الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ﴾ قال الزجاج: (هو منصوب على معنى واذكر، ثم قال: ويجوز أن يكون نصبه على معنى: خير يوم تسير الجبال، أي: خير في القيامة) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 292.]]. وهذا الوجه يحسن لو لم يكن في ﴿وَيَوْمَ﴾ الواو [["مشكل إعراب القرآن" 1/ 443، "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 279.]]. وقوله تعالى: ﴿نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾ معنى التسيير: جعل الشيء يسير، وقال الكلبي: (تُسير الجبال عن وجه الأرض، كما تُسير السحاب في الدنيا، ثم تكسر فتعود في الأرض) [[ذكره الماوردي في "تفسيره" 3/ 311 بدون نسبة، وكذلك القرطبي في "تفسيره" 10/ 416.]]. وهذا معنى قوله: ﴿وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6)﴾ [الواقعة: 5، 6] وقرئ: ﴿نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾ علي بناء الفعل للفاعل [[قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: (ويوم تُسير الجبالُ) بالتاء، ورفع الجبال. وقرأ نافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي: (ويوم نُسير الجبالَ) بالنون، ونصب الجبال. انظر: "السبعة" ص 393، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 151، "التبصرة" ص 249، "العنوان" 123، "النشر" 2/ 311.]]. وهذه القراءة أشبه بما بعده من قوله: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ﴾، وحجة القراءة الأولى قوله: ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ﴾ [النبأ: 20]، وقوله: ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴾ [التكوير: 3]، فبني الفعل للمفعول به. وقوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً﴾ قال ابن عباس: (يريد لا جبل ولا بناء ولا شجر ولا ماء) [[ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 389 ب بدون نسبة.]]. وقال مجاهد: (لا خَمَر [[قال الأزهري في "تهذيب اللغة" (خَمَر) 1/ 1100: الوهدة: خَمر، والأكمة: خَمر، والجبل: خَمر، والشجر: خَمر، وكل ما خلفك فهو خمر. وانظر: "القاموس المحيط" (الخمر) 387، "الصحاح" (خمر) 2/ 650.]] فيها) [["جامع البيان" 15/ 257، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 98، "تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 465، "تفسير مجاهد" 1/ 377.]]. وقال الكلبي: (ظاهرة ليس عليها شيء) [[ذكر نحوه الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 389 ب بدون نسبة، وكذلك السمرقندي في "بحر العلوم" 2/ 302.]]. وقال أهل المعاني: (لا شيء يسترها، يحشر الناس فيكونون كلهم في صعيد واحد، يرى بعضهم بعضًا) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 145، "معاني القرآن" للزجاج 3/ 292.]]. وهذا قول قتادة في البارزة: (أنها الظاهرة التي لا بناء عليها ،ولا شجر) [["جامع البيان" 15/ 257، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 98، "الدر المنثور" 4/ 411.]]. وقال عطاء: (قد برز الذين كانوا في بطنها فصاروا على ظهرها) [["الكشف والبيان" 3/ 389 ب، "معالم التنزيل" 5/ 176، "الجامع لأحكام القرآن" 10/ 417.]]. وحكى الكلبي هذا القول أيضًا فقال: (ويقال برز كل شيء فيكون على ظهرها) [[ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" 15/ 257، "الكشف والبيان" 3/ 390 أ، "النكت والعيون" 3/ 311، "لباب التأويل" 4/ 215، "الجامع حكام القرآن" 10/ 417.]]. وذكره الفراء فقال: (﴿وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً﴾ يقول: أبرزنا أهلها من بطنها) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 146.]]. والقول الأول هو الأولى [[وهذا هو الراجح -والله أعلم- وما عليه جمهور المفسرين، فهي ظاهرة وليس عليه ما يسترها من جبل ولا شجر ولا بنيان، أي: قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها وهدم نيانها فهي بارزة ظاهرة. انظر: "جامع البيان" 15/ 167، "الجامع لأحكام القرآن" 10/ 416، "أضواء البيان" 4/ 111.]]. وهذا لا يصح إلا على بعد. واستكره بأن يجعل برز بمعنى: أبرز، فقد قال ابن هانئ [[محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأزدي الأندلسي، أبو القاسم، يتصل نسبة بالمهلب بن أبي صفرة، أشهر المغاربة على الإطلاق، وقد عاصر المتنبي، وولد بإشبيلية ورحل إلى المنصورية بقرب قيروان مدة قصيرة، ثم رحل إلى مصر، وقتل غيلة برقة سنة 362 هـ وله ديوان مطبوع. انظر: "وفيات الأعيان" 2/ 4، "النجوم الزاهرة" 4/ 67، "شذرات الذهب" 3/ 41، "الأعلام" 7/ 130.]] في قول لبيد [[هذا عجز بيت للبيد. وصدره: == أو مذهب جدد على ألواحه المَبْرُوز: المكتوب المنشور، من أبرز الكتاب إذا أخرجه ونشره. المخْتُوم: الذي لم ينشر. انظر: "ديوان لبيد بن ربيعة" ص 151، "تهذيب اللغة" (برز) 1/ 310، "لسان العرب" (برز) 1/ 255.]]: النَّاطق المبروز والمختوم قال: (يقال: بَرَزْته بَرَز، بمعنى: أبرزته) [["تهذيب اللغة" (برز) 1/ 310.]]. ويكون معنى الآية على هذا: وترى الأرض مبرزة ما فيها، كما قال: ﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾ [الانشقاق: 4]. وهذه لغة شاذة لا يفسر بها كتاب الله. وقوله تعالى: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ﴾ أي: المؤمنين والكافرين، وقد تقدم ذكرهم في هذه السورة. ﴿فَلَمْ نُغَادِرْ﴾ أي: لم نترك ولم نخلف، يقال: غَادَرَه وأغدره إذا تركه، ومنه الغدر، لأنه ترك الوفاء، والغدير: الماء الذي غادره السيل والمطر [[انظر: "تهذيب اللغة" (غدر) 3/ 2638، "القاموس المحيط" (غدر) ص 448، "الصحاح" (غدر) 2/ 766.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب