الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ﴾ الآية. روي عن أبي بن كعب من طرق كثيرة أنه قال: (سمعت رسول الله -ﷺ- يقول: "بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال: هل تعلم أحدًا أعلم منك؟ فقال موسى: لا. فأوحى الله إلى موسى: بلى عبدنا خضر [[الخضر هو صاحب موسى-عليه السلام-، وقد اشتهر بهذا اللقب وسمي به في القرآن والسنة، وقد أخرج البخاري في "صحيحه" 6/ 309 بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -ﷺ- قال: "إنما سمي الخضرة لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء".
قال ابن كثير -رحمه الله- في "البداية والنهاية" 15/ 327: قيل إنما سمي الخضر خضرا: لحسنه وإشراقة وجهه، وهذا لا ينافي ما ثبت في الصحيح؛ فإن كان ولابد من التعليل بأحدهما فما ثبت في الصحيح أولى وأقوى بل لا يلتفت إلى ما عداه.]]، فسأل موسى السبيل إلى لقياه فجعل الله له الحوت آية. [وقيل؛ إذا فقدت الحوت] [[ما بين المعقوفين ساقط من الأصل ومن نسخة (ص).]] فأرجع فإنك ستلقاه" [["جامع البيان" 15/ 278، "تفسير القرآن" للصنعاني 1/ 340، "معالم التنزيل" 5/ 184، "المحرر الوجيز" 9/ 347 - 348، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 103، "الدر المنثور" 4/ 417، "تفسير النسائي" 2/ 8. وأخرجته كتب الصحاح والسنن من عدة طرق.
فقد أخرجه البخاري في كتاب التفسير سورة الكهف 8/ 409، وفي كتاب: العلم 1/ 173، وكتاب أحاديث الأنبياء باب حديث الخضر 6/ 431، وكتاب: التوحيد 13/ 448، وأخرجه مسلم في "صحيحه" في كتاب: الفضائل، باب: فضل الخضر -عليه السلام- 4/ 1850، وأخرجه الترمذي في "جامعه" كتاب: التفسير سورة الكهف 8/ 558، وأخرجه أبو داود في "سننه" كتاب: السنن، باب: في القدر حديث رقم (4705)، وأخرجه الإمام أحمد في "مسنده" 5/ 117.]].
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (قام موسى خطيبًا في بني إسرائيل فأبلغ في الخطبة، وحدث في نفسه أن أحدًا لم يؤت من العلم ما أوتي، فعلم الله الذي حدث نفسه من ذلك فقال له: يا موسى إن من عبادي من قد آتيته من العلم ما لم أوتك، قال: إي ربي من عبادك؟ قال: نعم، قال: فدلني على هذا الرجل الذي آتيته من العلم ما لم تؤتني حتى أتعلم منه قال: يدلك عليه بعض زادك. فقال لفتاه يوشع: ﴿لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ﴾ الآية، فكان فيما تزود حوتًا مالحاً في زبيل [[الزبيل: الجراب، وقيل: وعاء يحمل فيه. انظر: "تهذيب اللغة" (زبل) 2/ 1509، "لسان العرب" (زبل) 6/ 15.]]، ثم كان من أمرهما ما قص الله في كتابه) [["جامع البيان" 15/ 278، "تفسير القرآن" للصنعاني 1/ 405، "ابن كثير" 3/ 103، "الدر المنثور" 4/ 421. وأخرجه البخاري في كتاب: التفسير سورة الكهف 8/ 409، ومسلم في كتاب الفضائل باب: فضل الخضر 4/ 1850، والترمذي في كتاب: التفسير: سورة الكهف 8/ 588، والنسائي في "تفسيره" 2/ 8.]].
فقوله: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى﴾ معناه: واذكر إذ قال موسى، لما في قصته من العبرة وقوله تعالى: ﴿لِفَتَاهُ﴾ أجمعوا أنه: يوشع بن نون. قال عطاء عن ابن عباس: (يريد غلامه) [[ذكر نحوه بلا نسبة "جامع البيان" 15/ 271، "النكت والعيون" 3/ 321، "المحرر الوجيز" 9/ 346 - 347، "زاد المسير" 5/ 164، "القرطبي" 11/ 11.]].
قال الفراء، والزجاج: (وإنما سمي فتى موسى؛ لأنه كان ملازمًا له يأخذ عنه العلم ويخدمه) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 299، "معاني القرآن" للفراء 2/ 154.]].
وقوله تعالى: ﴿لَا أَبْرَحُ﴾ قال جميع أهل التأويل: (معناه لا أزال) [["معالم التنزيل" 5/ 185، "المحرر الوجيز" 9/ 348، "النكت والعيون" 2/ 323، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 9.]]. يقال: برحت أفعل كذا أي: ما زلت، ومنه قوله تعالى: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ﴾ [طه: 91]، أي: لن نزال. وأصله من قوله: برح الرجل براحا، إذا راح من موضعه، ومنه قوله: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ﴾ [يوسف: 80] وقد مرَّ بنا، فإذا قلت: ما برح يفعل كذا، فكأنك قلت: أقام يفعل ذلك، ودام على حاله تلك من غير مفارقة. قال أبو إسحاق: (معنى ﴿لَا أَبْرَحُ﴾: لا أزال، ولو كان معناه لا أزول كان محالاً؛ لأنه إذا لم يزل من مكانه لا يقطع أرضًا، وأنشد [[البيت لخداش بن زهير. منتطق: يقال جاء فلان منتطقًا فرسه إذا جنبه ولم يركبه. انظر: "معاني القرآن" للزجاج 3/ 298، "المقاصد النحوية" 2/ 64،"أساس البلاغة" 2/ 454، "خزانة الأدب" 9/ 243، "شرح ابن عقيل" 1/ 264، "تهذيب اللغة" (نطق) 4/ 3602، "لسان العرب" (نطق) 7/ 4463.]]:
وأبرح ما أدام الله قومي ... بحمد الله مُنْتَطِقًا مُجِيدًا
أي: لا زال) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 298.]]. وقال صاحب النظم: (قوله: ﴿لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ﴾ مكفوف عن إتمام نظمه؛ لأن فيه إضمارًا وهو: لا أبرح أمضى ماضيًا، أي: سائرًا حتى أبلع مجمع البحرين) [[ذكر نحوه بلا نسبة "الكشاف" 2/ 395، "إملاء ما من به الرحمن" ص 401، "البحر المحيط" 6/ 144، "الدر المصور" 7/ 517، "التفسير الكبير" 21/ 145.]].
قال ابن عباس في رواية عطاء: (يريد ملتقى البحرين العذب والمالح) [["جامع البيان" 15/ 271، "الدر المنثور" 4/ 417.]].
وقال قتادة: (يعني بحر فارس وبحر الروم) [["جامع البيان" 15/ 271، "تفسير القرآن" للصنعاني 1/ 405، "معالم التنزيل" 5/ 185، "المحرر الوجيز" 9/ 349.]]. وكان مجمع البحرين الموضع الذي وعد موسى للقاء الخضر -عليه السلام-.
وقوله تعالى: ﴿أَوْ أَمْضِيَ﴾ أو أسير. ﴿حُقُباً﴾ قال ابن عباس فيما روى عنه الوالبي يقول: (دهرًا) [["جامع البيان" 15/ 272، "النكت والعيون" 3/ 322، "ابن كثير" 3/ 103.]]. وقال في رواية عطاء: (الحقب الواحد بضع وثمانين سنة، السنة ثلاثمائة وستون يومًا، اليوم الواحد ألف سنة) [[ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة.
انظر: "التسهيل لعلوم التنزيل" ص 385، "الكشاف" 2/ 490، "التفسير الكبير" 21/ 146، "أنوار التنزيل" 3/ 230، "زاد المسير" 5/ 165، "مدارك التنزيل" 2/ 956، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 10.]]. وقال مجاهد: (الحقب سبعون خريفاً) [["جامع البيان" 15/ 272، "النكت والعيون" 3/ 322، "ابن كثير" 3/ 103، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 11.]].
وأمما أهل اللغة فإنهم كلهم قالوا: (الحقب ثمانون سنة) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 299، "معاني القرآن" للفراء 2/ 154، "تفسير المشكل من غريب القرآن" ص 144.]].
قال صاحب النظم: (﴿أَوْ﴾ بمعنى حتى، مثل قولك: لا آتيك أو تكرمني، فيرجع تأويل الآية: لا أبرح ماضيًا إلى أن أمضي حقبًا حتى أبلغ مجمع البحرين. قال: ونظير هذا في الكلام أن تقول: لا أزال إلى أن أسير سنة حتى أقضى حاجتي. ومعنى إلى أن أسير سنة: وإن احتجت إلى أن أسير سنة) [[ذكر نحوه بلا نسبة "البحر المحيط" 6/ 145، "الدر المصون" 8/ 517 ، "إملاء ما من به الرحمن" 401، "التفسير الكبير" 21/ 146.]]. وعلى ما ذكر يكون في الآية تقديم وتأخير، ولا يجوز أن يجعل ﴿أَوْ﴾ للعطف؛ لأنه ليس المراد حتى أبلغ مجمع البحرين وحتى أمضي حقبا، و ﴿أَوْ﴾ هاهنا الناصبة للفعل بإضمار أن كما تقول: لألزمنك أو تعطيني حقي، التقدير: إلى أن تعطيني حقى [["البحر المحيط" 6/ 145، "الدر المصون" 7/ 520، "إملاء ما من به الرحمن" ص 401، "روح المعاني" 15/ 312.]]، ومنه قول امرئ القيس [[البيت لامرئ القيس. انظر: "ديوانه" ص 64، "الكتاب" لسيبويه 3/ 47، "خزانة الأدب" 4/ 212، "المقتضب" 2/ 28، "اللامات" ص 68، "شرح المفصل" 7/ 22.]]:
فقلت له لا تبك عينك إنَّما ... نحاول ملكًا أو نموت فنعذرا
المعنى: إلى أن نموت.
{"ayah":"وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَاۤ أَبۡرَحُ حَتَّىٰۤ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَیۡنِ أَوۡ أَمۡضِیَ حُقُبࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق