الباحث القرآني

فقال الله تعالى مجيبا لهم: ﴿مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ﴾ قبل [[في (د)، (ع): (من).]] مشركي مكة ﴿مِنْ قَرْيَةٍ﴾ يعني أهلها ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾ وصفٌ للنكرة التي هي قرية [[انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية 10/ 126، "إملاء ما من به الرحمن" للعكبري 2/ 130.]]. والمعنى: ما آمنت [[في (أ)، (ت): (ما أتت).]] قرية مهلكة بالآيات المرسلة ﴿أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ﴾ يعني: أنَّ الأمم التي أهلكناها بتكذيبها بالآيات لم يؤمنوا بالآيات لما أتتهم، فكيف يؤمن هؤلاء؟ ووجه الاحتجاج عليهم من هذه الآية هو أن مجيء الآيات لو كان سببًا يؤدي [إلى الإيمان من غير إرادة الله لهم ذلك لكان سببا] [[ساقط من (أ)، (ت).]] إلى إيمان أولئك لا محالة، فلما بطل أن يكون سببا لإيمانهم، بطل أن يكون سببًا لإيمان هؤلاء. وهذا احتجاج على القدرية [[القدرية: هم الذين نفوا القدر، وقد حدثت بدعتهم في أواخر زمن الصحابة، وقيل: إن أول من ابتدعه رجل من أهل البصرة يقال له: سيسويه من أبناء المجوس، وتلقاه عنه معبد الجهني الذي قال: "لا قدر، والأمر أنف"، ولما ابتدع هؤلاء التكذيب بالقدر رده عليهم من بقي من الصحابة -رضي الله عنهم- كابن عمر وابن عباس وغيرهما. وقد تبنَّى المعتزلةُ القول بنفي القدر؛ ولذا سموا أيضًا بالقدرية، وجعلوه من أصول مذهبهم، وأدخلوه تحت ما يسمى عندهم بـ"العدل"، ومن قولهم في هذا: أن العبد هو خالق أفعاله خيرها وشرها بدون سبق قدر، وليس لله في أفعالهم صنع ولا تقدير، وأن الكفر والفسوق والعصيان أفعال قبيحة، والله منزه عن فعل القبيح وأن يضاف إليه شر وظلم وفعل هو كفر ومعصية، فلا تكون فعلا له ولا قدرها. انظر في تفصيل ذلك والردّ عليهم: "الفَرْق بين الفرق" للبغدادي ص 114 - 115، التبصير في الدين لأبي المظفر الاسفراييني ص 37 - 38، والملل والنحل للشهرستاني 1/ 43، 45، "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية 7/ 384 - 385، 8/ 258 - 261، "شرح العقيدة الطحاوية" ص 276 فما بعدها، "تاريخ الجهمية والمعتزلة" لجمال الدين القاسمي ص 71 - 73.]] ظاهر [[ظاهر: ساقطة من (د)، (ع).]]، وبيان أن مجيء الآيات لا ينفع مع القضاء السابق بالكفر، كما لم ينفع الأمم السالفة. ويزيد لهذا تأكيدًا ما روى عطاء، عن ابن عباس في قوله: ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾ يريد: كان في [[(في): ساقطة من (أ).]] علمي [[في (أ): (علي)، وهو خطأ.]] هلاكها [[ذكره القرطبي 11/ 271 عن ابن عباس.]]. فعلى هذا معنى ﴿مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾ أردنا إهلاكها بتكذيبها والتقدير الأول في ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾ هو معنى قول الكلبي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب