الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ﴾ يعني: القرية التي ذكرها في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ [الكهف: 77]، وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ روى أبو الدرداء أن رسول الله -ﷺ- قال: (كان ذهبًا وفضة) [[أخرجه الترمذي في التفسير سورة الكهف 5/ 313، وقال: هذا حديث غريب. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" كتاب: التفسير 2/ 369 وقال: حديث صحيح. وعلق عليه الذهبي بقوله: قلت: بل يزيد بن يوسف متروك. وقال الحافظ بن حجر في "الكافي الشاف" ص 104 حديث رقم (324): وفيه يزيد بن يوسف الصنعاني وهو ضعيف. وأورده البغوي في "معالم التنزيل" 5/ 195.]]. وهذا قول عكرمة وقتادة [["جامع البيان" 16/ 6، "معالم التنزيل" 5/ 195، "المحرر الوجيز" 9/ 384، "النكت والعيون" 3/ 336، "زاد المسير" 5/ 181 وقال الطبري في "تفسيره" 16/ 6: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب القول الذي قاله عكرمة؛ لأن المعروف من كلام العرب أن الكنز اسم لما يكنز من مال، وأن كل ما كنز فقد وقع عليه اسم الكنز فإن التأويل موصوف إلى الأغلب من استعمال المخاطبين بالتنزيل ما لم يأت دليل يجب من أجله صرفه إلى غير ذلك لعلل. وانظر: "تفسير القرآن العظيم" 3/ 110، "معاني القرآن" للزجاج 3/ 307.]]. وقال ابن عباس في رواية عطاء: (كان لوحًا من ذهب فيه مكتوب: عجبا لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب، عجبا لمن أيقن بالنار ثم يضحك، عجبا للمؤمن كيف يفرح، عجبا لمن يوقن بالرزق كيف يتعب، عجبا لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل، عجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، أنا الله لا إله إلا أنا محمد عبدي ورسولي. وفي الشق الآخر: أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، خلقت الخير والشر، فطوبي لمن خلقته للخير وأجريته على يديه، والويل لمن خلقته للشر وأجريته على يديه) [["جامع البيان" 16/ 5، "معالم التنزيل" 5/ 196، "النكت والعيون" 3/ 336، "زاد المسير" 5/ 181. == وأخرجه البيهقي في "الشعب" 1/ 64، والبزار، كما في "كشف الأستار" 3/ 57. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 53: رواه البزار من طريق بشر بن المنذر عن الحارث بن عبد الله اليحصبي ولم أعرفهما. وقال الحافظ بن حجر في "الكافي الشاف" ص 105: رواه الواحدي من رواية محمد بن مروان السدي الصغير عن أبان عن أنس مرفوعًا، وأبان والسدي الصغير متروكان.]]. وهذا قول الحسن [["جامع البيان" 16/ 6، "النكت والعيون" 3/ 336، "زاد المسير" 5/ 181 منسوب لابن عباس، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 111.]]، وأكثر أهل التفسير [["معالم التنزيل" 5/ 196، "القرطبي" 11/ 38، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 112.]]. وقال في رواية سعيد بن جبير، وكريب: (كان صحفا وعلما) [["جامع البيان" 16/ 5، "معالم التنزيل" 5/ 196، "النكت والعيون" 3/ 3366، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 369 وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.]]. وهو قول مجاهد: (كان صحفا للغلامين فيها علم) [["جامع البيان" 16/ 5، "النكت والعيون" 3/ 336، "زاد المسير" 5/ 181.]]. قال أبو إسحاق: (المعروف في اللغة أن الكنز إذا أفرد فمعناه: المال المدفون والمدَّخر، فإذا لم يكن المال قيل: عنده كنز علمٍ، وله كنز فهمٍ، والكنز هاهنا بالمال أشبه. قال: وجائز أن يكون الكنز كان مالاً مكتوب فيه علم على ما روي، فهو مال وعلم عظيم من توحيد الله وإعلام أن محمد -ﷺ- مبعوث) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 307.]]. وعلى ما ذكره أبو إسحاق قول من قال: (إنه كان صحفا فيها علم)، بعيد. قال ابن الأنباري: (من قال: إن الكنز كان علمًا سمى العلم كنزًا؛ لأنه يتعجل من نفعه أفضل بما ينال من ناحية الأموال) [[ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" 5/ 181، وذكره بلا نسبة: "النكت والعيون" 3/ 336، "المحرر الوجيز" 9/ 384، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 38.]]. فمعنى قوله: ﴿كَنْزٌ لَهُمَا﴾ مثل الكنز، كما يقال: هو الأسد شدة، والقمر حسنا معناه: مثل الأسد، ومثل القمر. وعلى قول من قال: إنه مال، لم يكن الكنز حرامًا على أهل ذلك الزمان. قال قتادة: (كانت الكنوز حلالاً لمن كان قبلنا، وكانت الغنائم محرمة عليهم، فأحل الله لنا الغنائم، وحرم علينا الكنوز) [["جامع البيان" 16/ 6، "الكشاف" 2/ 400، "الدر المنثور" 4/ 431.]]. وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ قال سعيد بن جبير عن ابن عباس: (حفظا بصلاح أبيهما، ولم يذكر منهما صلاحا) [["جامع البيان" 16/ 6، "معالم التنزيل" 5/ 196، "بحر العلوم" 3/ 310، "زاد المسير" 5/ 182.]]. قال جعفر بن محمد: (كان بينهما وبين ذلك الأب الصالح سبعة أباء) [["جامع البيان" 16/ 5، "معالم التنزيل" 5/ 196، "المحرر الوجيز" 9/ 384، "الكشاف" 2/ 400، "زاد المسير" 5/ 127.]] [[قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" 3/ 112 عند قوله: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ وفيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى الدرجات في الجنة لتقر عينه بهم كما جاء في القرآن ووردت به السنة.]]. ﴿فَأَرَادَ رَبُّكَ﴾ يا موسى ﴿أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا﴾ قال ابن عباس: (أن يكبرا ويعقلا) [[ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "بحر العلوم" 2/ 310، "معالم التنزيل" 5/ 196، "زاد المسير" 5/ 182.]]. ﴿وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا﴾ ومضى الكلام في بلوغ الغلامين الأشد. ولما أراد الله تعالى أن يبقي ذلك إلى بلوغ الغلامين حتى يستخرجاه أمر الخضر حتى أقام الجدار لأن لا ينهدم. وقولى تعالى: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ منصوب على ضربين: أحدهما: على معنى أراد ذلك للرحمة، كما تقول: أنقذتك من الهلكة رحمة لك، والثاني: أن يكون منصوبًا على المصدر؛ لأن ما تقدم من الكلام معناه: رحمهما الله بذلك. وهذا معنى قول أبي إسحاق [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 307.]]. وقوله تعالى: (﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ قال ابن عباس: (يريد انكشف لي من الله علم فعملت به ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ﴾ قال: يريد هذا تفسير ﴿مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾) [["مجمع البيان" 6/ 754، وذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" 16/ 6، "بحر العلوم" 2/ 310، "معالم التنزيل" 5/ 196، "لباب التأويل" 4/ 228، "زاد المسير" 5/ 182، "الكشاف" 2/ 496.]]. وتسطع بمعنى تستطيع، ويذكر الكلام فيه عند قوله: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ﴾ إن شاء الله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب