الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ﴾ إن قيل: كيف خاطبوا ذا القرنين وقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يَفهمون ولا يُفهمون؟
والجواب عن هذا أن يقال: كلم عنهم قوم آخرون مترجمة عن لغتهم، فنسب القول إليهم، لما كان بأمرهم وإرادتهم، وهذا على قول من يجعل يكادون صلة كقوله: ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ [النور: 40] [["معالم التنزيل" 5/ 201 - 202، "زاد المسير" 5/ 190، "فتح القدير" 3/ 445.]].
ومن لم يجعل صلة قال: هم يفقهون وُيفقهون وإذا قلت: لا يكاد فلان يفعل كذا، كان المعنى أنه يقارب أن لا يفعل ولكن يفعل [["زاد المسير" 5/ 190، "روح المعاني" 16/ 38، "مفاتح الغيب" 21/ 170.]]. وذكرنا هذا عند قوله: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: 71].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ﴾ أكثر أهل العلم على أن هذين اسمان أعجميان مثل: طالوت وجالوت، وهاروت وماروت، لا ينصرفان للتعريف والعجمة [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 310، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 173.]]. والقراءة فيها: بترك الهمز، وقرأ عاصم بالهمز [[قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: (ياجوج وماجوج) بغير همز. وقرأ عاصم: (يأجوج ومأجوح) بالهمز.
انظرت: "السبعة" ص399، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 172، "الغاية في القراءات" ص 312، "الكشف عن وجوه القراءات" 2/ 77.]].
قال الليث: (والهمز لغة رديئة) [[لم أقف عليه. وهو قول ضعيف لا يصح، لأنه مخالف لقراءة سبعية ثابتة متواترة عن النبي -ﷺ-، والقراءة الصحيحة حجة على اللغة.]].
وذكر الأخفش، والزجاج، وأبو علي وجه جواز كون الاسمين عربيين فقالوا: (من همز يأجوج يجوز أن يكون عربيًا، ويكون على وزن يفعول مثل: يربوع من أَجَّةِ النار والحر، ومن لم يهمز أمكن أن يكون خفف الهمزة فقلبها ألفا مثل رأس وأما يأجوج فيمن همز: فمفعول [[قوله: (فمفعول)، ساقط من نسخة (ص).]] من أجَّ، والكلمتان من أصل واحد في الاشتقاق ومن لم يهمز فيجوز أن يكون خفف الهمزة كما ذكرنا، ويجوز أن يكون فاعول من مجَّ، والكلمتان على هذا من أصلين، وليستا من أجل واحد، ويكون ترك الصرف فيهما للتأنيث والتعريف، كأنه اسم للقبيلة كمجوس. وهذه التمثيلات لا يصح فيها إن جعلتها من العجمي؛ لأن العجمي لا يشتق [[في (ص): (لا يسبق)، وهو تصحيف.]] من العربية) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 310، "معاني القرآن" للأخفش (621)، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 173.]].
قال ابن الأنباري: (وجه همزه على هذا القول أنه لا يعرف له أصل، كما أن العرب همزت حروفًا لا تعرف للهمزة فيها أصل، كقولهم: لبأت [[لبأت: اللبأ هو أول اللبن في النتاج، تقول لبأت الناقة إذا حلبت لباء. انظر: "تهذيب اللغة" (لب) 4/ 3224، "الصحاح" (لبأ) 1/ 70.]]، ورثأت [[رثأت: الرِثيئة الحامض يحلب عليه فيخثر. انظر: "تهذيب اللغة" (رث) 2/ 1358، "لسان العرب" (رثأ) 3/ 1579 - 1580.]]، واستنشأت الريح [[اسْتَنْشأت: من نَشَيْت الريح بلا همز أي: شممتها. والاستنشاء يهمز ولا يهمز، وقيل: هو من الإنشاء: الابتداء. == انظر: "تهذيب اللغة" (نشأ) 4/ 3566، "لسان العرب" (نشأ) 7/ 4418.]]، وإذا كان هذا معروفًا في أبنية العرب كان معروفًا في الألفاظ التي أصلها للعجم) [[ذكره "فتح القدير" 3/ 312، وورد معناه بلا نسبة في "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 294، "إملاء ما من به الرحمن" ص 404، "البحر المحيط" 6/ 163، "الدر المصون" 7/ 545.]]. هذا هو الكلام في أصل الكلمتين من العربية.
وأما المسمون بهذين الاسمين فقال وهب: (هم من ولد يافث بن نوح، أب الترك) [["معالم التنزيل" 5/ 202، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 116، "روح المعاني" 16/ 38.]]. وهذا قول مقاتل بن سليمان [["الجامع لأحكام القرآن" 11/ 56، "فتح القدير" 3/ 445.]].
وقال الضحاك: (هم جيل من الترك) [["معالم التنزيل" 5/ 202، "زاد المسير" 5/ 190، "روح المعاني" 16/ 38.]]. وقال السدي: (الترك سرية من يأجوج ومأجوج خرجت تعبر، فجاء ذو القرنين فبنى السد على إحدى وعشرين قبيلة، وبقيت منهم قبيلة واحدة دون السد فهم الترك) [["معالم التنزيل" 5/ 202، "زاد المسير" 5/ 190، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 58، "البحر المحيط" 6/ 163.]].
وقال كعب: (هم نادرة في ولد آدم، وذلك أن آدم احتلم ذات يوم، وامتزجت نطفته بالتراب، فخلق الله من ذلك الماء يأجوج ومأجوج، فهم متصلون بنا من جهة الأب دون الأم) [["معالم التنزيل" 5/ 203، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 56.
وذكره ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" 3/ 116 وقال: وهذا قول غريب جدًا، لا دليل عليه لا من عقل ولا من نقل، ولا يجوز الاعتماد هاهنا على ما يحيكه بعض أهل الكتاب لما عندهم من الأحاديث المفتعلة. والله اعلم. == وقال القرطبي 11/ 56: وهذا فيه نظر، لأن الأنبياء صلوات الله عليهم لا يحتلمون.
وانظر: "روح المعاني" 16/ 38.]].
وقال ابن عباس في رواية عطاء: (هم عشرة أجزاء، وولد آدم كلهم جزء) [["معالم التنزيل" 5/ 202، "زاد المسير" 5/ 133.]].
وقوله تعالى: ﴿مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ قال قتادة: (هما: حيَّان حيَّا سوء، كانا أهل بغي وظلم على من جاورهما) [["الجامع لأحكام القرآن" 11/ 59 بدون نسبة، "البحر المحيط" 6/ 164.]].
وقال الكلبي: (كانوا يخرجون إلى أرض هؤلاء الذين شكوهم إلى ذي القرنين أيام الربيع، فلا يدعون فيها شيئًا أخضر إلا أكلوه) [["معالم التنزيل" 5/ 204، "الكشاف" 2/ 402.]].
وقوله تعالى: ﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا﴾ وقرئ: خَرَاجًا [[قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم: (خرجا) بغير ألف. وقرأ حمزة، والكسائي: (خراجا) بألف.
انظر: "السبعة" ص400، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 174، "المبسوط" ص 239، "التبصرة" ص 252.]].
قال ابن عباس: (يريد: جعلاً) [["جامع البيان" 16/ 22، "المحرر الوجيز" 9/ 403، "زاد المسير" 5/ 191، "البحر المحيط" 6/ 164، "الدر المنثور" 4/ 451.]].
قال الليث: (الخَرْجُ والخَرَاجُ شيء واحد، وهو شيء يُخرجه القوم من مالهم بقدر معلوم) [["زاد المسير" 5/ 191، "البحر المحيط" 6/ 164، "تهذيب اللغة" (خرج) 1/ 1003.]]. والمعنى على هذا: هل نخرج إليك من أموالنا [شيئًا كالجُعل لك عطية نخرجه إليك من أموالنا] [[ما بين المعقوفين مكرر في (ص).]]، وكل ما استخرج من ضَرِيبة وجزية وغلة فهو خَراج وخَرْج، ومنه الحديث: "الخَرَاخ بالضمان" [[أخرجه الترمذي، كتاب: البيوع، باب: ما جاء فيمن يشتري العبد ويستعمله ثم يجد به عيبًا 3/ 581 وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي، كتاب: البيوع، باب: الخراج بالضمان 7/ 182، وابن ماجه كتاب: التجارات، باب: الخراج بالضمان 2/ 753، وأبو داود في كتاب: البيوع باب: فيمن اشترى عبدًا فاستعمله ثم وجد به عيبًا 3/ 777، والحاكم 2/ 15 وصححه، ووافقه الذهبي.]]. يعني الغَلَّة، سمي خراجا وخَرْجا؛ لأن المؤدي يُخرجه، والآخذ يستخرجه.
وفصل قوم بين الخَرْج والخراج فقالوا: (الخرج المصدر لما يخرج من المال كالضرب والقطع، والخراج الاسم لما يخرج من الأرض ونحوه كالنبات والحصاد فالخرج والخراج بمنزلة الحصد والحصاد). وهذا معنى قول الفراء والزجاج [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 310، "معاني القرآن" للفراء 2/ 159.]].
وقال ابن الأعرابي -ونحو هذا قال ثعلب-: الخرج أخص، والخراج أعم. يقال: أدَّى خرج رأسه، وأخذ الإمام خراج البلد) [["البحر المحيط" 6/ 164، "روح المعاني" 16/ 39.]].
وقد حكى أبو عبيدة: (العبد يؤدي إليك خرجه أي: غلته، والرعية تؤدي إلى الأمير الخرج) [["تهذيب اللغة" (خرج) 1/ 1003.]]. فحكى الخرجة في الضريبة التي على الأرضين فدل أن كلامهما بمعنى. وقال العجاج [[هذا عجز بيت العجاج، وصدره: == عكف النبيط يلعبون الفنزجا
الفنزجا: يعني به رقص المجوس إذا أخذ بعضهم يد بعض وهم يرقصون.
السمرجا: يوم للعجم يستخرجون فيه الخراج في ثلاث مرات، وعربه رؤبة بأن جعل الشين سينًا.
انظر: "ديوانه" ص 25، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 174، "تهذيب اللغة" (السمرج) 2/ 1753، "لسان العرب" (شمرج) 4/ 2323.]]: يوم خراجٍ يُخْرِج السمرَّجا
وهذا ليس على الضرائب التي ألزمت الأرضين؛ لأن ذلك لا يكاد يضاف إلى وقت من يوم وغيره، وإنما هو شيء مؤبد لا يتغير عما عليه [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 174.]] وقال أبو الحسن: (لا أدري أيهما أكثر في بلاد العرب) [[ذكر نحوه الأزهري في "تهذيب اللغة" (خرج) 1/ 1003.]].
{"ayah":"قَالُوا۟ یَـٰذَا ٱلۡقَرۡنَیۡنِ إِنَّ یَأۡجُوجَ وَمَأۡجُوجَ مُفۡسِدُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَهَلۡ نَجۡعَلُ لَكَ خَرۡجًا عَلَىٰۤ أَن تَجۡعَلَ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَهُمۡ سَدࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق