الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ﴾ أي: لحقهم كقوله. ﴿فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ﴾ [الأعراف: 175] وقوله: ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ [الصافات: 10]، والباء في ﴿بِجُنُودِهِ﴾ في موضع حال من الفاعل على معنى ومعه جنوده، كما يقال: ركب بسلاحه، وخرج بثيابه، وهذا اللحاق إنما كان أن أول مقدمة فرعون قرب من ساقة قوم موسى وهم يعبرون البحر، أو يحمل على الإشراف على اللحاق والقرب منه [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 370، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 241.]]. ويجوز أن كون اتبع مطاوع تبع كقوله: ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً﴾ [هود: 99]، وقوله تعالى: ﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً﴾ [القصص: 42]، والباء على هذا تكون زائدة، كما يزاد في كثير من المفعولات نحو [[هذا جزء من عجز بيت ينسب إلى الراعي النميري وتمامة: هُنْ الحَرائِرُ لا رَبَاتُ أَحْمِرة ... سُودُ المحَاجِر لا يَقْرأْنَ بالسُّوَرِ انظر: "ديوانه" 122، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 241، "أدب الكاتب" 521، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 4، "خزانة الأدب" 9/ 107، "المخصص" 14/ 70، "مجالس ثعلب" ص 365، "شرح أبيات المغني" 1/ 128، "لسان العرب" (سود) 4/ 2141.]]: لاَ يَقْرأَنَ بالسُّورِ وروي عن أبي عمرو أنه قرأ: فأتبعهم موصولة [[قرأ عبيد عن هارون عن أبي عمرو (فأتبعهم فرعون) موصولة. انظر: "الحجة للقراء السبعة" 5/ 240.]]. وعلى هذا الباء للتعدية؛ لأن اتبع بمعنى تبع كما يقال: شوى واشتوى، وحفى واحتفى، وفدى وافتدى والمعنى: لحق جنوده بهم [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 241، "إملاء ما من به الرحمن" 1/ 125.]]. قال أبو إسحاق: (وجائز أن يكون معهم على هذا اللفظ، وجائز أن لا يكون، إلا أنه قد كان معهم) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 370.]]. وقوله تعالى: ﴿فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ قال ابن عباس: (يريد: الغرق) [[ذكره كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" 16/ 191، "تفسير كتاب الله العزيز" 3/ 45، "النكت والعيون" 3/ 416، "معالم التنزيل" 5/ 287 "زاد المسير" 5/ 316.]]. وقال أبو إسحاق: فغشيهم من البحر ما غَرَّقَهم) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 370.]]. وشرح ابن الأنباري هذا فقال: (يسأل فيقال: ما الفائدة في قوله: ﴿مَا غَشِيَهُمْ﴾؟ فيقال: المعنى غشيهم من اليم البعض الذي غشيهم [لأنه لم يغشهم كل مائه، بل الذي غشيهم] [[ما بين المعقوفين ساقط من الأصل ومن نسخه: (ص)]] بعضه فقال الله تعالى: ﴿مَا غَشِيَهُمْ﴾ ليدل على أن الذي غرقهم بعض الماء وأنهم لم يغرقوا بجميعه) [[ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" 5/ 311، وأورد نحوه بلا نسبة الزمخشري في "الكشاف" 2/ 547، "البحر المحيط" 6/ 264.]]. هذا كلامه. وأجود منه ما ذكره محمد بن يزيد الثمالي وهو أنه قال: (معناه: غشيهم من اليم ما عرفتم أنه غشيهم) [[ذكر نحوه في "الكامل" 1/ 44.]]. كما قال أبو النجم [[هذا الرجز لأبي النجم. انظر: "الخزانة" 1/ 439، "الأغاني" 9/ 75، "الكشاف" 4/ 59، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 178، "المصنف" 1/ 10، "الخصائص" 3/ 337.]]: أَنا أَبُو النَّجْمِ وشِعْرِي شِعْرِي أي: شعري ما قد عرفتم. وقال سيبويه: (من كلام العرب: إن فعلت كذا وكذا فأنت أنت، أي: أنت كما تعرف، ويقولون: الناس ناس، أي: هم كما قد عرفتم) [[لم أقف عليه.]]. ومعنى ﴿غَشِيَهُمْ﴾ علاهم وسترهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب