الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ﴾ قال قتادة: (ذلك والله يوم القيامة سمعوا حين لم ينفعهم السمع وأبصروا حين لم ينفعهم البصر) [["جامع البيان" 16/ 86، "النكت والعيون" 3/ 373، "الدر المنثور" 4/ 489، "البحر المحيط" 6/ 191.]]. وقال ابن عباس، والسدي وجميع المفسرين: (ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة) [["جامع البيان" 16/ 87، "المحرر الوجيز" 9/ 472، "معالم التنزيل" 5/ 232، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 135، "زاد المسير" 5/ 163.]]. وقال الكلبي: (يقول: ما أبصرهم بالهدى يوم القيامة، وأطوعهم أن عيسى ليس الله، ولا ابن الله، ولا ثالث ثلاثة) [["معالم التنزيل" 3/ 232، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 108، "الكشف والبيان" 3/ 7 أ.]]. فجعل السمع هاهنا بمعنى الطاعة وهو حسن. وقال الحسن: (لئن كانوا في الدنيا صما عميا عن الحق فما أبصرهم به وأسمعهم يوم القيامة) [["النكت والعيون" 3/ 373.]]. ﴿لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. يعني أن الكافرين والمشركين ضلوا في الدنيا، وعموا عن الحق وآثروا الهوى على الهدى. وقوله تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ﴾ لفظ التعجب كما قالوا في تفسيره: ما أسمعهم وأبصرهم [["إعراب القرآن" للنحاس 2/ 316، " إملاء ما من به الرحمن" 1/ 114.]]، وللتعجب لفظان أحدهما: ما أكرم زيدا، وذكرنا الكلام فيه عند قوله: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ [البقرة: 175]، والثاني: أكرم يزيد وأسمع بهم وأبصر. قال أبو علي: (وهذا مثال الأمر أقيم مقام الخبر، والمعنى: اسمعوا وأبصروا أي: صاروا ذوي سماع وإبصار، فوقع مثال الأمر هاهنا موقع الخبر، كما وقع مثال الخبر موقع الأمر في الدعاء في مثل: غفر الله لزيد، وقطع الله يد فلان، وسلام عليك، وخير بين يديك ونحوه مما يراد به الدعاء، وهو على لفظ الخبر، ومثل هذا مما جاء في التنزيل قوله: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا﴾ [مريم: 75] فهذا لفظه كلفظ أمثلة الأمر ومعناه الخبر، ألا ترى أنه لا وجه للأمر هاهنا وأن المعنى: يمده الرحمن مداد، ويدلك على أن المراد في هذا الخبر أن السمع والبصر وغيرهما من الأحداث لا يخاطب ولا يؤمر ولا ينهي، فليس للأمر هاهنا معنى ولا متوجه) [[ذكره مختصرًا في "الحجة للقراء السبعة" 2/ 205.]]. وموضع الباء مع ما بعدها من المنجر في قولك أكرم يزيد رفع، كما أن الباء في: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ﴾ [[وردت في مواطن كثيرة ومنها ما ورد في سورة النساء الآية رقم: (6).]] كذلك، وذلك أن المتعجب منه وقع موقع الفاعل، وفاعل هذا الفعل المتعجب منه، فلذلك قلنا إن الجار مع المجرور في موضع رفع.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب