الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [[ساقطة من (ش).]] رفع بالابتداء، وما بعده خَبَرُه [[ينظر في إعراب الآية: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 330، "تفسير الثعلبي" 2/ 1435، "إعراب مشكل القرآن" 1/ 136، "التبيان" ص 151.]]، ونَفْيُ إلهٍ سواهُ توكيدٌ وتحقيقٌ لإلاهِيَّتِه؛ لأن قولك: لا كريم إلا زيد، أبلغُ من قولِك: زيدٌ كريم. وقوله تعالى: ﴿الْحَيُّ﴾ الحي من له حياة، وهي صفة تخالف الموت والجمادية [["تفسيرالثعلبي" 2/ 1436]]، وأصله: حَيِيَ، مثل: حَذِرَ وطَمِع، فأدغمت الياء في الياء عند اجتماعهما. وقال ابن الأنبارى: الحي: أصله الحيو [[في (ي) (الحياة).]]، فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن جعلتا ياء مشددةً [[ابن الأنباري، وفي "تهذيب اللغة" 1/ 947 (مادة: حوى) عن الفراء.]]. ومعنى الحي: الدائم البقاء [[ينظر في (حيي): "معاني القرآن" للزجاج 1/ 336، "تفسير الثعلبي" 2/ 1436.]]. وقوله تعالى ﴿الْقَيُّومُ﴾ القَيُّومُ في اللغة: مبالغةٌ من القَائم، وزنه فَيْعُول، وأصله: قَيْوُوُم، فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن جُعِلَتا ياءً مشددة [[في "تهذيب اللغة" 1/ 947 عن سيبويه. وكذلك قال في سيد وجيد وميت وهيِّن وليِّن.]]، ولا يجوز أن يكون على (فَعُّول)، لأنه لو كان كذلك لكان قوومًا [[في (ي): (قؤومًا)، وفي (م): (قيووم).]]. وفيه ثلاث لغات: قَيوم وقَيّام وقَيِّم [["تفسير الثعلبي" 2/ 1437.]]، ولا يجوز أن يطلق في وصفه إلا ﴿الْقَيُّومُ﴾ لعدم التوقيف بغيره من اللغات، إلا ما روي عن بعض الصحابة والتابعين، أنهم قرأوا: القَيَّام والقَيّم [["معاني القرآن" للفراء 1/ 190، وقال: وقرأها عمر بن الخطاب وابن مسعود (القيّام)، وصورة القيوم: فيعول، والقيام: الفيعال، وهما جميعًا مدح، وأهل الحجاز أكثر شيء قولًا: (الفيعال) من ذوات الثلاَثة، فيقولون للصوّاغ: الصيّاغ. اهـ. والقيم: قرأه علقمة، كما ذكر الثعلبي 2/ 1436.]]. وقد تكلمت العرب بالقَيُّوم. قال أمية: قَدَّرَها [[في (ي) (قدزها)]] المُهَيْمِن القَيُّوم [[صدر بيت من مشطور الرجز، لأمية بن أبي الصلت، وهو في "ديوانه" ص 73 ضمن أبيات له يقول فيها: == لم تخلق السماء والنجوم والشمس معها قمر يَعُوم درها المهيمن القيوم والحشر والجنة والجحيم إلا لأمر شأنه عظيم]] وأنشد ابن الأنباري: إنَّ ذا العَرْش الذي يَرْزُق ... النَّاس وحَيّ عَلَيْهمُ قَيّوم [[البيت لم أهتد إلى قائله، ولا من ذكره]] ومثله: ما في الدار دَيَّارٌ ودَيُّورٌ ودَيِّر [[ينظر في (القيوم): "معاني القرآن" للفراء 1/ 190، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 336، "تهذيب اللغة" 9/ 356.]]. فأما معناه: فقال [[في (ي): (قال).]] مجاهد: القيوم: القائم على كل شيء [[رواه الطبري في "تفسيره" عنه 3/ 6، وذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" 3/ 486، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 131.]]، وتأويله: أنه قائم بتدبير أمر الخلق، في إنشائهم وأرزاقهم، وقال الضحاك: القيوم: الدائم الوجود [[رواه الطبري عنه في "تفسيره" 3/ 6.]]. أبو عبيدة: هو الذي لا يزول [["مجاز القرآن" 1/ 78.]]، لاستقامة وصْفِهِ بالوجود، حيث لا يجوز عليه التغيير بوجه من الوجوه. وقيل: هو بمعنى العالم بالأمور، من قولهم: فلان يقوم بهذا الكتاب، أي: هو [[ليست في (ي).]] عالم به. وقوله تعالى: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ السِّنة: ثِقَلُ النُّعاس، وهو مصدر وَسَن، يَوْسَنُ، سِنَةً، وهو وسنان ووسِن، وامرأة وَسْنَانَةٌ ووَسْنَى. وحقيقة السِّنة: ريح تجيء من قبل الرأس لينة تغشى العين [[ينظر "تفسير الثعلبي" 2/ 1443.]]. وحقيقة النوم: هو الغشية الثقيلة، التي تهجم على القلب، فتقطعه عن معرفة الأمور الظَّاهرة. وقال المفضل: السِّنة في الرأس، والنوم في القلب [[ينظر في (السنة): "غريب القرآن" لابن قتيبة 84، "تهذيب اللغة" 4/ 3893 مادة "وسن"، "المفردات" 539.]]. وقد فصل بينهما عدي ابن الرِّقَاع [[عدي بن زيد بن مالك بن الرقاع العاملي القضاعي، يكنى أبا داود، تقدمت ترجمته [البقرة: 60].]] في قوله [[(في قوله) ساقط من (ي).]]: وَسْنَانُ أَقْصدَه النُّعاسُ فَرَنَّقَتْ ... في عَينِه سِنَةٌ ولَيْسَ بِنَائِمِ [[في (ش): (ينام).]] [[البيت في "ديوانه" ص 122، وذكره في "مجاز القرآن" 1/ 78، "غريب القرآن" ص 84، والأغاني 8/ 181، وفي "اللسان" 8/ 4839 مادة "وسن". والإقصاد: أن يصيبه السهم فيقتله من فوره، وهو هنا استعارة، أي: أقصد النعاس فأنامه، رنقت: دارت وماجت، "سمط اللآلئ" 1/ 521.]] وتأويله: أنه لا يغفل عن تدبير الخلق [[من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 337.]]. وقوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ استفهام معناه الإنكار والنفي، أي: لا يشفع عنده أحد إلا بأمره [[ينظر: "البحر المحيط" 2/ 278.]]، وذلك أن المشركين كانوا يزعمون أنّ الأصنام تشفع لهم، وقد أخبر الله عنهم بقوله: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] وقوله: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾ الآية [يونس: 18] فأخبر الله تعالى أنه لا شفاعة عنده لأحد [[في (ي): (لأحد عنده).]] إلا ما استثناه بقوله: ﴿إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ يريد: شفاعة النبي ﷺ وشفاعة بعض المؤمنين لبعض في الدعاء [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 337 بمعناه.]]. وقوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ قال مجاهد [[رواه الطبري عنه في "تفسيره" 3/ 9، وذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 489.]] وعطاء [["تفسير الثعلبي" 2/ 1452، وفي "تفسير البغوي" 1/ 312.]] والسدّي [[رواه الطبري عنه في "تفسيره" 3/ 9، وذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 489.]]: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ من أمر الدنيا ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ من أمر الآخرة. الضحاك [[في (ي) و (أ) و (ش): (ضحاك).]] [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1453.]] والكلبي [[ذكره أبو الليث في "بحر العلوم" 1/ 223، والثعلبي في "تفسيره" 2/ 1453.]]: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ يعني [[ساقط من (ي).]]: الآخرة، لأنهم يُقْدمون عليها ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ الدنيا، لأنهم يُخِّلفونها وراء ظهورهم [[في نسختي (أ) و (م) كرر قول الضحاك والكلبي بنصه، ونسبه إلى عطاء عن ابن عباس، وقد أتى بعده ما رواه عطاء عن ابن عباس.]]. وقال عطاء عن ابن عباس: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ يريد: من السماء إلى الأرض، (وما خلفهم) يريد: ما في السموات [[هذا من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في قسم الدراسة.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ يقال: أَحَاط بالشئ: إذا عَلِمَه، كأنه ما لم يَعْلَمْه عازِبٌ عنه، فإذا عَلِمَه ووَقَفَ عليه وجَمَعَه في قَلْبه قيل: أحاط به [[ساقط من (ي).]]، من حيث إن المحيط بالشيء مشتمل عليه، قال الليث: يقال لكل من أحرز شيئًا أو بلغَ علمُه أقصاه: قد أحاط به [[نقله عنه في "تهذيب اللغة" 1/ 707 (مادة: حاط).]] [[ينظر في (أحاط): "تهذيب اللغة" 1/ 707 مادة "حاط"، "المفردات" ص 111 - 112، "اللسان" 2/ 1052 (مادة: حوط).]]. وقوله تعالى: ﴿مِنْ عِلْمِهِ﴾ أي: من معلومه، كما يقال: اللهم اغفر لنا علمك فينا، وإذا ظهرت آية عظيمة قيل: هذه قدرة، أي: مقدورة. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ أي: إلا [[ساقط من (ي).]] بما أنبأ به الأنبياء، ليكون دليلًا على تثبيت نبوتهم، وقال [[في (ي): (قال).]] ابن عباس: يريد مما أطلعهم على علمه. وقوله تعالى: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ يقال: وَسِع الشيءَ يَسَعُه سَعَةً: إذا احتمله وأطاقه [[ساقط من (ش).]] وأمكنه القيام به، يقال: لا يَسَعُك هذا، أي: لا تُطِيقُه ولا تَحْتَمِلُه [[في (ي): (لا تحمله).]]، قال أبو زبيد [[في (ي): (أبو زيد).]] [[حرملة بن المنذر الطائي، شاعر مشهور أدرك الإسلام واختُلف في إسلامه. تقدمت ترجمته، [البقرة: 72].]]: أعْطِيهم الجهدَ مِنَّي بَلْهَ مَا أَسَعُ [[عَجْز بيتٍ، صدرُه: حّمالُ أثقالِ أهلِ الودِّ آونةً والبيت في "اللسان" 8/ 4834 (مادة: وسع)، وفي "تهذيب اللغة" 4/ 3890 (ماده: وسع)، قال الأزهري: فدع ما أحيط به وأقدر عليه، والمعنى: أعطيهم ما لا أجِدُه إلا بجهد، فدع ما أحيط به.]] أي: ما أطيق، ومنه قوله ﷺ: "لو كان موسى حيًّا ما وسعه إلا اتباعي [[أخرجه الإمام أحمد 3/ 338 بلفظ: "فإنه لو كان موسى حيًا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني".]] " أي: ما جَازَ له، ولم يحتمل غير ذلك [[ينظر في (مادة: وسع): "تهذيب اللغة" 4/ 3890، "المفردات" ص 538، "اللسان" 8/ 4835.]]. وأما الكرسي، فأصله في اللغة: من تركب الشيء بعضه على بعض، قال الأصمعي: الكِرْسُ: أبوالُ الدواب وأَبْعَارُها، تَتَلَبَّدُ بعضها فوق بعض [[نقله في "تهذيب اللغة" 4/ 3126 مادة "كرس".]]، وأكرست الدار إذا كثر فيها الأبعار والأبوال [[في (ي): (الأبوال والأبعار).]]، وتلبد بعضها على بعض. قال العجّاج [[ساقطة من (ي).]]: يا صاحِ هل تَعْرِفُ رَسْمًا مُكرِسَا [[البيت، من أرجوزة للعجاج، في "ديوانه" 1/ 185، وبعده قوله: قال: نعم أعرفه وأبلسا ضمن مجموع أشعار العرب 2/ 31، وذكره في "تهذيب اللغة" 4/ 3127، و"المفردات" ص430، و"لسان العرب" 7/ 3854 مادة "كرس".]] بفتح الراء وكسرها، ومن فتح الراء فهو الذي قد بعرت فيه الإبل وبولت فركب بعضه بعضًا، وتَكَارَسَ الشَّيءُ إذا تَرَاكَب، ومنه: الكُرّاسة لِتَرَاكبِ بعضِ أوراقِها على بعضٍ، والكُرسيُّ المعروف؛ لتركيب خَشَبَاته [[في (ي) (خشيه).]] بعضِها فوق بعض [[ينظر في (كرس): "معاني القرآن" للزجاج 1/ 337 - 338، "تهذيب اللغة" 4/ 3126 - 3127، "المفردات" 430، "اللسان" 7/ 3854 - 3855.]]. واختلف المفسرون في معنى الكرسي في هذه الآية، فأولى الأقاويل وأصحُّها: ما قال ابن عباس، في رواية عطاء [[ذكره البغوي بمعناه 1/ 313، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 251 وقد تقدم الحديث عن هذه الرواية في القسم الدراسي.]]، وأبو موسى [[رواه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" 1/ 302، والطبري في "تفسيره" 3/ 10، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في العرش ص 78، وأبو الشيخ في "العظمة" 2/ 627، وابن منده في "الرد على الجهمية" 46، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 272، وصححه الحافظ في الفتح 8/ 199.]] والسدي [[رواه الطبري عنه بمعناه في "تفسيره" 3/ 10، "ابن أبي حاتم" في "تفسيره" 5/ 491.]]: أنه الكرسي بعينه، وهو لؤلؤ، وما السموات السبع في الكرسيِّ ألا كَدَراهم سبعة أُلْقِيَتْ في تُرْس، ومعناه: أن كرسيَّهُ مشتمل بعظمه على السموات والأرض. قال عطاء: هو أعظم من السموات السبع والأرضين السبع [[ذكره البغوي بمعناه 1/ 313، وفي "زاد المسير" 1/ 251.]]. وروى عمَّار الدُّهني [[في (ي) الذهبي.]] [[هو: عمار بن معاوية الدُّهْني، أبو معاوية البَجَلي الكوفي، قال ابن حجر: صدوق يتشيع، توفي سنة 133 هـ ينظر "تقريب التهذيب" ص 408 (4833).]] عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه قال: الكرسي: موضع القدمين، وأما العرش فإنه لا يُقْدَرُ قَدْرُه [[رواه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" 1/ 301، والدارمي في "نقض الإمام أبي سعيد على المريسي" 1/ 399، 412، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 248، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في "العرش" ص 79، والطبراني في "الكبير" 12/ 31، وأبو الشيخ في "العظمة" 2/ 582، والحاكم 2/ 310، وقال: صحيح على شرط الشيخين 2/ 310، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 251، قال الذهبي في "مختصر العلو" ص102: رواته ثقات، وقال الهيثمي في المجمع 6/ 326: ورجاله رجال الصحيح، وصححه الأزهري كما ذُكر في النص أعلاه.]]. وقال [[في (ي) و (ش) (قال).]] الأزهري: وهذه رواية اتفق أهل العلم على صحتها [[في "تهذيب اللغة" 4/ 3127 مادة "كرسى".]]. وأراد ابن عباس بقوله: موضع القدمين، أي: موضع القدمين منا. قال الزجاج: وهذا القول بَيِّن؛ لأن الذي نعرفه من الكرسي في اللغة: الشيء الذي يعتمد عليه، ويجلس عليه، فهذا يدل [[في (م) (يدل على).]] أن الكرسي عظيم، عليه السموات والأرضون [["معاني القرآن" 1/ 338.]]. وقال بعضهم: كرسيه: سلطانه ومُلْكه، يقال: كرسي الملك من مكان كذا إلى مكان كذا، أي: مُلْكه، مشبه [[في (م) (فشبه).]] بالكرسي المعروف؛ لأن تركيب بعض [[ساقطة من (ش).]] تدبيره على بعض، كتركيب بعض الكرسي على بعض، ويجوز أن يكون لاحتوائه عليه كاحتوائه على كرسيه، فلا يبعد أن تُكنّي عن الملك بالكرسي، كما [[في (ي) (كما لا يبعد أن تكني).]] تكني عنه بالعرش. فيقال: ثُلَّ عرشُه، إذا ذهب عزُّه وملكه [[ينظر: "تفسير الطبري" 3/ 11، "تفسير الثعلبي" 2/ 1455، "النكت والعيون" 1/ 325، "البحر المحيط" 2/ 279.]]. وقال قوم: كرسيه: قدرته التي بها يمسك السموات والأرض، قالوا: وهذا كقولك: اجعل لهذا الحائط كرسيًا، أي: اجعل له ما يَعْمِدُه ويُمْسِكُه، حكاه أبو إسحاق [["معاني القرآن" 1/ 338.]]. وقال ابن عباس [[رواه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" 2/ 500، والطبري في "تفسيره" 3/ 9، و"ابن أبي حاتم" في "تفسيره" 2/ 490، وابن مندة في الرد على الجهمية 45، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" 3/ 449، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 272، كلهم من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال الدارمي في نقضه على المريسي 1/ 411: وأما ما رَوَيْتَ عن ابن عباس فإنه من رواية جعفر، وليس جعفر ممن يعتمد على روايته إذا خالفه الرواة المتقنون. وقال ابن منده في "الرد على الجهمية" ص 45: ولم يتابع عليه جعفر، وليس هو بالقوى في سعيد بن جبير.]] ومجاهد [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1454، والبغوي في "تفسيره" 1/ 313.]] وسعيد بن جبير [[رواه البخاري عنه 8/ 199 معلقا مجزومًا، ورواه موصولًا سفيان الثوري 127.]]: كرسيه: علمه. قال أهل المعاني: يجوز أن يُسَمَّى العلمُ كرسيًّا، من حيث إن الاعتماد في الأشياء على العلم، كالكرسي الذي يعتمد عليه، ويقال للعلماء: الكراسي؛ لأنهم المُعتمدُ عليهم، كما يقال: هم أوتاد الأرض [[ينظر: "تفسير الطبري" 3/ 11، "تفسير الثعلبي" 2/ 1454، "النكت والعيون" 1/ 325، "البحر المحيط" 2/ 280.]]، وأنشدوا: تَحُفُّ بهم بِيضُ الوُجُوه وعُصْبة ... كَرَاسي بالأحْدَاثِ حِينَ تَنُوبُ [[البيت ذكره الطبري في "تفسيره" 3/ 11، والثعلبي في "تفسيره" 2/ 1455، والماوردي في "النكت والعيون" 1/ 3205، والزمخشري في "أساس البلاغة" 2/ 303، (كرسي) وقال: أنشده قطرب، وأبو حيان في "البحر المحيط" 2/ 380.]] أي: علماء بحوادث الأمور. وأنشدوا أيضًا: نَحْنُ الكرَاسِي لا [[في (ي) (فلا).]] تعد هوازن ... أمثالنا في النَّائِبَاتِ ولا أَسُد [[البيت لم أهتد إلى قائله، ولا من ذكره.]] قال ابن الأنباري: الذي نذهب إليه ونختاره القول الأول، لموافقته الآثار، ومذاهب العرب، والذي يحكى عن ابن عباس: أَنَّه عِلْمُه، إنما يروى بإسناد مطعون، والبيتان يقال: إنهما من صَنْعَةِ النحويين، لا يُعْرفُ لهما قائل، فلا يحتج بمثلهما [[في (أ) و (م) بمثلها.]] في تفسير [[سقطت من (ي).]] كتاب الله عز وجل. وقال الأزهري: من روى عن ابن عباس في الكرسي [[سقطت من (ي).]]: أنه العلم، فقد أبطل [["تهذيب اللغة" 4/ 3126، وهذا لفظه في نسخة خطية أشار إليها محققو التهذيب، ونقلها صاحب "اللسان" 7/ 3855 مادة (كرس)، ولفظه في النسخة المطبوعة: والذي روي عن ابن عباس في الكرسي، فليس مما يثبته أهل المعرفة بالأخبار. وفي "مجموع الفتاوى" 6/ 584 سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: هل العرش والكرسي موجودان، أو أن ذلك مجاز؟ فأجاب: الحمد لله، بل العرش موجود == بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها، وكذلك الكرسي ثابت بالكتاب والسنة وإجماع جمهور السلف، وقد نقل عن بعضهم أن كرسيه: علمه، وهو قول ضعيف، فإن علم الله وسع كل شيءكما قال: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ [غافر: 7] والله يعلم نفسه، ويعلم ما كان وما لم يكن، فلو قيل: وسع علمه السموات والأرض؛ لم يكن هذا المعنى مناسبًا، ولاسيما وقد قال: ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ [البقرة: 255] أي لا يثقله ولا يكرثه، وهذا يناسب القدرة لا العلم، والآثار المأثورة تقتضي ذلك.]]. وقال أبو إسحاق: الله عز وجل أعلم بحقيقة الكرسي، إلا أن جملته أنه أمر عظيم من أمره [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 338.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ يقال: آده يَؤُوده أَوْدًا: إذا أَثْقَلَه وأَجْهَدَه، وأُدْتُ العُودَ أودًا، وذلك إذا اعتَمدت [[في (أ) و (م) و (ش): (اعتمد).]] عليه بالثِّقْلِ حتى أملته [[في (أ) و (م) و (ش) (أماله).]]، قالت الخنساء: وحَامِلُ الثِّقلِ والأعْبَاءِ قَدْ عَلِمُوا ... إذا يَؤُودُ رِجَالًا [[في (ي): (رجال).]] بعضُ ما حَمَلُوا [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1463، وليس في "ديوانه".]] وقال آخر: وقَامَتْ تُرَائِيكَ مُغْدوْدِنًا [[في (م) مغدودوننا.]] ... إذا ما تَنُوءُ بهِ آدَها [[البيت من المتقارب، وهو لحسان بن ثابت في "ديوانه" ص 76، وفي "الحجة" 2/ 392، "المحتسب" 1/ 319، "لسان العرب" 6/ 3220 مادة: غدن. والمُغْدَودِن: الشعر الطويل.]] أي: أثقلها، يصف كَثْرةَ شَعْرِها، وإنها لا تُطِيقُ حَمْله [[ينظر في (آد): "تهذيب اللغة" 1/ 133، "المفردات" ص 43، "اللسان" 1/ 168، وقال ابن قتيبة في غريب القرآن ص 93: آده الشيء يؤوده، وآده يئيده، والوأد، الثِّقْل.]]. وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ يقال: علا يَعْلُو عُلُوًّا فهو عالٍ وعليّ، مثل: عَالم وعَليم، وسامع وسميع، فالله تعالى عليٌّ بالاقتدار ونفوذِ السلطان، وقيل: عليٌّ على الأشباه والأمثال. يقال: علا على قِرنه، إذا اقتدر عليه وغَلبه، وليس ثَمَّ عُلُوٌ من جهة المكان، ويقال أيضًا: علا فلان عن هذا الأمر: إذا كان أرْفَعَ مَحَلًّا عن الوصف به [[ساقط من (ي).]]، فمعنى العُلُوِّ في صفة الله تعالى منقولٌ إلى اقتداره، وقهره، واستحقاقه صفات المَدْح، على وجه لا يُسَاوى ولا يُوَازَى [[في (ي): (ولا يوازى ولا يوارى).]] [[ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 1463، وقد أنكر المؤلف -رحمه الله- علو الله على خلقه علو الذات وهو خلاف مذهب السلف. فالعلو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، ينظر كتاب: "العلو للعلي الغفار" للإمام الذهبي.]]. والعظيم: معناه: أنه عظيم الشأن، لا يُعْجِزه شَيء، ولا نهايةَ لمَقْدُوره [[في (م): (لقدورة).]] ومَعْلُومه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب