الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ﴾ قال ابن عباس في رواية الوالبي، وقتادة: (ذلت) [["تفسير القرآن" للصنعاني 2/ 18، "جامع البيان" 16/ 216، "بحر العلوم" 2/ 355، "النكت والعيون" 3/ 427، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 248، "الدر المنثور" 4/ 552.]]. وقال مجاهد، وسفيان: (خشعت) [["جامع البيان" 16/ 216، "النكت والعيون" 3/ 427، "تفسير سفيان الثوري" ص 196.]]. وقال السدي: (استسلمت) [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 3/ 25 بدون نسبة.]]. قال عطاء عن ابن عباس: (خضعت) [["الدر المنثور" 4/ 552، وذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 52 بدون نسبة، وذكره ابن الملقن في "تفسير غريب القرآن" ص250.]]. قال أبو إسحاق: (معنى ﴿وَعَنَتِ﴾ مهو في اللغة: خضعت، يقال: عَنَا يَعْنُوا إذا خَضعَ، ومنه يقال: أخذت البلاد عَنْوَةً إذا أخذت غَلَبَة، وأُخِذت بِخِضوعٍ من أهلها) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 377.]]. وقال أهل المعاني: (معنى ﴿وَعَنَتِ﴾ خضعت وذلت خضوع الأسير في يد المالك القاهر له، والعاني: الأسير لخضوعه وذله) [[انظر: "تهذيب اللغة" (عنا) 3/ 2580، "مقاييس اللغة" (عني) 4/ 146، "القاموس المحيط" (عنوت) 4/ 267، "الصحاح" (عنا) 6/ 2440، "لسان العرب" (عنت) 5/ 3120، "المفردات في غريب القرآن" (عنت) 349.]]. قال أبو عبيدة: (وكل من ذل واستكان فقد عَنَا، والاسم منه العنوة [[ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (عنا) 3/ 2585، وورد نحوه مختصرًا في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 30.]]. وأنشد للقطامي [[البيت لعمر القطامي. انظر: "ديوانه" ص 35، "تهذيب اللغة" (عنا) 3/ 2580، "معجم مقاييس اللغة" (عني) 4/ 146، "لسان العرب" (عنن) 5/ 3139.]]: وَنأَتْ بِحَاجَتِنَا وَرُبَّتَ عَنْوَةٍ ... لَكَ مِن مَوَاعِدِها التي لَمْ تَصْدُقِ أي: رب ذلة وخضوع منك لها لأجل مواعدها. ومن هذا يقال: أخذت الشيء عَنْوَة أي: غلبة بذل المأخوذ منه، ومن صريح التفسِر وعنت. قال: (والعاني الأسير، والعاني العبد) [["مجاز القرآن" 2/ 30، "تهذيب اللغة" (عنا) 3/ 2580.]]. وقال الفراء: (عَنَا يَعْنُوا عَنْوا إذا خضع، وقولهم: أخذت الشيء عَنْوة يكون غلبة، ويكون عن تسليم وطاعة ممن يؤخذ منه الشيء؛ لأنه على طاعة الذليل للعزيز) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 192.]]. وأنشد أهل التفسير في ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ﴾ بمعنى: ذلت وخضعت، قول أمية [[البيت لأمية بن أبي الصلت. انظر: "الكشف والبيان" 3/ 25، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 248.]]: مَلِيكٌ عَلَى عَرْشِ السَّمَاء مُهَيْمِنٌ ... لِعِزَّته تَعْنُو الوجُوهُ وتَسْجُدُ وفسر طلق بن حبيب [[تقدمت ترجمته في سورة الإسراء.]] عَنْو الوجوه في هذه الآية: (بالسجود) [["جامع البيان" 16/ 216، "الكشف والبيان" 3/ 25 أ، "النكت والعيون" 3/ 428، "معالم التنزيل" 5/ 296، "المحرر الوجيز" 10/ 96، "الدر المنثور" 4/ 552.]]. هذا الذي ذكرنا قول أكثر أهل التأويل. وقال الكلبي: (وعملت الوجوه. قال: ويقال نصبت) [["النكت والعيون" 3/ 427، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 248.]]. واختاره الفراء فقال في تفسيره: (يقال: نصبت به، وعملت له) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 192.]]. وعلى هذا عَنَت من العَنَا بمعنى التعب، والعَنَا: الحبس في شدة وذل، هذا أصل معناه، ثم قيل لكل تعب: عَنَا، يقال: لقيت من فلان عَنْيَة وعَنَاء أي: تَعَبا، وعَنَّيْتُه أُعَنِّيه تَعْنِية إذا أسرته فحبسته مضيقا عليه في الشدة، وكل حبس طويل عَنية [[انظر: "تهذيب اللغة" (عنا) 3/ 2580، "مقاييس اللغة" (عني) 4/ 146، "القاموس المحيط" (عنوت) 4/ 367، "الصحاح" (عنا) (6/ 2440، "لسان العرب" (عنت) 5/ 3120.]]، ومنه قول الشاعر [[البيت للوليد بن عقبة يخاطب فيه معاوية رضي الله عنهما. السَّدِمُ: الذي يرغب عن فحلته فيحال بينه وبين الافه ويقيد إذا هاج، فيرعى حوالي الدار، وإن سأل جعل له حجام يمنعه عن فتح فمه. الهدير: تردد صوت البعير في حنجرته. الريم: البراح يقال: ما يريم يفع ذلك أي: ما يبرح، وريم المكان: أقام به. انظر: "تهذيب اللغة" (عني) 3/ 2580، "الصحاح" (عنا) 6/ 2441، "لسان العرب" (سدم) 4/ 1976.]]: قَطَعْتَ الدَّهْرَ كَالسَّدِمِ المُعَنَّى ... تُهَدِّرُ في دِمَشْقَ ومَا تَرِيمُ قال ابن قتيبة: (والعاني بمعنى الأسير) [["تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة 282.]]. من هذا، فالقولان إذًا يعودان إلى أصل واحد ومعنى واحد؛ لأن نصب الوجوه يعني به: السجود لله تعالى. وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا﴾ قال ابن عباس: (يريد حْسر من أشرك بالله -عز وجل-) [["معالم التنزيل" 5/ 296، "زاد السير" 5/ 324، "روح المعاني" 16/ 266.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب