الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ الآية. روى قابوس [[قابوس بن أبي ظِبْيان بالكسر والفتح، وأبو ظبيان والده هو حُصين بن جُنْدب الجَنْبي الكوفي، ضعيف الحديث، قال أبو حاتم: لين يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ؛ ينفرد عن أبيه بما لا أصل له، وربما رفع المراسيل وأسند الموقوف، روى عنه الثوري وجرير، مات سنة (129 هـ). انظر: "المجروحين" لابن حبان 2/ 215، و"الجرح والتعديل" 7/ 145، و"الكاشف" 2/ 126، و"ميزان الاعتدال" 4/ 287، و"تقريب التهذيب" (449).]] عن أبيه عن ابن عباس قال: كان رسول الله -ﷺ-بمكة، ثم أُمر [[في (د): (أمرنا).]] بالهجرهَ، وأُنزل عليه هذه الآية [[أخرجه الترمذي (3139): التفسير، الإسراء 5/ 304 وقال: حديث حسن صحيح، و"الطبري" 15/ 148 - 149 بنصه (طريق ضعيفة لضعف قابوس)، وورد عند الثعلبي 7/ 118 ب بمعناه، و"الطوسي" 6/ 512 بمعناه، وأورده المصنف في "أسباب النزول" ص 298 بلا سند عن الحسن، وورد في "لباب النقول" ص 139.]]، فعلى هذا يريد ﴿أَدْخِلْنِي﴾: المدينهَ واصرفني من مكة، وهذا قول الحسن وقتادة [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 389، بنحوه عن قتادة، و"الطبري" 15/ 149، بنحوه عنهما، وورد بنحوه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 185، عنهما، و"تفسير السمرقندي" 2/ 281، عن الحسن، و"الثعلبي" 7/ 118 ب، عنهما، و"الماوردي" 3/ 266، عن قتادة، و"الطوسي" 6/ 512، بنحوه عنهما.]]. وقال الكلبي: هذا حين خرج من المدينة يريد الشام لقول اليهود، وقد ذكرنا القصة [[عند آية [76].]]، فقال الله له: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ يعنى المدينة، ﴿وَأَخْرِجْنِي﴾: (منها إلى مكة) [[ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).]]، ﴿مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾، أي: افتحها، واختار الفراء هذا القول [["معاني القرآن" للفراء 2/ 129، وهو ما رجحه "الطبري" 15/ 150 وأيّده بالسياق.]]. وقال مجاهد: أدخلني في أمرك الذي أرسلتني به من النبوة مُدْخل صدق، وأخرجني منه مُخْرج صدق [["تفسير مجاهد" ص 441، بنحوه، أخرجه "الطبري" 15/ 149، بنحوه من طريقين، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 186 بمعناه، و"تفسير السمرقندي" 2/ 281، بنحوه، و"الثعلبي" 7/ 118 ب، بنصه، و"الماوردي" 3/ 266، بنحوه.]]، ومُدخل بضم الميم مصدر الإدخال؛ يقال: أدخلته مُدخلاً، كما قال: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا﴾ [المؤمنون: 29]، ومعنى إضافة المدخل والمخرج إلى الصدق: مزجهما؛ كأنه سأل الله تعالى إدخالًا حسنًا لا يرى فيه ما يكره، وكذلك الإخراج. قال الليث: يقال: هذا رجل صدق، مضافٌ، بكسر الصاد، معناه: نِعْم الرجل هو، وامرأة صدق؛ كذلك [[ورد في "تهذيب اللغة" (صدق) 2/ 1990، بنصه.]]. وذكرنا فيما تقدم أن موضوع (ص د ق) للصحة والكمال، فكأنه سأل الله أن يخرجه من مكة إخراجًا لا يلتفت إليها قلبُه، ويدخله المدينة إدخالًا يطمئن فيها قلبُه، ولذلك كان يدعو فيقول: "اللهم حبب إلينا المدينة كلما حببت إلينا مكة" [[أخرجه أحمد 6/ 56، والبخاري (1889): فضائل المدينة، كراهية النبي -ﷺ- أن تُعْرَى المدينة، ومسلم (1376): الحج، الترغيب في سكنى المدينة واللفظ له، == والبيهقي: الجنائز، قول العائد للمريض: كيف نجدك 3/ 382، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 566، والبغوي في "شرح السنة" 7/ 317، وكلهم عن عائشة، وكلهم -إلا مسلم- بلفظ: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة .. ".]]، وكل شيء أضفت إلى الصدق، فقد مدحته وجودته. وقوله تعالى: ﴿وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾ قال ابن عباس ومجاهد: أي حُجَّة بينة تنصرني بها على جميع من خالفني [["تفسير مجاهد" 1/ 368 مختصرًا، وأخرجه "الطبري" 15/ 151 مختصرًا عن مجاهد من طريقين، وورد مختصرًا عن مجاهد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 186، عن مجاهد، و"تفسير هود الهواري" 2/ 438، و"الثعلبي" 7/ 118 ب، و"الماوردي" 3/ 267،و"الطوسي" 6/ 512]]. وقال الحسن وقتادة: ملكًا قويًا تنصرني به على من ناوأني، وعزًا ظاهرًا أقيم به دينك [[أخرجه " الطبري" 15/ 151 بمعناه عنهما، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 186 بمعناه عن الحسن، و"تفسير الثعلبي" 7/ 118 ب بنصه عن الحسن، و"الماوردي" 3/ 267 بمعناه عن قتادة، و"الطوسي" 6/ 512 بمعناه عنهما، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 122 بنصه عن الحسن.]]، وهذا معنى قول الحسن: اجعلني أقيم الحدود [[ورد في "تفسر الماوردي" 3/ 267 بمعناه، انظر: "تفسير أبي حيان" 6/ 73، وفييما تقيد إقامة الحدود على المنافقين، وفيه نظر!]] ، وعلى هذا القول: سأل الله تعالى سلطان القدرة، وعلى القول الأول: سأل الحجة. وقد جمع بينهما أبو إسحاق فقال: أي اجعل نصرتي من عندك تسليطي بالقدرة والحجة. وقد أجاب الله دعاءه وأعلمه أنه يعصمه من الناس فقال: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: 67]، وقال: ﴿فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [المائدة: 56]، وقال: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 257، بنصه.]] [الصف: 9]، وذهب الكلبي أيضًا إلى سلطان القدرة، فَفسَّر السلطان النصير هاهنا بِعَتَّاب بن أَسيد حين استعمله نبيّ الله -ﷺ- على أهل مكة، فاشتد عليهم وقال: لا يبلغني من محتلم ترك الصلاة إلا ضربت عنقه [[أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" 4/ 339 مختصرًا من طريق الكلبي عن ابن عباس، ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 118 ب، بنحوه، انظر: "تفسير الزمخشري" 2/ 372، و"تفسير مبهمات القرآن" للبلنسي 2/ 133، و"الإصابة" 2/ 451.]]. ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: 81].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب