الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ﴾ (بلى) هاهنا بمنزلته في قوله: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ﴾ [["تفسير الثعلبي" 1/ 1119.]] [البقرة: 81]، وقد ذكرناه.
وقوله تعالى: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ الإسلام والاستسلام لله -عز وجل- هو الانقياد لطاعته، والقبول لأمره. ومن هذا قوله: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [آل عمران: 83] أي: انقاد، والإسلام الذي هو ضد الكفر من هذا. ثم ينقسم إلى: متابعة وانقياد باللسان دون القلب، كقوله: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: 14]، أي: انقدنا من خوف السيف، وإلى متابعة وانقيادٍ باللسان والقلب كقوله: ﴿قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 131].
ومعنى قوله: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ أي: بذل وجْهَهُ له في السجود [[ينظر: "تفسير القرطبي" 1/ 451.]]، وعلى هذا ﴿أَسْلَمَ﴾ بمعنى سلَّم، يقال: سلّم الشيءَ لفلانٍ، أي: خَلَّصَه له، وسَلَمَ له الشيء، أي: خَلَصَ له [[ينظر: "تفسير مقاتل" 1/ 131، "تفسير الثعلبي" 1/ 1119.]].
قال ابن الأنباري: والمسلم على هذا القول: هو المخلصُ لله العبادةَ، فمعنى قوله: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾، أي: سلّم وجهه له، بأن صانه عن السجود لغيره، وخَصَّ الوجه، لأنه إذا جاد بوجهه في السجودِ لم يبخل بسائر جوارحه. وقال قومٌ من أهل المعاني: أسلمَ وجهَه أي: أسلمَ نفسه وجميع بدنه لأمر الله، والعرب تستعملُ الوجه وهم يريدون نفسَ الشيء، إلا أنَّهم يذكرونه باللفظ الأشرف [[قال القرطبي في "تفسيره" 1/ 67: والعرب تخبر بالوجه عن جملة الشيء، وينظر: "البحر المحيط" 1/ 352.]]، كما قال: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: 88].
وقال جماعة: الوجهُ قد يقع صلةً في الكلام [[ذكره أبو حيان في: "البحر المحيط" 1/ 352 معاني (أسلم وجهه) بأنه: أخلص عمله لله أو قصده، أو فوض أمره إلى الله تعالى، أو خضع وتواضع. ثم قال: وهذه أقوال متقاربة في المعنى، وإنما يقولها السلف على ضرب المثال، لا على أنها متعينة يخالف بعضها بعضًا.]]، فقوله: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ أي: انقاد هو لله، ومثله: ﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ﴾ [آل عمران: 20] أي: انقدت لله بلساني وعَقْدي [[في (ش): (وعقيدتي).]]، قال زيد بن عمرو بن نفيل [[هو: زيد بن عمرو بن نفيل العَدَوي، ابنُ عَمِّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يعادي عبادة الأوثان، ولا يأكل مما ذبح عليها، آمن بالنبي ﷺ قبل بعثته، قال فيه ﷺ: "إنه يبعث أمة وحده" توفي قبل البعثة بخمسِ سنين. ينظر: "جمهرة أنساب العرب" ص 105، و"الإصابة" 1/ 569.]]:
وأسلمتُ وجهي لمن أسلمتْ ... له المزنُ تحملُ عَذْبًا زُلالًا [[هما بيتان ذكرهما الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1119 هكذا:
أسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الأرض تحمل صخرًا ثقالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذبًا زلالا == وينظر في "الروض الأنف" 1/ 266، و"الأغاني" 3/ 17، و"تفسير الرازي" 4/ 4، والبيت الثاني في "تأويل مشكل القرآن" 480، و"الدر المصون" 2/ 73، وينظر: "وضح البرهان في مشكلات القرآن" محمد الغزنوي 1/ 162، وقد ورد البيت الثاني في بعض المصادر: نفسي، بدل وجهي، وماءً، بدل عذبًا.]] وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ قال ابن عباس: يريد: وهو مؤمن موحّدٌ [[في (م): موحد مؤمن).]] مُصدِّق لما جاء به محمد ﷺ [[هذه الرواية تقدم الحديث عنها في قسم الدراسة، ولم أجد من نقلها من أهل التفسير.]]. وقال غيره [["تفسير مقاتل" 1/ 131.]]: ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ أي: في عمله [[ينظر الطبري في "تفسيره" 1/ 494، "تفسير الثعلبي" 1/ 1120 وذكر قولين آخرين: مؤمن، ومُخْلص. "البحر المحيط" 1/ 352.]].
وهذا دليل [[في (ش): (زيادة دليل في العمل).]] على أن الطاعةَ من الإيمان، حيث جعل الإحسان في العمل [[في (أ) و (م): (في العمل على شرطًا).]] شرطًا في دخول الجنة، والآية ردٌّ على اليهود والنصارى؛ لأنَّهم قالوا: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ فقال الله تعالى: (بلى) يدخلُها من كان بهذه الصفة.
{"ayah":"بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنࣱ فَلَهُۥۤ أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق