الباحث القرآني
قوله تعالى ﴿صِبغَةَ الله﴾ الصِّبْغ: ما يُلَوَّنُ به الثياب، والصَّبْغُ المصدر، وأصله: المزجُ للتلوين، وما يُصْطبَغُ به من الأطعمة يسمى: صِبْغا وصِبَاغًا؛ لأنه مزج شيء بشيء، ولون بلون [[ينظر: "تهذيب اللغة" 2/ 1975 - 1976 "صبغ"، "البحر المحيط" 1/ 411.]].
قال الحسن [[ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 245.]] وقتادة [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 571، وذكره ابن أبي حاتم 1/ 245.]] وأبو العالية [[المراجع السابقة.]] ومجاهد [[المراجع السابقة.]] والسُّدّي [[المراجع السابقة.]] وعطية [[المراجع السابقة.]] وابن زيد [[المراجع السابقة.]]: دين الله. فعلى هذا القول، إنما سمي الدينُ صبغةً؛ لأن المتدين يَلْزَمُه ولا يُفَارقُه، كما يلزم الصبغُ الثوبَ. والعرب تقول: فلانٌ يَصْبغ فلانًا في الشرّ، إذا أدخله فيه، وألزمه إياه، كما يلزم الثوب الصبغ، خاطبهم الله في كتابه بمثل ما يعرفون في لغتهم، أنشد ثعلب:
دعِ الشَّرَّ وَانْزِلْ بِالنَّجَاةِ تَحَرُّزًا ... إذا أنت لم يَصْبِغْكَ في الشَّرِّ صَابغُ [[البيت بلا نسبة في: "أساس البلاغة"، (دبغ)، (صبغ)، "المعجم المفصل" 3/ 267.]]
قال اللحياني: تَصَبَّغَ فلان في الدين تَصَبُّغُا، وصِبْغَةً حسنة [[ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" 2/ 1976، وابن منظور في "اللسان" 4/ 2396 (صبغ).]].
وقال أبو عمرو: كل ما يتقرب به إلى الله عز وجل فهو الصِّبْغَةُ [[ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" 2/ 1976، وعنه ابن منظور في "اللسان" 4/ 2396.]].
وقال ابن عباس: إن النصارى كانوا إذا ولد لأحدهم ولد، فأتى على سبعة أيام غمسوه في ماء لهم، يقال له: المعمودي، وصبغوه به ليطهروه بذلك مكان الختان [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1223، وعنه البغوي في "تفسيره" 1/ 157، والواحدي في "أسباب النزول" ص 44، 45، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 151، "تفسير القرطبي" 2/ 132، و"الخازن" 1/ 116، وأبو حيان في "البحر المحيط" 1/ 411، وابن حجر في "العجاب" 1/ 382.]]، ويقولون: هو تطهير له وتنظيف، فجعل الله الختان للمسلمين تنظيفًا وتطهيرًا، وأمر به معارضةً للنصارى. فعلى هذا القول جرت الصبغة على الختانة؛ لصبغهم غلمانهم في الماء.
قال الأزهري: يقال: صَبَغَتِ الناقَةُ مَشَاَفِرَها في الماء: إذا غمستها، وصبغ يده في الماء [["تهذيب اللغة" له 2/ 1976 (صبغ).]]، قال:
قد صبغت مشافرًا كالأشبارْ [[هذا رجز ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" 2/ 1976، وابن منظور في "اللسان" 4/ 2396 (صبغ)، ولم ينسباه.]]
فسمي الختانُ صبغةً من حيثُ كان بدل ما فعلوه من صبغهم أولادهم، كما قال: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: 40] فسمى الثانية سيئة لما كانت في معارضة الأولى، كذلك الختانة سماها الله تعالى صبغة؛ لأنها تجري [[في (م): (تجزي).]] للمسلمين مجرى صبغ النصارى أولادهم، وهذا القول اختيار الفراء [["معاني القرآن" للفراء 1/ 82، وينظر: "الزاهر" 1/ 145، "تفسير الطبري" 1/ 570.]]. ويحتمل أنه سمي الختان صبغة؛ لأنه يصبغُ الولدَ بالدم.
وذكر أبو إسحاق في قوله: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ قولًا آخر، هو مذهب أبي عُبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 59.]]، وهو أنه قال: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ أي: خِلقَةَ الله، من صبَغْتُ الثوب، إذا غيرتُ لونَه وخِلْقَتَه، فيجوز أن يسمى الخلقة صبغة، والله تعالى ابتدأ الخلقة على الإسلام بدليل قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ﴾ [الأعراف: 172] الآية.
وقوله: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: 30] [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 215 - 216، والثعلبي في "تفسيره" 1/ 1221.]]، وما رُوِيَ أن النبي ﷺ قال: "كل مولود يُولَد على الفطرة" [[أخرجه البخاري (1385) كتاب "الجنائز"، باب: ما قيل في أولاد المشركين، ومسلم (2658) كتاب "القدر"، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة: 4/ 2047، حديث 2658.]]، معناه: إن كل مولود يولد في العالم على ذلك الإقرار الأول، وعلى ذلك العهد حين قالوا: ﴿بَلَى﴾ وهو الفطرة، ومعنى الفطرة [[ليست في (أ) و (م).]]: ابتداء الخلقة. ثم يُهَوِّدُ اليهودُ أبناءَهم، وُيمَجِّسُ المجوسُ أبناءَهم، وليس الإقرارُ الأول مما يَقَعُ به حكم، أو عليه ثواب.
وانتصب قوله: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ عند الأخفش [["معاني القرآن" للأخفش 1/ 150، وينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1224.]] على البدل من قوله: ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾. وذكر الزجاج [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 215.]] في انتصابه الوجهين اللذين ذكرنا في ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾، وقال أبو عبيد: نصب على الإغراء، أي: الزموا واتبعوا [[ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1223، وذكر هذا الوجه ابن الأنباري في "البيان في غريب إعراب القرآن" 1/ 126، وأبو حيان في "البحر" 1/ 412، والبغوي في "تفسيره" 1/ 157.]].
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ أي: دينًا، على القول الأول، وعلى قول ابن عباس: تطهيرًا، ومعناه: أن التطهير الذي أمر الله به مبالغ في النظافة، وعلى قول أبي إسحاق: فطرة وخلقة.
{"ayah":"صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةࣰۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَـٰبِدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق