الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَحَمَلَتْهُ﴾ هو مختصر والمعنى: فنفخ فيها جبريل فحملته. وحذف ذلك؛ لأن النفخ قد بين في غير هذا الموضع، والقرآن كله كتاب واحد [[عند قوله سبحانه في سورة التحريم الآية رقم (12): ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا﴾. وقوله في سورة الأنبياء الآية رقم (91): ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾.]]. قال ابن عباس: (دنا منها جبريل فأخذ ردن قميصها فنفخ فيه فحملت مريم من ساعتها بعيسى ووجدت حس الحمل) [["جامع البيان" 16/ 62، "الكشاف" 2/ 408، "زاد المسير" 5/ 218، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 91، "الدر المنثور" 4/ 478.]]. فذلك قوله: ﴿فَحَمَلَتْهُ﴾. وقوله تعالى: ﴿فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا﴾ أي تنحت بالحمل إلى مكان بعيد. قال ابن عباس: (يريد أقصى الوادي) [["معالم التنزيل" 5/ 224، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 92.]]. وهو: وادي بيت لحم [[بيت لحم: بالفتح وسكون الحاء قرية قرب البيت المقدس، عامرة حافلة، وهي مهد عيسى -عليه السلام-، ومن قرى فلسطين. انظر: "معجم البلدان" 1/ 521.]] [["المحرر الوجيز" 9/ 445، "معالم التنزيل" 5/ 224، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 92، "أضواء البيان" 4/ 240.]]. وهذا الإنتباذ إنما كان عند وضعها، فرارا من زكريا ومن قومها أن يعيروها بولادتها من غير زوج. قال ابن عباس: (ما هو إلا أن حملت فوضعت) [["بحر العلوم" 2/ 321، "معالم التنزيل" 5/ 224، "الكشاف" 2/ 408، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 119 وقال: وهذا غريب، "الدر المنثور" 4/ 479، "زاد المسير" 5/ 218.]]. وعلى هذا دل ظاهر قوله: ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ﴾ ذكر الانتباذ عقب الحمل، والانتباذ إنما كان عند الوضع [[وهذا خلاف قول الجمهور. قال ابن كثير في "تفسيره" 3/ 129: فالمشهور عن الجمهور أنها حملت به تسعة أشهر .. والفاء وإن كانت للتعقيب لكن تعقيب كل شيء بحسبه. وقال ابن عطية في "تفسيره" 9/ 445: وظاهر قوله: (فأجاءها المخاض) يقتضي أنها كانت على عرف النساء، وتظاهرت الروايات على ذلك. وقال الشنقيطي في "أضواء البيان" 4/ 244: وأظهر الأقوال أنه حمل كعادة حمل النساء وإن كان منشؤه خارقا للعادة.]] والقَصِي فَعِيْل بمعنى فَاعِل من قَصَى يَقْصُو إذا بعد [[انظر: "تهذيب اللغة" (قصا) 3/ 2969، "مقاييس اللغة" (قصوى) 5/ 94، "لسان العرب" (قصا) 6/ 3657، "المفردات في غريب القرآن" (قصى) 405.]]، قال الراجز [[ذكرته كتب التفسير واللغة بلا نسبة. انظر: "جامع البيان" 16/ 63، "معاني القرآن للفراء" 2/ 70، "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري 334، "لسان العرب" (ذا) 3/ 1472.]]: لَيَقْعُدنَّ مَقْعَدَ القَصِي ... مِنِّي ذَي القَاذُورةِ المَقْلِي
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب