الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ﴾ أي: في تأخير العذاب عن هؤلاء الكفار إلى يوم القيامة وهو قوله: ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴾ يعني القيامة وهو عطف على الكلمة، وقد أخر عن موضعه والتقدير: ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزامًا [["جامع البيان" 16/ 232، "الكشف والبيان" 3/ 26 أ، "بحر العلوم" 2/ 358، "النكت والعيون" 2/ 432، "الدر المنثور" 4/ 559.]]. هذا قول الجميع. وقال مجاهد: [﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴾ يعني الدنيا [["جامع البيان" 16/ 232.]]. وعلى هذا الأجل في تركهم عن العذاب، ومن قال: هو القيامة] [[ما بين المعقوفين مكرر في الأصل وفي نسخة (س).]] فهو أجل تعذيبهم، واللِزَام يجوز أن يكون فعالا من الملازمة، ويجوز أن يكون مصدرًا كاللزوم، والمعنى: لكان العذاب لازمًا لهم، فهو مصدر وصف به، وأضمر اسم كان، وهو العذاب لتقدم ذكره وللعلم به [[انظر: "تهذيب اللغة" (لزم) 4/ 3260، "القاموس المحيط" (لزم) 4/ 175، "الصحاح" (لزم) 5/ 2029، "لسان العرب" (لزم) 7/ 4027.]]، والمعنى: لعذبوا في الدنيا ولزمهم العذاب كما لزم القرون الماضية لما كذبوا الرسل، هذا معنى الآية. وقال أبو عبيدة: (اللزام: الفيصل) [["مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 32.]]. ونحو هذا روى ثعلب عن ابن الأعرابي: (اللَّزْمُ: فصل الشيء من قوله تعالى: ﴿لَكَانَ لِزَامًا﴾ أي: فيصلاً) [["تهذيب اللغة" (لزم) 4/ 3260.]]. وعلى هذا معنى الآية: لكان العذاب فصلاً بينك وبين قومك، أي: لوقع الفصل بتعذيبهم، وتخبط المفسرون في تفسير اللِّزَام فقالوا: (أخذا وموتًا، وعذاب يوم بدر) [[بدر: هو ماء مشهور بين مكة والمدينة، أسفل وادي الصفراء، بينه وبين المدينة ثمانية وعشرون فرسخًا، وفيه حصلت الموقعة المشهورة بين المسلمين وكفار قريش في رمضان سنة 2 للهجرة، وبدر الآن فيها إمارة متابعة لإمارة المدينة المنورة، وغالب سكانها بنو سالم بن حرب. انظر: "معجم ما استعجم" 1/ 231، "معجم البلدان" 1/ 357، "معجم المعالم الجغرافية" 41، "مراصد الاطلاع" 1/ 170، "قاموس الأمكنة والبقاع" ص 46.]] [["جامع البيان" 16/ 232، "النكت والعيون" 3/ 432، "المحرر الوجيز" 10/ 111، "زاد المسير" 5/ 333، "الدر المنثور" 4/ 559.]]. وكلل ذلك وَهْم لا يصح تفسير اللزام به، وتصحيحه أن يقال: لكان الأخذ أو الموت أو القتل كما وقع ببدر لزامًا، أي: لازما لهم فالذي ذكروا في تفسير اللزام هو تفسير المضمر من اسم كان لا تفسير اللزام [[قال ابن جرير الطبري -رحمه الله- في "تفسيره" 16/ 232: (ولولا كلمة سبقت من ربك يا محمد أن كل من قضى له أجلاً فإنه لا يخترمه قبل بلوغه أجله ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴾ يقول وقت مسمى عند ربك سماه لهم في أم الكتاب وخطه فيه هم بالغوه ومستوفوه لكان لزامًا يقول للازمهم الهلاك عاجلاً). وانظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة 209، "غريب القرآن" 283، "معاني القرآن" للفراء 2/ 195، "معاني القرآن" للزجاج 3/ 380.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب