الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَمْ تَقُولُونَ﴾ قرئ بالتاء والياء [[قرأ ابن كثير ونافع وعاصم في رواية أبي بكر، وأبو عمرو، بالياء، وقرأ الباقون بالتاء. ينظر: "السبعة" ص 171، "الحجة" لأبي علي 2/ 229، "الكشف" لمكي 1/ 266.]]، فمن قرأ بالتاء؛ فلأن ما قبله من قوله: ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا﴾ وما بعده من قوله: ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ﴾ بالتاء. ومن قرأ بالياء؛ فلأن المعنى لليهود والنصارى، وهم غَيْبٌ [[من "الحجة" 2/ 229 بتصرف، وينظر: الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1232، والبغوي في "تفسيره" 1/ 158.]]. ومعنى الآية: كأنه قيل لهم: بأي: الحجتين تتعلقون؟ أبالتوحيد؟، فنحن موحدون، أم باتباع دين الأنبياء، فنحن متبعون دونكم [[كذا قال الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 217.]]، فمن الجهتين جميعًا لا تلزمنا لكم حجة. هذا على قراءة من قرأ [[في (م) و (ش): (قرأ).]] بالتاء، وتكون الآية متصلة بما قبلها من الاستفهام الذي معناه الإنكار، ومن قرأ بالياء، فمعناه الانقطاع إلى حجاج آخر غير الأول، كأنه قيل: بل أيقولون إن الأنبياء من قبل أن تنزل التوراة والإنجيل كانوا هودًا أو نصارى؟ كأنه أعرض عن خطابهم استجهالًا لهم بما كان منهم؛ كما يُقبِل العالِم على من بحضرته بعد ارتكاب مخاطبه جهالة شنيعة، هذا كله قول أصحاب المعاني في هذه الآية [[ينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 217.]]. وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّه﴾ أي: قد أخبرنا الله أن الأنبياء كان دينهم الإسلام، ولا أحد أعلم منه [[ساقط من (ش).]] [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 217.]]. وقوله تعالى ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ﴾ توبيخٌ من الله لليهود بعد أن قامت الحجةُ عليهم [["البحر المحيط" 1/ 415.]]. قال ابن عباس: يريد مَنْ أظلمُ ممَّنْ كتمَ شهادتَه التي أشهد عليها، يريد أن الله أشهدهم في التوراة والإنجيل: أنه باعث فيهم محمد بن عبد الله من ذرية إبراهيم، وأخذ على ذلك مواثيقهم أن يبيّنوه للناس ولا يكتموه، فكتموه وكذبوا فيه [[هذا من رواية عطاء التي تقدم ذكرها في المقدمة، ويذكر قريب منه عن غير ابن عباس عند الطبري في "تفسيره" 1/ 574 - 575، وابن أبي حاتم 1/ 246.]]. وقال مجاهد [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 574.]] والربيع [[أخرجه الطبري 1/ 575، وذكره ابن أبي حاتم 1/ 246.]]: الشهادةُ في أمر إبراهيم والأنبياء الذين ذكرهم وأنهم كانوا حنفاء مسلمين، فكتموها، وقالوا: إنهم كانوا هودًا أو نصارى [[رجح هذا القول الطبري في "تفسيره" 1/ 575 - 575 مبينًا أن هذه الشهادة جاءت بعد ذكر هؤلاء الأنبياء؛ فأولى بها أن تكون متصلة بهم لا بموضوع آخر، والشهادة التي عندهم ما أنزل الله إليهم في التوراة والإنجيل من الأمر بمتابعة هؤلاء المذكورين من الأنبياء، وأنهم كانوا حنفاء مسلمين فكتموا ذلك حينما دعاهم إليه رسول الله ﷺ إلى الإسلام. ورجحه كذلك أبو حيان في "البحر" 1/ 415، مبينا أنه أشبه بالسياق.]]. وحكى ابن الأنباري عن بعضهم: أن هذا من كلام المسلمين، يريدون: من أظلم منا إن تابعناكم على ما تقولون، بعد ما وقفنا على كذبكم بإعلام الله إيّانا، وكتمان أمر محمد، والشهادة له بالنبوة، بعد أن ثبتت [[في (م): (ثبت).]] عندنا نبوته بإخبار الله تعالى إيانا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب