الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ﴾ يجوز أن تكون ﴿مِن﴾ هو للتبعيض فيكون المعنى: شيئًا من الصالحات، ويجوز أن تكون للجنس فيكون المعنى: ومن يعمل الصالحات ﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ جملة في موضع نصب على الحال. وقوله تعالى: ﴿فَلَا يَخَافُ﴾ في موضع جواب الشرط، والمبتدأ محذوف مراد بعد الفاء، المعنى: فهو لا يخاف [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 252.]]. وهذا كقوله: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾ [المائدة: 95]، ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا﴾ [البقرة: 126]، ﴿فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ﴾ [الجن: 13]. وقرأ ابن كثير: فلا يخف على النهي [[قرأ نافع، وابن عامر، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: (فلا يخاف) بالألف على الخبر. وقرأ ابن كثير المكي: (فلا يخف) على النهي. انظر: "السبعة" ص 424، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 251، "حجة القراءات" ص 464، "المبسوط في القراءات" ص250.]]. وهو حسن؛ لأن المعنى: ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فيأمن؛ لأنه لم يفرط فيما وجب عليه، ونهيه عن الخوف أمر بالأمن، ولفظ الآية في قوله: فلا تخف على النهي، والمراد الخبر بأن المؤمن الصالح لا خوف عليه، وإذا كان كذلك كان معنى القراءتين واحد [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 252.]]. وقوله تعالى: ﴿ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾ قال الفراء: (تقول العرب: هضمت لك من حقي أي: تركته) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 193.]]. وقال المبرد، والزجاج: (الهضم النقص، يقال: فلان هضمني حقي، أي: نقصني، وكذلك هذا يهضم الطعام أي: ينقص ثقله) [["معاني القرآن" للزجاج 2/ 377.]]. ومنه للدواء هَاضوم؛ لأنه يقع في الطعام الذي كظ فيهضمه، وقيل للخميص البطن: هضم [[انظر: "تهذيب اللغة" (هضم) 4/ 3767، "مقاليس اللغة" (هضم) 6/ 55، "القاموس المحيط" (هضم) 4/ 191، "لسان العرب" (هضم) 8/ 4672، "المفردات في غريب القرآن" (هضم) 543.]]. وقال أبو عبيدة: (﴿وَلَا هَضْمًا﴾ نقيصة [["مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 31.]]، وأنشد للبيد [[البيت للبيد بن ربيعة العامري. غَذْمَر: المغذمر الذي يركب الأمور فيأخذ من هذا ويعطي هذا ويدع لهذا من حقه، ويقال للرئيس الذي يسوس عشيرته بما شاء من عدل وظلم: مغذمر. انظر: "ديوانه" ص 179، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 31، "شرح القصائد العشر" للتبريزي ص 205، "شرح المحلقات السبع" للزوزني ص 250، "تهذيب اللغة" (غذمر) 3/ 2642، "لسان العرب" (غذمر) 6/ 3222.]]: ومُقَسِّمٌ يُعْطِي العَشِيْرَةَ حَقَّهَا ... ومُغَذْمِرٌ لِحُقُوقِهَا هَضَّامُهَا قال ابن عباس في رواية الوالبي: (لا يخاف أن يظلم فيزاد عليه في سيئاته، ولا أن يهضم من حسناته) [["جامع البيان" 16/ 218، "الكشف والبيان" 3/ 25/ ب، "النكت والعيون" 3/ 428، "معالم التنزيل" 5/ 296، "زاد المسير" 5/ 324، " الدر المنثور" 4/ 552.]]. ونحو هذا قال الحسن [["جامع البيان" 16/ 217، "الكشف والبيان" 3/ 25 ب، "تفسير كتاب الله العزيز" 3/ 53، "النكت والعيون" 3/ 428.]]. وقال في رواية عطاء: (لا ينتقص من ثوابه، ولا يحط من حسناته) [[ذكرت نحوه كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" 16/ 218، "المحرر الوجيز" 10/ 97، "النكت والعيون" 3/ 428، "معالم التنزيل" 5/ 297، "زاد المسير" 5/ 324.]]. وأجاد الضحاك في قوله: (لا يخاف ظلما): (لا يؤخذ بذنب لم يعمله {وَلَا هَضْمًا} لم يبطل حسنه عملها) [["الكشف والبيان" 3/ 25 ب، "معالم التنزيل" 5/ 297، "زاد المسير" 5/ 324، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 184.]]. وقال الكلبي: (﴿فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا﴾ يعنىِ ذهابا لعمله كله ﴿وَلَا هَضْمًا﴾ يقول: لا ينتقص من عمله شيء) [[ذكرت نحوه كتب التفسير بدون نسبة انظر: "جامع البيان" 16/ 216، "المحرر الوجيز" 10/ 97، "معالم التنزيل" 5/ 297، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 185، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 249.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب