الباحث القرآني

قوله تعالى ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ﴾ الآية، نزلت في تحويل القبلة إلى الكعبة. قال ابن عباس: عَنَى بالسفهاء يهود المدينة [[أخرجه الطبري 2/ 1، وذكره ابن أبي حاتم 1/ 247.]]، وقال الحسن: يعني مشركي مكة. وقال السدي: يعني منافقي المدينة، وذلك أن المشركين قالوا لما توجه النبي ﷺ إلى الكعبة: قد اشتاق محمد إلى مولده، ومولد آبائه، وقد توجه نحو قبلتكم، وهو راجع إلى دينكم. وقالت اليهود: قد تردد على محمد أمره، ولا يدري أين يتوجه. وقالت المنافقون استهزاءً بالإسلام والمسلمين: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ﴾ [[ينظر: "تفسير البغوي" 1/ 158.]]، والسفهاء: جمع سفيه، وهو الخفيف إلى ما لا يجوز له أن يخِفّ إليه [[ينظر: "اللسان" 4/ 2032 (سفه).]]، وذكرنا هذا فيما تقدم. وقوله تعالى: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ﴾ أي: عَدَلهم وصرفهم [["تفسير الطبري" 2/ 2، "تفسير القرطبي" 2/ 137 - 138.]]، ونذكر أصل هذا الحرف عند قوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ [البقرة: 148]. وقوله تعالى: ﴿عَنْ قِبْلَتِهِمُ﴾ القبلة: الوجهة، وهي الفعلة من المقابلة، والعرب تقول: ماله قِبلة ولا دِبرة، إذا لم يهتد لجهة أمره، وأصل القبلة في اللغة: الحالة التي يقابل الشيء غيره عليها، كالجلسة للحال التي يجلس عليها، إلا أنها الآن صارت كالعلم للجهة التي تستقبل في الصلاة [["اللسان" 6/ 3517 (قبل).]]. وقوله تعالى: ﴿الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ يعنون: بيت المقدس، في قول أكثر المفسرين، والضمير في قبلتهم: للنبي ﷺ وأصحابه. وقال عطاء عن ابن عباس: يريد التي كان عليها إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط [[قريب منه في "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 247.]]، وهذا على زعمهم؛ لأنهم كانوا يدعون أن قبلة إبراهيم كانت بيت المقدس، وعلى هذا القول الضمير [[ساقط من (م).]] في ﴿قِبلَتِهِمُ﴾ لإبراهيم ومن ذُكر بعده، كأنهم قالوا: ما ولّى النبي وأصحابه عن قبلة إبراهيم والأسباط. والقول هو الأول، وعليه المفسرون. وقوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾ أي: له أن يأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء [[كذا في "تفسير القرطبي" 2/ 140.]]. وقيل: أراد بالمشرق الكعبة؛ لأن المصلي بالمدينة إذا توجه إلى الكعبة فهو متوجه إلى المشرق، وإذا توجه إلى بيت المقدس فهو متوجه إلى المغرب [[ذكره أبو حيان في "البحر" 1/ 421.]]. وقوله تعالى: ﴿يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ قال ابن عباس: إلى دين مستقيم، يريد: أني قد رضيت قبلة أولئك، ورضيت هذه القبلة لمحمد ﷺ. "ودين الله" يسمى: صراطًا مستقيمًا؛ لأنه يؤدي إلى الجنة؛ كما يؤدي الطريق المستقيم إلى البغية [[ينظر: "تفسير القرطبي" 2/ 140.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب