الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ﴾ قال أهل اللغة: سمي السَّفَرُ سَفَرًا لأنه يُسْفِرُ عن أخلاق الرجال [[قوله: (عن أخلاق الرجال) من (ش).]]، أي: يكشف، ونَضْدت هذه الحروف للظهور والكَشْف، فالسِّفْرُ: الكتاب، لأنه يبين الشيء ويوضِّحُه، ومنه يقال: أَسْفَر الصُّبْحُ، وسَفَرَتِ المرأةُ عن وجهها، وسَفَرْتُ بين القوم أَسْفِر سِفَارة، إذا كشفت ما في قلوبهم وأصلحت بينهم، وسَفَرْتُ أَسْفُر، أي: كَنَسْتُ، والمِسْفَر: المِكْنَسُ، والسفير من الورق، ما سَفَرَتْه الريح. ابن الأعرابي: السَّفَر: إِسْفَار الفَجْر [[نقله عنه في "تهذيب اللغة" 2/ 1702.]]، قال الأخطل: إنّي أبِيتُ وَهَمُّ المَرْءِ يَبْعَثُه ... من أول الليلِ حتى يُفْرِجَ السَّفَرُ [[البيت في "ديوانه" ص 77، وروايته: بعهده. وهو في "تهذيب اللغة" 2/ 1702، وروايته: وهم المرء يصحبه، وفي نسخة: يبعثه، وهي كذلك في "اللسان" 4/ 2025.]] يقول: أبيت أسري إلى الفجر المضيء. وقال الأزهري: وسمي المسافر مسافرًا لكشفه قناع الكِنِّ عن وجهه، وبروزه للأرض الفضاء، وسُمِّي السَّفَرُ سَفَرًا لأنه يُسْفِر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم، فيظهر ما كان خافيًا منها، ويقال لبقية بياض النهار بعد مغيب الشمس: سفر؛ لوضوحه، ومنه قولُ الساجع: إذا طلعتِ الشِّعْرى سَفَرًا ولم تر فيها مطرًا [["تهذيب اللغة" 2/ 1072 بتصرف، والشعرى: نجم معروف، والمراد طلوعها عشاء.]]. والسافرة والسَّفْر: جمع سافر [[في (م): (مسافر). وفي "اللسان" 4/ 2025: والمسافر كالسافر.]]، ورجل مِسْفَر: قَوِيُّ على السَّفَر [[تقدم كلام المؤلف عن السفر في اللغة عند قوله: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾، وينظر في سفر: "تهذيب اللغة" 2/ 1702 - 1702، "اللسان" 4/ 2024 - 2027.]]. وقوله تعالى: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ الرَّهْنُ: مَصْدرُ رَهَنْتُ عند الرجل رهَنًا فأنا أَرْهَنْهُ: إذا وضعته عنده. قال الشاعر: يُرَاهِنُنُي فَيَرْهَنُنِي بنيه ... وأَرْهَنُهُ بَنِيَّ بِمَا أَقُولُ [[البيت لأحيحة بن الجلاح، شاعر جاهلي، وذكر الأبيات الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 368 دون نسبة، "الخزانة" 2/ 23 "مجمع الأمثال" للميداني، "اللسان" 3/ 1757 مادة: (رهن)، وينظر التعليق على"معاني القرآن" للزجاج 1/ 367.]] وأَرْهَنْتُ فلانًا ثوبًا: إذا دفعته إليه ليرهنه [[ورهن أكثر استعمالًا من أرهن. ينظر "الحجة" 2/ 446.]]، وأَرْهَنْتُ بمعنى رهنت، لغة عند الفراء، واحتج ببيت ابن همام السلولي: فلَمَّا خَشِيتُ أظَافِيرَه ... نَجَوتُ وأَرْهَنْتُهُمْ مَالِكًا [[البيت في "معاني القرآن" للزجاج 1/ 367، "تهذيب اللغة" 2/ 1491 مادة. (رهن)، "لسان العرب" 3/ 1757 مادة: رهن، ونسب لهمام بن مرة في "تاج العروس" (مادة: رهن). ورواية "اللسان": أظافيرهم، وهي المشهورة، ورواية معاهد التنصيص 1/ 96 (وأرهنهم) والشاعر قال ذلك لما توعده عبيد الله بن زياد ففر إلى الشام مستنجدًا بيزيد، ومالك عريفه، تركه لجنود عبيد الله ونجا بنفسه]] وأنكره [[في (ش): (فأنكره).]] الأصمعي، وقال: الرواية: وأرهنهم مالكًا، والواو: واو الحال، كما تقول: قمت وأصكُّ وجْهَه [[نقله في "تهذيب اللغة" 2/ 1491 مادة: (رهن).]]. ويسمى المرهون رهنًا، وقد [[سقطت من (ي).]] ذكرنا أن المصادر قد تنقل إلى الأسماء فيسمى بها، ويزول عنها عمل الفعل، فإذا قال: رهنت عند زيد رهنًا، لم يكن [[في (أ) و (م): (رهنت زيدًا رهنًا ليس انتصابه).]] انتصابه انتصاب المصدر، ولكن انتصاب المفعول به [[قال أبو علي في "الحجة" 2/ 446: لم يعملوا من المصادر ما كثر استعمالهم له، كما ذهب إليه في قولهم: لله درك، وتمثيله إياه بقولهم: لله بِلادك.]]، كما تقول: رَهَنْتُ زيدًا ثوبًا، ولما نقل فسمي به جَمْعٌ كما تُجْمَعُ الأسماء، ولم يسمع فيه أقل الجمع وهو أَفْعُل، نحو: أَكْلُبٍ وأَفْلُسٍ، كأنه استغنى بالكثير عن القليل، كما قيل: ثلاثة شُسُوع، ولم يقولوا: أَشْسُع، وعلى القلب من هذا استغنوا بالقليل عن الكثير في جمع الرَّسَن، فقالوا: أَرْسَان، فرهن جمع على بناءين من أبنيه الجموع وهو فُعُل وفِعَال [[في (ش): (فعلل).]]، وكلاهما من أبنية الكثير، فمما جاء على فُعُل: قول الأعشى: آليتُ لا أُعْطِيِهِ من أبنائنا ... رُهُنًا فَيُفْسِدُهُم كَمَنْ قَد أَفْسَدَا [[البيت في "ديوانه" ص 56، و"لسان العرب" 3/ 1757 (مادة: رهن).]] فرُهُن: جمع رَهنٍ، ثم تخفف العين كما تخفف في رسل وكُتُب، ونحو ذلك، ومثل رَهْن ورُهُن: سَقف وسُقُف، ونَسْرٌ ونُسُر، وخَلْق وخُلُق [[في بعض نسخ الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1819: حلْق وحُلُق، بالحاء، ولعله الصواب؛ لأنه استشهد عليه ببيت أنشده الفراء في "معاني القرآن" 3/ 32. حتى إذا بلَّت حلاقيم الحلُق ... أهوى لأدنى فِقرة على شقق]] [[ما تقدم كله من كلام أبي علي في "الحجة" 2/ 446 - 448 بمعناه.]]، قال الزجاج: وفَعْلٌ وفُعُل قليلٌ إلا أنه صحيح [["معاني القرآن" 1/ 367.]]، وأنشد أبو عمرو حجة لقراءته قول قعنب [[هو: قعنب بن ضمرة من بني عبد الله بن غطفان من شعراء العصر الأموي، يقال له: ابن أم صاحب، هجا الوليد بن عبد الله، توفي نحو 95 هـ. ينظر: "سمط اللآلئ" ص 362، "الأعلام" 5/ 202.]]. بانَتْ سُعَادُ وأمْسَى دُونَها عَدَنُ ... وغَلِقتْ عندَها من قلْبِكَ الرُّهنُ [[البيت في "لسان العرب" 6/ 3714 (مادة. رهن).]] وحكى أبو الحسن الأخفش: لَحْدُ القبر ولُحْد، وقَلْبُ النخلة وقُلْبُ [[قلب النخلة: لبها وشحمها. ينظر: "اللسان" 6/ 3714 (قلب).]]، ورجل ثَطٌّ وقوم ثُطٌّ [[يقال رجل ثط: ثقيل البطن بطيء، وقيل: هو قليل شعر اللحية. ينظر "لسان العرب" 1/ 481 (ثطط).]]، وفرس وَرْدٌ وخيلٌ وُرْد [[الورد: هو النبات الذي يشم وله رائحة معروفة، وسمي الفرس به لمشابهة اللون، وهو بين الكميت والأشقر. ينظر: "لسان العرب" 8/ 4810 (ورد).]]، وسهم حَشْرٌ وسهام حُشْرٌ [[نقله عنه أبو علي في "الحجة" 2/ 448.]]. وقال الفراء: الرُّهُن: جمع رِهَان، جَمْع الجمع، كأنه جمع رهن رِهانًا، ثم جمع الرِّهَان رُهُنًا، كما قالوا: ثُمُر في جمع الثمار [["معاني القرآن" للفراء 1/ 188 بمعناه، ونقله عنه في "تهذيب اللغة" 2/ 1492 (مادة: رهن).]]، وفِعَال قد تكسر في الجمع، كجِمَال جمع على جَمَائل [[ينظر "الحجة" 2/ 449.]]. قال أبو عمرو: وإنما قرأت: (فَرُهُنٌ) للفَصْل بين الرِّهَان في الخيل وبين جمع رَهْن في غيرها، والرُّهُن في جمع الرَّهْن أكثر، والرِّهَانُ في الخَيْلِ أكثر [[قوله: (والرهان في الخيل أكثر)، ساقط من (ي).]] [[نقله عنه في "معاني القرآن" للزجاج 1/ 366.]]، واختار الزجاج هذه القراءة، قال: لأنها موافقة للمصحف، وما وافق المصحف وصح معناه وَقَرَأَتْ به القُرَّاءُ، فهو المختار [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 367.]]. وأما قراءةُ العَامّة ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [[قرأ أبو عمرو وابن كثير (فرُهُن) بضم الراء والهاء من غير ألف، وقرأ الباقون بكسر الراء وفتح الهاء وألف بعدها. ينظر: "السبعة" ص 194 - 195، "الحجة" 2/ 442 - 443.]] فإنها القياس في جمع رَهْن، مثل: نَعْل ونِعَال، وكَبْش وكِباش، وكَعْب وكِعاب. وذهب ناس إلى أن الرِّهان يجوز أن تكون جمع الرُّهُن؛ لأنهم قد جمعوا [[سقطت من (ي).]] فُعُلًا على فِعَال، وسيبويه لا يرى جمع الجمع مطَّرِدًا [["الكتاب" لسيبويه 3/ 619، قال: اعلم أنه ليس كل جمع يجمع، كما أنه ليس كل مصدر يجمع، كالأشغال والعقول والحلوم والألباب.]]، فينبغي أن لا يقدم عليه حتى يُعْلَم، فإذا كان رهن قد صار مثل: كَلْبٍ وكَعْبٍ قلنا: إن (رهان) مثل: كِعَاب وكِلاب، ولم يجعله جمع الجمع [[من "الحجة" 2/ 448 - 449 بمعناه.]]. فأما اشتقاق الرهن في اللغة، فأصله: من قولهم: رَهَنَ الشيءُ: إذا دامَ وثَبَتَ، يقال: نِعْمةٌ راهِنَة، أي: دائمة ثابتة، أنشد ابن السكيت: لا يَسْتَفِيقُونَ منها وَهْي رَاهِنَةٌ ... إلّا بهَاتِ وإنْ عَلُّوا وإنْ نَهِلُوا [[البيت للأعشى يصف قومًا يشربون خمرًا لا تنقطع، كما في "اللسان" 3/ 1758 (مادة: رهن).]] وقال آخر: واللَّحْمُ والخُبْزُ لَهُم رَاهِنٌ [[عجز البيت: وقهوة راووقها ساكب ذكره أبو علي في "الحجة" 2/ 446، وفي "اللسان" 13/ 190، دون نسبة، وفي "شرح ديوان العجاج" 1/ 93.]] ويقال: أَرْهَنْتُ لهم الطعامَ والشرابَ إرهانًا فَرَهَن، وهو طعام راهِنٌ، أي: دائم [[ينظر في رهن: "تهذيب اللغة" 2/ 1491 - 1492، "المفردات" ص 210، "اللسان" 3/ 1757 - 1758.]]، فَسُمِّيَ الرَّهْنُ رَهْنًا لثباته [[في (ي): (لشدته لثباته).]] ودوامه عند المرتهن، ومن ثَمَّ يبطلُ الرهنُ إذا خرج من يدِ المُرْتَهِن بحقٍّ؛ لزوالِ [[في (م): (الزوال)، وفي (ش)، و (ي): (المرتهن لزاول).]] إدامة الإمساك [[من "الحجة" 2/ 446.]]. وأما معنى الآية: فإن الله تعالى أمر عند عدم الكاتب بأخذ الرهون [[في (م): (الرهن).]]، لتكون وثيقة بالأموال [["تفسير الثعلبي" 2/ 1822.]]. واتفق الفقهاء اليوم على أن الرهن في الحضر والسفر سواء، وفي حال وجود الكاتب وعدمه [[ينظر: "أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 261، "بداية المجتهد" 2/ 274، "تفسير القرطبي" 3/ 407، "المغني" 6/ 444.]]. وكان مجاهد يذهب إلى أن الرهن لا يجوز إلا في السفر أخذًا بظاهر الآية، ولا يُعمل بقوله اليوم [[رواه عنه الطبري في "تفسيره" 3/ 139، وابن أبي حاتم 2/ 69، وينظر "تفسير الثعلبي" 2/ 1822، والبغوي في "تفسيره" 1/ 352.]]، وإنما تقيدت الآية بذكر السفر، لأن الغالب في ذلك الوقت انهم إنما [[سقطت من (ي) و (ش).]] كانوا يحتاجون إلى الرهن في السفر وعند عدم الكاتب، فخرج الكلام على ظاهره كقوله عز وجل: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ﴾ [النساء: 101] وليس الخوف من شرط جواز القصر [[ينظر: "المغني" 6/ 444، "تفسير القرطبي" 3/ 407.]]. ثم عقد الرهن ينعقد بالإيجاب والقبول، ولا ينبرم إلا بالقبض [[ينظر: الإجماع لابن المنذر ص 123، ونقل الإجماع على ذلك: الثعلبي في "تفسيره" أيضا 2/ 1822، وذكر الخلاف ابن قدامة في "المغني" 6/ 445، والقرطبي في "تفسيره" 3/ 410.]]. فإن ندم الراهن كان له فسخ الحقد قبل الإقباض، ثم يكون للبائع فسخ البيع المعقود بشرط هذا الرهن الذي صار مفسوخًا، وأما المرتهن فهو بالخيار أبدًا في فسخ الرهن ورده [[ينظر في المسألة: "المغني" 6/ 448 - 449.]]. وعقد الرهن جائز من جهة المرتهن، لازم [[في (ي): (لا من).]] من جهة الراهن. ومنافع الرهن للراهن، لا حق للمرتهن فيها، فإن اشترطها المرتهن صارت مداينتهما ومبايعتهما عقدًا من عقود الربا [[ينظر: "المغني" 6/ 510، "تفسير القرطبي" 3/ 411 - 413، وذكر ابن قدامة عن أحمد جواز اشتراط المرتهن منافع الرهن في المبيع كأن يقول: بعتك هذا الثوب بدينار بشرط أن ترهنني عبدك يخدمني شهرا، فيكون بيعا وإجارة، فهو صحيح، وإن أطلق فالشرط باطل لجهالة ثمنه، وقال مالك: لا بأس أن يشترط في البيع منفعة الرهن إلى أجل في الدُّور والأرضين، وكرهه في الحيوان والثياب، وكرهه في القرض. وذكر القرطبي في "تفسيره" 3/ 413 عن ابن خويز منداد: لو شرط المرتهن الانتفاع بالرهن فلذلك حالتان: إن كان من قرض لم يجز، وإن كان من بيع أو إجارة جاز؛ لأنه يصير بائعا للسلعة بالثمن المذكور، ومنافع الرهن مدة معلومة فكانه بيع وإجارة.]]. وارتفع قوله: (فرهان) [[في (ي) و (ش): (فرهن).]] على معنى فالوثيقة رهن، أو فعليه رهن، ويجوز أن يكون (فرهان) مبتدأ [[في (أ) و (م): (أن يكون ابتداء).]] وخبره محذوف، على تقدير: فرهان [[في (ي) و (ش): (فرهن).]] مقبوضة بدل من الشاهدين، أو تقوم مقامهما، أو ما أشبه هذا، ولكنه حذف للعلم [[ينظر في إعراب الآية: "مشكل إعراب القرآن" 1/ 146، "التبيان" ص 170، "البحر المحيط" 2/ 355 - 356.]]. وقوله تعالى ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ قال اللحياني: أَمِنَ فلانٌ غيره على الشيء يَأمَنُ أَمْنًا وأمَنَةً وأَمْنَة [[سقطت من (ش).]] وأمَانًا فهو آمِن [[نقله في "تهذيب اللغة" 15/ 510.]]، والرجل مأمون، قال الله تعالى: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ﴾ [[في (ش) (يغشاكم).]] [الأنفال: 11] ويقال: أَمِنْتُ الرجل، إذا لم تخفه، آمنُهُ، قال الله تعالى: ﴿قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ﴾ [يوسف: 64]. ومن هذا: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ أي: لم يخف خيانته وجحوده الحق [[من قوله: (أي لم يخف)، ساقط من (ي).]]. وقوله تعالى ﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ اؤتمن: افتعل، من الأمانة، يقال: أَمِنْتُه وايتَمَنْتُهُ، فهو مَأمونٌ ومُؤْتَمَن [[ينظر في أمن: "تهذيب اللغة" 1/ 209 - 212، "المفردات" ص 35، "اللسان" 1/ 140 - 144.]]. وقوله تعالى ﴿فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ قال ابن عباس: يريد قد أَثِمَ قَلْبُه وفَجَر [[رواه عنه الطبري في "تفسيره" 3/ 141 - 142 بمعناه، وفي "الوسيط" 1/ 407.]]. وهو ابتداء وخبر [[في (ي): (خبر).]] [[ينظر في إعرابها: "مشكل إعراب القرآن" 1/ 146، "التبيان" ص 171، "البحر المحيط" 2/ 357، وقد ذكروا عدة إعرابات: الأول: أن (آثم) خبر إن، و (قلبه) مرفوع به؛ لأن (آثم) اسم فاعل، والثاني: كذلك، إلا أن (قلبه) بدل من (آثم) لا على نية طرح الأول. والثالث: أن (قلبه) بدل من الضمير في (آثم). والرابع: أن (قلبه) مبتدأ، و (آثم) خبر مقدم، والجملة خبر (إن) وقد ناقش أكثر هذه الأقوال أبو حيان في البحر.]]. قال المفسرون: ذكر الله تعالى على كتمان الشهادة نوعًا من الوعيد لم يذكره في سائر الكبائر، وهو إثم القلب، ويقال: إِثْمُ القلبِ سببُ مَسْخِه، والله تعالى إذا مسخ قلبًا جعله منافقًا، وطبع عليه -نعوذ بالله من ذلك- وروىَ أبو موسى عن النبي ﷺ أنه قال: "من كتم شهادة إذا دعي كان كمن شهد بالزور" [[رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" 5/ 97، والشجري في "الأمالي الخميسية" 2/ 238، والثعلبي في "تفسيره" 2/ 1823، وعزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 203 إلى "المعجم الكبير" قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/ 222: حديث غريب، وقال الهيثمي في "المجمع" 4/ 203: وفيه عبد الله بن صالح وثقة عبد الملك بن شعيب، فقال: ثقة مأمون، وضعفه جماعة. وقال الدكتور المنيع في تحقيق (تفسير الثعلبي في "تفسيره") 2/ 1825: في إسناده من لم أظفر له بترجمة، ومحمد بن حميد لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا وعبد الله بن صالح كثير الغلط، وقد تفرد به واضطرب في إسناده.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب