الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ﴾ أي: الأمر ذلك، كما قلنا في قوله ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ﴾ ذكره المبرد عن سيبويه في هذه الآية [[لم أقف عليه.]]. قوله: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ قال مجاهد في رواية الحكم وابن أبي نجيح يعني استعظام البدن، واستسمانها، واستحسانها [[رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" القسم الأول من الجزء الرابع ص 295 من رواية الحكم، ولكن ليس فيها: واستسمانها. ورواه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في "تغليق التعليق" لابن حجر 3/ 87، والطبري 17/ 156 من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.]]. وقال ابن عباس في رواية عطاء: يريد الهدي إذا أشعر وقلد، ثم نحر حتى يسيل دمه، ثم وقف في موقف عرفة. فعلى هذا يعني بتعظيم شعائر الله: استعظام الهدايا والضحايا. والشعائر: جمع شعيرة، وهي البدن يقال: أشعر الرجل بدنته، إذا جعل عليها علامة ليعلم أنه أوجبها بدنة [[انظر: (شعر) في: "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 417، "الصحاح" للجوهري 2/ 698 "لسان العرب" 4/ 413.]] وهو مذهب الشافعي [[انظر: "الأم" 2/ 183، "الحاوي الكبير" 4/ 372 - 373، "روضة الطالبين" 3/ 189.]] رحمه الله في الإبل والبقر بجرح سنامها من الجانب الأيمن وهي مستقبلة القبلة كما فعل رسول الله -ﷺ-. وأما الغنم فإنها ضعيفة لا تحتمل الإشعار. والشعيرة بمعنى المُشْعَرة، وذكرنا الكلام في هذا عند قوله: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 158]. وعلى هذا القول المُهْدِي مندوب إلى طلب الأسمن والأعظم من الهدايا لقوله تعالى ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ ومن الشعائر التي أريد بها الضحايا قول الكُميت: نُقَتِّلهُم جيلًا فجيلاً نَرَاهُمُ ... شَعَائِر قُرْبَانٍ بِهِم يُتَقَرَّبُ [[البيت في "هاشميات الكميت" ص 67، بمثل الرواية هنا. وفي "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 146 منسوبًا للكميت، وفيه: تراهم ... بها يتقرب. وهو في "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 418 (شعر)، و"اللسان" 4/ 414 (شعر)، و"تاج العروس" للزبيدي 12/ 190 (شعر) من إنشاد أبي عبيدة وبمثل روايته، من غير نسبة للكميت. قال أبو رياش القيسي في "شرحه لهاشميات الكميت" ص 67: (جيلًا فجيلا: جيشًا وخلقًا بعد خلق. يقول: نجعل قتل الخوارج قربة إلى الله كما تُقرب الشعائر إلى الله.]] وهذا القول اختيار الزجاج؛ لأنه قال: والذي يعني به هاهنا البُدن [["معانى القرآن" للزجاج 3/ 426.]]. وقوله: ﴿فَإِنَّهَا﴾ قال الفراء: يريد: فإن الفعلة كما قال: ﴿إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأعراف: 153] ومن بعده جائز. ولو قيل: فإنه من تقوى القلوب كان جائزًا. هذا كلامه [["معانى القرآن" للفراء 2/ 225.]]. وليس بقوي ولا ظاهر هاهنا، والصحيح أن المعنى: فإن تعظيمها، فحذف المضاف لدلالة ﴿يُعَظِّمْ﴾ على التعظيم كما قال ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ [الحج: 30] فكنى عن التعظيم لما دل يعظم عليه، كذلك هاهنا حذف التعظيم لما كان يعظم يدل عليه، والمعنى: فإن [[(فإن): ساقطة من (ظ).]] اتخاذ البدن من أعظمها وأسمنها من تقوى القلوب. قال ابن عباس: يريد من التقوى الذي اتقاه المتقون. وأضاف التقوى إلى القلوب لأن حقيقة التقوى تقوى القلوب [[انظر: القرطبي 12/ 56.]]، كما روي في الحديث أن النبي -ﷺ- وقال: "التقوى هاهنا" وأشار إلى صدره [[هذا قطعة من حديث رواه الإمام أحمد في "مسنده" 2/ 277، ومسلم في "صحيحه" كتاب: البر والصلة، باب: تحريم ظلم المسلم 4/ 1986 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب