الباحث القرآني

ولما أبطل الله تعالى أن يكون إله سواه من حيث العقل بقوله: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ أبطل جواز اتخاذ آلهة سواه من حيث الأمر بقوله: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً﴾ وهذا استفهام إنكار وتبكيت كما ذكرنا في قوله: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ﴾ وأعيد هاهنا لأنه أعيد عليهم احتجاج من وجه آخر وهو [[(وهو): ساقط من (د)، (ع).]] قوله: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ أي: بينتكم [[في (ت): (بينكم).]] على ما تقولون من جواز اتخاذ إله سواه. ﴿هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ﴾ [[موضع هذا بياض في (ت).]] يعني القرآن يقول: فيه خبر [[في (ت): (خير).]] من معي على ديني ممن يتبعني إلى يوم القيامة بما لهم من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية. ﴿وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي﴾ من المفسرين من يجعل هذا أيضًا من صفة القرآن يقول: معناه: وخبر من قبلي من الأمم السالفة وما فعل الله بهم في الدنيا وما هو فاعل بهم في الآخرة. وهذا مذهب السدي والكلبي [[ذكره الرازي 22/ 158 عن السدي، ونسبه أيضًا لسعيد بن جُبير وقتادة ومقاتل. ولم أجد من ذكره عن الكلبي وقد روى الطبري 17/ 15 هذا المعنى عن قتادة.]]. وعلى هذا المعنى: أنه لما طالبهم بالبرهان على ما هم عليه من الشرك أمره أن يذكر لهم برهانه على ما هو عليه من التوحيد وهو القرآن الذي فيه ما تحتاج إليه هذه الأمة من الأحكام مع أخبار الأمم السالفة. وقال ابن عباس -في رواية عطاء- في قوله: ﴿وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي﴾: يريد التوراة والإنجيل وما أنزل الله من الكتب [[ذكره البغوي 5/ 314 من رواية عطاء، عن ابن عباس.]]. وهذا القول هو اختيار الزجاج وعبد الله بن مسلم [[هو ابن قتيبة، وقوله في كتابه "غريب القرآن" ص 285.]] وصاحب النظم. والمعنى على هذا القول: ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ هذا القرآن وهذه الكتب التي أنزلت قبلي، فانظروا هل في واحد من الكتب أن الله أقر باتخاذ إله [سواه؟ فبطل بهذا البيان جواز اتخاذ معبود] [[ساقط من (أ)، (ت).]] سواه من [[موضع (سواه من) بياض في (ت).]] حيث الأمر بذلك. قال أبو إسحاق: قيل لهم: هاتوا برهانكم بأن رسولاً من الرسل [[في (أ)، (ت): (الرسول)، وهو خطأ.]] أنبأ أمته بأن لهم إلهاً غير الله فهل في ذكر من معي وذكر من قبلي إلا توحيد الله [["معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 3/ 389.]]. وقال صاحب النظم: لما قال عز وجل: ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾، أي: حجتكم على ما تفعلون قال لنبيه -ﷺ- قل لهم: ﴿هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ﴾ أي القرآن الذي أنزل علي ﴿وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي﴾ أي: ما عند اليهود والنصارى، هل فيه شيء [[شيء: ليست في (د)، (ع).]] أني أذنت لأحد، أو أمرته بأن يتخذ إلهاً دوني؟ وهل في ذلك [[في (أ)، (ت): (ذكر).]] كله إلا أني أنا الله وحدي لا شريك لي؟ فلما توجهت الحجة عليهم ذمهم على جهلهم بمواضع الحق وتركهم للتأمل والتفكر فقال: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾. ويدل [[في (ع): (يدل).]] على صحة هذا المعنى قوله تعالى بعد هذا: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب