الباحث القرآني

ثم أجابهم الله عن إنكارهم البعث بقوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ﴾ الآية. ومعنى ﴿أَوَلَمْ﴾ هاهنا: أولم يعلموا، وذكرنا الكلام في هذا عند قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ﴾ [البقرة: 258]، والمعنى: ألم يعلموا أن من قدر على خلق السموات في عظمها، ﴿قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾، أي: على أن يخلقهم ثانيًا، وأراد بمثلهم إيّاهم، وذلك أن مثل الشيء مساوٍ له في حالته، فجاز أن يُعَبِّرَ به عن الشيء نفسه، وخَلْقُ مِثْلِهم كخلقهم، والمعنى: قادر على أن يخلق مثلهم في ضعفهم وصغرهم، هذا معنى قول أكثر المفسرين [[انظر: "تفسير الطبري" 15/ 169، و"السمرقندي" 2/ 285، و"هود الهواري" 2/ 444، و"الثعلبي" 7/ 122 أ.]]. وقال عطاء عن ابن عباس: ﴿قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾ يريد عبيدًا يوحدونني ويعظمونني ولا يعدلون بي شيئًا [[ذكره الفخر الرازي 21/ 62 بلا نسبة، وورد في "تفسير الألوسي" 15/ 1775 بلا نسبة بصيغة التمريض وردَّه.]]، فالمعنى على هذا يخلق مثلهم في الخلقة والشبه، ويكون المعنى كقوله: ﴿وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [إبراهيم: 19]. وقوله تعالى: ﴿يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [محمد: 38]، والقول هو الأول [[وهو الصحيح والذي عليه الجمهور -كما ذكر- ولم يكن حاجة إلى إيراد القول الثانى المرجوح جدًا خاصة أن طريقه مقطوعة.]]؛ لأنه أشبه بما قبله، ولأنه لا دليل على توحيد المخلوقين مثلهم في الآية، وتَمَّ الكلام، أي لا دليل في الآية على أن الذين يخلقهم أمثالهم يوحدونه ويعظمونه كما ذكرتم. قال: ﴿وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ قال ابن عباس: يريد أجل الموت وأجل القيامة [[ورد في "الوسيط" 2/ 554 بنصه، وورد بلا نسبة "تفسير الزمخشري" 2/ 376، و"ابن عطية" 9/ 204، و"القرطبي" 10/ 334 و"الخازن" 3/ 182.]]، وهذا جواب لاستدعائهم العذاب في قولهم: ﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا﴾، ﴿فَأَبَى الظَّالِمُونَ﴾ أي المشركون، ﴿إِلَّا كُفُورًا﴾: جحودًا بذلك الأجل، وهو البعث والقيامة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب