الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ قال أكثر المفسرين: (أخفيها من نفسي)، وهذا قول سعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء بن السائب [["جامع البيان" 16/ 149، "بحر العلوم" 2/ 338، "النكت والعيون" 3/ 397، "معالم التنزيل" 5/ 267، "زاد المسير" 5/ 275.]]. وهذا التفسير موافق لما روي: أن في مصحف أبي: (أكاد أخفيها من نفسي) [["بحر العلوم" 2/ 338، "النكت والعيون" 3/ 397، "معالم التنزيل" 5/ 267، "الكشاف" 2/ 532، "زاد المسير" 5/ 276.]]، (فكيف يعلمها مخلوق)، وفي بعض القراءات: (أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها) [["معالم التنزيل" 5/ 267، "الكشاف" 2/ 532، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 185، "الكشف والبيان" 3/ 16.]].
قال أبو إسحاق: (والله أعلم بحقيقة هذا التفسير) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 352.]]. وكأنه لم يعلم (معنى) [[زيادة من (ص).]] هذا، وعلمه قطرب، والمبرد، وابن الأنباري، قال قطرب: (هذا على عادة مخاطبة العرب بعضهم بعضًا، إذا بالغوا في كتمان السر: كتمته حتى من نفسي، والمعنى لم أطلع عليه أحدًا) [[ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" 5/ 276، والقرطبي 11/ 185.]]. وأنشد [[ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 16 ب بدون نسبة، وكذلك القرطبي في == "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 185، وذكره "البحر المحيط" 6/ 233 بدون نسبة بلفظ:
أيام تصحبني هند وأخبرها ... ما كدت أكتمه عني من الخبر]]: أيامَ تَصْحَبني هِنْد وَأخبرُها ... ما أكتم النَّفْسَ مِنْ حَاجِي وأَسْرَارِي
أي: أخبرها بما لا أطلع عليه أحدًا، هذا معناه.
وقال المبرد: (هذا مستعمل في الكلام وجار على الأفواه أن يقول القائل -إذا أراد أن يستر شيئًا سترًا شديدًا-: أنا أسر هذا من نفسي، وأكاد أسره من نفسي. أي: أقارب ذلك، فيأتي على جهة المثل، وعلى المبالغة في ستر الشيء) هذا كلامه [[ذكرته كتب التفسير. انظر: "زاد المسير" 5/ 276، "البحر المحيط" 6/ 233، "مجمع البيان" 7/ 11، "فتح القدير" 3/ 513.]]. وعلى هذا معنى الآية: إن الله تعالى بالغ في إخفاء الساعة، فذكره بأبلغ ما تعرفه العرب في مثله. وهذا موافق لما قال ابن عباس في تفسيره: (قد أخفها من الملائكة يقول: لا أظهر عليها أحداً). قاله في رواية سعيد بن جبير والوالبي [["تفسير القرآن العظيم" 3/ 160، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 185، "الدر المنثور" 4/ 525.]].
والمعنى: أنه لم يطلع على وقت قيام الساعة ملكًا مقربًا، ولا نبيًا، حتى لو جاز أن يخفيه عن نفسه أخفاها.
قال ابن الأنباري: (والمعنى في إخفائها التهويل والتخويف؛ لأن الناس إذا لم يعلموا متى تقوم الساعة كانوا على حذر منها كل وقت) [[ذكرته كتب التفسير. انظر: "المحرر الوجيز" 10/ 15، "زاد المسير" 5/ 276، "البحر المحيط" 6/ 233.]]. هذا معنى قول المفسرين في هذه الآية [["جامع البيان" 16/ 149، "النكت والعيون" 3/ 397، "المحرر الوجيز" 10/ 5.]]. وكاد -على قولهم- للمقاربة.
ولأهل المعنى وجوه من التأويل، قال ابن الأنباري وهو قول الأخفش: (﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾: أريد أخفيها) [[و [[انظر: "تهذيب اللغة" (خفي) 1/ 1070، "لسان العرب" (خفا) 2/ 1216.]] "الأضداد" لابن الأنباري ص 97.]].
وعلى هذا ﴿أَكَادُ﴾ لا يكون للمقاربة، ولا يحتاج أن يقال: من نفسي، يقول الله تعالى: أريد إخفاء الساعة.
قال أبو بكر: (ويجوز أن يكون ﴿أَكَادُ﴾ مزيدًا للتوكيد فيكون المعنى: إن الساعة آتية أخفيها) (¬2). ونذكر جواز زيادة كاد عند قوله: ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ [النور: 40]، إن شاء الله.
وقال قطرب: (يقال: أخفيت الشيء: إذا كتمته، وأخفيته: إذا أظهرته، كما يقال: أسررت الشيء بالمعنيين) [["تهذيب اللغة" (خفى) 1/ 1070.]].
وذكر أبو عبيد: أخفيت بالمعنيين جميعًا [["مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 16.]].
وهذا أيضًا مذهب أبي عبيدة في هذه الآية قال: (أخفيها أظهرها) [[البيت لامرئ القيس. انظر: "ديوانه" 1/ 1070، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 17، "الأضداد" لابن الأنباري ص 96، "تهذيب اللغة" (خفى) 1/ 1070 ، "لسان العرب" (خفا) 2/ 1216.]]. واحتج بقول الشاعر (¬6):
فَإِنْ تَكْتِمُوا الدَّاءَ لاَ نُخْفِهِ ... وَإِنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لاَ نَقْعُدِ
رواه بضم النون، وغيره يرويه بفتحها من خفاء إذا أظهر.
وقال أبو الفتح الموصلي: (﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ تأويله عند أهل النظر: أكاد أظهرها. وتلخيص هذه اللفظة: أكاد أزيل عنها خفاها، وخفاء كل شيء: غطاؤه، من ذلك خفاء القِرْبة للكساء الذي يكون عليها. وأَفْعلت يأتي والمراد به السَّلْب والنفي، كقولهم: أَعْجَمْت الكتاب وأَشْكَلته أي: أزلت عجمته وإشكاله، وأَشْكيته أزلت ما يشكوه) [["سر صناعة الإعراب" 1/ 38]].
وهذا الذي ذهبوا إليه في معنى الآية يوافق قول ابن عباس في رواية عطاء قال: (يريد: أكاد أظهرها) [[ذكرته كتب التفسير بدون نسبة.
انظر: "جامع البيان" 16/ 149، "الكشف والبيان" 3/ 16 ب، "بحر العلوم" 3/ 338، "المحرر الوجيز" 10/ 15، "زاد المسير" 5/ 277، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 160.]]. وعلى هذا معنى الآية: إن الله تعالى أخبر عن إرادته إظهار الساعة كما قال: ﴿لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأعراف: 187]. غير أن هذا المعنى أصح في قراءة من قرأ: (أَخفيها) بفتح الألف [[قرأ سعيد بن جبير: (أكاد أخفيها) بفتح الألف.
انظر: "جامع البيان" 16/ 150، "الكشاف" 2/ 430، "تهذيب اللغة" (خفى) 1/ 1070، "المحتسب" 2/ 47.]]؛ لأن كلام العرب الجيد: خفيت الشيء: أظهرته، وأخفيته: سترته.
قال الأزهري: (هذه اللغة الجيدة) [["تهذيب اللغة" (خفي) 1/ 1070.]]. وقد روي: خفيت بالمعنيين المتضادين، كما روى أخفيت، وكتاب الله تعالى يفسر بأفصح اللغات. وروي عن بعض أهل اللغة في هذه الآية وجه آخر وهو أن المعنى: الساعة آتية أكاد، وتم الكلام هاهنا [["جامع البيان" 16/ 152، "النكت والعيون" 3/ 973، "المحور الوجيز" 10/ 15، "المكتفى في الوقف والابتداء" ص 379.]]. والمعنى: أكاد أن آتي بها، ثم ابتدأ فقال: أخفيها، والمعني: لكني أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعى، وهذا وجه لا بأس فيه [[والقول الأول هو قول جمهور المفسرين، قال ابن جرير الطبري -رحمه الله- في "تفسيره" 16/ 150: (والذي هو أولى بتأويل الآية من القول قول من قال: معناه أكاد أخفيها من نفسي؛ لأن تأويل أهل التأويل بذلك جاء. وإنما وجهنا معنى أُخفيها بضم الألف إلى معنى أسترها من نفسي؛ لأن المعروف من معنى الإخفاء في كلام العرب الستر، يقال: قد أخفيت الشيء إذا سترته، وأما وجه صحة القول في ذلك فهو أن الله تعالى ذكره خاطب بالقرآن العرب على ما يعرفونه من كلامهم وجرى به خطابهم بينهم، وإنما اخترنا هذا القول على غيره من الأقوال لموافقة أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين إذ كنا لا نستجيز الخلاف عليهم فيما استفاض القول به منهم، وجاء عنهم مجيئًا يقطع العذر، والذي ذكر عن سعيد بن جبير من قراءة ذلك بفتح الألف، قراءة لا أستجيز القراءة بها لخلافها قراءة الحجة التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به نقلاً مستفيضًا).]].
وقوله تعالى: ﴿لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ﴾ قال ابن الأنباري: (من قال: أخفيها معناه: أظهرها، جعل اللام في ﴿لِتُجْزَى﴾ من صلة أخفيها، والمعنى: أظهرها للجزاء، ومن قال: أخفيها: أسترها، جعل اللام معلقة بقوله: إن الساعة آتية لتجزي كل نفس) [["الأضداد" لابن الأنباري ص 96.]].
وبهذا قال الزجاج [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 353.]].
وقوله تعالى: ﴿بِمَا تَسْعَى﴾ بما تعمل من خير وشر.
{"ayah":"إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِیَةٌ أَكَادُ أُخۡفِیهَا لِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا تَسۡعَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق