الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾ الآية. قال أبو علي الفارسي [["الحجة" 2/ 17.]]: ﴿فَأَزَلَّهُمَا﴾ يحتمل تأويلين:
أحدهما: كسبهما الزلة [[أي كان سببًا لهما لكسب الخطيئة التي عاقبهما الله عليها، انظر: "تفسير الطبري" 1/ 234.]] وحملهما عليها.
والآخر: أن يكون (أزل) من (زلّ) الذي يراد به عثر [[انظر: "تهذيب اللغة" (زل) 2/ 1550، و"معاني القرآن" للزجاج 1/ 83،]].
فالدلالة [[في (ب): (بالدلالة).]] على الوجه الأول ما جاء في التنزيل من تزيينه لهما [[في (ب): (إنما).]] تناوُلَ ما حظر عليهما جنسه، بقوله: ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ﴾ [الأعراف: 20] الآية. وقد نسب كسب الإنسان الزلة إلى الشيطان [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 234، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 37، "العمدة في الغريب" لمكي ص 73، فإبليس سبب ارتكابهما الخطيئة التي عاقبهما الله عليها بإخراجهما من الجنة، والله هو خالق الإنسان وخالق فعله.]]، كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ﴾ [آل عمران: 155]، و (استزلّ) و (أزلَّ) واحد، كقولهم: استجاب وأجاب، واستخلف لأهله وأخلف، فكما [[في (ب): (وكما).]] أن استزلهم من الزلة، والمعنى فيه كسبهم الزلة، وكذلك قوله: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ [[انتهى ما نقله المؤلف من "الحجة" عن الوجه الأول، ويعود مرة أخرى ينقل منه الوجه الثاني، "الحجة" 2/ 18.]].
وقوله تعالى: ﴿عَنْهَا﴾ على هذا التأويل يكون بمعنى (عليها) والكناية تعود إلى (الزلة) [[ذكر جمهور المفسرين أن الكناية تعود على واحد من أمور: (1) الشجرة، (2) الجنة، (3) الطاعة، (4) الحالة التي هما عليها، (5) السماء، وهو بعيد، وأقربها: إما للشجرة فتكون (عن) للسبب، أو للجنة وهذا متعين على قراءة حمزة (أزالهما)، انظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 46 ب، و"ابن عطية" 1/ 254، "الكشاف" 1/ 273، "زاد المسير" 1/ 67، "البحر" 1/ 162، و"تفسير ابن كثير" 1/ 85، "الدر المصون" 1/ 288.]] وإن لم يجر لها ذكر، لأن المصدر والاسم يدل عليهما الفعل، فقوله: (أزلهما) يدل على: (الزلة) فكان معناه حملهما [[في (ب): (حملها).]] على الزلة، ويجوز أن يقع [[في (ب): (تقع).]] (عن) موقع (على) و (على) موقع (عن) [[انظر: "الأزهية في علم الحروف" ص 276، 279، "حروف المعاني" ص 79.]].
قال ذو الإصبع:
لَاهِ ابن عَمِّكَ [[في (أ)، (ج): (عمتك).]] مَا أَفْضَلْتَ فِي حَسَبٍ ... عَنِّي وَلَا أَنْتَ دَيَّانِي فَتَخْزُونِي [[لاه: أراد الله فحذف لام الجر ولام التعريف، يقول: لم بفضل علي في الحسب، ولا انت دياني: مالك أمري، فتخزوني: تقهرني. ورد البيت في "المفضليات" ص160،162، "الخصائص" 2/ 288. "الأزهية" ص 279 "حروف المعاني" ص 79 "مجالس العلماء" للزجاجي ص 71، و"شرح جمل الزجاجي" لابن عصفور 1/ 483، "أمالي المرتضى" 1/ 252، "الإنصاف" ص 335، "مغني اللبيب" 1/ 147، "الخزانة" 7/ 173، "اللسان" (دين) 3/ 1469، (عنن) 5/ 3143، (لوه) 7/ 4107.]]
(عني) معنى (عليّ). [وقال آخر، فجعل (علي) بمعنى: (عني)] [[ما بين المعقوقين ساقط من (ب). والمثبت في (أ)، (ج)، وغير مستقيم والأولى أن يؤخر قوله: (فجعل (عليّ) بمعنى (عني) بعد البيت.]]:
إِذَا رَضِيَتْ عَليّ بَنُو قُشَيْرٍ ... لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا [[البيت لقُحَيف العُقَيْلِي، ورد في "النوادر" ص 481، "الكامل" 2/ 190، 3/ 98، "الخصائص" 2/ 311، 389، "المخصص" 14/ 65، 17/ 164، "الأزهية" ص 277، "الهمع" 4/ 176، "اللسان" (رضى) 3/ 1663، "الخزانة"10/ 132.]]
والوجه الآخر [[(الحجة) 2/ 18.]]: أن يكون (أزلهما) من زل عن المكان إذا عثر ولم يثبت عليه، يقال: زلت قدمه زَلَلاً وزَليِلًا، إذا لم تثبت [[قوله: ويقال: زلت قدمه ..) وبيت لبيد ليس في "الحجة"، انظر: "تهذيب اللغة" (زل) 2/ 1550.]] قال لبيد: لَوْ يَقُومُ الفِيلُ أَوْ فَيَّالُهُ ... زَلَّ عَنْ مِثْلِ مَقَاسِي وَزَحَل [[وقوله: (أو فياله): هو صاحب الفيل الذي يسوسه، زحل: زل، يقول: لو يقوم الفيل أو صاحبه زل عن مكاني، قيل: هذا البيت مما عيب على لبيد، لظنه القوة الهائلة في صاحب الفيل، انظر: "ديوان لبيد" مع شرحه ص 194.]]
ويدل على هذا التأويل قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا﴾ فَكما أن خروجه عن الموضع الذي كان فيه انتقال منه إلى غيره، كذلك عثاره فيه وزليله [["الحجة" لأبي علي2/ 18.]].
وقرأ حمزة: (فأزالهما) [["السبعة" لابن مجاهد ص 154، "الحجة" لأبي علي 2/ 14، "النشر" 2/ 211، "البدور الزاهرة" ص 30.]]. وحجته أن قوله: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: 35] أمر لهما بالثبات، وتأويله: (اثبتا) فثبتا، فأزالهما الشيطان، فقابل الثبات بالزوال الذي هو خلافه. وفي الآية على هذا التقدير إضمار، كقوله: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء:63] أي: فضرب فانفلق، ومثله: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ﴾ [البقرة: 196]، أي: فحلق ففدية. ونُسب الفعل إلى الشيطان، لأن زوالهما عنها إنما كان بتزيينه وتسويله فلما كان ذلك منه بسبب، أسند الفعل إليه، كقوله: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال: 17] لما كان الرمي بتقوية الله وإرادته وخلقه نسبه إلى نفسه. ومما يقوي هذه القراءة قوله: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا﴾ وأخرجهما في المعنى قريب من (فأزالهما) [[في (ب): (فأزلهما). "الحجة" لأبي علي 2/ 15، وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 94، "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي1/ 236، "الحجة" لابن خالويه ص 74.]].
فإن قيل: على هذه القراءة يكون قوله: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا﴾ تكريرا [[أورد هذا السؤال والإجابة عنه أبو علي في "الحجة"، ونقله الواحدي هنا بنصه، وممن قال إن فيها تكريرا الطبري في "تفسيره"، حيث احتج بذلك على ترجيح قراءة عامة القراء، "تفسير الطبري" 1/ 235.]]؟ قيل: إنه [[في (ب): (لأنه).]] لا يكون تكريراً لا فائدة فيه، ألا ترى أنه يجوز أن يزيلهما عن مواضعهما ولا يخرجهما مما كانا فيه من الرغد والرفاهية، وإذا كان كذلك لم يكن تكريرا غير مفيد، على أن التكرير في مثل هذا الموضع لتفخيم القصة ليس بمكروه بل هو مستحب، كقول القائل: أزلت نعمته وأخرجته من ملكه، غلظت عقوبته [["الحجة" لأبي علي 2/ 16.]].
وقوله تعالى: ﴿مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾. أي: من الطاعة إلى المعصية. وقيل: من الرتبة والمنزلة [[انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 256، والقرطبي 1/ 266.]]. وقيل: من الرفاهية ولين العيش [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 239، و"أبي الليث" 1/ 111، و"ابن عطية" 1/ 256، "البغوي" 1/ 83، "ابن كثير" 1/ 85، ويمكن حمل الآية على القولين الأخيرين.]].
واختلفوا في كيفية وسوسة إبليس ووصوله [[الواو ساقطة من (ب)]] إلى آدم: فقال الأكثرون ومنهم ابن عباس ووهب: إن الحية أدخلت إبليس الجنة [[في (ب): (إلى الجنة).]] حتى قال لآدم ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ [طه: 120]، فأبى أن يقبل منه، فقاسمهما بالله إنه لهما لمن الناصحين، فاغترّا [[في (ب)، (ج): (فاغتروا).]] وما كانا يظنان أنّ أحداً يحلف بالله كاذبًا، فبادرت حواء إلى أكل الشجرة ثم ناولت آدم حتى أكلها [[هذا لفظ رواية ابن عباس، وبمعناه رواية وهب وقد أخرجهما الطبري 1/ 240، ذكر رواية ابن عباس: الليث في "تفسيره" 1/ 111، وانظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 65 أ، و"البغوي" 1/ 83، و"ابن عطية" 1/ 256، و"القرطبي" 1/ 266.]].
وقال الحسن: إنما رآهما على باب الجنة لأنهما كانا يخرجان من الجنة [[ذكره البغوي في "تفسيره" 1/ 63، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 67. وهناك قول ثالث: أنه دخل الجنة في صورة حية، وهذا يرجع لأصول القول الأول، وقول رابع ذكره ابن جرير الطبري عن ابن إسحاق وهو: أنه وصل إليهما بطرق الوسوسة، وأنه يخلص إلى ابن آدم في حال نومه ويقظته، ولدعوه إلى المعصية، ويوقع في نفسه الشهوة، وأيد قوله بما ورد عن النبي ﷺ: أنه قال، "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم". كذا ذكر الطبري عن ابن إسحاق، ثم رد قوله ورجح أن الشيطان كلم آدم مشافهة لا وسوسة كما قال: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: 21]، ثم قال: (فالقول في ذلك أنه وصل إلى خطابهما على ما أخبر الله جل ثناؤه، وممكن أن يكون وصل على ذلك بنحو الذي قاله المتأولون بل ذلك إن شاء الله كذلك، لتتابع أقوال أهل التأويل على تصحيح ذلك)، "تفسير الطبري" 1/ 240، قال ابن عطية 1/ 256: القول: أنه أغواهما مشافهة قول جمهور العلماء، ومثله قال القرطبي 1/ 266.
وإذا نظرنا إلى حال الروايات في كيفية دخول إبليس الجنة وقصة الحية مع إبليس وجدناها أخبارًا إسرائيلية كما قال ذلك ابن كثير في "تفسيره" 1/ 85، وقال "الرازي" بعد ذكره للقول الأول: واعلم أن هذا وأمثاله مما يجب أن لا يلتفت إليه. الرازي 3/ 15، قلت: الله سبحانه وتعالى أخبرنا أن إبليس أزل آدم وكان سببًا في إخراجه من الجنة كما قال ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾. وكيف حصل ذلك، هل بالمشافهة وما طريق المشافهة، أو بالوسوسة؟ كل هذا من علم الغيب الذي لا يثبت إلا بالخبر عن الله سبحانه، أو رسوله، ولا خبر في ذلك يعتمد عليه، ولا ينبني على العلم به كبير فائدة فلا داعي للانشغال بمثله.]].
وقوله تعالى: ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾. (الهبوط) النزول من علو إلى سفل، وهو ضد الصعود [[انظر: "تهذيب اللغة" (هبط) 4/ 2706، "تفسير ابن عطية" 1/ 257، و"القرطبي" 1/ 272، "زاد المسير" 1/ 68.]]، وهو خطاب لآدم، وحواء، والحية، وإبليس [[أخرجه ابن جرير عن ابن عباس وأبي صالح، والسدي، ومجاهد، انظر "تفسير الطبري" 1/ 240، "تفسير وابن أبي حاتم" من طريق السدي عن ابن عباس 1/ 88 - 89، وذكره أبو الليث في "تفسيره" 1/ 112، و"الثعلبي" 1/ 61 أ، و"ابن عطية" عن السدي 1/ 257، وانظر: "التعريف والإعلام" للسهيلي ص 19، "غرر التبيان" ص 201، و"زاد المسير" 1/ 68.]] على قول من يقول: إن إبليس أدخلته الحية الجنة [[وهي روايات إسرائيلية كما قال ابن كثير في "تفسيره" 1/ 85، انظر ما سبق.]].
وقال أبو إسحاق: كان إبليس أهبط أولاً، لأنه قال: ﴿فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ [الحجر: 34]، وأهبط آدم وحواء بعد ذلك، فجمع الخبر للنبي -عليه [الصلاة] [[(الصلاة): ساقط من جميع النسخ.]] والسلام لأنهم اجتمعوا في الهبوط وإن اختلف بهم الوقت [["معاني القرآن" للزجاج ص 48.]].
وقال ابن الأنباري: مذهب الفراء أن ﴿اهْبِطُوا﴾ خطاب لآدم وحواء وذريتهما لأن الأب يدل على الذرية إذ كانوا منه [["معاني القرآن" للفراء: (قوله: ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ فإنه خاطب آدم وامرأته، ويقال أيضًا: آدم وإبليس، وقال (اهبطوا) يعنيه ويعني ذريته فكأنه خاطبهم) 1/ 31.]].
وقيل: إنه خطاب لآم وحواء. والعرب تخاطب الاثنين بالجمع، لأن التثنية أول الجمع، ومثله من التنزيل قوله: ﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾ [الأنبياء:78]، يريد حكم داود وسليمان، وقوله: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ [النساء:11]، أراد أخوين [[ذكر قول ابن الأنباري ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 68.]].
وقوله تعالى: ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾. بعض الشيء طائفة منه [[انظر "تهذيب اللغة" (بعض) 1/ 359، "اللسان" (بعض) 1/ 312.]].
وأنكر الأصمعي وأبو حاتم إدخال (الألف واللام) في بعض وكل وقالا: إنهما معرفتان بغير الألف واللام، [والعرب لا تدخل فيهما الألف واللام] [[مابين المعقوفين ساقط من (ب).]]، قال الله تعالى: ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل: 87] [[انظر كلام الأصمعي وأبي حاتم في "تهذيب اللغة" وقال أبو حاتم: ولا تقول العرب (الكل ولا البعض) وقد استعمله الناس حتى سيبوبه والأخفش في كتبهما لقلة علمهما بهذا النحو فاجتنب ذلك فإنه ليس من كلام العرب "التهذيب" (بعض) 1/ 491، و"اللسان" (بعض) 7/ 119.]].
والنحويون مجمعون على جواز إدخال الألف واللام عليهما [[ورد في "اللسان" بعد كلام أبي حاتم منسوباً للأزهري، ولم أجده في "تهذيب اللغة"، ولعله سقط من المطبوع، وفي "اللسان" عن ابن سيده: (استعمل الزجاجي بعضا بالألف واللام)، "اللسان" (بعض) 1/ 312.]].
وسنذكر ما قيل في (بعض) عند قوله ﴿يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ [غافر: 28] إن شاء الله.
و (العدو) اسم جامع للواحد والجميع وللذكر والأنثى، إذا جعلته في مذهب الاسم والمصدر فإن جعلته نعتاً محضاً ثنيت وجمعت وأنثت [[في "التهذيب": (وقال أبو عمر: .. و (العداوة) اسم عام من (العدو) يقال: عدو بيِّن العداوة وهو عدو، وهما عدو، وهن عدو، وهذا إذا جعلته في مذهب الاسم والمصدر. فإذا جعلته نعتا محضا قلت: هو عدوك، وهي عدوتك، وهم أعداؤك، وهن عدواتك، "تهذيب اللغة" (عدا) 3/ 2347.]].
ومنه قول عمر لنساء النبي ﷺ: (أي عدوات أنفسهن) [[قطعة من حديث طويل في قصة دخول عمر على رسول الله ﷺ وعنده نساء من قريش، وفيه: (أي عدوات أنفسهن، أتهبنني ولا تهبن رسول الله ﷺ؟ أخرجه البخاري عن سعد بن أبي وقاص (3294) كتاب (بدء الخلق) باب (صفة إبليس وجنوده)، وفي (3683) كتاب (فضائل الصحابة) باب (مناقب عمر)، وفي (6085) كتاب (الأدب) باب (التبسم والضحك)، ومسلم (2389) كتاب (الفضائل) باب: (فضائل عمر) "شرح النووي"، وأحمد في "المسند" 1/ 182.]].
قال المفسرون: وأراد بهذه العداوة التي بين آدم وحواء والحية، وبين ذرية آدم من المؤمنين وبين إبليس، فإبليس عدو المؤمنين من ولد آدم، وعداوته لهم كفر، والمؤمنون [[في (أ)، (ج): (المؤمنين) وأثبت ما في (ب) لأنه هو الصواب.]] أعداء إبليس، وعداوتهم له إيمان [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 84، وانظر: "تفسير الطبري" 1/ 235.]].
وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ أنه [[(أنه) ساقط من (ب).]] سئل عن قتل الحيات، فقال: "خلقتهن [[في (ب): (خلقت هي والإنسان)، وهذا يوافق ما في الطبري، ومجمع الزوائد كما سيأتي. وهو الصواب.]] والإنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه، إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته فاقتلها حيث وجدتها" [[أخرجه الطبري بسنده في "تفسيره" 1/ 538، وهو في "مجمع الزوائد" ولفظه: (خلقت هي والإنسان سواء فإن رأته أفزعته ..) الحديث بمثل رواية الطبري قال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه (جابر) غير مسمى، والظاهر أنه الجعفي، وثقة الثوري وشعبة، وضعفه الأئمة أحمد وغيره، 4/ 45 و (جابر) من رجال الطبري كذلك، وذكر الحديث السيوطي في "الدر" وعزاه إلى الطبري في "تفسيره" 1/ 108.]].
وروى ابن عجلان عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "ما سالمناهن [[(هن) ساقطة من (ب).]] منذ حاربناهن، فمن ترك شيئا منهن خيفةً فليس منا" [[أخرجه الطبري بسنده، قال شاكر: (إسناده جيد والحديث مروي بأسانيد أخر صحاح)، "تفسير الطبري" 1/ 537، وأخرجه أبو داود (5248) كتاب (الأدب) باب (في قتل الحيات) عن أبي هريرة، وأخرج نحوه عن ابن مسعود (5249) وابن عباس "سنن أبي داود" معه "معالم السنن" (5250)، وأخرجه أحمد في "مسنده" 2/ 247، 432، 520، وأخرجه نحوه عن ابن عباس 1/ 320، وقد حكم شاكر على أسانيد أبي داود وأحمد بأنها صحيحة كما في تحقيقه على الطبري.]] وأراد النبي ﷺ بالمحاربة قصة آدم وإدخالها إبليس الجنة [[قال الطبري: (وأحسب أن الحرب التي بيننا، كان أصله ما ذكره علماؤنا الذين قدمنا الرواية عنهم، في إدخالها إبليس الجنة) 1/ 240 - 241، قال العظيم آبادي شارح سنن أبي داود: (منذ حاربناهن) أي منذ وقع بيننا وبينهن الحرب، فإن المحاربة والمعاداة بين الحية والإنسان جبلية، لأن كلا منهما مجبول على طلب قتل الآخر، وقيل: أراد العداوة التي بينها وبين آدم عليه السلام ما يقال: إن إبليس قصد دخول الجنة فمنعت الخزنة فأدخلته الحية في فيها ...) عون المعبود 14/ 109. وفي هامش سنن أبي داود قال يحيى بن أيوب: سئل أحمد بن صالح عن تفسير قوله: (ما سالمنا هن منذ حاربناهن) متى كانت العداوة؟ قال: حين أخرج آدم من الجنة، قال الله: ﴿اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ [طه: 123]، قال هم قالوا: آدم وحواء، وإبليس والحية، قال: والذي صح: أنهم الثلاثة فقط، بإسقاط الحية، سنن أبي داود "معه معالم السنن" 5/ 410.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾. موضع قرار أحياءً وأمواتاً [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 241، و"ابن عطية" 1/ 258.]].
(ومتاع) المتاع: ما تمتعت به، أي شيء كان، فكل ما حصل التمتع به فهو متاع من زينة أو لذة أو عمر أو مال [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 242، و"ابن عطية" 1/ 258.]].
ومعنى التمتع: التلذذ [[قال ابن فارس (الميم والتاء والعين) أصل صحيح يدل على منفعة وامتداد مدة في خير .... وذهب من أهل التحقيق بعضهم إلى أن الأصل في الباب (التلذذ) ... وذهب منهم آخر إلى أن الأصل الامتداد والارتفاع ... (معجم مقاييس اللغة) (متع) 2/ 293، 294.]]، والمتعة أيضا من [[في (ب): (مثل).]] المتاع، وجمعها مُتعَ [[قال الليث: ومنهم من يقول: متعة، وجمعها (متع)، "تهذيب اللغة" (متع) 4/ 3337.]].
قال الأعشى:
حَتَّى إِذَا ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ صَبَّحهَا ... زَوَالُ نَبْهَانَ يَبْغِي أَهْلَهُ مُتَعَا [[البيت للأعشى يصف صائدا، ويروى (ذؤال) و (من آل) و (ذوآل) بدل (زوال) وفي جميع النسخ (زوال) ولعلها تصحيف، ويروى (صحبه) بدل (أهله) وهوله: ذر قرن الشمس: أول ما يشرق منها، وذؤال: ذأل: أسرع ومشى في خفة، والذؤال: الصائد، متعا: جمع متعة: يعني يطلب لهم زادا وطعاما، ورد البيت في "تهذيب اللغة" (متع) 4/ 3337، "اللسان" (متع) 7/ 4129، (ديوان الأعشى) ص108.]]
أي يبغيهم صيداً يتمتعون به، ويأتي الكلام في متعة المطلقة [[عند قوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ الآية [البقرة: 236].]] ومتعة الحج [[عند قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾ الآية [البقرة: 196].]] مستقصى إن شاء الله.
قال المفسرون: قلنا [[كذا في جميع النسخ، وفي "الوسيط" (فلنا) بالفاء 1/ 86، وهذا أولى.]] في الأرض متاع من حيث الاستقرار عليها، والاغتذاء بما تنبتها [[في (ج): (ينبتها).]] من الثمار والأقوات [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 242.]].
وقوله تعالى: ﴿إِلَى حِينٍ﴾. (الحين) وقت من الزمان، يصلح للأوقات كلها طالت أو قصرت [[ذكره الأزهري عن الزجاج، "تهذيب اللغة" (حين) 1/ 714، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 84، "اللسان" (حين) 2/ 1073.]]، ويجمع على (الأحيان) ثم يجمع (الأحيان) أحايين [[ذكره الازهري عن الليث، "تهذيب اللغة" 1/ 714، انظر: "اللسان" (حين) 2/ 1074.]].
قال الليث: وَحيَّنْتَ الشيء، جعلته له حِينًا [[المراجع السابقة.]]. والمراد بالحين هاهنا فيما ذكره أهل التفسير: (حين الموت) [[ذكره ابن جرير في "تفسيره" عن ابن عباس والسدي 1/ 242، وذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 65 أ، وأبو الليث في "تفسيره" 1/ 112، والزجاج في "المعاني" 1/ 84، وابن عطية في "تفسيره" 1/ 259.]]. وقيل: إلى قيام الساعة [[ذكره ابن جرير في "تفسيره" عن مجاهد 1/ 242، والزجاج في "معاني القرآن" 1/ 84، وابن عطية في "تفسيره" 1/ 259.]].
وإنما قال [[في (ب): (قيل).]]: (إلى حين) إشارة إلى أن الدنيا دار زوال [[انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 259، و"تفسير القرطبي" 1/ 275.]].
{"ayah":"فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِیهِۖ وَقُلۡنَا ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوࣱّۖ وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرࣱّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِینࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق