الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا﴾ يعني: موسى وصاحبه. ﴿مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا﴾ قال ابن عباس: (يريد ملتقى العذب والمالح) [["جامع البيان" 15/ 271، "الدر المنثور" 4/ 417.]]. وعلي قول قتادة: (ملتقى بحر الروم وبحر فارس) [["جامع البيان" 15/ 271، "تفسير القرآن" للصنعاني 1/ 405، "معالم التنزيل" 5/ 185، "المحرر الوجيز" 9/ 349.]]. وهو حيث وعد لقاء الخضر.
وقوله تعالى: ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ إلى آخر الآية. قال سعيد بن جبير عن ابن عباس: (كان فيما تزودا حوتًا مالحًا في زبيل، وكان يصيبان منه عند العشاء والغداء، فلما انتهيا إلى الصخرة على ساحل البحر، وضع فتاه المكتل [[المكتل: الزنبيل يحمل فيه التمر وغيره. انظر: "تهذيب اللغة" (كتل) 4/ 3100، "القاموس المحيط" (الكتلة) ص 1052، "لسان العرب" (كتل) 6/ 3822.]] فأصاب الحوت [ندى البحر فتحرك في] [[في جميع النسخ: جرى البحر فترك المكتل. وما أثبته هو الصواب والموافق للسياق، والمخبت في "الوسيط" للمؤلف 3/ 157.]] المكتل فقلب المكتل، وانسرب في البحر) [["جامع البيان" 15/ 278، "تفسير القرآن" للصنعاني 1/ 408، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 103، "الدر المنثور" 4/ 421.]].
وروى أبي بن كعب عن رسول الله -ﷺ- قال: "لما أراد موسى أن يطلبه قيل له: تزود معك حوتًا مالحًا فحيث [[في (ص): (فحنت)، وهو تصحيف.]] يفقد الحوت ثم تجد الرجل، فانطلق هو وفتاه حتى أتيا الصخرة، فقال لفتاه: امكث حتى آتيك، وانطلق موسى لحاجته، فجرى الحوت حتى وقع في البحر، فقال فتاه: إذا جاء نبي الله حدثته، فأنساه الشيطان" [[سبق تخريج الحديث في أول القصة.]].
قال ابن عباس في رواية عطاء: (نسي الفتى أن يذكر قصة الحوت لموسى) [["الكشف والبيان" 3/ 390 أ، "بحر العلوم" 2/ 305 وذكره بدون نسبة.]].
﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ قال: (يريد مسيرًا) [[ذكر نحوه بلا نسبة "المحرر الوجيز" 9/ 352، "بحر العلوم" 2/ 305، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 13.]]. وفي حديث أبي: "جعل لا يصيب الحوت شيئًا من الماء إلا جمد، حتى اتخذ سبيله في البحر سربًا شبه النقب" [[سبق تخريج الحديث في أول القصة.]].
وقال قتادة: (جعل لا يسلك طريقًا إلا صار الماء جامدًا) [["جامع البيان" 15/ 274، "المحرر الوجيز" 9/ 352، "البحر المحيط" 6/ 145.]].
وقال الربيع بن أنس: (انجاب الماء على مسلك الحوت فصارت كوة لم تلتئم) [[ذكرته كتب التفسير ونسبته لأبي بن كعب. انظر: "جامع البيان" 273/ 15، "الكشف والبيان" 3/ 39 أ، "لباب التأويل" 4/ 223، "معالم التنزيل" 5/ 186، "زاد المسير" 5/ 166، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 103.]].
وروي أيضًا عن النبي -ﷺ- في حديث أبي بن كعب قال: "ما انجاب الماء مذ كان الناس غير مكان الحوت الذي دخل منه كالكوة، حتى رجع إليه موسى فرأى مسلكه" [["جامع البيان" 15/ 273، "معالم التنزيل" 5/ 186، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 103.
وسبق تخريج الحديث في أول القصة.]]. هذا معنى قوله: ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾.
وقال الكلبي: (كان عند تلك الصخرة التي نزلا عندها عين ماء فتوضأ يوشع من ذلك الماء، فانتضح على الحوت في المكتل ثم طفر في البحر) [["معالم التنزيل" 5/ 186، "بحر العلوم" 2/ 305، "الكشاف" 2/ 395، "روح المعاني" 15/ 314، "التفسير الكبير" 21/ 146.]].
والسَّرب معناه في اللغة: المحفور في الأرض لا نفاذ له، شبه مسلك الحوت في الماء [[انظر (سرب) "تهذيب اللغة" 3/ 1663، "الصحاح" 1/ 146، "اللسان" 4/ 1981.]]، والماء منجاب عنه بالسَّرب. كما قال الفراء: (حيي الحوت بالماء الذي أصابه من العين، فلما وقع في الماء جمد مذهبه في البحر فكان كالسرب) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 154.]].
هذا قول المفسرين في هذه الآية. وعلى ما قالوا في نظم الآية تقديم وتأخير على تقدير: فلما بلغا مجمع بينهما اتخذ الحوت [سبيله في البحر سربا، ونسي يوشع أن يذكر ذلك لموسى؛ لأن النسيان لم يتقدم على ذهاب الحوت] [[ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (س).]]، ذهب الحوت فنسي الفتى أن يذكر ذلك لموسى حتى جازوا ذلك المكان على ما في القرآن من الآيات بعد هذه الآية.
وقوله تعالى: ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ إجماع المفسرين أن النسيان هاهنا معناه: نسيان الفتى ذكر قصة الحوت لموسى، والناسي كان أحدهما، وأضيف إليهما جميعًا.
واختلفوا في وجه هذا فقال الفراء: (إنما نسيه يوشع فأضافة إليهما كما قال: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: 22] وإنما يخرج من الملح دون العذب) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 154.]]. وعلى هذا أضيف إليهما توسعا، وذكر غيره العلة في جواز هذا التوسع فقال: (إنهما كانا جميعًا تزوداه لسفرهما، فجاز إضافته إليهما كما يقال: نسي القوم زادهم، وإنما نسيه أحدهم) [["جامع البيان" 15/ 273، "المحرر الوجيز" 9/ 354، "النكت والعيون" 3/ 323، "روح المعاني" 15/ 314.]].
وقال أبو علي الفارسي: (هذا من باب حذف المضاف. المعنى: نسي أحدهما حوتهما، فلما حذف المضاف عادت الكناية إلى الفعل فقيل: نسيا. قال: وكذلك قوله: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا﴾ [الرحمن: 22] المعنى: من أحدهما، وفيه حذف أيضًا من وجه آخر وهو أن التقدير: نسيا أمر حوتهما وقصته؛ لأن يوشع نسي أن يذكر أمره لموسى على ما بينا) [["الحجة للقراء السبعة" 2/ 311.]].
هذا الذي ذكره مذهب المفسرين، وجميع أهل المعاني، وقد أغنى الزجاج عن الحذف والتقديم والتأخير الذي يلزم على مذهب هؤلاء فقال في قوله: ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ (كان النسيان من يوشع أن يقدمه، وكان النسيان من موسى أن يأمره فيه بشيء) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 299.]].
وعلى هذا المعنى لما بلغا مجمع بينهما نسي يوشع أن يقدم الحوت للأكل، ونسي موسى أيضًا أن يأمره بذلك، فلما نسياه حيا بإذن الله، وذهب في البحر، فصح المعنى واستغنى عن تقدير الحذف والتقديم والتأخير، غير أن مذهب المفسرين في النسيان ما ذكرنا أولى.
وذكر في انتصاب قوله: ﴿سَرَبَاً﴾ وجهين أحدهما: أنه مفعول ثان، كما تقول: اتخذت زيدًا وكيلاً.
والثاني: أن "سَرَبا" هاهنا مصدر سرب ينسرب إذا ذهب على وجهه [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 299، "مشكل إعراب القرآن" 1/ 445، "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 283، "تهذيب اللغة" (سرب) 2/ 1663.]]. منه قول الشاعر [[هذا عجز بيت للأخنس بن شهاب التغلبي، وصدره:
وكل أناس قاربوا قيد فحلهم
انظر: "تهذيب اللغة" (سرب) 2/ 1662، "لسان العرب" (سرب) 4/ 1980.]]:
ونحن خلعنا قيده فهو سارب
وذكرنا هذا عند قوله: ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: 10]، وكأنه قيل: سَرب الحوت سربًا، ودل عليه قوله: ﴿وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ﴾ [الكهف: 63]؛ لأنه بمعنى سرب، ولهذا نظائر كثيرة في التنزيل. وعلى هذا قد حصل في معنى السرب قول آخر. وبنحو هذا القول أخبرني العروضي عن الأزهري قال: (أخبرني المنذري عن ابن اليزيدي عن أبي حاتم. في قوله: ﴿سَرَبًا﴾ قال: أظنه يريد ذهابًا يسرب سربًا، كقولك: يذهب ذهابًا) [["تهذيب اللغة": (سرب) 2/ 1663.]].
{"ayah":"فَلَمَّا بَلَغَا مَجۡمَعَ بَیۡنِهِمَا نَسِیَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِیلَهُۥ فِی ٱلۡبَحۡرِ سَرَبࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق