الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا﴾ قال المفسرون: لما رجعوا من عيدهم ونظروا إلى آلهتهم وهم جذاذ قالوا هذا القول مستفهمين عمن صنع ذلك ومنكرين عليه بقولهم: ﴿إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أي فعل ما لم يكن له أن يفعل [[الطبري 17/ 39، "الكشف والبيان" للثعلبي 3/ 31 أ. وانظر: "الدر المنثور" 5/ 636 - 637.]]. ويجوز أن يكون (مَن) ابتداء وخبره قوله: ﴿إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾، والمعني: قالوا فاعل [[(فاعل): ساقط من (ع).]] هذا ظالم، فلا يكون في الكلام استفهام [[وتكون (من) موصولة بمعنى الذي.]]. والأول الوجه [[واستظهره السمين الحلبي في "الدر المصون" 8/ 174 فتكون (من) استفهامية == وجملة (إنه لمن الظالمين) استئنافية لا محل لها من الإعراب. وانظر: "الإملاء" للعكبري 2/ 134.]]؛ لأن قول من قال: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ﴾ جواب الاستفهام. ولما قالوا هذا قال قائل منهم: أنا سمعت إبراهيم يقول ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ﴾. وهذا على قول من قال: سمع قول إبراهيم واحد منهم فأفشاه. وعلى القول الآخر: وقال الذين سمعوا، وهم الضَّعْفَى: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ﴾. والظاهر هذا القول؛ لإضافة القول إلى جماعة. ومعنى ﴿يَذْكُرُهُمْ﴾ أي: بالعيب [[في (أ): (بالغيب)، وهو خطأ.]]. وقد مر. ﴿يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ قال أبو إسحاق: يرتفع ﴿إِبْرَاهِيمُ﴾ على وجهين: أحدهما: على معنى: يقال له هو إبراهيم [[و (إبراهيم) على هذا الوجه خبر مبتدأ مضمر. انظر: "الإملاء" 2/ 134، "الدر المصون" 8/ 176.]]، وعلى النداء على معنى: يقال له: يا إبراهيم [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 396. وفي رفع (إبراهيم) وجه ثالث ذكره الزمخشري وابن عطية. قال الزمخشري 2/ 576 - 577 بعد ذكر الوجهين اللذين ذكرهما الواحدي هنا: والصحيح أنه فاعل (يقال)؛ لأن المراد الاسم لا المسمى. وبين ابن عطية في "المحرر" 10/ 164 ذلك بقوله -بعد أن ذكر الوجهين: والوَجْه عندي أنه مفعول ما لم يسم فاعله، على أن تجعل (إبراهيم) غير دال على الشخص، بل تجعل النطق دالاً علي بناء هذه اللفظة، وهذا كما تقول: (زيد وزن فَعْل) أو (زيدٌ ثلاثة أحرف) فلم تدل بوجه على الشخص بل دللت بنطقها على نفس اللفظة. فعلى قول الزمخشري وابن عطية يكون التقدير: يقال له هذا القول وهذا اللفظ، أو يطلق عليه هذا اللفظ، و (إبراهيم) نائب فاعل لـ (يقال). وقد ذكر أبو حيان في "البحر" 6/ 324 قول ابن عطية والزمخشري، وتعقبه بأن هذا مختلف في إجازته بين النحويين، فمنهم من يجيز نصب القول للمفرد مما لا == يكون مقتطعًا من جملة ولا مفردًا معناه معنى الجملة، ولا مصدرًا ولا صفة له بل لمجرد اللفظ نحو: قلت زيدًا، إلى أن قال: ومن النحويين من منع ذلك، وهو الصحيح؛ إذ لا يحفظ من لانهم: "قال فلانٌ زيدا .. وإنما وقع القول في كلام العرب لحكاية الجمل. أهـ وتعقب الألوسي 17/ 64 كلام أبي حيان بقوله (وعندي أن الآية ظاهرة فيما اختاره الزمخشري وابن عطية، ويكفي الظهور مرجحًا في مثل هذه المطالب. وقد ذكر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" 17/ 99 - 100 مسلكا يحصل به التخلص من قول المانعين، وهو أن (يقال) مُضمن لمعنى: يُدْعى أو يسمى، فكأنَّ تقدير الآية: سمعنا فتى يذكرهم يُدْعى -أو يُسَمَّى- إبراهيم. قال ابن عاشور: ورفع (إبراهيم) على أنه نائب فاعل (يقال) لأن فعل القول إذا بُني للمجهول كثيرًا ما يُضمن معنى الدعوة أو التسمية، فلذلك حصلت الفائدة من تعديته إلى المفرد البحت، وإن كان شأن فعل القول أن لا يتعدى إلا إلى الجملة أو إلى مفرد أو يسمى إبراهيم، أي: ليس هو من الناس المعروفين. وفي رفع (إبراهيم) وجه آخر ذكره أبو البقاء العكبري في "الإملاء" 2/ 134، والسمين في "الدر المصون" 8/ 176: وهو أن (إبراهيم) مبتدأ محذوف الخبر، أي: يقال له: إبراهيم فاعلٌ ذلك.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب