الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ﴾ قال ابن عباس: أي عما يراد بهم [[لم أجده.]]. وقال السدي: عما جاء به محمد -ﷺ- [[لم أجده.]]. وانتصابه على وجهين: أحدهما: إلا استمعوه لاعبين لاهية قلوبهم، لأن قوله: ﴿وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ في موضع الحال [[فيكون قوله "لاهية" حالا بعد حال من فاعل "استمعوه". وهذا قول الكسائي. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس 3/ 63، "البيان في غريب إعراب القرآن" لأبي البركات ابن الأنباري 2/ 157، "إملاء ما من به الرحمن" للعكبري 21/ 130، "الدر المصون" للسمين الحلبي 8/ 130.]]. والثاني: أن يكون منصوبًا بقوله: ﴿وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ [[فيكون منصوبًا على الحال من الضمير في "يلعبون". انظر ما تقدم من مراجع في الفقرة السابقة.]]. وهذا قول الفراء [["معاني القرآن": 2/ 198.]]، والمبرد، والزجاج [[انظر: "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 3/ 383.]]. وقوله تعالى: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى﴾ تناجوا فيما بينهم يعني المشركين الذين وُصفوا باللهو واللعب. ثم بين من هم فقال: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ قال ابن عباس: يريد الذين أشركوا [[مثله في "تنوير المقباس" ص 200.]]. وفي محل ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ وجوه [[في (ع): (وجوه)، وهو خطأ.]]: أحدها: البدل من الواو في ﴿وَأَسَرُّوا﴾ فيكون في موضع رفع [[وهذا قول سيبويه كما في "الكتاب" 2/ 41. وجود هذا القول الزجاج في "معانيه" 3/ 383، وحسنه ابن جزي الكلبي في "التسهيل" 3/ 47، واستظهره الشنقيطي في "أضواء البيان" 4/ 555.]]. قال المبرد: وهذا كقولك في الكلام: إن الذين في الدار انطلقوا بنو عبد الله. على البدل مما في انطلقوا [[ذكره البغوي 5/ 310، والقرطبي 11/ 269 هذا القول بنصه عن المبرد. ونسب أبو حيان في "البحر المحيط" 6/ 297 للمبرد القول بأن "الذين" بدل، وذكر السمين الحلبي في "الدر المصون" 8/ 132 أن هذا القول معزو للمبرّد.]]. والثاني: أن يكون رفعًا على الذم على معنى: هم الذين ظلموا. أويجوز أن يكون في موضع نصب على معنى: (أعني) [[أعني: زيادة من "معاني القرآن" للزجاج يتضح بها المعنى.]] الذين ظلموا] [[ساقط من (أ)، (ت).]] [[من قوله أن يكون رفعا .. إلى هنا. هذا نص كلام الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 383 - 384. وفي رفع "الذين" وجوه أخرى منها. الأول: أن يكون في موضع رفع بـ"أسرّوا" وسيذكره المصنف. الثاني: أن يكون "الذين" مبتدأ، و"أسروا" جملة خبرية قدمت على المبتدأ. وهذا القول حكاه الثعلبي عن الكسائي. الثالث: أن يكون الذين مرفوعًا بفعل مقدر تقديره: يقول الذين كفروا. == وحسن هذا الوجه النحاس وقال: فالدليل على صحة هذا الجواب أن بعده: "هل هذا إلا بشر مثلكم" فهذا الذي قالوه. الرابع: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، وتقديره: هم الذين ظلموا. الخامس: أنه مبتدأ، وخبره محذوف تقديره: الذي يقولون ما هذا إلا بشر مثلكم. وفي نصبه وجه آخر سوي ما ذكره الواحدي، وهو نصبه على الذمّ. انظر: "إعراب القرآن" لمكي بن أبي طالب 2/ 477، "البيان في غريب إعراب القرآن" لأبي البركات الأنباري 2/ 158، "الدر المصون" للسمين الحلبي 8/ 32 - 133.]]. ويجوز أن يكون في موضع خفض تبعًا للناس، كأنك قلت [[في (ع): (تقول).]]: اقترب للناس الذين ظلموا [[فيكون "الذين" في موضع جر نعتا "للناس". وهذا قول الفراء. انظر: "معاني القرآن" للفراء 2/ 198، "إعراب القرآن" لابن الأنباري 2/ 158. وقيل: الذين في موضع جر وهو بدل من "الناس". قال أبو حيان: وهو أبعد الأقوال. "البحر المحيط" لأبي حيان 6/ 297.]]. وقد قال قومٌ: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ في موضع رفع بأسرّوا، واستعمل الفعل مقدما كما يستعمل مؤخرا. قالوا: وعلامة الجمع ليست بضمير [[في (أ): (لضمير).]]. فيجوز: انطلقوا إخوتك، وانطلقا صاحباك، تشبيها بعلامة التأنيث، نحو: ذهبت جاريتك [[قاله أبو عبيدة، والأخفش، وغيرهما. انظر. "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 101، 2/ 35، "معاني القرآن" للأخفش 2/ 475، 632، "البحر المحيط" لأبي حيان 6/ 297، "الدر المصون" للسمين 8/ 133. وذكر الطوسي "التبيان" 7/ 204 هذا القول ونسبه لقوم كما فعل الواحدي.]]. فجعلوا الألف والواو في التثنية والجمع كهذه التاء التي تقدم لتؤذن بالتأنيث [[انظر: "الكتاب" لسيبويه 2/ 40.]]. قال الأخفش: وهذا على لغة الذين يقولون [[في (ت): (يقولوني)، وهو خطأ.]]: "أكلوني البراغيت"، و"ضربوني [[في (ع): (وضربني)، وهو خطأ.]] قومك" [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 475، 632.]]. وقال المبرد: الذي قالوه يجوز، ولكنه بعيد لا يختار في القرآن [[ذكره عن المبرّد: الطوسيُّ في "التبيان" 7/ 204. وذكر أبو حيان في "البحر" 6/ 297 أنه قيل: إنها لغة شاذة. ولم ينص على أحد. وكذا ذكر السمين في "الدر المصون" 8/ 133 أن بعضهم ضعف هذه اللغة. ثم قال أبو حيان: وقيل: والصحيح أنها لغة حسنة، وهي من لغة أزد شنوءه، وخرج عليه قوله: "ثم عموا وصموا كثير منهم" [المائدة: 71].]]. قال صاحب النظم [[تنبيه: ذهب د. جودة المهدي في كتابه "الواحدي ومنهجه في التفسير" ص 141 إلى أن صاحب النظم الذي ينقل عنه الواحدي هو الحسين بن علي بن نصر بن منصور الطوسي؛ لأن الداودي ذكر له في "طبقات المفسرين" 1/ 141 - 142 كتاب نظم القرآن. والصواب خلاف ما قال، وأن صاحب النظم هو الحسن بن يحيى الجرجاني، ولو أن د. المهدي رجع إلى كتاب "تاريخ جرجان" للسهمي لرجح هذا، مع أنه نقل عن ابن قاضي شهبة في كتابه طبقات النحاة قوله -وهو يتناول مصادر تفسير البسيط في ترجمته للواحدي- وكتاب "نظم القرآن" للجرجاني، وليس هو عبد القاهر الجرجاني كما غلط فيه الإمام فخر الدين الرازي إنّما هذا تأليف شخص ذكره حمزة السهمي في "تاريخ جرجان". ومما يدل على أن مؤلف النظم الذي ينقل عنه الواحدي هو الحسن بن يحيى الجرجاني لا الحسن بن علي الطوسي أن الثعلبي -شيخ الواحدي- ذكر الجرجاني وذكر كتابه "النظم"، فقال في مقدمة تفسيره "الكشف والبيان" 1/ 8 أ -وهو يذكر مصادره-: كتاب "النظم" == "النظم": قرأ علينا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب بلفظه قال: قرأت على أبي النضر محمد بن محمد بن يوسف بـ"طوس" قال: قرأت على أبي علي الحسن بن يحيى بن نصر الجرجاني". وتقدم أن الجرجاني يروي عنه أبو النضر -كما ذكر ذلك السهمي في "تاريخ جرجان". ويدل على ذلك أيضًا أن ابن الجوزي قال في "زاد المسير" 9/ 165: وقال الحسين -هكذا في المطبوع وهو تصحيف- بن يحيى الجرجاني، ويقال له صاحب النظم.]]: لأنه ليس من مذهب العرب أن يظهروا العدد في الفعل المتقدم للأسماء؛ لأن الفعل إذا تقدم الاسم فليس فيه ضمير، إنما هو فعل ابتدئ وصاحبه بالخيار من بعد في تفسيره بمن شاء وبما شاء، فلذلك خلا من الضمير، ووحد في الصورة. وإذا تقدمت الأسماء فالفعل معطوف عليها؛ لأنه [[(لأنه): ساقطة من (ع).]] ليس لصاحب الكلام أن يزول بالفعل عن الأسماء التي أرصدها للفعل، فإذا كان معطوفا عليها وقد أضمرت الأسماء فيها وبضمنها [[(ويضمنها) مهملة في (ع).]]، فلا بد حينئذ من إظهار العدد فقوله: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى﴾ فعل قد تقدمت الأسماء عليه، وهم الذين ذكرهم في قوله: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾، وقد تكرر ذكرهم إلى أن قال [[في (أ): (قالوا)، وهو خطأ.]]: ﴿وَأَسَرُّوا﴾ فجاء قول ﴿وَأَسَرُّوا﴾ معطوفا عليها، وصارت الأسماء مضمرة في هذا الفعل. هذا كلامه. وما ذكرنا من الوجوه في إعراب ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ قول الفراء والزجاج [[(والزجاج) ساقط من (أ).]] والكسائي والمبرد. وقوله تعالى: ﴿هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ ترجمة سرهم، أي: تناجوا بهذا القول فيما بينهم يريدون: أن محمدا بشر آدمي مثلكم، لحم ودم، ليس مثل الملائكة. ﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ قال ابن عباس: يريدون أن الذي جاء به محمد -ﷺ- سحر [[روى الطبري (17/ 3) هذا القول عن ابن زيد.]]. وقال السدي: يقولون إن متابعة محمد -ﷺ- متابعة السحر [[ذكره السيوطي في "الدر المنثور" 5/ 616، وعزاه لابن أبي حاتم في "تفسيره".]]. والمعنى: أتقبلون السحر وأنتم تعلمون أنه سحر [[ذكره الطوسي في "التبيان" 7/ 203، والحاكم الجشمي في "التهذيب" 6/ 136 أهذا القول ولم ينسباه لأحد.]]. فأطلع الله نبيه على ما تناجوا به
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب