الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا﴾ وقرئ: مهدًا [[قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وابن عامر: (مهادا) بالألف. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: (مهدا) بغير ألف. انظر: "السبعة" ص 418، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 223 "التبصرة" ص 259، "المبسوط في القراءات" ص 248.]]. قال أبو علي: (المهد مصدر كالفرش، والمهاد مثل الفِراش والبِساط، وهما اسم ما يفرش ويبسط، ويجوز أن يكون المهد استعمل استعمال الأسماء فجمع كما يجمع فَعْل على فِعَال والأول أبين، قال: ويجوز أن يكون المعنى في قوله: ﴿مَهْدًا﴾ ذات مهد، فيكون في المعنى كقول من قال: مهادًا) [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 223.]]. وقوله تعالى: ﴿وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا﴾ السلك: إدخال الشيء في الشيء يسلكه فيه قال الله تعالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ [المدثر: 42]، والطاعن يسلك الرمح في المطعون [[انظر: "تهذيب اللغة" (سلك) 2/ 173، "مقاييس اللغة" (سلك) 3/ 97 ، "القاموس المحيط" (سلك) ص 943، "الصحاح" (سلك) 4/ 1591، "لسان العرب" (سلك) 4/ 2073.]]. أدخل في الأرض لأجلكم طرقًا تسلكونها، كما قال ابن عباس: (سهل لكم فيها طرقًا) [["معالم التنزيل" 5/ 278، وذكره الطبري في "تفسيره" 16/ 174 بدون نسبة.]]. ولما كانت الطرق المسلوكة ممتدة على الأرض ظاهرة عليها جعلت كأنها مسلوكة فيها، وإن كانت من الأرض تشبيهًا بالشيء الذي يسلك في الشيء. ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ يعني: المطر ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ﴾ قال صاحب النظم: (تم الإخبار والحكاية عن موسى عند قوله: ﴿مَاءً﴾ ثم أخبر الله تعالى عن نفسه متصلاً بالكلام الأول بقوله: ﴿فَأَخْرَجْنَا﴾ يدل على هذا قوله: ﴿كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ﴾ [طه: 54]، قال: وقد قيل: إن معناه مضاف إلى موسى على تأويل: الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا نحن معاشر عباده ﴿بِهِ﴾ بذلك الماء ﴿أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى﴾ على الحراثة، أي: إنما حرثناه بذلك الماء، ولولا ذلك الماء ما نبت كما قال سبحانه: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ﴾ [الواقعة: 63]، فأضاف الحراثة إليهم) [[لم أقف على قول صاحب النظم. وذكر نحوه "المحرر الوجيز" 10/ 40، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 29، "التفسير الكبير" 22/ 68، "روح المعاني" 16/ 206.]]. وقوله: ﴿أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى﴾ قال ابن عباس: (يريد أصنافًا من النبات مختلفة) [["جامع البيان" 16/ 174، "الدر المنثور" 4/ 539.]]. وقال الكلبي: (﴿شَتَّى﴾ مختلفاً ألوانه أبيض وأحمر وأخضر وأصفر كل لون منها زوج) [[ذكره البغوي في "تفسيره" 5/ 278 بدون نسبة.]]. وقال الفراء: (﴿شَتَّى﴾ مختلف الألوان والطعوم) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 181.]]. والزوج: اللون، والأزواج: الألوان، قال الأعشى [[البيت للأعشى. والديباج: ضرب من الثياب. والحبوة: الثوب الذي يحتبى به. انظر: "ديوانه" ص 108، "تهذيب اللغة" (زاج) 2/ 1497، "لسان العرب" (زوج) 3/ 1886.]]: وَكُلُّ زَوْجٍ منْ الدَّيْبَاجٍ يَلْبَسُهُ ... أَبُو قُدَامَةَ مَحْبُوا بِذَاكَ مَعَا وتقدم الكلام في معاني الزوج [[عند قوله سبحانه ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الرعد: 3].]]. وقوله تعالى: ﴿شَتَّى﴾ معناه: مختلف متفرق، ولا واحد له من لفظه، مثل: فوضى، يقال: شتَّ الشيء إذا تفرق، يَشِتُّه شَتَّا وشَتَاتًا وشَتّتَه إذا فرقه، وأَشَتَّه وشَتّتَه ويقال: وقعوا في أمرٍ شَتّ وشتَّى [[انظر: "تهذيب اللغة" (شت) 2/ 1825، "مقاييس اللغة" (شت) 3/ 177، "القاموس المحيط" (شت) ص 154، "الصحاح" (شت) 1/ 254، "لسان العرب" (شت) 4/ 2192، "المفردات في غريب القرآن" (شتت) ص 255.]]. و ﴿شَتَّى﴾ في هذه الآية نعت للأزواج؛ لأن المراد ألوان مختلفة، ويجوز أن يكون من نبات [["الكشاف" 2/ 540، "البحر المحيط" 6/ 251، "إملاء ما من به الرحمن" 1/ 122.]]. قال الأخفش: (كل ذلك مستقيم) [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 631.]]. ذكر ابن الأنباري القولين فقال: (النبات يقع على جمع لا ينفرد واحده، وكذلك ﴿شَتَّى﴾) [[أورده بلا نسبة في "الكشاف" 2/ 540، "زاد المسير" 5/ 292، "التفسير الكبير" 22/ 69، "البحر المحيط" 6/ 251.]]. وذهب بها مذهب: عطشى، وكسلى، وإن قدر واحد النبات نباتة، وواحد شَتَّى شَتيت صح ووضح التشاكل، وإن حمل ﴿شَتَّى﴾ على أزواج، وقدر أزواجًا شَتَّى من نبات فهو معنى صحيح.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب