الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَقُولُ﴾ أي: الله تعالى، وقراءة العامة: بالياء لقوله: ﴿شُرَكَائِيَ﴾ وقرأ حمزة: بالنون [[قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي، وعاصم: (يقول) با لياء. وقرأ حمزة: (نقول) بالنون. انظر: "السبعة" ص 393، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 151، "المبسوط في القراءات" 236، "التبصرة" ص 249، "النشر" 20/ 311.]]، حملاً على ما تقدم في المعنى من قوله: ﴿وَمَا كُنْتُ﴾ [الكهف: 51] فكما أن كنت للمتكلم كذلك: نقول، والجمع والإفراد في ذلك بمعنى.
قال ابن عباس: (يريد يوم القيامة) [[ذكره البغوي في "تفسيره" 5/ 181 بلا نسبة، والسمرقندي في "بحر العلوم" 2/ 303.]]. قال المفسرون: (يقول الله تعالى يوم القيامة: ادعوا الذين أشركتم بي ليمنعوكم من عذابي) [["معالم التنزيل" 5/ 181، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 2.]]. وهو قوله: ﴿نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ﴾ قال ابن عباس: (يريد في الدنيا) [[ذكره ابن كثير في "تفسيره" 3/ 101 بلا نسبة، والسمرقندي 2/ 303.]] ﴿فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا﴾ قال أنس: (هو واد في جهنم من قيح ودم) [["جامع البيان" 15/ 265، "المحرر الوجيز" 9/ 335، "النكت والعيون" 3/ 316 "تفسير القرآن العظيم" 3/ 1012.]]. وهو قول مجاهد، وعبد الله بن عمر [["جامع البيان" 15/ 264، "معالم التنزيل" 5/ 181 بمعناه بدون نسبة لابن عمر، "المحرر الوجيز" 9/ 335، "الدر المنثور" 4/ 414.]].
وقال نوف البكالي: (هو واد بين أهل الضلال وبين أهل الإيمان) [[ذكره الطبري في "تفسيره" 15/ 264 ونسبه إلى عمرو البكالي، وكذلك ابن كثير 3/ 101، "والجامع لأحكام القرآن" 11/ 3.]]. وقال البكالي: (هو واد يفرق به [[قوله: (به)، ساقط من الأصل ومثبت في بقية النسخ.]] بين أهل لا إله إلا الله ومن سواهم) [["تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 468، "الدر المنثور" 4/ 414، "أضواء البيان" 4/ 127.]]. وهذا القول يوافق قول ابن عباس في رواية عطاء فإنه قال: (يريد حِجازًا وحاجزْا) [["الجامع لأحكام القرآن" 11/ 2.]]. ونحو هذا قال ابن الأعرابي في الموبق قال: (وكل حاجِز بين شيئين فهو مُوبِق) [["معالم التنزيل" 3/ 101، "أضواء البيان" 4/ 128، "تهذيب اللغة" (وبق) 4/ 3828، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 2.]]. وعلى هذا القول الكناية في قوله: ﴿بَيْنَهُمْ﴾ يعود إلى الفريقين من المؤمنين والكافرين، وليس يعرف للموبق بمعنى الحاجز اشتقاق. وقال ابن عباس في رواية الوالبي: (مهلكا) [["جامع البيان" 15/ 264، "المحرر الوجيز" 9/ 335، "النكت والعيون" 3/ 316، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 92.]]. وهو قول قتادة، والضحاك، وابن زيد، والسدي [["جامع البيان" 15/ 264، "تفسير الصنعاني" 1/ 341، "معالم التنزيل" 3/ 101.]]. وجميع أهل المعاني [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 295، "معاني القرآن" للفراء 2/ 147، "تفسير المشكل من غريب القرآن" 2/ 268.]].
قال الفراء: (يقول: جعلنا تواصلهم في الدنيا موبقا، أي: مهلكا لهم في الآخرة) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 147، "تهذيب اللغة" (وبق) 4/ 3828.]]. وعلى هذا ﴿بَيْنَهُمْ﴾ ينتصب انتصاب المفعول به؛ لأنه جعل البين بمعنى التواصل، فلا ينتصب انتصاب، والكناية تعود على المشركين فقط [["إملاء ما من به الرحمن" 1/ 400.]].
وقال أبو إسحاق: (أي جعلنا بينهم من العذاب ما يوبقهم أي: يهلكهم) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 295.]]. والبين على هذا ظرف، والموبق على القولين في مصدر، كأنه قيل: جعلنا تواصلهم في الدنيا هلاكًا لهم في الآخرة. والتأويل: سبب هلاك. هذا تقدير قول الفراء. وعلى قول أبي إسحاق كأنه قيل: جعلنا بينهم هلاكًا. يعني: عذابًا يهلكهم. ونص الضحاك على لفظ الهلاك فقال في قوله: ﴿مَوْبِقًا﴾: (هلاكًا) [["جامع البيان" 15/ 264، "معالم التنزيل" 3/ 101، "النكت والعيون" 3/ 316.]].
قال الفراء في "المصادر": (يقال: وَبِقَ، يَوبقُ، وَبَقاً، فهو وَبِق، قال: وبنو عامر [[بنو عامر: بطن من قيس عيلان من العدنانية، وهذه النسبة إلى ثلاثة رجا: عامر بن لؤي، وعامر بن صعصعة، وعامر بن عدي بن نجيب. انظر: "الأنساب" للسمعاني 4/ 113، "التعريف في الأنساب" ص 78، "معجم قبائل العرب" 3/ 422، "الجمهرة" ص 280.]] يقولون: يابِق، وتميم [[تميم: قبيلة كبيرة، قوية من العدنانية، منازلهم في نجد والبصرة، واليمامة، ويمتدون إلى الكوفة، ويمكن حصرهم اليوم في ثلاثة بطون: بطن حنظلة بن مالك ابن زيد بن مناة بن تميم، وبطن سعد بن زيد بن مناة بن تميم، وبطن عمر بن تميم. انظر: "نهاية الأرب" 177، "معجم قبائل العرب" 1/ 125، "اللباب في تهذيب الأنساب" 1/ 222، "الأنساب" للسمعاني 1/ 478.]] تقول: يَبِق والمصدر واحد) [["جامع البيان" 15/ 265، "لسان العرب" (وبق) 8/ 4705.]]. وحكى الكسائي: (وَبَقَ، يَبِقُ، وُبُوقًا، فهو وابِق، قال: ولم أسمعها [["جامع البيان" 15/ 265، "تهذيب اللغة" (وبق) 4/ 3828.]].
وذكر الزجاج هذه اللغات كلها [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 295.]].
وذُكِرَ في تفسير الموبق قولان آخران لا يدرى لهما أصل.
أحدهما: ما روي عن الحسن أنه قال: (جعلنا بينهم عداوة يوم القيامة) [["جامع البيان" 15/ 264، "المحرر الوجيز" 9/ 335، "النكت والعيون" 3/ 316، "الكشاف" 2/ 394، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 101.]]. فقال بعض أهل المعاني في هذا: يعني عداوة مهلكة. وهذا بعيد.
والقول الآخر: ما قاله أبو عبيدة قال في تفسير الموبق: (أنه الموعد، واحتج بقول الشاعر [[البيت لخفاف بن ندبة السلمي. شَرَوْرَى، والسِّتَار، وتِعَار: أسماء أماكن وجبال لبني سليم. انظر: "مجاز القرآن" 1/ 406، "تهذيب اللغة" 4/ 3828 (وبق)، "الأصمعيات" (15)، "لسان العرب" (وبق) 8/ 4755.]]: وجاد شرورى والستار فلم يدع ... تعارًا له والواديين بموبق
قال: معناه بموعد) [["مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 406،"تهذيب اللغة" (وبق) 4/ 3828.]]. ولم يذكر أحد من أهل اللغة وَبَقَ بمعنى: وعد، ثم وإن صح، فأي معنى لقوله: وجعلنا بينهم موعدًا. وهذا القول فاسد لفظًا ومعنى. وقد قال الأخفش: (موبق مثل: موعد) [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 619.]]. ولعله رأى هذا فظن أنه يقول: هو مثله في التفسير. وذهب عليه أن يريد ذلك في اللفظ؛ لأنه قال: هو مثل: موعد، من وَبَقَ يَبِقُ. فظن أن وَبَقَ بمعنى: وعد، لما رأى مثل موعد. والله أعلم [[الراجح -والله أعلم- هو أن "وبق" بمعنى: هلك. قال الطبري -رحمه الله- في "تفسيره" 15/ 265: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن عباس ومن وافقه في تأويل الموبق المهلك، وذلك أن العرب تقول في كلامها: قد أوبقت فلانًا، إذا أهلكته، ومنه قوله -عز وجل -: ﴿أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا﴾ بمعنى: يهلكهن. وانظر: "تفسير القرآن العظيم" 3/ 101، "أضواء البيان" 4/ 127، "تهذيب اللغة" (وبق) 4/ 3828]].
{"ayah":"وَیَوۡمَ یَقُولُ نَادُوا۟ شُرَكَاۤءِیَ ٱلَّذِینَ زَعَمۡتُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَهُمۡ وَجَعَلۡنَا بَیۡنَهُم مَّوۡبِقࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق