وترك المسألة والتعرض [[انظر: "قنع" في "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 259، "الصحاح" للجوهري 3/ 1273، "لسان العرب" 8/ 298.]]
قال ابن السكيت: ومن العرب من أجاز القُنُوع بمعنى القناعة، وكلام العرب الجيد هو الأول [[قول ابن السكيت في "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 259 (قنع).]].
قال أبو زيد: قال بعضهم: القانع: السائل، وقال بعضهم: المتعفف؛ وكلُّ يصلح [[قول أبي زيد في "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 259 (قنع).]]. فذكر الوجهين.
وكقول أبي زيد ذكر أبو عبيدة [[انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 51 - 52.]] والزَّجَّاج [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 3/ 428.]] الوجهين.
وأما المعتر: فقال الأزهري: قال أهل اللغة: المعتر: الذي يُطِيف بك يطلب ما عندك سألك أو سكت عن السؤال [["تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 99 (عَرَّ).]].
وقال ابن الأعرابي: عررت [[في المطبوع من "تهذيب اللغة" 1/ 99: عروت.]] فلانًا واعتررته وعروته [[في المطبوع من "تهذيب اللغة" 3/ 99: وعررته.]] واعتريته [[في (د)، (ع): (واعتروته).]]، إذا أتيته تطلب معروفه [[قول ابن الأعرابي في "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 99 (عرَّ)]].
ونحو هذا قال أبو عبيدة [[انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 51.]]، وأنشد لحسان:
لعمرك ما المعتر يأتي بيوتنا ... لنمنعه بالضّايع المتهضم [[البيت أنشده أبو عبيدة لحسان في "مجاز القرآن" 2/ 52، وروايته عنده:
لعمرك ما المعترُّ يأتي بلادنا ... لنمنعه ..............]]
فحصل من هذا أن القانع يجوز أن يكون السائل وغير السائل، وكذا المعتر إلا أنه لا ينفك من تعرض ونوع طلب.
وعلى هذين الوجهين كلام المفسرين. منهم من يقول: القانع: الذي يسأل والمعتر الذي يأتيك بالسلام ويريك وجهه ولا يسأل، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء [[ذكر السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 55 هذا القول عن ابن عباس من غير ذكر من رواه عنه، وعزاه لابن المنذر.
وذكر هذا القول عن ابن عباس النحاس في "معاني القرآن" 4/ 413. وذكره ابن الجوزي وعزاه لابن المنذر.
وذكر هذا القول عن ابن عباس النحاس في "معاني القرآن" 4/ 413. وذكره ابن الجوزي 5/ 433 وقال: رواه بكر بن عبد الله عن ابن عباس.
وذكره ابن كثير في تفسيره 3/ 22.]]، وزيد بن أسلم [[وقوله ذكره عنه بنحوه الثعلبي في "الكشف" 3/ 53 أ. ورواه الطبري 17/ 169 بنحوه.]]، وابنه [[ذكره عنه بنحوه الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 53 أ.]]، وسعيد بن جبير [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 38، والطبري 17/ 168، والبيهقي في "سننه" 9/ 294.]]، والكلبي [[ذكره الثعلبي 3/ 53 أ، والطبري 17/ 168]]، والحسن [[رواه سعيد بن منصور في "تفسيره" (ل 156 ب)، وابن أبي شيبة في مصنّفه == 4/ 72، والطبري 17/ 168، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 294.]]، وبكر بن عبد الله.
ومنهم من يقول بعكس هذا فيقول: القانع: المتعفف الجالس في بيته، والمعترّ: السائل الذي يعتريك ويسأل.
وهو قول ابن عباس في رواية الوالبي [[ذكره الثعلبي 3/ 53 أمن رواية الوالبي. ورواه الطبري 17/ 167.]]، وعكرمة، وقتادة [[رواه الطبري 17/ 167 عن عكرمة - وقتادة.]]، وإبراهيم، ومجاهد [[رواه الطبري 17/ 168، والبيهقي في "السنن" 9/ 294.]]، قالوا: القانع الذي يقنع ويجلس، والمعتر الذي يعتريك ويسأل.
وروي عن ابن عباس قول ثالث وهو: أن كلاهما الذي لا يسأل، وهو رواية العوفي عنه، قال: القانع الذي يرضى بما عنده ولا يسأل، والمعتر الذي يتعرض لك ولا يسألك [[ذكره الثعلبي 3/ 53 أمن رواية العوفي. ورواه الطبري 17/ 167.]].
ونحو هذا روى ليث عن مجاهد قال: القانع: جارك وإن كان موسرًا، والمعتر: الذي يعتريك ولا يسألك [[رواه الطبري 17/ 167 من رواية ليث، عنه.]]. وهذا أيضًا رواية خصيف عنه [[روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 72، والطبري 17/ 167 من طريق خصيف، عن مجاهد قال: القانع: أهل مكة، والمعتر الذي يعتريك فيسألك.]].
وعلى هذا إنما يُطْعم القانع بأن يرسل إليه، كما روى قابوس، عن أبيه [[هو: أبو ضبيان حصين بن جندب.]]، عن ابن عباس قال: القانع من أرسلت إليه في بيته [[رواه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 294 من طريق قابوس، عن أبيه، عن ابن == عباس بلفظ: القانع بما أرسلت ... وهذا الأثر ضعيف لضعف قابوس.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 54 - 55 بمثل لفظ البيهقي، وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في "سننه".
واختار الطبري 17/ 170 أن القانع: السائل، والمعتر هو الذي يأتيك معترًا بك لتعطيه وتطعمه، وعّلل ذلك بقوله: لأنه لو كان المعني بالقانع -في هذا الموضع: المكتفى بما عنده والمستغني به- لقيل: وأطعموا القانع والسائل، ولم يقل "وأطعموا القانع والمعتر" وفي اتباع ذلك قوله "والمعتر" الدليل الواضح على أن القانع معني به السائل ..
وقال النحاس في "معاني القرآن" 4/ 413 عن القول بأن القانع هو السائل والمعتر الذي يتعرض لك ولا يسألك، إنه أحسن ما قيل في هذا وهو الصحيح في اللغة. واستظهر هذا القول الشنقيطي في "أضواء البيان" 5/ 695.]].
والمستحب للمُهْدي أن يطلب القانع والمعتر، فيعطيهما جميعًا، قيامًا بالأمر وامتثالًا له.
قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ﴾ كذلك أي: مثل ما وصفنا من نحرها قيامًا، والإطعام منها ﴿سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ﴾ نعمة منا عليكم لتتمكنوا من نحرها على الوجه المسنون.
﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد لكي تطيعوني. وشكر الله طاعة له واعتراف بإنعامه.
{"ayah":"وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَـٰهَا لَكُم مِّن شَعَـٰۤىِٕرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِیهَا خَیۡرࣱۖ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَیۡهَا صَوَاۤفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُوا۟ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُوا۟ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَ ٰلِكَ سَخَّرۡنَـٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق