الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ﴾ الآية. الفرقان: مصدر فرَقت بين الشيئين أفرُق فَرْقًا وفُرْقانًا، كالرجحان والنقصان، هذا هو الأصل [[انظر: "الصحاح" (فرق) 4/ 1540، "اللسان" (فرق) 6/ 3399.]]. ثم يسمى كل فارق: فرقانًا، كتسميتهم الفاعل بالمصدر، كما سمى كتاب الله الفرقان لفصله بحججه وأدلته بين المحقّ والمبطل، وسمى الله تعالى يوم بدر: يوم الفرقان في قوله ﴿يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾ [الأنفال: 41]، لأنه فرق في ذلك اليوم بين الحق والباطل، فكان ذلك اليوم يوم الفرقان [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 43، 44، 1/ 285 "معاني القرآن" للزجاج 2/ 461، "تهذيب اللغة" (فرق) 3/ 2779، "الصحاح" (فرق) 4/ 1541، "اللسان" (فرق) 6/ 3399.]].
وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ [الأنفال: 29]، أي: يفرق بينكم وبين ذنوبكم، أو بينكم وبين ما تخافون [[ذكر الطبري في المراد بالفرقان ثلاثة أقوال: مخرجها، أو نجاة، أو فصلا، 13/ 488.]].
فأما [[في (ب): (وأما).]] معنى الفرقان في هذه الآية: فقال مجاهد: هو بمعنى الكتاب، وهما شيء واحد [[ذكره الطبري في "تفسيره" عن مجاهد وعن ابن عباس وأبي العالية ورجحه 2/ 70، 71، وكذا "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 350، والنحاس في "إعراب القرآن" 1/ 225، "تفسير الثعلبي" 1/ 73 أ، انظر "تفسير ابن عطية" 1/ 216، والبغوي في "تفسيره" 1/ 73، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 81، "تفسير ابن كثير" 1/ 97.]]. وهو اختيار الفراء [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 73 أ، وذكر الفراء في المراد بالفرقان عدة أقوال، والقول المذكور هنا أحد الأقوال. انظر "معاني القرآن" 1/ 37.]]. قال: العرب تكرر الشيء إذا اختلفت [[في (ب): (اختلف).]] ألفاظه، قال عدي بن زيد: وأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَينَا [[سبق البيت وتخريجه، والشاهد هنا قوله: (كذبًا ومينًا) فعطف المين على الكذب، وهو بمعناه.]]
وقال عنترة:
أَقْوَى وَأَقْفَرَ بَعْدَ أُمِّ الهَيْثَمِ [[البيت من معلقة عنترة المشهورة وصدره:
حُيِّيتَ مِنْ طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ
(الطلل): ما شخص من الدار من وتد وغيره، (تقادم): طال عهده بأهله فتغير، (أقوى): خلا من أهله، ورد البيت في "تهذيب اللغة" (شرع) 2/ 1857، "اللسان" (شرع) 4/ 2238، "تفسير الثعلبي" 1/ 73 أ، "تفسير القرطبي" 1/ 341، "الدر المصون" 1/ 358، "فتح القدير" 1/ 135، و"ديوان عنترة" ص 189.]]
وارتضى الزجاج هذا القول، قال [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 105.]]: لأن الله تعالى ذكر لموسى الفرقان في غير هذا الموضع وهو قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ﴾ [الأنبياء: 48]. فعلى هذا الفرقان هو الكتاب، والكتاب هو الفرقان، ولكن ذكر بلفظين مختلفين نحو ما ذكرنا.
قال الزجاج: ويجوز أن يريد بالفرقان انفراق البحر [[لم أجد هذا القول في "معاني القرآن" للزجاج، وممن نسبه للزجاج ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 81، وهذا القول ذكره الفراء في "المعاني" 1/ 37، وأبو الليث في "تفسيره" 1/ 354، انظر: "تفسير ابن عطية" ونسبه لابن زيد 1/ 295، "تفسير القرطبي" 1/ 341.]]، وهو من عظيم الآيات، كأنه قيل: آتيناه فرق البحر وهذا قول يمان بن رباب [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 73 أ، والبغوي في "تفسيره" 1/ 73.]]. وقال ابن عباس: أراد بالفرقان النصر على الأعداء [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 73 أ، وابن الجوزي في "زاد المسير" عن ابن == عباس وابن زيد 1/ 81، وذكر الطبري نحوه عن ابن زيد 1/ 285، وذكره أبو الليث في "تفسيره" ولم يعزه 1/ 354، وكذا ابن عطية في "تفسيره" 1/ 295.]]، لأن الله عز وجل نصر [[(نصر) ساقط من (ب).]] موسى وقومه. وقال حسان يذكر ذلك، يخاطب [[في (ج): (مخاطب).]] النبي -ﷺ:
فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتاكَ [[في (ب): (ما أتاك الله ما أتاك).]] مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا [[البيت ليس لحسان وإنما هو لعبد الله بن رواحة كما في ديوانه ص 159، وكذلك ورد في "طبقات ابن سعد" 3/ 528، "سيرة ابن هشام" 3/ 428، "سير أعلام النبلاء" 1/ 234، و"الاستيعاب" 3/ 35، "الدر المصون" 1/ 591، "البحر المحيط" 2/ 311، 227، 6/ 84.]]
فعلى هذا سمى نصره على فرعون وقومه فرقانًا؛ لأن في ذلك فرقًا بين الحق والباطل.
وقال الكسائي: الفرقان نعت للكتاب، يريد: وإذا آتينا موسى الكتاب الفرقان، أي [[في (أ): (أن) وفي (ج): (إذ).]]: الفارق بين الحلال والحرام، ثم زيدت الواو كما تزاد في النعوت فيقال: فلان حسن وطويل وسخي [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 73 أ، وانظر "تفسير البغوي" 1/ 73، "الكشاف" 1/ 281، وذكره أبو حيان في البحر، وقال: هو ضعيف 1/ 202، وذكر الفراء نحوه ولم يعزه للكسائي، "معاني القرآن" 1/ 37.]]، وأنشد:
إِلَى المَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الهُمَامِ ... وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ في المُزْدَحَم [[سبق البيت وتخريجه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾.]]
وقال قطرب: أراد بالفرقان: القرآن، وفي الآية إضمار معناه: وإذ آتينا موسى الكتاب ومحمدا الفرقان، لعلكم تهتدون بهذين الكتابين، فترك أحد الاسمين [[الثعلبي في "تفسيره" 1/ 73 أ، وذكره الزجاج في "المعاني" 1/ 104، 105، وهو قول للفراء كما في المعاني 1/ 37، وانظر: "أمالي المرتضى" 2/ 259، "تفسير ابن عطية" 1/ 296، "زاد المسير" 1/ 81، "البحر المحيط" 1/ 202.]]، كقوله:
تَرَاهُ كَأَنَّ اللهَ يَجْدَعُ أَنْفَهُ ... وَعَيْنَيْهِ إِنْ مَوْلاَهُ ثَابَ لَهُ وَفْرُ [[البيت ينسب إلى خالد بن الطيفان، ونسبه بعضهم إلى الزبرقان بن بدر، ورد البيت في "الزاهر" 1/ 119، و"أمالي المرتضى" 2/ 259، 375، "تفسير الثعلبي" 1/ 73 أ، "الخصائص" 2/ 431، "الإنصاف" 1/ 406، "اللسان" (جدع) 1/ 567. والوفر: المال الكثير الوافر.]]
أراد ويفقأ عينيه، فاكتفى بـ (يجدع) من يفقأ [[في (ج): (فاكتفى يجدع من تفقأ).]].
قال ابن الأنباري: هذا البيت لا يشاكل ما احتج به؛ لأن الشاعر اكتفى بفعل من فعل، وعلى ما ذكر في الآية اكتفى من اسم باسم [[في (ب)، (ج): (باسم من اسم). وقول ابن الأنباري ذكره المرتضى في "أماليه" 2/ 260.]]، ولكنه يصح قول قطرب عندي من وجه آخر، وهو [[(وهو) ساقط من (ب).]] أنه لما ذكر الفرقان وهو اسم للقرآن، دل على محمد ﷺ فحذف اتكالًا على علم المخاطبين [[ذكر المرتضى في أماليه نحوه ردا على قول ابن الأنباري السابق. "أمالي المرتضى" 2/ 260.]].
{"ayah":"وَإِذۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق