الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ﴾ أي: تجيرهم وتحفظهم، وقوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِنَا﴾ مؤخّر معناه التقديم، أي: آلهة من دوننا تمنعهم، وتم الكلام. ثم وصف اَلهتهم بالضعف فقال: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ﴾ [أي: فكيف تنصرهم؟. قاله ابن عباس [[ذكره أبو حيان في "البحر" 6/ 314 عن ابن عباس. وكذلك السمين الحلبي في "الدر المصون" 8/ 161. وانظر البغوي 5/ 320، وابن الجوزي 5/ 353، والرازي 22/ 174، والقرطبي 11/ 221 فقد ذكروا هذا القول من غير نسبة وذكروا التقديم والتأخير. ولم يذكره القرطبي.]]. والتقدير: آلهتهم لا يستطيعون نصر أنفسهم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ت).]]، فقوله: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ خبر ابتداء محذوف دل عليه ما قبله من ذكر الآلهة، وإذا لم تقدر على منع نفسها عما يراد بها فكيف تقدر على منع عابديها؛ كما ذكره ابن عباس. وقوله تعالى: ﴿وَلَا هُمْ مِنَّا﴾ يعني الكفار [[وقيل الضمير للأصنام. وهو مروي عن قتادة. واستظهر أبو حيان هذا القول، وقال عنه الألوسي إنه الأولى بالمقام. انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي 5/ 353، "البحر المحيط" لأبي حيان 6/ 314، "روح المعاني" للآلوسي 17/ 52.]]. ﴿يُصْحَبُونَ﴾ قال الكلبي: يقول: لا يجارون من عذابنا [[مثله في "تنوير المقباس" ص 202.]]. وقال مجاهد: لا ينصرون [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 24، والطبري 17/ 30. وذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 30 أ.]]. قال الفراء: ﴿وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ﴾ أي: يجارون، يعني الكفار [["معاني القرآن" للفراء 2/ 202.]]. وقال ابن قتيبة: أي لا يجيرهم منّا أحدٌ؛ لأن المجير صاحب الجار [[في "غريب القرآن": منها، صاحب لجاره.]] [["غريب القرآن" لابن قتيبة ص 286.]]. وعلى هذا معنى الصحبة: الإجارة، وذلك أن من صحب إنسانًا أجاره مما يخاف، تقول العرب: إنَّ لك من فلان صاحبًا، أي: يجيرك [[في (أ)، (ت): (مجيرك)، وما أثبتناه من (د)، (ع) هو الأنسب لما بعده.]] ويمنعك [[هذا كلام الفراء في "معانيه" 2/ 205 مع تصرف يسير.]]. [فلما كانت] [[مطموس في (ت).]] الصحبة تقتضي الإجارة سميت الإجارة به. والعرب تقول: صحبك الله أي: حفظك الله وأجارك، ويقولون للمسافر: في صحبة الله وكلاءته [[انظر: "صحب" في: "تهذيب اللغة" للأزهري 4/ 262، "لسان العرب" 1/ 520، "تاج العروس" للزبيدي 3/ 188.]]. وهذا وجه صحيح، وهو مروي عن ابن عباس أيضًا في رواية العوفي [[رواية العوفي عن ابن عباس يرويها المفسرون -كالطبري وابن أبي حاتم وغيرهم- من طريق محمد بن سعد العوفي، عن أبيه، عن عمه الحسين بن عطية بن سعد العوفي، عن أبيه، عن جده عطية العوفي، عن ابن عباس. وقد بين ضعف هذا الطريق السيوطي في "الإتقان" 2/ 535. وقال العلامة أحمد شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري" 1/ 263: وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء من أسرة واحدة، إن صح هذا التعبير، وهو معروف عند العلماء بتفسير العوفي.]]، قال: ولا الكفار منا يجارون [[رواه من طريق العوفي عن ابن عباس: الطبري 17/ 31، وابن أبي حاتم (كما في "تغليق التعليق" 4/ 258، وذكر سنده من طريق العوفي). وقد رواه الطبري 17/ 31 من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، بمثله. وروى الطبري 17/ 30 - 31 وابن أبي حاتم (كما في "الدر المنثور" 5/ 632) من طريق ابن جريج قال: قال ابن عباس. (يصحبون) ينصرون.]]. وهو [[(وهو): ساقط من (د)، (ع).]] معنى قول مجاهد: لا يُنصرون. وقال المازني: أصحبت الرجل أي: منعته، وأنشد للهذلي [[في (أ)، (ت): (الهذلي). ولم يتميز لي من المراد به، فالهذليون الشعراء كثير.]]: يرعى بروض الحَزْنِ من أبِّهِ ... قُرْيَانة [[(قريانة): ساقطة من (أ)، (ت). ومهملة في (ع)، و (د): (قربانة).]] في غاية [[في (أ)، (ت): (غاية). ومهملة في (د)، (ع).]] تُصْحَبُ [[في (أ)، (ع): (بصحب). مهملة وبياض في (ت). والمثبت من (د).]] [[إنشاد المازني لبيت الهذلي في "تهذيب اللغة" للأزهري 4/ 263 "صحب". وهو منسوب للهذلي في: "لسان العرب" 1/ 520 "صحب" ووقع في المطبوع: قربانه في عابه. و"تاج العروس" للزبيدي 3/ 188 (صحب). والبيت أيضًا في "مقاييس اللغة" لابن فارس 1/ 6 (أب) منسوبًا لأبي داود من إنشاد شبيل بن عزرة. وهو في ديوان أبي داود الإيادي ص 296. وهو في كتاب "الذيل والتكملة" للصغاني 10/ 185: (صحب) من غير نسبة. قال محقق كتاب "الذيل والتكملة في الحاشية": وفي حاشية نسخة (ح): (أنشد الأزهري البيت للهذلي، وليس في أشعار هذيل. وقال الدينوري في كتابه النبات -وذكر الأبّ-: وقد أنشد شبيل بن عزرة بيتا مفتعلا نسب إلى أبي داود في وصف حمار وحشي، وأنشد البيت. وهو مفتعل كما قال وليس لأبي داود. اهـ. قال المازني كما في "تهذيب اللغة" 2/ 263: أبُّه: كلؤه. قُريانه: مجاري الماء إلى الرياض، الواحد: قريّ، قال: تصحب: تُمنْع وتحفظ: اهـ.]] قال: تصحب: تمنع وتحفظ. قال: وهو من قول الله تعالى: ﴿وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ﴾ أي: يمنعون [[قول المازني في "تهذيب اللغة" للأزهري 4/ 262 - 263، و"لسان العرب" 1/ 520، و"تاج العروس" للزبيدي 3/ 188.]]. وعلى هذا قوله: ﴿يُصْحَبُونَ﴾ مهه من الإصحاب لا من الصحبة. وقال قتادة: لا يصحبون من الله بخير [[رواه الطبري 17/ 30، وابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" 5/ 632.]]. وعلى هذا ليس الصحبة بمعنى الحفظ، والمعنى: لا يصحبهم الله خيرًا، أي: لا يجعل رحمته أو كلاءته صاحبًا لهم، والباء في قوله [[يعني في قول قتادة.]] بخير للتورية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب