الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾ قال المفسرون: إن النبي ﷺ صُدّ عام الحديبية سنة ستٍ، ثم عاد في سنة سبع، ودخل مكة وقضى العُمرة في ذي القَعدة، فأنزل الله هذه الآية، يريد: ذو القعدة، الذي دخلتم فيه مكةَ، واعتمرتم ﴿بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾: ذي القعدة، الذي صددتم فيه عن البيت، يعني: أن هذا جزاء ذاك وبدله. وتأويله: العمرة في الشهر الحرام من سنة سبع بدلٌ من الصدّ في الشهر الحرام سنة ستٍ [[ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 196 - 198، وقد ذكر روايات كثيرة في ذلك عن ابن عباس ومجاهد وقتادة ومقسم والسدي والضحاك والربيع وابن زيد، ونحوه عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 328، وذكر هذا السبب: الثعلبي 2/ 414، البغوي 1/ 215، والواحدي في "أسباب النزول" ص 58، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 194 وغيرهم.]].
والحرمات: جمع حُرْمَة، والحُرْمَة: ما مُنِع من انتهاكه [["تفسير الثعلبي" 2/ 416، وينظر: "المفردات" ص 122.]].
والقصاص: المساواة والمماثلة، ذكرنا ذلك. وأراد بالحرمات: الشهر الحرام، والبلد الحرام، وحُرمة الإحرام [[ينظر: "تفسير الطبري" 3/ 579 و"تفسير الثعلبي" 2/ 416 و"البغوي" 1/ 215.]].
ومعنى قوله: ﴿وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ﴾ أي: اقتصصت لكم منهم، حيث أضاعوا وانتهكوا هذه الحرمات في سنة ستٍ، فقضيتم على زعمهم ما فاتكم في سنة سبع [[ينظر: "تفسير الطبري" 2 - 198، "الثعلبي" 2/ 416، ويفيد كلام الواحدي هنا أن هذه العمرة قضاء للعمرة التي حصروا عنها عام الحديبية، والقول الآخر: أنها من المقاضاة؛ لقول ابن عمر: لم تكن هذه قضاء ولكن كان شرطًا على المسلمين أن يعتمروا في الشهر الذي حاصرهم فيه المشركون. ينظر: "زاد المعاد" 3/ 378.]].
قال مجاهدٌ: فَخَرت قريش أن صدت رسول الله ﷺ عن البيت الحرام في الشهر الحرام، في البلد الحرام، فأقصه الله، فدخل عليهم من القابل، في الشهر الحرام، في البلد الحرام، في البيت الحرام، وأنزل الله هذه الآية [[رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 197.]]، هذا قول أكثر المفسرين [[ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 416.]].
والصحيح في تفسير هذه الآية: ما قاله ابن عباس في رواية عطاء:
﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾ يريد: إن قاتلوكم في الشهر الحرام، فقاتلوهم في مثله [[تقدم الحديث عن رواية عطاء ص 92، وقد ذكره البغوي في "تفسيره" 1/ 215، ولم ينسبه، وروى الطبري 2/ 198، وابن أبي حاتم 1/ 329 عن عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال: أمركم الله بالقصاص، ويأخذ منكم العدوان، وهي بمعنى ما ذكره الواحدي، وعزا ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 201 هذا القول إلى الحسن البصري.]]، واختار الزجاج هذا القول، فقال: معناه: قتال الشهر الحرام بقتال الشهر الحرام [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 264.]].
وقوله تعالى: ﴿وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ﴾ قال ابن عباس: يريد: إن انتهكوا لكم حرمةً فانتهكوا منهم مثل ذلك.
وقال الزجاج: أعلم الله عز وجل أن أمر هذه الحرمات قصاص [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 264.]]، أي: لا يكون للمسلمين أن ينتهكوها على سبيل الابتداء، ولكن على سبيل القصاص. وهذا القول أولى القولين بالصواب، وأشبهها بالآية وبما [[في (أ)، (م): (بما) بلا واو.]] قبلها، وهو قوله: ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ﴾ [البقرة: 191] والذي يدل عليه من سياق الآية.
قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ أي: ظلم، فقاتل، ﴿فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾. وسمى الثاني اعتداءً لأنه مجازاة اعتداء فَسُمِّي بمثل اسمه؛ لأن صورةَ الفِعْلين واحدة، وإن كان أحدهما طاعة والآخر معصية، والعرب تقول: ظلمني فلان فظلمته، إذا جازيته بظلمه، وجَهِلَ عَلَيَّ فَجَهِلْتُ عليه، أي: جازيته بجهله. قال عمرو [[عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب التغلبي، شاعر جاهلي، من أصحاب المعلقات، وهو قاتل عمرو بن هند ملك الحيرة، وقد عمِّر وأدركته المنية وهو يناهز الخمسين ومائة.
ينظر: "طبقات فحول الشعراء" 1/ 151، "الشعر والشعراء" ص 137، "خزانة الأدب" 3/ 183.]]:
ألا لا يَجْهَلَن أحدٌ علينا ... فَنَجْهَل فوق جَهْلِ الجاهلينا [[البيت في "ديوانه" ص 330 وقد تقدم تخريجه 2/ 140.]]
أي: نكافئ على الجهل بأكثر من مقداره، ومثله من التنزيل: قوله عز وجل: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ [آل عمران: 54] وقوله: ﴿فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ﴾ [التوبة: 79] [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 265، وينظر: "تفسير الطبري" 2/ 199، 200، "تفسير الثعلبي" 2/ 413، 417، "تفسير البغوي" 1/ 215.]].
{"ayah":"ٱلشَّهۡرُ ٱلۡحَرَامُ بِٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡحُرُمَـٰتُ قِصَاصࣱۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَیۡكُمۡ فَٱعۡتَدُوا۟ عَلَیۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَیۡكُمۡۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق