الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ الآية. قال ابن عباس في رواية عطاء: اجتمعت قريش فقال بعضهم لبعض: والله ما كان محمد بكذاب، ولقد نشأ فينا بالصدق والأمانة، فإن شئتم فأرسلوا منكم جماعة إلى يهود يثرب حتى يسألوهم عنه، فخرج منهم طائفة حتى لقوا أحبار اليهود فسألوهم عنه، فقال لهم اليهود: سلوه [[في (أ)، (ش)، (د): (سلوهم)، والمثبت من (ع) وهامش نسخة (أ) هو الصحيح.]] عن ثلاثة، فإن أخبركم عن اثنين وأمسك عن الثالثة فهو نبي؛ سلوه عن فتية فُقِدوا، وسلوه عن ذي القرنين، وسلوه عن الروح، فقدم النفر من قريش إلى مكة ثم اجتمعوا فسألوا النبيّ -ﷺ- فقال لهم رسول الله -ﷺ-: "غدًا أخبركم" ولم يستثن، فأبطأ عنه الوحي أربعين يومًا لِمَا أراد الله، ثم نزل الوحي عليه بعد أربعين يومًا: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: 23، 24] ثم فَسَّر لهم أمر الفية الذين فُقِدوا في سورة الكهف، وفَسَّر لهم قصة ذي القرنين، وأبهم قصة الروح؛ وذلك أنه ليس في التوراة قصته ولا تفسيره إلا ذكر اسمه الروح، وأنزل قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ الآية [[ورد في "السيرة" لابن هشام 1/ 321، وأخرجه "الطبري" 15/ 155 مطولًا من طريق عكرمة، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 270 من طريق سعيد بن جبير، وورد في "دلائل النبوة" للأصبهاني ص 216، وأورده السيوطي في "الدر" 4/ 361 وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وفي "الباب النقول" 143، والحديث ضعيف بسبب الجهالة والاضطراب؛ إذ رواه ابن إسحاق في رواية الطبري عن رجل من أهل مصر، وفي رواية البيهقي عن رجل من أهل مكة، لكن في سورة الكهف آيات تشير إلى حدوث الأسئلة.]]، فعلى هذا القول سألته قريش عن الروح، ونحو هذا روى عكرمة عن ابن عباس [[أخرجه أحمد 1/ 255، والترمذي (3141) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل، وقال حسن صحيح، وابن أبي عاصم في السنة 1/ 264، وأبو يعلى في "مسنده" 4/ 381، وأبو الشيخ في "العظمة" ص 192، والحاكم 2/ 531 وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 269، وأورده المصنف في "أسباب النزول" ص 299.]]
وقال ابن مسعود: سألته اليهود عن الروح وذَكر في [[في (أ)، (د): (وذكرو ذلك)، والمثبت من: (ش)، (ع).]] ذلك قصة [[ورد لهذه القصة عدة روايات، منها ما رواه الشيخان، البخاري (125) كتاب: العلم، باب قول الله تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾، ومسلم (2794)، في الجنة والنار، باب سؤال اليهود النبي -ﷺ- عن الروح. عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: بينا أنا مع النبي -ﷺ- في حرث وهو متكئٌ على عسيب إذ مرّ اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فقال: ما رابكم إليه؟ [أي ما إربكم وحاجتكم إلى سؤاله] وقال بعضهم: لا يستقبلُكم بشيء تكرهونه، فقالوا: سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبي -ﷺ- فلم يردّ عليهم شيئًا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحيُ قال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾، أخرجه أحمد 1/ 389، والبخاري (4721) التفسير، الإسراء، ومسلم (2794) الموضع السابق، والترمذي (3141) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل، وابن أبي عاصم في "السنة" 1/ 263، والنسائي في "تفسيره" 1/ 670، و"الطبري" 15/ 155، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 459، وأبو نعيم في "الدلائل" 2/ 357، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 189، و"تفسير السمرقندي" 2/ 282، و"الثعلبي" 7/ 119 ب، وأوردها المصنف في "أسباب النزول" ص 299، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 361 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن حبان وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، وليس فيها؛ بل في "الأسماء والصفات".]] ، ونحو هذا قال مجاهد [["تفسير مجاهد" 1/ 369 ، وأخرجه "الطبري" 15/ 156 من طريقين.]].
واختلفوا في الروح المسؤول عنه؛ فقال علي بن أبي طلحة: هو مَلَك [[أخرجه عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة "الطبري" 15/ 156، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 462.]]، وهو قول علي -رضي الله عنه- قال: هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه، لكل وجه سبعون ألف لسان، لكل لسان سبعون ألف لغة يُسَبّح الله -عز وجل- بتلك اللغات كلها، يخلق الله من كل تسبيحة ملكًا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة [[أخرجه "الطبري" 15/ 156 بنصه، وابن الأنباري في "الأضداد" ص 423، بنصه، وأبو الشيخ في "العظمة" ص 194، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 462، بنصه، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 119 ب، بنصه، و"الماوردي" 3/ 269 - بنحوه، و"الطوسي" 6/ 515، بنحوه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 361 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، والأثر ضعيف، لجهالة أحد الرواة، وهو شيخ أبي هران الذي لم يسم، حيث قال: ... حدثني أبو هران يزيد بن سمرة القيساري عمن حدثه عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: الحديث. وقال ابن عطية: وما أظن القول يصحُّ عن علي -رضي الله عنه-، وقد ضعفه الفخر الرازي -كذلك- من عدة وجوه، وقال ابن كثير: وهذا أثر غريب عجيب. انظر: "تفسير ابن عطية" 9/ 181، و"الفخر الرازي" 21/ 39، و"ابن كثير" 3/ 69.]]، ونحو هذا قال سعيد بن جبير، قال: ولم يخلق الله خلقاً أعظم من الروح غير العرش، لو شاء أن يبلع السموات السبع والأرضين السبع ومن فيها بلقمة واحدة لفعل، وهو المذكور في قوله -عز وجل-: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا﴾ [[ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 120 أمطولاً، وانظر: "البغوي" 5/ 125، و"الخازن" 3/ 179، وقد ورد في هذا الأثر أشياء غيبية غريبة لا يصح الاقول بها إلا بخبر صحيح عن المعصوم، وهو ما لم أقف عليه، وحسبك لرده أن مصدره الثعلبي!]] [النبأ: 38].
وقال الحسن وقتادة: هو جبريل [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 388 بلفظه عنهما، و"الطبري" 15/ 156 بلفظه عن == قتادة، وورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 190، عن الحسن، و"تفسير السمرقندي" 2/ 282، عنهما، و"الثعلبي" 7/ 119 ب، عنهما، ولا وجه البتة لتفسيره بجبريل هنا.]]، قال أبو إسحاق: ومن تأول ذلك فدليله قوله: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ﴾ [الشعراء: 193، 194]، وقال مجاهد: الروح: خَلْقٌ ليسوا بالملائكة على سورة بني آدم، يأكلون، ولهم أيد وأرجل ورؤوس [[أخرجه "الطبري" 30/ 23، بنحوه، وأبو الشيخ في "العظمة" ص 197، بنحوه، وورد بنحوه في: "تفسير السمرقندي" 2/ 282، و"الثعلبي" 7/ 119 ب، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 125، قال الفخر الرازي -تعقيبًا على هذا القول والذي يليه-: ولم أجد في القرآن ولا في الأخبار الصحيحة شيئًا يمكن التمسك به في إثبات هذا القول، وأيضًا فهذا شيء مجهول فيبعد صرف هذا السؤال إليه. "تفسير الفخر الرازي" 21/ 39.]].
وقال أبو صالح: يشبهون الناس، وليسوا بالناس [[أخرجه "الطبري" 30/ 23 بنصه، وأبو الشيخ في "العظمة" ص 195 بنصه، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 463، بنحوه، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 119 ب، بنحوه، وهو كسابقه.]].
وقال قوم: هو القرآن [[أخرجه بلفظه "الطبري" 30/ 23، عن ابن زيد، وأبو الشيخ في "العظمة" ص 196، عن الضحاك، وورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 190، و"تفسير السمرقندي" 2/ 282، و"هود الهواي" 2/ 440، عن الحسن، و"الثعلبي" 7/ 120 أو"الماوردي" 3/ 269، عن الحسن، و"الطوسي" 6/ 515، عن الحسن، وهو أيضًا بعيد هنا.]]، وذلك أن المشركين قالوا: يا محمد، من أتاك بهذا القرآن، فبين الله أنه من عنده، فقال: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ قال أبو إسحاق: ودليل هذا القول قوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ [الشورى: 52]، وتأويل تسمية القرآن بالروح أن القرآن حياة القلوب وحياة النفوس [[في (د): (النفس).]] فيما تصير إليه من الخير عند الله -عز وجل- [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 258، بنصه تقريبًا.]].
وقال آخرون: هو روح الحيوان [[ورد في "تفسير الجصاص" 3/ 207، بلفظه، و"الثعلبي" 7/ 120، بمعناه، و"الماوردي" 3/ 270، بلفظه، و"الطوسي" 6/ 515، بلفظه.]]، وهو الأظهر في الكلام الذي يسبق إلى الأفهام [[وهذا هو القول المشهور والصحيح، وعليه أكثر المفسرين، ذكره البيهقي في "الأسماء والصفات" ص 459، والسمعاني في "تفسيره" 3/ 274، وقال أبو حيان 6/ 75 هو قول الجمهور، وقد ذهب إليه: "الجصاص" 3/ 207، والطوسي 5/ 515، والسمعاني 3/ 274، و"البغوي" 5/ 126، و"الخازن" 3/ 179، وابن حجر في "الفتح" 8/ 255 وقال: وجنح ابن القيم -في كتاب "الروح" 2/ 524 - إلى ترجيح أن المراد بالروح المسؤول عنها في الآية ما وقع في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا﴾ [النبأ: 38] قال: وأما أرواح بني آدم فلم يقع تسميتها في القرآن إلا نفسًا. ثم قال: ولا دلالة في ذلك لما رجحه، بل الراجح الأول، وأيده بما رواه "الطبري" 15/ 156، عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق العوفي في هذه أنهم سألوه عن الروح: وكيف يعذب الروح الذي في الجسد، وإنما الروح من الله؟ فنزلت الآية.]]، ونذكر هاهنا الكلام في الروح واشتقاقه ومعناه وبالله التوفيق، الروح الذي يحيا به البدن يُذَكّر وُيؤَنث، وأكثر الناس على أن اشتقاقه من الريح، والريح في الأصل روح، والعرب تسمي النفخ والنفس الذي يخرج من الإنسان روحًا.
قال ذو الرُمَة:
فقلتُ له ارفعها إليك وأحْيِها ... برُوحك واجعله لها قِيتَةً قدْرا [["ديوانه" 3/ 1429 برواية: (واقْتَتْهُ) بدل: (واجعله)، وورد في "تهذيب اللغة" (راح) 2/ 1313 و"الأسماء والصفات" ص 461، و"الأساس" 1/ 4378، == و"اللسان" (روح) 3/ 1766، و"المفردات" ص 687 بلا نسبة.
(ارفعها): أي ارفع النار، (اقتته): افتَعِلهُ من القوت، وقاته يقوته قُوتًا: أطعمه قُوتَه، وأقاته يُقِيتُهُ: جعل له ما يقوته، ويقال: ما له قوت ليلة، وقِيتُ ليلة، وقيتَةُ ليلة، نحوُ: الطعْمِ والطِّعْمَةِ.]] يذكر نارًا ناولها صاحبه، وقوله: (أحيها بروحك)، أي: بنفخك، وقد قال الله تعالى: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ [الحجر: 29] وقال آخرون: سمي روحًا لأنه يهتز وينبسط وينتشر في جميع البدن، من قولهم: رجْلٌ أروح، ورِجلٌ روحاء، هي التي في صَدْرِ قدمها انبساط، وقَصْعَةٌ رَوْحَاءُ قريبة القَعْرِ منبسطة، وإناء أروح [[انظر: راح في "تهذيب اللغة" 2/ 1313، و"المحيط في اللغة" 3/ 198، و"مقاييس اللغة" 2/ 454، و"الصحاح" 1/ 367، و"اللسان" 3/ 1766.]]، وسميت الخمر رَاحًا لاهتزاز البدن وخفته وانبساطه عند شربها [[انظر: "التلخيص في معرفة أسماء الأشياء" 2/ 504.]].
واختلفوا في ماهية [[في جميع النسخ: (مائية)، والصواب المثبت كما دلّ عليه التفصيل بعده.]] الروح [[ليت الواحدي -رحمه الله- لم يخض في هذا الموضوع الفلسفي الذي لا طائل من ورائه ولا يقوم عليه عمل، وبحث لا يستند إلى علم، لذلك كان الأولى، بل الواجب أن يفوض أمر ماهية الروح ومسكنه ومدخله ومخرجه -مما تكلم عنه- إلى الله تعالى، كما قال: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وما أحسن ما قاله ابن الجوزي، قال: وقد اختلف الناس في ماهية الروح .. ولا يُحتاج إلى ذكر اختلافهم؛ لأنه لا برهان على شيء من ذلك، وإنما هو شيء أخذوه عن الطب والفلاسفة، فأما السلف فإنهم أمسكوا عن ذلك، لقوله تعالى: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ انظر: "البغوي" 5/ 126، و"ابن الجوزي" 5/ 83.]]؛ فقال قوم: إن الروح هو الدم، ألا ترى أن من نزف دمه مات، والميت لا يفقد جِسْمُه إلا الدم [[انظر: "تفسير البغوي" 5/ 126، و"الخازن" 3/ 179.]]، وزعمت طائفة أن الروح استنشاق الهواء، ألا ترى أن المخنوق ومن مُنع عن استنشاق الهواء يموت [[انظر: "تفسير الخازن" 3/ 179.]].
وأخبرني العروضي عن الأزهري قال: سمعت المنذري يقول: سمعت أبا الهيثم يقول: الروح إنما هو النَّفَسُ الذي يتنفسه الإنسان، وهو جار في جميع الجسد، فإذا خرج لم يتنفس بعد خروجه، وإذا تَتَامَّ خروجه بقي بصره شاخصًا نحوه حتى يُغْمض، وهو بالفارسية جان [[ورد في "تهذيب اللغة" (راح) 2/ 1313، بنصه.]].
وزعم ابن الروندي [[أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي، وقيل: الرِّيوَنْديّ، الزنديق الشهير، كان من متكلمي المعتزلة ثم تزندق واشهر بالإلحاد، وقيل: كان لا يستقر على مذهب، كان غاية في الذكاء ولم يك زكي النفس، صنف كتبًا كثيرة يطعن فيها على الإسلام، وألَّف لليهود والنصارى يحتجُّ لهم في إبطال نبوة سيد البشر، وكان يلازم الرافضة والملاحدة، قيل: كان أبوه يهوديًا فأسلم هو، فكان بعض اليهود يقول للمسلمين: لا يفسد هذا عليكم كتابكم كما أفسد أبوه علينا التوراة، قال ابن الجوزي: وإنما ذكرته ليعرف قدر كفره، وقال ابن حجر: إنما أوردته لألعنه، مات سنة (298 هـ).
انظر: "المنتظم" 13/ 108، و"وفيات الأعيان" 1/ 94، و"سير أعلام النبلاء" 14/ 59، و"لسان الميزان" 1/ 194.]] أنه جسم لطيف أُسكن البدن [[ورد في "مقالات الإسلاميين" ص 332، بنحوه، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 126، و"الخازن" 3/ 179 بلا نسبة فيهما.]].
وقال عامة المعتزلة والنجارية [[هم أتباع الحسين بن محمد النجّار، من فوق المرجئة، يعتقدون أن الإيمان بالقول دون العمل، وأن من كان مؤمنا لا يزول عنه اسم الإيمان إلا بالكفر، ويثبتون للفعل فاعلين؛ الله تعالى والعبد، واتفقوا مع المعتزلة في نفي بعض الصفات == والقول بخلق القرآن، وهم أكثر من عشر فرق بالري. انظر: "مقالات الإسلاميين" 135، و"الفرق بين الفرق" 25، و"البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان" 39.]]: الروح عرض [[ورد في "مقالات الإسلاميين" ص 334 بلا نسبة، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 126 بلا نسبة، و"الروح" لابن القيم 2/ 573 بلا نسبة.]]، ومثله حكى القلانسي [[أبو أحمد مصعب بن أحمد الغدادي القلانسي [نسبة إلى القلانس -جمع قلنسوة- وعملها]، شيخ الصوفية، صاحب أبي حمزة وعليه تخرج، وكان أبو حمزة والجنيد وجماعة المشايخ يكرمونه ويقدمونه على غيره، وكان أبو سعيد ابن الأعرابي ينتمي إليه في التصوف وصحبه إلى أن مات، حج سنة (270 هـ) فمات بمكة. انظر: "حلية الأولياء" 10/ 306، و"اللباب في تهذيب الإنساب" 3/ 67، و"سير أعلام النبلاء" 13/ 170.]] من أصحابنا عن عبد الله ابن سعيد [[عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفي المفسّر، أبو سعيد الأشج، حدث عن هُشيم وأبي بكر بن عياش، وعنه الأئمة الستة وابن خزيمة، قال الذهبي: رأيت تفسيره مجلدٌ، مات سنة (257 هـ) انظر: "الجرح والتعديل" 5/ 73، و"سيرأعلام النبلاء" 12/ 182، و"طبقات المفسرين" للداوودي 1/ 235.]].
وقال بعض الحكماء: إن الله تعالى خلق الأرواح من ستة أشياء: من جوهر النور والطِّيبِ والبقاء والحياة والعلم والعلو، ألا ترى أنه ما دام في الجسد كان الجسد نورانيًا؛ تبصر العينان وتسمع الأذنان، ويكون طَيبًا فإذا خرج نَتِنَ الجسدُ، ويكون باقيًا فإذا زايله الروح لم يعلم شيئًا، ويكون الجسد علويًّا لطيفًا مادام فيه الروح، فإذا خرج صار سفليًّا كثيفًا [[انظر: "تفسير البغوي" 5/ 126 مختصرًا، و"الخازن" 3/ 179 مختصرًا.]].
وقال محمد بن موسى الواسطي [[محمد بن موسى الواسطي، قاضى الرملة، قال ابن يونس -في تايخ مصر- كان == عالمًا بالفقه والتفسير، ويتفقه على مذهب أهل الظاهر، وقد رمي بالقدر، مات سنة (320 هـ). انظر: "طبقات المفسرين" للسيوطي ص 117، و"طبقات المفسرين" للداوودي 2/ 264.]]: خلق الله الأرواح من [[في د: (ما).]] بين الجمال والبهاء، فلولا أنه سترها لسجد لها كل كافر [[لم أقف عليه.]]
وقال أبو قِلابَة: ما خلق الله شيئًا أطيب من الروح وما انتزع من شيء إلا نتن [[لم أقف عليه.]]، والاختيار في ماهية الروح أنه جسم لطيف توجد به الحياة، وقوله: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ﴾ إلى قوله: ﴿يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ﴾ [آل عمران: 169، 170] يدل على أن الروح جسم؛ لأن الارتزاق والفرح من صفات الأجسام، والمراد بهذا أرواحهم لأن أبدانهم قد بليت في التراب، وكذلك ما روي: "أن أرواح الشهداء تَعْلُقُ من شجر الجنة وتأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش" [[لم أقف على هذه الرواية بنصها، بل وردت مفرداتها في أحاديث متفرقة، أقربها: عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول الله -ﷺ- قال: "إن أروح الشهداء في طير خُضرٍ تَعْلُقُ من ثمرة الجنة أو شجر الجنة .. " أخرجه أحمد 6/ 386، والترمذي (1641) كتاب فضل الجهاد، باب ما جاء في ثواب الشهداء 4/ 176 وقال: حديث حسن صحيح، والطبراني في "الكبير" 19/ 66، بنحوه، وفي رواية عن ابن مسعود أن النبي -ﷺ- سئل عن قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾ [آل عمران: 169] فقال: "أرواحهم في جوف طير خُضرٍ لها قناديل معلقةٌ بالعرش .. " أخرجه مسلم (1887) في الأمارة، باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة 3/ 1502، والترمذي (3011) كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة آل عمران، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (2801): الجهاد، باب فضل الشهادة == في سبيبل الله، والبيهقي: السير، باب فضل الشهادة في سبيل الله 9/ 163، (تَعْلُقُ): أي تتناول.]]، وهذا الفعل لا يتأتى من العَرَض.
وأما مدخل الروح ومخرجه، فقال قوم: يدخل من المنافذ كلها ويخرج من المنافذ كلها، وقال بعضهم: يدخل من الأنف ويخرج من الفم.
وحكى علي بن مهدي [[علي بن محمد بن مهدي الطبري الأشعري، أبو الحسن، تلميذ أبي الحسن الأشعري، صحبه بالبصرة وأخذ عنه، كان من المبرزين في علم الكلام والقوَّامين بتحقيقه، وله كتاب تأويل الأحاديث المشكلات الواردات في الصفات، كان حافظًا للفقه والتفاسير والمعاني وأيام العرب، فصيحًا مبارزًا في النَّظر، توفي في حدود سنة (380 هـ) انظر: "طبقات الشافعية" للسبكي 3/ 466، و"تبيين كذب المفتري" ص 195، و"الوافي بالوفيات" للصفدي 22/ 143، و"طبقات الفقهاء الشافعية" للعبادي ص 85]] -من أصحابنا- أنه يدخل من حيث شاء الله ويخرج من الأنف، لقولهم: مات حتف أنفه [[جزء من حديث رواه عبد الله بن عتيك -رضي الله عنه-، وطرفه: "من خرج من بيته مجاهدًا في سبيل الله .. -إلى أن يقول- أو مات حتف أنفه، فقد وقع أجره على الله -عز وجل-" ثم يقول الرواي: والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله -ﷺ- ... ، أخرجه ابن أبي شيبة 4/ 210، وأحمد 4/ 36، والطبراني في "الكبير" 2/ 191، والحاكم 2/ 88، وصححه ووافقه الذهبي، وورد في "تهذيب اللغة" (حتف) 1/ 737 ، وأورده في "المجمع" 5/ 277 وقال: وفيه محمد بن إسحاق مدلس، وباقية رجال أحمد ثقات، انظر: "مجمع الأمثال" 2/ 266، و"المستقصى" 2/ 338، ويُروى: حتف أنْفَيْه، ومعناه: أي مات بلا ضرب ولا قتل ، قال أبو عبيد: هو أن يموت موتًا على فراشه من غير قتل ولا غرق ولا سبْع ولا غيره.]]، وأما مسكنه فقال قوم: مسكن الروح القلب، وعمله شائع في جميع البدن كقرصة الشمس مسكنها الفلك ونورها ينتشر في الدنيا.
وقال آخرون: مسكنها الدماغ، وقيل: مسكنه الدم، وقال بعضهم: هو يشتمل جميع البدن، ففي كل بعضٍ من أبعاضِ البدن بعضٌ مِن أبعاضِ الروح، واحتج بقوله: ﴿وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾ [إبراهيم: 17]، وهذا كله إذا رجعت إلى التحقيق ضرب من التكلُّف [[في جميع النسخ: (التكليف). والصواب ما أثبته.]]؛ لأن الله تعالى أبهم على ذلك [[لذلك كان الأولى أن لا يخوض في هذه المسألة أصلاً.]].
قال عبد الله بن بُريدة: ما يبلغ الجن والإنس والملائكة والشياطين علم الروح، ولقد مات رسول الله -ﷺ- وما يدري ما الروح [[ورد في "الأضداد" لابن الأنباري ص 426 مختصرًا، وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" ص 193، بنصه، انظر:"تفسير السمعاني" 3/ 275، أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 362 مختصرًا، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.]].
وقال الفراء: الروح هو الذي يعيش به الإنسان، لم يخبر الله به أحدًا من خلقه، ولم يعط علمه أحدًا من عباده [[ورد في " تهذيب اللغة" (راح) 2/ 1313، بنصه تقريبًا.]].
وقال في قوله: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ من علم ربي لا تعلمونه [["معاني القرآن" للفراء 2/ 130، بنحوه.]]، وقيل: من خلق ربي، أي: أنه مخلوق له.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾، أي: بالإضافة إلى علم الله تعالى، وذلك أن اليهود كانت تدّعى علم كل شيء بما في كتابهم التوراة، فقال الله تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ قال أبو إسحاق: وقليل وكثير لا يصلح إلا بالإضافة، وإنما يَقِلُّ الشيء عند ما هو أكثر منه، وكذلك يكثر عند ما هو أقل منه [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 258، بتصرف يسير.]]، ويجوز أن يكون الخطاب في قوله: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ للنبي -ﷺ- والمؤمنين، وذلك حين لم يعرف رسول الله -ﷺ- علم الروح، ولم يبين الله له ذلك، قال له: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾، يدل على هذا: قوله: ﴿وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾.
{"ayah":"وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّی وَمَاۤ أُوتِیتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق